الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم.. شوبنهاور ليس متشائماً

داود السلمان

2018 / 12 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ذكرنا في المقال الذي سبق هذا المقال ان شوبنهاور ليس متشائماً، واشرنا الى بعض النصوص التي استدلينا من خلالها الى ما فسرناه بسوء فهم شراح فلسفة شوبنهاور، (بحسب معرفتي المتواضعة) او بمعنى آخر فهمهم لفلسفته على انها متشائمة.
وقد وعدنا القارئ الكريم بإعطاء مزيداً من الايضاح، وبذكر نصوص اكثر نستدل من خلالها على ما ندعي: من ان ليست ثمة تشاؤم في فلسفة هذا الفيلسوف الكبير، وانما فهمه للحياة كان مختلفا جدا عمن سواه.
قال بعض الكتاب، وهو يتحدث عن فلسفة شوبنهاور التي اسماها تشاؤمية:" بعد سلسلة من الخيبات المرة، في المجال العاطفي، كما في مجال التدريس، استقر شوبنهاور في فرانكفورت. وفي تلك الفترة من حياته، بدأ يميل إلى العزلة. وكان يحمل معه دائما مسدسا صغيرا خشية تعرضه لهجومات مفاجئة. كما أنه كان يحرص على استعمال نفس الكأس تفاديا للعدوى. وفي شقته، كان يعلق صورة لكلبه، وصورة لكانط، وصورة لأفلاطون".
وهل هذا يدعوه أن يكون متشائما؟ او هو بهذا الفعل اصبح متشائماً. لا أدري.
ويرى آخر:" يوصف الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788 – 1860 ) بأنه فيلسوف التشاؤم، فهو يرى أن الحياة في أصلها ألم وحرمان، وأن السعادة هي الشيء السالب الطارئ الذي يتسلل لهذا الأصل. هذه السعادة سيعقبها شر في الغالب، أو على أقل الأحوال، سيعقبها فتور. هذا الفتور سينتظر لحظة سلبية أخرى قد يطول انتظارها، وما ممتلكاتنا وما تحققه لنا من شعور، في حقيقتها إلا مجرد إعفاء من بعض جوانب العذاب".
وفي هذا الكلام لا توجد دعوة للتشاؤم قط.
ومعنى التشاؤم كما جاء في قاموس المعاني هو: "حالة نفسيّة تقوم على اليأس والنّظر إلى الأمور من الوجهة السَّيِّئة، والاعتقاد أنّ كلَّ شيء يسير على غير ما يُرام".
وهذا ما لا يقول به شوبنهاور ولا يعتقده، بل يرى أن كل شيء في الحياة يجري على ما يرام وعلى ما هو عليه بصورة طبيعية، وهذا ما فهمناه من خلال النص التالي لشوبنهاور، وهو يتحدث فيه عن الذي يهيئ نفسه للألم وللندم على ما فاته من امر، ويحسد الناس على ما يراهم من حال هي افضل من حاله، فيقول عن هؤلاء الناس المحسودين أن حالهم هذه مقاسة على شخصيتهم لا على مقاس شخصيته هو :" لأنه تماما أن السمكة تكون سعيدة فقط في الماء، ويكون الطائر سعيداً فقط في الهواء، ويكون الفأر الحفار سعيدا تحت الارض، كذلك فأن كل امرئ يكون سعيدا فقط حينما يكون في جو يلائمه". (شوبنهاور، العالم ارادة وتمثلا، الجزء الثاني، ص 196، بترجمة سعيد توفيق).
وقد تحدث شوبنهاور حول موضوعة القدر، وبين:" أن كل شيء يمكن اعتباره محددا بشكل لا رجعة فيه من خلال القدر". (المصدر السابق ص 194) على اعتبار أن كثيراً من الامور هي كانت تجري بقدر، لكن ليس بقدر حتمي، وهو يرى رأي المعتزلة في هذا الاتجاه، فهناك نتائج يحسمها القدر واخرى قد تخالف ذلك. ويوضح:" ومن ثم فان القدر لا يقرر النتيجة وحدها، وانما ايضا الوسائل التي بواسطتها قُدر لهذه النتائج أن تظهر" (راجع المصدر ذاته).
والنتيجة، فأن شوبنهاور لم يكن يائسا من الحياة، ولو كان كذلك لفعل كما فعل والده حيث حسم امر حياته بالانتحار، ما يدل على عدم يأسه من الحياة، وانما كان يسايرها، وقد عمر اثنان وسبعون عاماً.
ولنا عودة اخرى لإكمال البحث..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر