الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيبقى صلاح الدين شامخا مثل جبال – دوين -

صلاح بدرالدين

2018 / 12 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



سيبقى صلاح الدين شامخا مثل جبال – دوين -
صلاح بدرالدين

" انتصر صلاح الدين فصار بطلا عربيا
ماذا لو هزم صلاح الدين لأصبح جاسوسا كرديا "
الشاعر الفلسطيني معين بسيسو
( في عام 1984 ,عندما كنت أتردد الى تونس , بحكم مهمتي التنسيقية بين الحركة الكردية ومنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها الراحل ياسر عرفات , كنت أتواصل مع الشاعر الكبير الراحل معين بسيسو , كصديق عزيز أحترمته لأنه مناضل شيوعي قضى عقدين في السجون وشاعرا ملهما كتب عن قضيته الفلسطينية , وفي احدى الأمسيات زارني بمنزلي بالمنزة الخامس بضاحية مدينة تونس , وفي منتصف السهرة , قرأ لي البيتين المنشورين أعلاه ووعد باستكمال قصيدة بذلك العنوان ,وفعلا وفى بوعده , والقصيدة منشورة في أعماله الكاملة )
في أتون الصراع الدائر بمنطقتنا , بين قوى الشر , من أنظمة دكتاتورية ,ومجاميع ارهابية , وأطراف خارجية عدوانية من جهة , وبين شعوبنا المسالمة التواقة الى الحرية والسلام من الجهة الأخرى , نجد تحركات مشبوهة أكثر خطورة من جانب الشوفينيين العنصريين , الساعين الى الابقاء على سلطاتهم الآيلة الى السقوط جراء الانتفاضات والثورات , لزرع ثقافة الفتنة بين الأقوام ,والتخطيط للمزيد من الامعان بتزوير تاريخ الشعوب , وامحاء وجودها من الذاكرة الجمعية , واثارة أنواع جديدة من العداوات ,على قاعدة التمييز والالغاء , لتناسي الصراع الرئيسي , وتوجيه الأنظار نحو معارك مفتعلة , وفي هذا المجال تنصب الجهود الشريرة منذ حين على المس بمقامات تاريخية من أصول كردية لعبت أدوارا مفصلية مهمة في تاريخ المنطقة مثل صلاح الدين الأيوبي , واذا كان الرجل مستهدفا بالاسم فان الغاية الأصلية هي انكار الوجود الكردي منذ فجر التاريخ , والتعتيم على مشاركتهم في الحضارة الاسلامية – العربية قبل مئات السنين , عبر مساهمات متعددة الجوانب , من بطولات خارقة , وتصدي للأجنبي الغازي , أو الأعمال الفكرية والثقافية , وبالتالي محاولة قطع أية جذور كردية في أعماق المنطقة , ثم نفي وجودهم وحقوقهم وتطلعاتهم .
قبل فترة افتتح حملة التشهير العدائي ضد البطل صلاح الدين الأيوبي كاتب مصري اسمه – يوسف زيدان – , وهو من بقايا – شيعة - الفاطميين الذين قضى الأيوبي وقبله الزنكي على سلطتهم الجائرة المتعاونة مع الحملة الصليبية الاستعمارية حينذاك , ووصفه بأنه مخادع وكذاب , وتلاه بصورة أكثر قبحا ودجلا الممثل السوري – الشيعي – عباس النوري , وهو من المناصرين لسلطة الأسد الاستبدادية , ووقف ضد الثورة السورية منذ بداياتها , واعتبر أن صلاح الدين مجرد كذبة , وتتالت الكلمات النابية من ازلام سلطة الأسد بطريقة مذهبية ممجوجة , تعتبر صلاح الدين فاشيا وعنصريا , وتطالب بازالة قبره من دمشق , ولانستبعد استمرار الحملة الظالمة هذه , التي وكما يظهر يقودها نظاما دمشق وطهران وميليشيات حزب الله اللبناني , بتناغم تام من الميليشيات المذهبية في العراق , ومن خلال مرجعيات ومراكز قوى متعددة .
نعم نحن الكرد وغيرنا من الشعوب , نعتز بكل فخر بماأنجزه الأيوبييون الكرد بقيادة صلاح الدين , الذي أنشأ تحالفا واسعا من كرد مختلف مناطق كردستان من أربيل ورواندوز مرورا بهكاري وآمد والجزيرة , استطاع توحيد وقيادة مكونات المنطقة من كرد وعرب وتركمان وأرمن , والدفاع عن مقدساتها , والتصدي للغزو الخارجي الذي استهدف باسم – الصليب – استعمار شعوب المنطقة ,ومحو حضارتها أولا , ولأنه خير دليل على وجود الكرد وجذورهم المتشعبة في تاريخ المنطقة ودورهم التوحيدي الريادي قبل أكثر من ثمانية قرون , وهذا مايدفع الشوفينيين العنصريين أمثال ( زيدان والنوري , وبعض المثقفين الطائفيين السائرين في ركاب نظامي ولي الفقيه والأسد وحزب الله اللبناني ) , لمناطحة حقائق التاريخ عبثا , ونفي الوجود الكردي انتقاما للحشاشين ومفسدي الدولة الفاطمية بمصر , في وقت تسعى ايران الى مد وتعزيز نفوذها في سائر أرجاء المنطقة , وتغيير تركيبتها الديموغرافية , ومن ضمنها الوجود الكردي التاريخي الأصيل .
عندما كنت في بيروت بداية سبعينات القرن الماضي وحتى بداية الثمانينات , لفت نظري أمر لم أستطع فهمه حينذاك على وجه الدقة , وهو وخلال قراءتي لعدد من الأعمال حول التطورالتاريخي لمجتمعات المنطقة , من تأليف نخبة مثقفة معروفة من الشيوعيين اللبنانيين مثل – حسن حمدان ( مهدي عامل ) , وحسين مروة , ( اغتالهما حزب الله ) وعلاء الدين ترو , وهم من الطائفة الشيعية ,وهو أنني لم أجد في مؤلفاتهم أية اشارة الى الحقبة الأيوبية في الفصول المتعلقة بالتاريخ الاسلامي , فتساءلت مرة أمام رفيق مسؤول بالحزب الشيوعي اللبناني عن سبب حجب تلك الفترة في تلك المؤلفات الغنية بمضامينها العلمية , بالرغم من أنها زاخرة بأحداثها , ثم علمت أن موضوع صلاح الدين والأيوبيين خط أحمر لدى المرجعيات الشيعية المذهبية – السياسية , بسبب مسألة فرقة ( الحشاشين ) في سوريا التي حاولت مرارا اغتيال صلاح الدين , واسقاطه الدولة الفاطمية بمصر ,وبالتالي لن يغامر أحد بتناولها , وحينها استوعبت الموضوع ,وفهمت أسباب الحرب الأهلية اللبنانية !, كما أفهم الآن أن كل من يتناول الأيوبيين بعداء وحقد أويزور تاريخهم , ليسوا الا طائفييون يتبعون نظامي الأسد وطهران , الذين يمارسون لعبة تغيير التركيب الديموغرافي بالمنطقة , في الوقت ذاته أو من يوالونهم من جماعات وأحزاب وبينها جماعات – ب ك ك – المتورطة في تزوير تاريخ حركتنا الكردية أيضا .
في الجانب الآخر هناك البعض من المثقفين الكرد يذهبون بعيدا في أحكامهم القاسية على شخصيات من أصول كردية قاموا بأدوار قيادية وثقافية في المنطقة ومن خلال المساهمة بالحضارة الاسلامية والثقافة العربية وبالحركات الوطنية ضد الاستعمار في مراحل تمتد الى قرون وعقود , وعلى رأسهم على سبيل المثال ( صلاح الدين الأيوبي , وبينهم أسماء أخرى مثل أحمد شوقي , ويوسف العظمة ,وابراهيم هنانو , ومحمد العابد , ومحمد كرد علي ,والقائمة تطول ) حيث يوجهون اليهم اتهامات من قبيل التخلي عن قضاياهم القومية , وخدمة قضايا شعوب أخرى , وكماأرى فان الحكم جائر , لأنه لايجوز تقييم ظروف ماقبل مئات وعشرات السنين بمفهوم الراهن , من جهة أخرى شهدت منطقتنا أشكالا متنوعة من أنواع الصراع والمواجهة بين الحضارات , والكرد كانوا ومازالوا من نسيج المنطقة , كما مر وقت شاركت نخب جميع الشعوب من كرد وترك وفرس في بناء الحضارة الاسلامية التي كانت العربية طاغية عليها , كما جاءت مراحل التحرر الوطني من الاستعمار التي ضمت قوى مختلف الشعوب , أعتقد وبالرغم من وجود نواقص وعيوب في السلف , الا أن العلة فينا نحن كرد الجيل الراهن , فهم مارسوا ماكان تملي عليهم ضمائرهم حسب متطلبات زمانهم , أما نحن والجيل الذي سبقنا , فقد عاصرنا ظهور دول وكيانات مستقلة , ولم نفلح في أن نكون مثل الآخرين , لقد ساهم الفرس والترك أيضا وأضعاف أضعاف الكرد في بناء تلك الحضارة , ولكن عجلة اقامة دولهم القومية لم تتوقف .
ردا على هذه الحملة العدوانية المليئة باالافتراءات ضد أحد عظماء الكرد , وسائر شعوب المنطقة ,أقترح أن تقوم وزارة ثقافة اقليم كردستان العراق بخطوات عملية بهذا الصدد , مثل عقد ندوات ومهرجانات باحياء ذكرى ميلاد صلاح الدين , ومعركة حطين , والقيام بترميم آثار الأيوبيين في – دوين – القريبة من مصيف صلاح الدين شمال أربيل , واعتبارها مركزا سياحيا ثقافيا ,تعنى به كما أقترح أن تقوم الوزارة برعاية فيلم طويل عن مآثر وفتوحات صلاح الدين الأيوبي , الذي مازالت شواهد قبور أجداده منتصبة بالقرب من عاصمة اقليم كردستان , كما أرى أن تقوم وسائل الاعلام الكردية الوطنية في كل مكان بالمشاركة في حملة مضادة ضد التزوير وقلب الحقائق التاريخية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دفاع من موقف عشائري
عبد العزيز سيد علي ( 2018 / 12 / 14 - 03:25 )
دفاعك بهذه الطريقة عن صلاح الدين ليس سوى موقف عشائري عرقي...من هو صلاح الدين؟ كان خادمآ عند غزاته العرب..وكان يخدم مشروع اسياده العرب المشروع العربي الاسلامي


2 - ردا على العنصريين الطائفيين
صلاح بدرالدين ( 2018 / 12 / 14 - 23:30 )
صلاح الدين الأيوبي ليس بحاجة الى دفاع فقد لعب دورا كبيرا بتاريخ منطقتنا ولايهم في زمن أي شعب كردا أو عربا أو تركمانا ويمكن أن أخطأ في العديد من المسائل أو أصاب هذا من شأن المؤرخين المستقلين أن يحققوا فيه أما ما دفعني الى الكتابة عنه فأمران : الأول هو الوقوف في وجه من يسعون الى تزوير التاريخ لدوافع عنصريةأو مذهبية بغيضة وأن يبثوا الفتنة لمصلحة المشروع الإيراني الأسدي خاصة وأن تاريخ شعوب منطقتنا سطرها الحكام الشوفينييون وليس غريبا أن نلاحظ أن أية انتفاضة وحركة معارضة في الشرق الأوسط تضع على رأس مطالبها إعادة كتابة التاريخ أما الأمر الآخر فهو الرد على أمثال من كتب كلمات نابية وشتم من دون تقديم أي دليل علمي ضد ماجاء بمقالتي ونفس هؤلاء أنكروا الوجود الكردي كشعب وقضيةوأردت أن أفند مزاعمهم بأن صلاح الدين الأيوبي الكردي وجيشه المؤلف بغالبيته من الكرد وقبل أكثر من ثمانية قرون يعني أننا كشعب من السكان الأصليين ولسنا متسللون أو طارئون ونستحق أن نتمتع بحقنا بتقرير المصير كأي شعب أصيل آخر


3 - ردا على العنصريين الطائفيين
صلاح بدرالدين ( 2018 / 12 / 14 - 23:31 )
صلاح الدين الأيوبي ليس بحاجة الى دفاع فقد لعب دورا كبيرا بتاريخ منطقتنا ولايهم في زمن أي شعب كردا أو عربا أو تركمانا ويمكن أن أخطأ في العديد من المسائل أو أصاب هذا من شأن المؤرخين المستقلين أن يحققوا فيه أما ما دفعني الى الكتابة عنه فأمران : الأول هو الوقوف في وجه من يسعون الى تزوير التاريخ لدوافع عنصريةأو مذهبية بغيضة وأن يبثوا الفتنة لمصلحة المشروع الإيراني الأسدي خاصة وأن تاريخ شعوب منطقتنا سطرها الحكام الشوفينييون وليس غريبا أن نلاحظ أن أية انتفاضة وحركة معارضة في الشرق الأوسط تضع على رأس مطالبها إعادة كتابة التاريخ أما الأمر الآخر فهو الرد على أمثال من كتب كلمات نابية وشتم من دون تقديم أي دليل علمي ضد ماجاء بمقالتي ونفس هؤلاء أنكروا الوجود الكردي كشعب وقضيةوأردت أن أفند مزاعمهم بأن صلاح الدين الأيوبي الكردي وجيشه المؤلف بغالبيته من الكرد وقبل أكثر من ثمانية قرون يعني أننا كشعب من السكان الأصليين ولسنا متسللون أو طارئون ونستحق أن نتمتع بحقنا بتقرير المصير كأي شعب أصيل آخر

اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على