الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نضجت الحركة الاحتجاجية العراقية لتتحول إلى حركة تنوير قادرة على التغيير؟

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2018 / 12 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مقتبس 1 من المعالجة: “هل استطاعت الحركة الاحتجاجية الاستفادة من تجاريبها المتعاقبة إلى درجة يمكنها التحول لحركة تنوير وتغيير حقيقي يحمل هوية تعريف لها جوهر متماسك متين وشكل توضيحي مثل ارتداء السترات الحمراء مثلاً؟”.
مقتبس 2 من المعالجة: “ضربات متعاقبة للحركة الاحتجاجية من طرف السلطة كرَّس مزيداً من سطوتها. ولكنها في الوقت ذاته، باتت تجاريبَ مفيدةً لإنضاج الأداء والتحول لمهمام تنويرية قادرة على تلبية المطالب الجوهرية وتحقيق التغيير المنشود“.



مع التغيير الراديكالي في العام 2003 استبشر المواطن العراقي خيراً وتبنى محاولات بناء البديل الوطني الديموقراطي، الأمر الذي لم يحدث لعوامل موضوعية وذاتية منها التأثيرات الخارجية وتدخلاتها السافرة المعاكسة لتطلعات الشعب والداخلية الذاتية المتعلقة بالسحق الذي طاول القوى التنويرية تحديداً وبينما حظيت أدوات التدخلات بدعم مادي ملموس منه التسليح ورعاية تشكيلاته المافيوية الميليشياوية لم تجد القوى التنويرية سوى حملات تصفوية هي الأبشع في التاريخ العراقي المعاصر..

ومع التصدي المطلبي الحقوقي للمهام ذلك الذي وُلِد متواضعاً ضعيف الإمكانات والخبرات، كانت الأمور تجري بين عمليات تنفيس محدودة وحالات تحكّم وإدارة المشهد من طرف زعماء تمَّ إسقاط القدسية عليهم إلى درجة تصويرهم فوق الأحزاب والحركات وتحويلهم إلى مرجعيات مطلقة الصلاحيات في توجيه الحراك المجتمعي!

غير أنّ مطالب العيش الكريم، تظل مطروحة من أنين الفقراء ومواجعهم في تفاصيل اليوم العادي. بخاصة مع تفاقم الأزمات الاقتصادية وتذبذب أسعار المصدر الرئيس لموارد البلاد، النفط، فضلا عن ذلك كان إدراك طابع النهب المافيوي المهول غير صعب ولا معقد على البسطاء إذ لا يمكن أن يكون سبب النهب فلكي الأرقام هو الموظف الصغير.. فتنامى وعي الجمهور وباتت الارتدادات الارتجاعية للأزمات أقوى وأكثر اتساعاً، كما تقدمت نسبياً من جهة التنسيق وبرمجة الحركات..
******
نحن لسنا ضد أحد لشخصه فردياً - جمعياً بل ضد نظام انتهك وجودنا ولا نريد سوى الإتيان سلميا بنظام بديل يحفظ كرامتنا ويلبي مطالبنا في الحقوق والحريات بلا منقصة ولا اعتداء ولهذا فإننا لا نحشى في حراكنا ولا نخاف فأهدافنا واضحة وتظل سلمية الطابع ديموقراطية النهج حقوقية الهوية والمطلب
*********

إلا أنّ ذياك التنسيق والتنظيم ظل بحال من التحدد والتقييد في ضوء جملة عوامل منها:

ضعف القيادات الميدانية وعدم امتلاكها الخبرات الكافية والرؤى الاستراتيجية في المعركة بين ناهبي الثروة المنظمين مقابل نسبة واسعة تنخرط في الاحتجاج عفوياً..
ظاهرة الانفصام بين القيادات الميدانية للحركة الاحتجاجية وقوى التنوير المنظمة وصاحبة الخبرة يضاف إلى ذلك تنظيم ميليشياوي مافيوي صارم الانضباط والطاغة العسكرية..
التعتيم على القيادات الشعبية وتشويه صورتها وتنحية مكانتها مقابل تغطية إعلامية أغرقت المشهد بحركة زعامات ذات تأثير بخلفية استغلال الدين والقدسية ستاراً..
الضرب بالحديد والنار بمعنى الرصاص الحي وكل أشكال الترويع بآليات إرهاب الدولة حيث تم تمرير الجريمة بآلاف الاعتقالات مخفية الأخبار وفتح السجون السرية التي تستغل المادة أربعة إرهاب مع مسلسل من جرائم ضد الإنسانية من اختطاف واغتصاب وانتزاع تعهدات البراءة والابتزاز بمختلف التهديدات..
الاندساس في التنسيقيات ومراقبة الحراك وخططه، وتمرير توصيات رؤوس الفساد على أنها من داخل البيت الاحتجاجي.. والأنكى قبول انخراط قوى سلطوية طائفية بذريعة عجيبة غريبة هي أنها تمثل (فقراء) وأن آباء هذه الفئة كانوا يساريين مدافعين عن الوطنية والعدالة الاجتماعية!!
التعتيم الإعلامي على أنشطة الحركة الاحتجاجية وتشويهه وتحجيمه في القنوات الأخبارية فضلا عن المعركة الميدانية التي حاصرت الحراك وقيدته باشتراطات أشبه بنير الاستعباد وتفاصيل قيوده…
انعدام القراءة الدقيقة لمقاصد الحركة الاحتجاجية سواء محلياً وطنياً أم إقليميا ودوليا ما أفقدها التضامن والمؤازرة المفترضة…
وإذا انتقلنا إلى حيث التطورات الميدانية من تكرار إخماد الانتفاضات الشعبية بوساطة وعود وهمية بلا متابعة ومتابع مع انهيار مضامين مؤسسات الدولة وتحولها غلى مجرد أدوات مافيوية للنهب والإفساد ومع انجرار قوى (تنويرية) للعبة الفوقية؛ بوهم أنّ اشتغالهم أفضل إذا ما انخرط في سلطة الدولة وهو وهم كان قد تكرس في ضوء التباس فهم الفاصل بين (عملية سياسية) و (سلطة حكومية) وبين عمل وطني ديموقراطي محاصر مكتبياً مُصادَر الإرادة والفعل وتأثيره من جهة وعمل شعبي جماهيري من جهة أخرى.. إذا قرأنا ذاك المشهد فإننا سنجد أن الحركة الاحتجاجية قد لُقنت الدروس القاسية..


********
مازال وهم الخشية من العودة لنظام دكتاتوري إذا أنهينا وجود حكومة الفساد المافيوي وبلطجتها الميليشياوية يسطو على ذهن بعضنا فنوقف هذا البعبع وإرهابه حركات التغيير السلمية ولنمضِ من أجل تنزيه مسيرتنا ووقف استغلالنا واستعبادنا بتكسير قيود الطائفيين سواء منها دجل الخرافة وأضاليلها المستندة لزيف القدسية الدينية المذهبية المُدَّعاة أم البلطجة والابتزاز أم الإفقار لجرِّ بعضنا وراء لقمة العيش المدنسة المعشوشة.. لا طريق لنا إلا التغيير السلمي حيث استعادة الكرامة والحقوق والحريات.. فلنفعلها مرة واحدة بلا تردد ولا تمييع كما يفعلون ببث الوعود التخديرية الوهمية.. دق الجرس وانتهى الدرس وتعلمناه لم يبق سوى أن نعاود ممارسة حيواتنا حرة كريمة
*********
وطبعاً ضمناً، استفادت بعض عناصرها من تلك الدروس وباتت بدل الانعزال والانكفاء الذي تريده السلطة، تنزل إلى الميدان محملة بوعي آليتين:

أولاهما العمل على وحدة القيادات بتنسيقيات ذات ثبات تنظيمي نسبي ثم محاولات توحيد التنسيقيات وطنياً..
ثانيهما العمل على ضمان استقلالية التنسيقيات بتمام النقاء من عناصر تنتمي للسلطة المافيوية وبرفض حضور أية فئة بمظلة قيادة قوة طائفية تحت أية ذريعة…
إنّ هذا هيَّأ، على الرغم من الاحباط عند بعض عناصر الحركة الاحتجاجية، لتقدم نوعي مختلف بات يتجه لترتيب انتفاضة التغيير بعيداً عن حتى عن قيادات بعض أحزاب أو قوى تنويرية بسبب تحالفها مع أجنحة طائفية تنتمي للسلطة التي يستهدف الشعب وقف جرائمها..

وإذا عدنا إلى سؤال معالجتنا الرئيس: هل نضجت الحركة الاحتجاجية العراقية لتتحول إلى حركة تنوير قادرة على التغيير؟

لربما كان مستعجلاً أن نقول ذلك إلا أننا يمكن أن نزعم رصد أمرين مهمين كمقدمة لهذا النضج هما:

طابع الشمول والكلية للاستغلال ولوحشية السلطة المافيوية الأمر الذي لم يعد ممكنا التستر عليه، وبات وعي البسطاء المضلَّلين أكثر وضوحا في رصد الأمر ما وسّع فرصة المشاركة بالحركة الاحتجاجية..
طابع الحركة الاحتجاجية ومستوى تنسيقها ودخولها مرحلة جديدة من التنظيم المستند لوعي التجربة الجارية..
ما تنتظره الأيام القابلة للسنة الجديدة مع احتمالات كبيرة لأزمة اقتصادية عالمية من جهة وارتدادات تراجيدية لها محليا، هو زلزال عميق بإعصار من أعتى ما يمكن وهنا ستكون النتائج إيجابية إذا ما تحولت الحركة الاحتجاجية إلى خيارات أدواتها ووسائلها بسلامة، من قبيل إطلاق علامة فارقة لها تمنحها وضوحها الذي يتسم بالبساطة وقدرة الوصول إلى اوسع جمهور على سبيل المثال ارتداء السترات الحمراء سيكون ذلك إشارة عالية الأثر في تمييز الحركة الاحتجاجية بطابع ينتمي لتوظيف وسائل الاتصال بعد أن تعقد عليها امتلاك وسائل الإعلام الكبيرة من فضائيات وغيرها…

إن بذرة السترات الحمراء تنسيق وتنظيم يستطيع أن يرد على كلاسية التنظيم الذي تحنط على أشكال محدودة ولم يطور تجربته المخصوصة على الرغم من طاقاتها وإمكاناتها.. لهذا ستكون الانطلاقة بهية وواسعة ومؤثرة بسبب طابع الخيار وفعل آليته المناسب لعصرنا..

