الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملية السياسية والعلل الاجتماعية الناجمة عنها

قاسم محمد حنون

2018 / 12 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا حدود للفوضى عندما تمر بشوارع بغداد وتتعثر كثيرا وترتطم بالناس وتسمع صوت صفير انذار لرهاب مجهول. وعندما تدخل المستشفيات وترى قذارة الحمامات ووحشة المرضى والممرات المليئة بالفقراء والمصاعد المنهارة، ولاترى سوى قليلا من الاطباء والمعاونيين كأن العراق يملأه العسكر. باللحظة التي تملأ الاخبار عن توقف حكومة وادي الرافدين من اجل وزير او وزيرين وعودة الاحتقان السياسي الفوقي، الذي يرافقه تظاهرات من نفس العملية السياسية لالغاء وزير والمجيء باخر، والقاء قنابل مسيل للدموع على متظاهري البصرة وعمليات القتل والخطف، وسيادة جوالاغتراب الذي ينخر روح الشباب كانك بحلم مليء بكوابيس لاتخرج منه.
وتجد البطالة وجيش من التكتك وصمت للعاطليين، هم ينتظرون شيء لاياتي ولايدركه سواهم. فالمرضى والفوضى والبطالة والصفير والعسكر والاغتراب والضياع والجريمة والفقر من جانب، ومن جانب اخر صراع الاثرياء الجدد على الوزارت المؤجندة للطغم المالية والشركات وبكل فجاجة وسماجة يخرجون على الشاشات وكانه لاعمل للاعلام سواهم.
بؤس من جانب ووفرة ورفاه من الجانب الاخر للحياة. انه ليس صراعا طبقي فقط بل هو صراع مصيري سيفرض نفسه وكانه اخر مراحل النفي لظاهرة، لتتحول الى نوع اخر لايقبل التاجيل موضوعيا لانه يحتاج الى مساحة تتجاوز الحرية والانفجار. وهو كما يقول منصور حكمت اقذر على النضام الرسمالي انه نظام دموي بالعالم المعاصر. وتغيرت الوجوه وتعددت واصبح لصدام حسين اكثر من قناع. حتى هو نفسه لم يتعرف على نفسه. انها ليس الدولة العميقة والمعقدة بل هو نظام مرسوم وله اهدافه التي تتحقق بفعل تلك الالام التي ذكرناها بالمقدمة.
انهيار بالبنى التحتية التي لاتتوافق مع القوى الاجتماعية والانتاج الاجتماعي. فالثروة هائلة ولكنها بفعل المافيات الراسمالية والسنديكات والشركات المتداخلة ببعضها والمرتبطة بسور الدولة العميقة ودوران الارباح، التي تصب بالنهاية بجيوب النهابيين العالميين والمحليين المتصارعيين مع بعضهم من اجل الربح الاكثر والفرهود والوفرة. انه نضال الجميع ضد الجميع ورغبة اكثر بالثراء الفردي وهو المرض الخطير الاول بالعالم، حيث باتت السلع تتملك الانسان وهو يتبعها وتابع لها واسير لها ويغزو اقرب اصدقائه ليحوز على محفضته ومحله وشركته و"جنبره" وموقعه الاداري. انها سلع تنتج من اجل التبادل والانانية والربح وليس من اجل استعمالها فقط وتلك خصيصة اخلاق النظام القائم. يقول ماركس ان اخلاق الشعوب تتخلق باخلاق الطبقة المسيطرة. ان تلك الامراض والسرقات والكذب وامثلة شعبية مثل "كلمن يحوش النار لخبزته" و"عليك بنفسك" و"اكو بشر خلق للطاعة واخر للقيادة"، كلها نتاج نظام الملكية والربح الذي قضى على حجم التعاون وتوزيع كفاية الحاجات للمجتمع كي يتحرر الانسان من قيود التقسيم الاجتماعي والاقتصادي للعمل.
كي يكون العمل ليس مغتربا واهانه ويتهرب الانسان منه بل تحقيقا للذات فحسب، ويكون حرا بالمعنى الحقيقي للكلمة وسوف يجهد نفسه لازالة كل اسباب النزاعات بين البشر، وسيكرس للنضال ضد الامراض ولاعادة البراءة الى الطفل. وبدلا من صناعة الاسلحة والتدمير التي تصنع للحروب بدل الصحة والمستشفيات، وتخريب المدن على رؤوس اطفالها وسكانها وشيوخها بحجة القومية والعرقية والكره للاجانب والاديان. انها اسلحة فكرية تدميرية راسمالية وحربية لتحقيق الربح والوفرة والانا. لبعض رؤس الاموال الذين يتحكمون بالعالم. ويساعدهم بذلك التاريخ الثقافي المشوه والنفخ بالصراع الديني والاثني والغربي والشرقي ويخترعون اخرا الارهاب ليرهبوا العالم ويبقون على ثرواتهم وفائضهم.
ان الفائض هو من العمال وقوة عملهم واجورهم المتدنية ونهب ريعهم وعسكرة دولتهم التابعة. فاينما تولي وجهك فلن تجد خاص وسلع وعمل ماجور وراسمال. اي صراع بين برجوازيين وعمال وفئات مبلترة من النساء والشباب وفئات اخرى ملونة واقليات وعرقيات. من هنا نرى هزات عنيفة يخوضها الفقراء وتلك الفئات عفوية بدون هدف من اجل الخلاص من الفقر والجوع. لقد حشرنا هذا النظام في زاوية الفقرالمعمم، وعلينا ان ندرك البديل الاقتصادي الذي يغير ويقلب معاناتنا باتجاه الافضل، وذلك بالحصول الحر على كل الخيرات الضرورية لكفاية حاجات الناس. ولايمكن ولادة وعي اجتماعي جديد وموقفا جديدا يتخذه الناس الا في مجتمع يضمن للانسان هكذا وفره في الخيرات. ان هذا ليس حلما طوباويا بل واقعيا ومستقبليا. اذ يمكن ان لايكون الخبز واللحم والبطاطا والطماطة والسكن والماء والصحة بلا مال ويوزع على الجميع، كي لايتعرض الناس لبيع اجسادهم وتتسول وتتعرض لشتى الامراض والعلل بسبب فقدان المال وعدم القدرة الشرائية.
ان البشرية الان كما تقول روزا لوكسمبورغ اما نحو البربية او نحو الانسانية والاشتراكية. ولكلا المفوهمين اناسها الطبقيين. فعلى عمال العالم الحزين وفقراء سيبيريا واطفال كوريا الجائعيين والمهاجريين من بقاع العالم، وجماهير سوريا والعراق واليمن المقهوريين ان يتحدوا طبقيا لانهاء ونفي الراسمالية وراسماليها وارساء نظام التوزيع الحر والعادل وتسيير الانتاج وادارة العمال انفسهم بانفسهم. ولايمكن للعمال والكادحيين والطليعة ان يخوضوا نضالهم الا اذا اتحدوا وتنظموا بصورة تؤكد التضامن الطبقي والوحدة كمأجوريين، وليس كشيء اخر فئوي ديني عرقي. ان النضال ضد كل اشكال التمييز والاستغلال المضاعف الذي تتعرض له النساء والاحداث والمهاجريين والقوميات والاعراق المضطهدة، ليس واجبا انسانيا وسياسيا اوليا وحسب، بل يتوافق مع المصلحة الطبقية لجميع الشغيلة كما يقول ارنست مندل.
ان التنظيم من اجل هدف هو ضرورة حتمية ومصلحية طبقية وخلاص من شرور الراسمالية وثقافتها وقوانينها وحكوماتها. اما العفوية وتقديسها الى درجة الغاء اي هدف فهي ايدلوجية ذات شكل فوضوي برجوازي .
ان نظام سلطة الجماهير هو الوحيد القادر على انهاء النيو امبريالية وراسمالها المعولم عبر توحدها كطبقة معولمة ، وثورة دائمة عبر اضراباتها السياسية وحشودها الاممية نحو مواجهة حيل وقرارات البرجوازية وكشف الثقافات التي تغطي وتميع الصراع الطبقي للنهب. ان الانتصار على ذاتنا المنهزمة والمستلبة هي بالتغيير السياسي والاجتماعي للنظام الجديد وانهاء سلطة البرجوازية، الذي يمكن الانسان عندما يكون يملك ماينتجه وليس غريبا عن عالمه وانتاجه، حينها يكون عالم جديد وانسان جديد واخلاق جديدة وتربية جديدة ويكون اجتماعي ومحب، بدلا من اناني ومستغل ويعيش للنحن بدلا من الانا. ومن كل حسب طاقته وكل حسب حاجته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية