الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتل جمال خاشقجي والتجارة بدم الشعوب

خليل اندراوس

2018 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



اكبر ضربة
بالنسبة لاسرائيل قد تكون عملية قتل خاشقجي اكبر ضربة، لقد قوّض ام بي سي – محمد بن سلمان بهوسه اسكات منتقديه محاولة بناء اجماع دولي للضغط على ايران. بعد قتل خاشقجي هل يمكن ان نجد عضو كونغرس امريكي او أي زعيم اوروبي على استعداد للجلوس مع محمد بن سلمان لاجراء مشاورات بشأن ايران الآن؟ هذا هو العمى الاستراتيجي لولي العهد محمد بن سلمان ام بي سي، ومن المرجح ان يستمر هذا الضرر طالما انه يحكم مملكة الفساد السعودي.

كتب دانييل شابيرو السفير الامريكي السابق في اسرائيل والمدير الاول لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في ادارة اوباما، حول قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وجاء في مقاله في صحيفة "هآرتس": الوحشية الصادمة لاختطاف جمال خاشقجي وقتله على ايدي قوات الامن السعودية لا يمكن اخفاؤها، مهما غُطيت بصورة غير معقولة بان الاستجواب تعقّد او عمل من جهات مارقة، لكن آثارها اعمق من المأساة التي المت بعائلة خاشقجي وخطيبته انها تثير تساؤلات جوهرية بالنسبة للولايات المتحدة واسرائيل حول مفهومهما الاستراتيجي الكامل في الشرق الاوسط".
من ناحية يمكن للساخرين ان يجادلوا بان فظاظة قتل خاشقجي تختلف فقط في الدرجة اكثر النوع في السلوك المديد للحكام العرب المستبدين، بمن فيهم المتحالفون مع الولايات المتحدة، التحالف الامريكي – السعودي استمر خلال عقود من السياسات السعودية القمعية ضد شعبها، ولكن المصالح الامريكية في المنطقة تدفع بادارة المأفون ترامب بعدم التعاطي مع هذه الجريمة بشكل موضوعي وحاسم لأن الادارة الامريكية لا تزال تطرح امكانية خدمة المصالح الامريكية من خلال بعض الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يرفع رايتها ولي العهد محمد بن سلمان (ام بي سي) وعن طريق تقدم الاهداف الاستراتيجية المشتركة للثالوث الدنس – امريكا والسعودية واسرائيل – لكبح الدور الايجابي الذي تلعبه ايران في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق ولبنان، من خلال التعاون البناء والايجابي والداعم لحزب الله، ولكن ما قامت به السعودية بقتل جمال خاشقجي هو جريمة نكراء وسينعكس سلبا على العلاقات الاستراتيجية للسعودية مع العديد من دول العالم والدول العربية، ومحمد بن سلمان اثبت نفسه بانه لاعب ارعن ومتهور في ادارة السياسة الخارجية السعودية واكبر مثل على ذلك العدوان العسكري للتحالف العربي والذي يضم الى جانب السعودية دول الخليج وللاسف مصر ضد الحوثي في اليمن المدعوم من ايران من خلال تجاهل تام للمعاناة الهائلة للمدنيين التي تسبب بها هذا العدوان الهمجي البربري وغير الانساني ضد الشعب اليمني، وكذلك اعتقال الحريري في السعودية واجباره على الاستقالة، هذه الاستقالة التي انفجرت في وجه الحريري وحلفائه خدمة للغرب الامبريالي الصهيوني في لبنان.
ومن الحماقات الاخرى التي ارتكبها محمد بن سلمان قيامه بحصار شامل ضد قطر وهذا ادى الى تشتيت انتباه دول الخليج عن هدفها المشترك المتمثل في احتواء ايران، وهذا الحصار على قطر حقق نتائج ضئيلة وهنا لا بد ان نذكر التصرف غير السياسي وغير المدروس واقصد قطع العلاقة مع كندا بسبب تغريدة انتقاد على تويتر، ردة الفعل المتهورة هذه والمبالغ فيها واقصد قطع العلاقة مع كندا هي ايضا من دلائل كون محمد بن سلمان لاعبا ارعن ومتهورا. ولكن علينا ان نؤكد بان القمع السعودي ليس جديدا ومع ذلك دائما حاولت الادارات الامريكية المختلفة استيعاب هذا القمع ما دام هذا القمع غير مرئي، فجاءت جريمة قتل جمال خاشقجي واظهرت بشكل واضح ومرئي جدا همجية وبربرية النظام السعودي، ومع ذلك وهذا هو الصراع الذي يواجه الادارة الامريكية الحالية حيث تسعى الولايات المتحدة بوضع خطة عمل جديدة في الخليج العربي لتأكيد قوة وتأثير الولايات المتحدة فيها.
فيما يخص المملكة العربية السعودية تتضمن هذه الخطة العمل على تشجيع اقامة تحالفات او ترتيبات تعاون امنية بين الدول الموالية لها في منطقة الشرق الاوسط بما فيها العربية السعودية ومصر والاردن واسرائيل والعمل على تمتين العلاقة بين السعودية واسرائيل من اجل خلق نظام اقليمي يحافظ على مصالح الولايات المتحدة واسرائيل في المنطقة والمساعدة على فرض هيمنة اسرائيل على منطقة الشرق الاوسط بل حتى ابعد من ذلك، احياء السياسات والمفاهيم الصهيونية العالمية باقامة ما يسمى اسرائيل الكبرى، فجاءت عملية قتل الخاشقجي التي قام بها النظام السعودي وهذه العملية الدنيئة، لا بد ان تثير تطورات غير متوقعة بالنسبة للولايات المتحدة واسرائيل قد تُفشل مساعي الامبريالية العالمية والصهيونية في اقامة تحالف امريكي اسرائيلي – سني عربي لكبح ايران وسوريا وحزب الله.
لا شك بان لاسرائيل اهتماما واضحا بابقاء السعودية في حظيرة الاغنام حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة من اجل تحقيق الحد الاقصى من التنسيق الاستراتيجي ضد ايران، ويطرح السؤال، هل هذه المصلحة ستدفع حكام اسرائيل اليمنيين في ان يصبحوا اللوبي لـ الإم بي سي (محمد بن سلمان) في واشنطن، وهنا لا بد ان اذكر الموقف غير الانساني الذي تبنته هيئة كبار "العلماء" السعودية حول جريمة قتل الخاشقجي حيث اكدت "بان نتائج التحقيقات اكدت على ان الجهاز العدلي القضائي بالمملكة ماض في تحقيق العدالة ومحاسبة أي متورط في هذه الجريمة". واضافت هذه الامانة العامة تقول "ان نظام العدالة بالمملكة يكفل الحقوق ويتوخى الحق ويعاقب أي معتد بالجزاء العادل المقرر شرعا ونظاما"، لا شك بان هذا الكلام وهذا التصريح لهو مهزلة ولهو دليل على ان هناك رجال دين في العالم العربي وجودهم وهدفهم ومواقفهم خدمة انظمة الاستبداد العربي.
لكن الموقف المعيب والمخزي وغير الانساني هو موقف الجامعة العربية حيث اشادت بنتائج التحقيقات والاجراءات السعودية التي اتخذت في اطار قضية مقتل الخاشقجي، مؤكدة في بيانها ان هذه الاجراءات "تعد دلالة على مدى الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة بالتوصل الى المسؤولين عن ارتكاب واقعة القتل واتخاذ الاجراءات الحازمة في هذا الشأن" واشارت الجامعة العربية الى اهمية ان تقابل هذه الاجراءات "بجدية مماثلة من الجانب التركي لتقديم الادلة والقرائن المتوافرة لديه حول هذه القضية والتجاوب ايضا مع المطلب السعودي بالاتفاق على آلية للتعاون بين البلدين في هذا الخصوص" بحسب بيانها، لا شك بان هذا البيان دليل على ان ما يسمى جامعة الدول العربية هي ممثلة لانظمة الاستبداد العربي وبعيدة جدا عن الموضوعية لأن الذي يخفي الادلة ويخفي مكان وجود جثة جمال خاشقجي هي السعودية فالدفاع عن المجرم جريمة.
كذلك كان موقف مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الاسلامي ورابطة العالم الاسلامي مواقف تدافع عن مملكة الاسبتبداد والارهاب السعودي، اما موقف مصر فهو مخز وعار حيث قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان ان "القرارات والاجراءات الحاسمة والشجاعة التي اتخذها جلالة الملك خادم الحرمين الشريفين في هذا الشأن انما تتسق مع التوجه المعهود لجلالته نحو احترام مبادئ القانون وتطبيق العدالة النافذة"، ان اقل ما يمكن ان يوصف به هذا البيان هو انه قمة الكذب والنفاق المصري مقابل المال السعودي الذي يعطى لمصر ونظام السيسي.
لا بد من التأكيد على ان هناك مشتركات استراتيجية اقتصادية امنية تجمع بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي تتطلب ان يكون هناك تفاهم مشترك حول العلاقات التي تربط هذا الثالوث الدنس ولذلك فمقتل الصحفي جمال خاشقجي لن يؤثر على هذه المشتركات الاستراتيجية، وهنا لا بد ان نؤكد بان المملكة العربية السعودية لا ترغب في تقليص المصالح الغربية الامريكية والاوروبية في بلادها، وحيث ما زالت شركة النفط ارامكو محتفظة بجهازها الذي يعمل فيه 4 آلاف امريكي كما بقيت الشركات المساهمة فيها أي في شركة ارامكو محتفظة ايضا بمواقع قوية في المملكة العربية السعودية وحافظت على مواقعها في افضلية شراء النفط السعودي وفي حق التنقيب عن الآبار الجديدة وفي تسويق قسم من النفط المستخرج (المصدر: ياكوفليف – مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين العربية السعودية والغرب) وهذا يعني ان ارامكو بقيت امريكية التوجه والممارسة بجهازها القيادي من الامريكان. وبذلك احتفظت ارامكو بمساحة تقدر بـ 220.0 الف كم2 من الاراضي في ست مناطق ومن ضمنها حقل غوار الذي يعد اكبر حقل في العالم وحقل السفانية الذي يعد اكبر حقل مغمور في العالم.
وبتاريخ 10.12.2018 دشن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان المرحلة الاولى من مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة "سبارك" في المنطقة الشرقية للمملكة، ومن المقرر ان تشيد المدينة عبر ثلاث مراحل على مساحة اجمالية تبلغ 50كم مربعا مساحة المرحلة الاولى 12 كم وتنتهي اعمال بنائها بالكامل في عام 2021. وتتولى شركة ارامكو النفطية تطوير البيئة التحتية للمدينة وتشغيلها وصيانتها بالشراكة مع الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن"، وعلاقات المصالح هذه التي تجمع بين الولايات المتحدة الامريكية بين طبقة رأس المال الامريكي وبين النظام الفاسد نظام البرجوازية الكومبرادورية – الوسيطة في السعودية سيجعل من السهل التجارة بدم الصحفي جمال خاشقجي لا بل بدم كل الشعوب العربية، لذلك نرى بان الرئيس ترامب اكد ان العلاقات بين واشنطن والرياض بصرف النظر عن الوضع يجب ان تبقى بلا تغيير لأن ذلك في مصلحة امريكا، كما تخشى واشنطن من ان تقوم السعودية بإبرام عقود السلاح مع روسيا والصين وتلعب معهما ضدها في مجال النفط. اما بالنسبة لاسرائيل قد تكون عملية قتل خاشقجي اكبر ضربة، لقد قوّض ام بي سي – محمد بن سلمان بهوسه اسكات منتقديه محاولة بناء اجماع دولي للضغط على ايران. بعد قتل خاشقجي هل يمكن ان نجد عضو كونغرس امريكي او أي زعيم اوروبي على استعداد للجلوس مع محمد بن سلمان لاجراء مشاورات بشأن ايران الآن؟
هذا هو العمى الاستراتيجي لولي العهد محمد بن سلمان ام بي سي، ومن المرجح ان يستمر هذا الضرر طالما انه يحكم مملكة الفساد السعودي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254