الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحفاد الأمة اليابانية

مظهر محمد صالح

2018 / 12 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


أحفاد الأمة اليابانية
مظهر محمد صالح


لم ارى امة خارج رافدي بلادي تتعلق بمثاليات الحياة مثل الامة اليابانية.اذ يحصل الانسان فيها على كل ارادة في عقله وجسده ،فيلوح له العالم سحابة بيضاء من ذكريات لامعة مترابطة الرؤى والاوصال.فالكل متعلق باهداب الحياة وحكمتها.سألت لقمان الحكيم سفير بعثة بلادي في اليابان عن ماذا يتميز به الانسان في جزائر الجنس الاصفر ؟اجابني بهدوء وقد طافت به ذاكرته بعد ان شغلته الذكريات قائلا: الانسان هنا لايكذب وان قال فصدقه ولايسرق ولايوجد من يسرق لكي تقطع يده..! قلت في سري ،اذن لاحسد في هذه البلاد حتماً ،والحسد هو اشر من المرض..!استدرك مسؤول بعثة بلادي في طوكيو من فوره وانا اتلقى نظراته المسترقة بأطمئنان وثبات وبلا تردد قائلاً لي:بدأ العمل في نظام التعليم المعاصر في هذه البلاد في ما بعد الحرب العالمية الثانية وعلى وفق دستور اليابان الجديد الذي اعطى للمعلم مكانته.فَمُنح المعلم سلطة القاضي في تطبيق القانون وفرض العدالة ومُنح سلطة الضابط في فرض الطاعة والنظام ومُنح راتب الوزير لكي يسعد في عيش رغيد.فمن هنا بدأت الامة اليابانية بناء ثروتها البشرية والاستثمار في الانسان.ففي دراسة اجرتها جامعة اكسفورد قبل اربع سنوات،لوحظ ان نسبة اجمالي الثروات المادية والبشرية في اليابان ترتفع بمقدار عشر مرات فوق الناتج المحلي الاجمالي السنوي.ولكن اللافت في الامر ان الثروة البشرية (جراء الاستثمار في التعليم) يزيد ست مرات لوحده فوق الناتج المحلي الاجمالي السنوي لليابان،مما يؤكد عِظم الثروة البشرية ودورها في تقدم ثاني اكبر اقتصاد في العالم الذي عماده التعليم والاستثمار البشري.سُعدت كثيرا في اليوم التالي وانا اتطلع الى طلاب مدرسة ابتدائية يسير تلاميذها على احد ارصفة مركز العاصمة طوكيو بانتظام وهدوء ، تتقدمهم معلمتهم في الطليعة لينتهى الطابور باحد المعلمين.و بين الحين والاخر واثناء المسير يرفع التلاميذ ايديهم، تعلوها صيحة مشتركة لم افهم منها شيء سوى انها صرخة تقول :نحن هاهنا... نحن بناة الامة اليابانية!
حدثتُ مسؤول بعثة العراق في اليوم الاخر عن التعليم في اليابان واجابني بعد ان انبسطت اساريره وهو يقلب عينيه في وجهي وانا لم اكف حينها عن التفكير ولم تفتر حماستي ولم يخمد شعوري في التعرف على حكمة التعليم في اليابان،يوم رد السفير قائلاً: هل تعلم ان الاطفال اليابانيين ينظفون مدارسهم كل يوم لمدة ربع ساعة مع معلميهم ذلك لخلق جيل متواضع وحريص على النظافة. وهل تعلم ايها الرجل أن في اليابان مادة تدرس من الصف الاول الابتدائي وحتى السادس الابتدائي تسمى :الطريق الى الاخلاق،يتعلم فيها الطالب الصدق والاخلاق والتعامل مع الناس. وهل تعلم ان مدير المدرسة ياكل من اكل الطلبة قبلهم بنصف ساعة للتأكد من سلامة الاكل.هنا اجبت سفيرنا ،بان حادثة الزلازل التي اجتاحت المفاعلات النووية في تلك البلاد قبل عام جعلت الجنود اليابانيين الشباب يُقيمون جسرا من اجسادهم كي يعبر كبار السن والامهات والاطفال من خلالهم على ذلك الشق الارضي العميق!.اجابني وهل تعلم ان كبار السن بعد حادثة القنبلة النووية على هورشيما وناكازاكي قد منعوا الشباب من المساهمة في رفع الانقاض والمخلفات كي لايتعرض الجيل الجديد الى مخاطر التلوث النووي.ختاماً ايقنتُ اليوم انهم احفاد اولئك الاجداد ممن قطعوا لذة الحياة وكانوا ابعد الناس عن اليأس...انهم احفاد الامة اليابانية!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل