الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعادة هي نحن

آمنة سماتي

2018 / 12 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


من الله علينا جميعا بنعم كثيرة، من بينها السعادة في أشياء لا ننتبه لها حتى نفقدها، الا إذا اقتنعنا ان لا احد يستطيع اخذ السعادة او الفرح منا .... قلت إذا اقتنعنا وآمنا بهذا
على اختلاف مكاناتنا كبشر، وعلى اختلاف اعمارنا، وعلى تنوع افكارنا كلنا نصادف أناسا اما يسألون واما ينصحون، كل منهم حسب رؤيته الخاصة، فمثلا ان صادفوا فتاة بلغت من العمر او بالأحرى تجاوزت السن السحري (25سنة) ولم تتزوج، سيسالونها متى تتزوجين، وان صادفوا المتزوجة كذلك متى ستنجبين؟ وان كانت متزوجة وعندها ولد، متى ستنجبين له اخوة، والتي انجبت الأولاد تسأل عن البنات والتي انجبت البنات تسال عن الأولاد، وان كانت فتاة تدرس في مرحلة الليسانس متى تنتقلين للماستر، وان كانت في الماستر متى الدكتوراه، وحين تكون في الدكتوراه متى ستتوقفين عن تعب الدراسة وجنونها؟ وممكن نصل حتى صاحبة البشرة بيضاء يقال لها (سودي وجهك) والسمراء (بيضي وجهك) وووووووووووو كثيرة هي الأسئلة والأكثر منها النصائح ... كنت في السابق الوم او اتذمر من هكذا مواقف، لكن بعد مدة وجدت انها طبيعة بشرية في اخضاع السعادة لقوانين محددة ان حققناها وصلنا للسعادة، صحيحة او خاطئة لا أحد حاسب نفسه او سألها ان كان سؤالي هذا او نصيحتي هذه تناسب غيري ... في النهاية النية هي لباس بمقاس يليق بالجميع كي يكونوا في أحسن حال ...
- وبعدها أصبحت عندما اسأل عن أي شيء يحظرني قول شكسبير بالمعنى لا اللفظ: «أصعب شيء ان نعيش حياتنا بانتظار السعادة، والأصعب من الانتظار ان نرى السعادة من خلال عيون الناس المحيطين بنا» من الممكن ان يكون محق ، لكن الذي انا متأكدة منه اننا جميعا نريد الكثير في هذه الحياة ، نريد ان نحقق التميز ، نحقق النجاح في الدراسة ، في العمل ، في علاقاتنا الشخصية ، و طبعا نخاف ان تمر الحياة دون ان نحقق ما طمحنا اليه ، لكن في خضم هاته الطموحات و المخاوف الكبرى الموجودة عند كل الناس نتمعن قليلا سنجد اننا نبحث عن (السعادة او الفرح)
- يحكي الفيلسوف الدانماركي "سورينغ كيرغارد" عن امر من خياله ويقول انه حدث معه اذ اختطف الى السماء السابعة ووقف امام الالهة فعرضوا عليه نعمة او هبة يعطونها له مدى الحياة، شريطة ان تكون في طلب واحد، مال وفير، حكم سلطان، شباب دائم، جمال .... طبعا كلنا سنرى بمنطق اوضاعنا، او منطق واقعنا، وكل سيختار ما يحتاج اليه هو ويخمن ان كيرغارد اختاره لأنه الأنسب لعيش رغيد او أحسن حياة ... لكن عندما نفكر قليلا، ستكون اجابتنا مطابقة لإجابة كير غارد، اذ قال اريد لابتسامتي ان تخرج من قلبي وترتسم على وجهي دون ان تفارقه …
-هل لنا ان نتخيل كيف تكون الحياة إذا اخذنا هبة كيرغارد؟
- هل كل الأشياء الموجودة في الحياة تحمل فعلا قيمتها الحقيقة، او على الأقل نحن نحس ونعي قيمتها الحقيقية؟
- ربما الحب؟ اجل فعلا، فكلنا نقع فيه كثيرا، مع الزوج مع الاخوة مع الأصدقاء وووو ... فليس هنالك امرئ يعيش بدون حب مهما أنكر هذا ... لكن إذا كان هذا الحب متشنج فاقد للسعادة لا يستمر، وحتى يصبح حزنا ...
- ربما جمع المال، فلطالما سمعنا اقوالا ان المال سيد كل شيء، وعندك قرش تسوا ما عندكش ما تسواش وووو … لكن هل سبق لنا ان سمعنا عن فقير انتحر لأنه لا يملك شيء؟ ... ان وجدت حالات كانت قليلة ... لكن سمعنا كثييييييييرا عن اغنياء انتحروا لأنهم لم يحققوا السعادة البتة ... لان السعادة لا تشترى ...
- هناك شيء في السعادة يجعل الفرق واضح بين مالك الكثير من الأشياء والفقير من أشياء كثيرة، لان ما يعطي لحياة كل منهما قيمة هو السعادة، ففي السعادة ما يجعل كل احتياجات الدنيا صغيرة جدا ...-
- من الله علينا جميعا بنعم كثيرة، من بينها السعادة في أشياء لا ننتبه لها، الا إذا اقتنعنا ان لا أحد يستطيع اخذ السعادة او الفرح منا .... قلت إذا اقتنعنا و آمنا بهذا، لان ما نعيشه الان مختلف، فكلمة صغيرة من شانها ان تسرق السعادة منا لأيام، و علاقة فاشلة من شانها ان تسرقها لسنوات، اذية بسيطة نتعرض لها تفقد وجوهنا البريئة العفوية و البساطة، لا بل أحيانا لا يكون هناك أي شيء يمنع السعادة و مع هذا لا نفرح ... لأننا نعيش حياتنا بقوانين تربط سعادتنا بلحظات معينة ، بأشياء محددة حتى و ان لم نخترها نحن ، و من دونها لا نعرف معنى او شكل السعادة أصلا ، أي ان السعادة شعور مناسباتي و ان مرت المناسبة زالت معها السعادة و أصبحت بقية أيام حياتنا فراغ و ملل و نعيش فيها عددا متتالي ..
- لكن حقيقة لصالحنا ان ننطلق من ذواتنا، حبا فيها لغرس السعادة في كل أوقاتنا وفي كل تحركاتنا، ان صغرت او كبرت هي منبع بسمة لنا، لا نربط السعادة بذات غيرنا، ففي أي لحظة مهما كان الشخص قريب يصبح بعده بقدر كل المجرة التي نعيش فيها، لا أقول ان لا نحب غيرنا، لكن ان يكون حبنا لغيرنا نابع من حبنا لأنفسنا ولا ننظر الى السعادة من زاوية غيرنا الذي في أي لحظة يغادر تلك الزاوية ويتركنا لوحدنا في مكان ليس لنا ... من احب الدراسة يحبها لأنه يحب نفسه و يحقق السعادة لنفسه بها، من احب شخصا يحبه لان المحبة غذاء روحه و يسعد جدا بغذاء روحه المتكرر، من احب عمله فليحب عمله لأنه نابع من ذاته و من ابداعه ليس لان مديره في العمل طلب ذلك العمل لكي يسعد بإنجازه، ان طلبت نفسه حقها في السعادة فلا يبخل عليها ... نحن نعيش لنحقق لأنفسنا السعادة ، لا لنجيب عن أسئلة غيرنا في السعادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب


.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة




.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات


.. المحتجة إلهام ريدان




.. المعلمة المتقاعدة عفاف أبو إسماعيل