الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلفية كمؤامرة على التراث

السيد شبل

2018 / 12 / 19
الادب والفن


العقلية السلفية الدينية (عامة، وليس الإسلامية فقط) معادية تماما للتراث ككل، أي عكس ما هو متخيل، وهي عندما تنظر للماضي تنتقي ما يناسب مزاجها السوداوي وعقليتها الظلامية، وهي حتمًا متآمرة وغير أمينة، والسبب أنها تقيّم الناس من ثقب ما تراه صحيح "العقيدة" ، أي ليس على أساس نفعهم العام. كما تقدم سيرتهم مسبوقة بالغرض في المدح أو الذم، وهذا يدفعها للتلفيق والفبركة والقص واللصق.

انظر مثلا محتوى موقع إسلام ويب التابع لحكومة قطر، على هذا الرابط http://cutt.us/I2Nop وما تفرع عنه، تحت عنوان "فلاسفة في ميزان الإسلام"، وكيف قام الفقيه بشيطنة والحط من قدر أسماء مثل: الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وأبو بكر الرازي وابن الهيثم وإخوان الصفا، ودفع القاريء لتبني نظرة سلبية تجاههم، منفّرة منهم، مستندًا على فتاوي حنبلية / تيميّة / غزاليّة / وهابية.

نهج إسلام ويب، هو نهج راغب السرجاني، هو نهج عموم مشايخ الوهابية وأغلب الإخوان، ولا يختلف بشيء عن نهج أي مستشرق غربي من النوع اللدود الخصم لهذه المنطقة الجغرافية العربية ومعها (الفضاء الإسلامي)، ويريد أن يثبّت كونها داعشيّة الماضي، كما داعشية الحاضر (رغم أن دواعش الحاضر لم يقتلوا أو يدمروا سوانا، ولم يقاومهم إلا نحن.. ولولا الدعم الغربي ما طفوا أو تأطروا أو تسلحوا..).

عندما يحط السرجاني، مثلا، من وزن موسيقيي الحضارة العربية/الإسلامية، كإسحاق الموصلي وزرياب، وعندما يسخر سلفي كأحمد النقيب من الخوارزمي وابن سينا.. من يخدمان بالضبط؟!، سوى أولئك الذين يريدون تسويد التاريخ، وشطب الثقة بالذات، ومنح "الليبرالاوية الغربية" الفرصة لتقول: ((انظروا لا يوجد لديكم ما هو مشرق)).

بجوار ما سبق فالسلفية الدينية نظرتها سلبية ونافرة من الحضارات القديمة (ما قبل ميلاد المسيح) التي ظهرت بالوطن العربي، في مصر واليمن والعراق والشام، ولو تمكنت فإنها لا تدخر وسعا في تخريبها كما جرى بالعراق العزيز منذ 2014 مع الآثار الآشورية والبابلبة والسومرية..، وكما كان مرشح بقوة أن يحصل في مصر، أما قبل أن تتمكن تلك العصابات السلفية من الهدم المباشر فإنها تبث خطابا يحط من قيمة هذه الحضارات، ويشيطنها في العقول، ويكرّه فيها.

كذلك لا يُنسى حجم التحريض السلفي على الآثار الصوفية والشيعية والمسيحية.. إلخ، والذي تترجم في تفجيرات عمّت الوطن العربي بالأعوام الأخيرة.

بقيت الإشارة إلى أن النقد العلمي لشخصيات التاريخ شيء، وحملات الشيطنة شيء آخر، كذلك فإن عرض أراء الفلاسفة والعلماء القدامى بالدين والغيبيات شيء، واستخدامها للحط منهم شيء آخر (لكن العقلية الدينية لا تملك سوى فعل الشيء الأخير).

الخلاصة: أن السلفية عدوة للتراث، وتسهم في اغتياله، وتتكامل مع أي جهد "ثقافي" معادي، وليس كما يتوهم البعض، ووحده المفكر (التقدّمي، الجدلي، المنتمي لناسه، العقلاني، الذي هو جزء من مشروع مهموم بمصالح الناس المعاشية) هو القادر على إحياء التراث والاستفادة منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن