الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية بيت الدمية 1879(هنريك ابسن): أدراك واعادة تنظيم السلوك

بلال سمير الصدّر

2018 / 12 / 15
الادب والفن


مسرحية بيت الدمية 1879(هنريك ابسن): أدراك واعادة تنظيم السلوك
بيت الدمية هي مسرحية ذات علاقة كبيرة بالزمن الذي كتبت فيه،فهي مسرحية ذات بعد اجتماعي حول حرية المرأة ودورها الحقيقي في المجتمع،ذات اسلوب سلس وبسيط وحبكة سهلة ليست بحاجة منا الى التوقف طويلا عليها ليتسنى لنا فهمها ولكن علينا التوقف قليلا قبل الخوض غير المطول في الحبكة.
في الحقيقة وكما قلنا أن مسرحية بيت الدمية ذات علاقة كبيرة بالزمن الذي كتبت فيه،أي على ابواب القرن العشرين،في فترة عظمة الرواية والكتاب الخالدين ويعبر ابسن عن تمرد حقيقي لأمرأة من الطبقة المتوسطة تدعى نورا،من خلال مسرحية قائمة على حوار هدفي ولاشك أنه تقريري للوصول اى نهاية شهيرة أقامت الدنيا ولم تقعدها في ذلك الوقت.
نورا تهجر بيت زوجها التي تدعوه ب(بيت الدمية) والدمية المقصود بها هي نفسها التي يحركها رجال من حولها كدمية معدومة الارادة،وبدأت بتفجير هذه الثورة بعد ان قامت بتزوير توقيع للحصول على |أموال لأنقاذ زوجها من مرض،وفي نفس الوقت يتعلق الأمر بأبيها لأنها قامت بتزوير توقيعه للحصول على هذا المال،ومن ثم تقع ضحية ابتزاز (كروجستاد) الذي يطلب منها أن تعيده الى وظيفته في البنك الذي طرده منه زوجها لأنه قام بتزوير توقيع هو ايضا.
تحاول بالحيلة ان تقنع زوجها باعادة كروجستاد الى وظيفته،ولكن هيلمر الزوج يرفض وبعد ان يكتشف يقوم فقط بالتقريع حتى تنقذها صديقتها(ليندا)من هذه الورطة،والذي يفتح باب الثورة النسوية هو شعورها بأنها لم تقم بأي غلطة سوى رغبتها بأنقاذ والدها وزوجها معا.
يعتمد النص على تبييين الصيغة اللغوية والاسلوبية المستخدمة من قبل الرجل اتجاه المرأة،فالرجل لايتسخدم العنف أبدا ضد المرأة،بل يجاربها بكل الكلمات اللطيفة المقنعة لتتحرك المرأة كما يحرك أي شخص دمية بالضبط.
إذا المسرحية لاتحمل أي عنف سواء كان جسديا أو لفظيا اتجاه المرأة،وهو الشيء المألوف في اي مسرحية أو نص تكون اهدافه حقوق المرأة،ولكن الموضوع مختلف هنا مع ابسن،لأن ابسن يبرز موضوع القناعة الفكرية والتحرر والارادة والاعتماد على النفس،وهذا الشيء ربما يجب ان ينسب الى العصر الذي كتبت فيه هذه المسرحية،لأن المرأة في هذا العصر وتقريبا في كل المجتمعات اصبحت تملك حرية الاختيار وحرية الاعتماد على النفس على ان الاستثناء حاصل وموجود.
إذا هنا ابسن لايتحدث عن الاضطهاد خاصة بل يتحدث عن صفة الحيلة والخداع التي هي اساس عقلاني لفكرة الاضطهاد لكي تتحول المرأة تماما منصاعة لأمر الرجل....‘ذا هو اضطهاد مع تغير في الاسلوب...ربما من الحيوانية الى الدبلوماسية،وهذا بحد ذاته يعتبر تقدما-ولو بخطوة واحدة في مسيرة تحرر المرأة.
الشيء غير المألوف هو ان تجابه المرأة بالكلمات فقط،وليس بأي وسيلة أخرى حتى لو كان المفهوم العام للقضية برمتها هو البحث عن الذات أكثر من مفهوم الهجران نفسه،ومما يبدو أن المؤسسة القضائية الاوروبية كانت تعترف للمرأة ببعض الحقوق...هنا من الممكن قراء هذا النص على انه اعادة صياغة سلوك شخصية من قبل الشخصية نفسها...
أي اعادة ادراك الذات-أي ذات وليس المرأة تحديدا-للوصل الى نتيجة ربما كانت غائبة،أو ربما كانت غير غائبة اساسا عن الادراك الفعلي من قبل الشخص نفسه...
فهنا من الممكن ان تعطى المسرحية عنوانا:أدراك واعادة تنظيم السلوك
السلوك من قبل نورا كان غير قهريا،بل نابع من الشخصية نفسها،وهذا بحد ذاته محور مستقل من الممكن دراسته من زواياد عديدة...فمن الممكن ان يكون هذا السلوك سلوكا اجتماعيا مفروضا من قبل المجتمع على المرأة لدرجة التلقائية،ولكن الفرض لايعني ابدا القهر...
المسرحية باختصار تفتح المجال امام خيارات أكثر حرية وغير محسوبة من قبل جهة معينة مثل الرجل أو المرأة،بمعنى أن المسرحية تطلب من المرأة أن تسير نحو الخطوة الثانية....
بلال سمير الصدّر
25/11/2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير