الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأجير النقود في الاسواق غير المنظمة: العراق إنموذجاً/الجزء الثاني

مظهر محمد صالح

2018 / 12 / 16
الادارة و الاقتصاد


تأجير النقود في الاسواق غير المنظمة:
العراق إنموذجاً/الجزء الثاني
مظهر محمد صالح

ا- تاجير النقود واللاتوافق في الشروط النقدية
تنصرف فكرة سرعة تداول النقود الى المعدل الذي تتبادل فيه الوحدة النقدية عبر المعاملات المختلفة او بين معاملة واخرى ،وكم من الوحدات النقدية يتم استخدامها خلال مدة زمنية معينة.وكذلك تقاس سرعة تداول النقود على مستوى الاقتصاد الكلي من خلال نسبة الناتج المحلي الاجمالي الى عرض النقد .وبغض النظر عن طريقة قياس سرعة تداول النقود ،الا انها مقياس يؤشر الى حدما ان النمو النقدي يقود الى التضخم لامحالة.كما ان سرعة تداول النقود ظاهرة تتحقق عندما تتعاظم رغبة الافراد بالتخلي عنها سواء بصرف النقود او الاستثمار فيها.وخلاف ذلك فان اية عوامل تدعو الافراد للاحتفاظ بالنقود (اي تزايد الطلب النقدي/بكونه معكوس سرعة تداول النقود)سوف يؤدي الى انخفاض تلك السرعة في التداول ،في حين تزيد العوامل المعظمة للمصروفات او الانفاق الاستثماري الى تزايد سرعة النقود.
اللافت في الاقتصاد العراقي ان هناك ظاهرة ناشطة تسود حركة التعاملات النقدية وتؤثر في سرعة تداول النقود آصرتها الاسواق غير المنظمة التي ينتشر فيها تجار ووسطاء وسماسرة تاجير النقود والترويج للنقد المؤجر Renting money لاضفاء شيء من الشرعية العرفية على هذه الانماط الربوية غير القانونية المستحدثة.فثمة حاجة الى تمويل التجارة الخارجية للقطاع الاهلي والتي تبلغ نشاطاتها السنوية بنحو يعادل 40% من الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي سنوياً .فالحاجة الى تمويل التجارة والمعاملات الخارجية غدت في تزايد مستمرفي طلب الاموال من خارج الجهاز المصرفي بسبب قصور الجهاز المذكور على منح الائتمان النقدي للقطاع الاهلي والذي لا يتعدى 5% من الناتج المحلي الاجمالي وان 12% من البالغين بمقدورهم الحصول على الائتمان النقدي من السوق المنظمة بسبب قصور الجهاز المصرفي الرسمي formalفي حين ان نسبة تزيد على 40% من البالغين يلجؤون الى السوق غير المنظمة او غير الرسمية not formalللحصول على ائتماناتهم النقدية المرغوبة (وعبر آلية تاجير النقود وبكلفة ربوية باهضة).اذ تبلغ كلفة الائتمان النقدي عن طريق تاجير النقود في الاسواق غير المنظمة بنحو لا يقل عن 15% شهرياً كما اسلفنا.وهكذا فثمة سرعة تداول نقدي عالية جداً تدفع صوب تطور الاسواق غير المنظمة ترافقها ظاهرة التاجير النقدي للعملة المكتنزة (اي ارتفاع سرعة تداول المكتنزات ولكن بمخاطر قانونية عالية).وعليه فان ارتفاع سرعة تداول النقد المكتنز خارج الجهاز المصرفي او ظهور دالة طلب نقدي للمكتنزات امست ذات علاقة عكسية مع معدلات الفائدة الربوية العالية وعلى وفق آلية التاجير النقدي. اوبعبارة اخرى ان سرعة تداول النقود هي ذات علاقة طردية مع معدلات الربا العالية.
ولكن يبقى التساؤل القائم ،اين تذهب تلك السيولة المتزايدة في تداولها عبر التاجير النقدي وماهي مجالات توظيفها بالغالب دون حدوث تضخم يذكر بسبب الانفاق النقدي الفعال؟بل على العكس مازال الاقتصاد مقيد بمؤثرات انكماشية عالية من حيث انخفاض معدلات النمو وارتفاع البطالة وركود سعري ملموس!.
ان هنالك حالة من اللااتساق النقدي السالب negative inconsistency في الشروط النقدية اي بين دور نافذة البنك المركزي لبيع العملة الاجنبية (المزاد) كسياسة نقدية وبين سوق التاجير النقدي money renting كسلوك تمويلي يمارسه القطاع الاهلي.اذ يتلخص دور نافذة البنك المركزي في السيطرة على مناسيب السيولة المحلية وهي سياسة نقدية استقرارية تقود احياناً الى انكماش نقدي و شحة في السيولة النقدية اذا لم يتم تقدير او التنبؤء الصحيح في تطورمعدلات السيولة .وهنا تنشط السوق غير المنظمة برفع معدلات الايجار النقدي بالدينار مولدة فائضاً في الطلب المشتق على العملة الاجنبية .اذ يتناسب الطلب على العملة الاجنبية المُموَل بالدينار الفائض مع درجة ذلك الانخفاض في سعر صرف الدينار نفسه ازاء العملة الاجنبية في الاسواق الموازية .وهنا تتحقق ارباح قدرية windfallsتفوق او تغطي كلفة الايجار النقدي الشهري. كما تتحقق هنا معادلة منطقية في العلاقات والنسب الاقتصادية داخل السوق غير المنظمة نفسها.فمن المعروف انه كلما ينخفض سعر صرف العملة المحلية ترتفع بالغالب معدلات الفائدة .وهنا يحصل الافتراق او اللاتوافق السلبي بين السوق النظامية والسوق غير النظامية داخل النظام الاقتصادي .اذ تستنزف السوق غير النظامية قدرات السياسة النقدية عن طريق آلية التاجير النقدي.حيث تصبح معدلات الفائدة المصرفية اقل من معدلات الفائدة الربوية في التاجير النقدي، في حين يكون سعر صرف الدينار ازاء العملة الاجنبية هو اعلى في السوق المنظمة مقارنة بما هو عليه بالسوق الموازية.وان هذه الحالة تمثل وضع اللاتوافق في الشروط النقديةmonetary conditions inconsistency بين السوقين(المنظمة وغير المنظمة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنك الدولي وصندوق النقد يحذران من تداعيات الصراع في الشرق


.. المستشار الألماني يلتقي الرئيس الصيني لـ-تعزيز العلاقات الاق




.. مصمم لإنتاج البلوتونيوم.. لماذا تخشى إيران قصف إسرائيل لمفاع


.. لماذا يشتري الصينيون الذهب بقوة؟




.. أحد أبرز المباني التاريخية في كوبنهاغن.. اندلاع حريق كبير با