الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا لا كهنوت في الإسلام؟

سمير زين العابدين
(Sameer Zain-elabideen)

2018 / 12 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تناقض شديد بين "لا كهنوت في الإسلام" وبين واقع نعايشه منذ 1400 عام, بل دعني اقول أن الكهنوت الاسلامي غير المعترف به, هو أشد وطأة من الكهنوت المسيحي أو اليهودي, فحقيقة الأمر أن لديه من القوة والنفوذ والإمكانات ما يفوق أضعاف ما لديهما.

الكهنوت في أبسط تعريفاته هو تجسيد لسلطة فئة بعينها فيما يخص شؤون الدين, فهي تحتكر من هذا المنطلق الحق في تفسير النصوص المقدسة, وفرض فهمها المنغلق لإرادة الإله, ولا تقبل غير هذا الفهم, كما لا تقبل أن يراجعها أو يناقشها صاحب فكر أو رأي أو فهم مختلف.

وكما أن للكهنة في المسيحية واليهودية ظهور خاص يميزهم عن باقي الناس كزي خاص وهيئة محددة مثلا, تجدهم يختلقون أزياءا خاصة ويخرجون بهيئة محددة يطلقون عليها صفة اسلامية رغم أن الاسلام لم يفرض زيا ولا هيئة محددة.

تتجسد شدة توغل هؤلاء الكهنة المسلمين في تجاوزها عمّا هو ديني فقط الي كل شؤون الحياة فتراها تفرض علي المسلم نمطا إخترعته في كل ممارسات حياته لم تترك شيئا لم تطرقه, وتحدد فيه ما يريده الإله والا فأي ممارسة أخري هي مخطأة وتستوجب الحساب.

الأكثر غرابة هو أنهم يضعون أنفسهم في مرتبة قد تفوق النبي ذاته, فهم يصورون بأفعالهم أنفسهم كوكلاء الله علي الأرض المنوطين بالسيطرة ودفع الناس للدين, رغم ما جاء بالقرآن "لست عليهم بوكيل", "لست عليهم بمصيطر", "أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين".
وكما أهمل كهنة اليهود التوراة واعتمدوا علي التلمود الذي كتبه الأحبار, تجد كهنة الإسلام قد اعتمدوا علي ما أورده الأئمة القدماء واعتبروه ثلاثة أرباع الدين.

ولهذا يقسم هؤلاء الكهنة المجتمع الي علماء بالدين وعامة, في إشارة واضحة الي أن هؤلاء العامة هم أقرب للجهّال, الذين يتوجب سوقهم بواسطة العلماء بلا إرادة حتي ينجون من الهلاك المفترض.

وكما أن للكهنة مراتب إدارية وترتيبات مالية, نجد كهنة الاسلام يترزقون بوظائف مثل المؤذن ومقيم الشعائر والإمام والشيخ والمفتي وكبار العلماء وأساتذة تمولهم الدولة في أحيان, والمتبرعون والمريديون والجماعات الدينية في أحيان, كما أن لهم حصصا محددة في صناديق الذكاة والنذور ... الخ.

الأكثر خطورة في هذا أن هؤلاء الكهنة قد صنعهم الحكام واستفادوا منهم علي مر التاريخ الإسلامي لشرعنة أعمالهم وتوفير الغطاء الديني لتجاوزاتهم, حتي صاروا أمرا واقعا, وحتي راينا الحاكم يرجع اليهم طلبا لتخفيف وطأتهم بعد أن عجت الأرض بالنتائج السلبية لأرائهم وفقههم المدمر, وهم لا يعيرون ذلك اهتماما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي