الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدوء عن فاتن بابللي

رائد الحواري

2018 / 12 / 13
الادب والفن


الهدوء عند "فاتن بابللي"

اللغة تعد احدى المحفزات للتقدم من النص، فهي التي تمنحنا المتعة ومن ثمة يمكننا التأمل والتوقف عما جاء في النص الأدبي، في وقت "الصخب والعنف" الذي نمر، نحن بأمس الحاجة إلى الهدوء، إلى السكينة، وحتى لو كان الموضوع عتب/الحزن/عدم رضى، فاللغة المستخدمة لها أثرها ودورها في تهدئة النفس، كما هو حال الأغنية، فمن خلال الصوت الإنساني والموسيقى يمكننا أن نستمع وبمتعة لفكرة العتب/الحزن.

استوقفتني لغة "فاتن بابللي" في هذا النص والذي جاء بلغة مفعمة بالهدوء ـ رعم العتب ـ تقول:

"وللمطر ذاكرة كسولة
توقد حيويتها مواقد الحنين
بمن تحلمين..
أيتها الجالسة عند نافذة تراقبين
ظل أحدهم قادم مع أنوار قمر خافتة
وينام الانتظار في عينيك..
وتنامين"

ففاتحة النص "وللمطر" تعطينا حالة السكون الذي يلازمنا أثناء المطر، ونجد هذا السكون/السبات من خلال "ذاكرة كسولة"، فالمطر لا ينعكس أثره على الجسد فحسب بل على الذاكرة أيضا، وكأن عدم الحركة وعدم فتح آفاق للبصر والرؤية يؤثر على الذاكرة وعلى التفكير، بحيث يكون الذهن متماثل مع حالة الكسل التي تصيب الجسد.

بما أن الفاتحة جاءت تتحدث عن المطر ، فإن العقل الباطن عن الشاعرة جعلها تتحدث/تستحضر النار، أو ما تُحدثه من حرارة ودفئ، لهذا نجد:

"توقد حيويتها مواقد الحنين" فحالة البرد تستدعي وجود الموقد/النار لتعطي الجسد طاقة بحيث تؤثر/تعطي الدفيء ومن ثمة تؤثر على التفكير/على الذهن ليتحرك، وهذا ما كان

"بمن تحلمين.." دائم السؤال يحمل الأثارة ويستوقف المتلقي، وبما أنه موجه إلى امرأة، فإنه سيكون له وقع أكبر على القارئ، لأن المرأة والحديث عنها أو عندما يكون موجه لها يشكل أحد عناصر التخفيف/التهدئة.

وبعد السؤال نجد الشاعرة تضيف:

"أيتها الجالسة عند نافذة تراقبين"

وهنا نطرح سؤال، هل لهذا الاضافة مبرر، أم أنها زائدة؟ أجزم أنها كانت في مكانها، فهذا الوصف لحالة المرأة التي وجه إليها السؤال، يضيف لنا فكرة عن حالتها، فجلستها تعطينا فكرة عن حيرتها، عما تعانيه، وإذا ربطنا جلستها بالمطر وبالذاكرة الكسولة نكون أمام فكرة واضحة عنها وعما تمر به، فحالة الانتظار والتأمل ـ رغم يقينها بعدم قدوم/حضور الحبيب جاءت بصورة ناعمة وهادئة:

"ظل أحدهم قادم مع أنوار قمر خافتة"

فكل الألفاظ جاءت بيضاء "ظل، قادم، أنوار، قمر، خافتة" رغم أنها تتحدث عن حالة يأس، حالة حزن، وهذا ما يحسب للشاعرة التي قدمت لنا "الحزن الناعم، الحزن الهادئ" فنحن امام لوحة حزينة لكن جمال تقديمها يلغي الحزن/اليأس ويجعلنا نكون أكثر إنسانية تجاه الجالسة عند النافذة، لكن الحدث لم ينتهي فهناك تكملة له:

"وينام الانتظار في عينيك..
وتنامين"

وهنا ينتهي المشهد، وإذا ما توقفنا عند فاتحة النص:

"وللمطر ذاكرة كسولة"

فحالة الكسل تستوجب/تتماثل/تلزمها/تتبعها حالة النوم، وهذا الانسجام بين الفاتحة والخاتمة يشير إلى الشاعرة منسجمة تماما مع نصها، بحيث ينطبق عليها قول: "القصيدة هي من تُكتب الشاعرة".

القصيدة منشورة على صفحة الشاعرة على الفيس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما