الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شوبنهاور واقعيا لا متشائما

داود السلمان

2018 / 12 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ينطلق آرثر شوبنهاور من منطلق واقعي، ويفلسف العالم والكون والحياة بشكل واضح في هذا الاطار، اذ اوضح ذلك في كتابه "العالم ارادة وتمثلا" وهو العالم الواقعي لا المثالي كما يرى أفلاطون، رغم أن شوبنهاور قد تأثر بأفلاطون، كما تأثر بالفلسفة الهندية وبفلسفة بوهيميه. هذا الواقع الذي يتحدث عنه هو في حد ذاته عالم مبني على التناقض وعلى الالم والمنغصات، بالفعل، وحينما يصف شوبنهاور ابعاد هذا العالم ويغوص في كنه معرفته لا يعني أنه يدخل اليه من باب التشاؤم ويريد أن يركز عليه اكثر من سواه، أعني الجوانب الاخرى من الحياة، لأن السمة الطاغية على الحياة والوجود هي سمة الالم وطغيان الشر بصورة تكاد أن تكون لازمة للحياة، بل هي كذلك. وهل أن كل من يضع الامور في نصابها ويفسرها على علاتها ووجودها في الزمكان نطلق عليه بأنه متشائم؟، لأنه نظر الى الحياة والوجود من جانب واحد، لا نظرة شمولية تشمل كل الجوانب؟!.
فمثلا، حينما يتحدث عن نقد القضايا الدينية، وخصوصا لدى من حددهم: الهندوس واليونان والرومان والايطاليون والاسبان. "ان الانسان من خلال تخيلاته الخاصة يخلق على شاكلته الجن والآلهة والقديسين، ثم ينذر لهم على الدوام القرابين والصلوات وزخارف المعبد والنذور ورحلات الحج والتحيات وتزيين صورهم، وما الى ذلك" (العالم ارادة وتمثلا ج/2 ص 222). يقول: الانسان يرسم هذا على انه واقع، وهو بالحقيقة يعكس صورة الواقع.
اذن، شوبنهاور واقعي، ويعيش واقع ملموس، ويكتب عن واقع، وينطلق من باب واقع. وبنقلنا لهذا النص انما اردنا ان نتحدث عن شوبنهاور لنثبت انه فيلسوف واقعي لا تشاؤمي، وليس من باب نقده للفكر الديني.
وفي فلسفته للحياة الانسانية التي نعيشها، يعطينا شوبنهاور ابعاد ثلاث: الاولى المشيئة القوية المتعددة التي تسودها المشاعر المتأججة وتظهر في الشخصيات التاريخية العظيمة. والبعد الثاني المعرفة الخالصة، والتي يسميها ادراك المُثل: وتلك هي حياة العبقري. والبعد الثالث والاخير: حالة قصوى من اللامبالاة والتبلد ازاء الارادة وازاء المعرفة، ويسميها حالة التشوف بلا طائل والملل الذي يتسم بخمول الحياة. (المصدر السابق ص 220)
وحين يتحدث عن السعادة، يرى "أن السعادة الحقيقية الدائمة غير ممكنة". ويعتبر السعادة اتباع لرغبة والنتيجة هي خلاص من الم "لأن الرغبة، أي الحاجة، هي الشرط المسبق لكل متعة، ولكن عند تحقق الاشباع تتوقف الرغبة، ومن ثم تتوقف المتعة، وبذلك فأن الاشباع أو الارضاء لا يمكن ابدا أن يكون سوى خلاص من الالم". (المصدر نفسه ص 217)
وكثير من الفلاسفة ترى هذا الرأي بما بيهم بعض فلاسفة المسلمين كالشيخ الرئيس ابن سينما مثلا. فلأشياء التي نعتبرها لذة او سعادة هي في الحقيقة ليست كذلك، وانما هي دفع الم، والبعض يعتبرها سعادات صغيرة أو وقتية تنتهي في ساعتها او في ولحظتها. وموضوعة السعادة موضوع طويل حتى أن الفارابي له فيها كتاب اسماه (تحصيل السعادة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س