إنّ مضمون الحركة التي ستستخدم السترات الحمراء لا علامة شكلية عابرة بل آلية اتصال جماهيري واسعة الأثر سيركز على مهام التنوير لاعتمادها العقل النقدي العلمي لا ترهات الخرافة والقدسية المزيفة بكل مرجعياتها وادعاءاتها التمثيل الحصري للإله البريء من تلك الأضاليل والذي لا يُقرأ موضوعيا إلا بالعقل العلمي مسبقاً وتأسيساً وليس بقلب الأمور رأسا على عقب حيث سطوة دجل الخرافة على حساب العقل…

ومن المضامين أن يتحرر جميع الفقراء من لعبة تأطيرهم بتنظيمات ماسورة بزعماء التصنيع التجاري الذي سوَّق لتلك الشلة المريضة الهزيلة فكرا وفلسفة وبرامج اشتغال بمنطق الحداثة والعصر.. وهنا يتحدث الشعب عن مطالبه بنفسه فهو ليس بحاجة لا لدجالين ولا لمضلِّلين، إن بحاجة لاسترجاع حرياته وحقوقه التي نهبتها تلك الثلة من السوقيين المافيويين…

إنّ معالجتي ليست سوى واحدة من النداءات الموجهة إلى تنسيقيات الحركة الميدانية ورايات الاحتجاج القائمة على منطق تنوير الناس بقصد تحرير فقرائهم وبهدف إحداث التغيير، بعد أن برهنت اليام والمعارك الميدانية خطل التراخي وقبول الوعود الوهمية المضللة الأمر الذي انتكس بالبلاد لمرحلة جعل أهلها بمستوى بل بوضع العباد.. بلى عبيد السوقية والدونية من رعاع القوم ومرجعياتهم المافيوية الخارجية الإقليمية منها والدولية..

ندائي للفقراء أنْ تحرروا من عقلية الخرافة والسجود لمستغليكم مستعبديكم، أن تحرروا من نير أذلكم وقيد ابتلاكم وتاجر بكم..

ندائي إلى التنسيقيات أن يشرعوا اليوم، لتوظيف صفحة تواصل اجتماعي تكون موئلهم لحركة اتصال مباشر لا تمرّ بأدعياء هم واجهات السلطة المافيوية التي نهبت الناس.. وسيلة من وسائلكم الجديدة هي: (السترات الحمراء) ترعب أوباش الطائفية وتميط اللثام عن اللعبة وتميز الحركة الاحتجاجية وتجعلها بوحدة شعبية لا تدخلها اية قوة لا طائفية ولا حليفة لها بأي ادعاء أو ذريعة والجميع ينضوي هنا بحركة الوحدة الشعبية التي لا تنتظر سلبيا وحدة تأخرت من القيادات المترددة أو التي ارتكبت أفدح الأخطاء يوم نفضت يدها من وحدة التنويريين والتحقت بمسمى الكتلة الأكبر (نخبويا سلطويا).. ورد الحركة الاحتجاجية يأتي بوحدة الكتلة الأكبر شعبيا تلك التي روحها ورئتها الفقراء المقهورين
هذا ندائي مواصلة لكل أدواري مع ميادين الحرية والانتفاض وحركة استرداد الحقوق طوال السنوات العجاف الماضية ولكنني أضع ثقتي المطلقة هذه المرة بحركة السترات الحمراء تجسيدا لقرار تحويل العام 2019 إلى عام التغيير الأشمل والأعمق جوهرا في عراق اليوم والغد وطريقنا هو التنوير وحركاتنا الاحتجاجية لا تتلكأ ولا تتردد ولا تخلط الأوراق ولا تقبل التباسا ولا مخادعة أو تضليلا باية خرافات وترهاتها جاءت فنحن أحرار أنفسنا نديرها بحرية نعرفها نحن لا تفصل بمقاسات وقوانين دويلة الطائفيين وزعمائها…

هيِّئوا ستراتكم الحمراء انطلاقتنا قريبا لا بمدينة أو قرية أو محافظة أو إقليم بل في العراق بكل جغرافيا الوطن والناس ينعتقون من قيود المافيات والميليشيات ولا قدسية إلا للعراق كل العراق بأهله ومكوناته ولا مرجعية سوى العقل عقل الشرفاء أعضاء حركة السترات الحمراء…

ألا فإن القرار قرار العراقيات والعراقيين، قرار يستعيد الحقوق والحريات ولكم الخيار بين فناء وجهنم وبين عيش حر كريم الجنة فيه بيتنا الوطن - العراق… وتحايا إليكنَّ، إليكم جميعاً وكافة باختلاف وبتنوع الوجود والانتماء للذات الوطني الحر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م