الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قرصان اقتصاد (6)

عطا أبورزق

2018 / 12 / 21
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في سنوات الثمانينات عصفت الرياح بالعديد من شركات البترول، بسبب منافسة الشركات المنتجة للطاقة البديلة، فمنها من أعلن افلاسه ومنها من اندمج مع شركات أخرى اكثر قوة، ومن ضمن هذه الشركات شركة اربستون Arbuston التي يمتلكها جورج دبليو بوش، والتي اندمجت مع شركة سبكتروم Spectrum في العام 1984م، والتي بيعت في العام 1986م إلى شركة هاركن Harken Energy Corporation والتي احتفظ فيها جورج دبليو بوش بمنصبه عضواًفي مجلس إدارتها، ومستشاراً في الشركة براتب سنوي قدره 120 ألف دولار، وذلك بفضل نفوذ والده جورج بوش نائب الرئيس ريجان في ذلك الوقت، وكان الجميع يعلم كما يقول "بركنز" بأن دبليو بوش لم تكن له إنجازات سابقة كمدير تنفيذي في مجال البترول تؤهله لهذا المنصب، وعليه فإنه منذ أن تولى جورج دبليو بوش هذا المنصب فقد مدت شركة هاركن سطوتها إلى الساحة العالمية، ولأول مره في تاريخها تشرع الكوربوقراطية بنشاط البحث والاستثمار البترولي في الشرق الأوسط.
حين قبلت الرشوة
يقول " بركنز " بأن سياسة الرئيس كارتر كانت تشجع على انتاج الطاقة النظيفة، والحد من اعتماد الولايات المتحدة على البترول وليس المستورد منه فقط، وقد مرر الكونجرس في العام 1978م قانون بوربا Purpa لتنظيم المرافق العامة، الأمر الذي شجع البحث عن مصادر الطاقة البديلة والزم شركات المرافق العامة على شراء هذه الطاقة بأسعار معتدلة ومعقولة. وخلال حقبة الثمانينات وصولاً إلى التسعينات، وتحديداً في الفترة التي احتلت فيها إدارة ريجان البيت الأبيض، تبدلت كل هذه السياسات ولم تعد شركات المرافق العامة مُلزمة بشراء الطاقة البديلة، وابتلعت شركات الانشاءات والهندسة الكبيرة العديد من الشركات الصغيرة المنتجة للطاقة البديلة وانزوت جانباً فكرة استقلال الولايات المتحدة البترولي، ومرد ذلك كما يوضح " بركنز " هو أن " دونالد ريجان " كان مديناً لشركات البترول، إضافة إلى أن بوش كان قد بنى ثروته الخاصة من صناعة البترول، وأن معظم رجال إدارة ريجان إما أنهم من أصحاب شركات البترول أو شركات الهندسة والانشاءات الكبيرة. ويضيف " بركنز " بان الاتجاه العام في هذه الحقبة اتجه باتجاه دعم الخصخصة ودعم المشروعات التي يمتلكها المستثمرون الأثرياء أكثر من دعم نظيرتها الحكومية، وقد أوصلوا هذه القناعات للمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي بهذا التوجه، وصارت هي الأخرى تدعوا الى إعادة تنظيم وخصخصة شبكات المياه والصرف الصحي، وشبكات الاتصالات وغيرها من المرافق العامة التي ظلت دائماً تحت الإدارة الحكومية.
ويشير " بركنز " أن هذه السياسة شجعت المسؤولين التنفيذين في مختلف قطاعات الإنتاج المتعددة إلى الانطلاق في ارجاء العالم سائرين على خطى قراصنة الاغتيال الاقتصادي، بحثاً عن مصادر الثروات والايدي العاملة الرخيصة والأسواق الضخمة، ونجحوا في إيقاع الضحايا من الدول والمجتمعات الأخرى في شراكهم، حيث وعدوهم بالانتعاش الاقتصادي عبر دعم القطاع الخاص، على اعتبار أن تلك هي الوسيلة الوحيدة التي تظنها تلك الدول كفيلة بإخراجها من وحل الديون، لقد بنوا المدارس والطرق السريعة و... الخ، وحين يستنفذون ضحاياهم ويجدون عمالة أرخص وموارد اسهل اقتناصاً في مكان أخر، يسارعون بالمغادرة تاركين ورائهم مجتمعات راودها الأمل وصدمها واقع التخريب.
فشل قراصنة الاقتصاد في العراق.
مثلت العراق للولايات المتحدة مصدر اهتمام كبير من حيث مخزونه البترولي ومصادر المياه وموقعة الجغرافي الاستراتيجي إذ أنه يقع على حدوده كل من الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وإيران وتركيا وسوريا والمملكة العربية السعودية والكويت، وساحل طويل على الخليج العربي، ولهذا وضع قراصنة الاقتصاد ثقلهم الكبير فيه، على أمل أن يحذو العراق حذو المملكة العربية السعودية، وأن يفسح المجال واسعاً للشركات الأمريكية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالعمل في العرق والاستفادة من فوائد القروض الضخمة للاستثمار في مجالات الطاقة واستخراج البترول. ويقول " بركنز " بأن صدام حسين كان يرى بوضوح ما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من تطور عمراني، وحصولهم على التكنولوجيا المتقدمة في محطات تحلية مياه الشرب، وأنظمة الصرف الصحي وشبكات الاتصالات والكهرباء، ويعي أيضاً وبدون شك بأن السعوديين يتمتعون بمعاملة خاصة فيما يتعلق بالقانون الدولي، وأن واشنطن تغض الطرف عن تمويل السعودية لأكثر الجماعات تطرفاً، عدا عن ايوائها للمطاردين دولياً، عدا عن ذلك يقول "بركنز" بأن الولايات المتحدة طلبت من السعوديين تمويل أسامة ابن لادن والمجاهدين الأفغان في حربهم ضد السوفييت، ويضيف بأن واشنطن كثيراً ما تسامحت مع الطواغيت أمثال صدام وكثيراً ما دعمته. ولم تكترث مطلقاً بمدى طغيان صدام وتلوث يديه بدماء ضحايا القتل الجماعي، وبممارساته الوحشية التي تشبه إلى حد كبير أدلوف هتلر حسب ادعاء "بركنز". وكل ما كان يهمها هو أن تمنحه واشنطن القروض المالية مقابل شراء بتروله، أو مقابل اتفاقيات تؤمن استمرار امداد بلاده لها بالبترول.
يشير " بركنز " إلى أن قراصنة الاقتصاد حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي لم ينجحوا في الإيقاع بصدام حسين في شباكهم، وهذا سبب خيبة أمل كبرى لإدارة بوش الأولى التي كانت تعاني من أزمة على المستوى الخارجي والداخلي جراء انتهاكه للقانون الدولي في غزو بنما.
قدم صدام طوق النجاة لإدارة بوش عندما اقدم على احتلال الكويت. على الفور يضيف " بركنز " شكل بوش تحالفاً دولياً لينتصر للقانون الدولي الذي انتهكه صدام حسب رؤيته، ودفعت الولايات المتحدة ب 500 الف جندي أمريكي في هذا التحالف الذي دك العراق في الشهور الأولى من العام 1991م بالاف القذائف والصواريخ ودمر الكثير من المدن وقتل الالاف من العراقيين، واجبر الجيش العراقي على الخروج هارباً من الكويت. هذه الحرب كما يقول " بركنز " حققت لجورج بوش ما أراده تماماً فقد حسنت من شعبيته بنسبة 90% من الشعب الأمريكي. ويضيف بأن قرار بوش بالحرب على العراق قد قوبل بحماسه كبيرة جداً في الأوساط الشعبية وأوساط الشركات الكبرى، وذلك ليس فقط لأننا اتخذنا موقفاً ضد دكتاتور سفاح على حسب تعبير " بركنز " وانما كان النصر في العراق بالنسبة للشركات وكبار التجار فرصه كبيرة لتحقيق أرباح خيالية، وفي الأوساط الشعبية كان هناك بحاجة لأن يرى الشعب الأمريكي بلده تستعيد قدرتها وهيبتها العسكرية، خصوصاً بعد ازمة الرهائن الأمريكيين في ايران.
يكشف " بركنز " هنا زيف وخداع إدارة بوش والعاملين في الشركات التجارية الكبرى من راء تشدقهم بالمفاهيم الوطنية والعمل المسلح، الذي استغل كمبرر للتحول الماكر لتحقيق مصالحهم التجارية عبر العالم، ويضيف بأن السعي نحو الإمبراطورية الكونية بات أمراً واقعاً ويسهم فيه أغلب قطاعات الدولة. وأن ثنائية العولمة والخصخصة قد شنت على هجوماً منظماً على عقول وقلوب الأمريكيين.
ويلخص بركنز رأيه في هذا التحول إذ يقول: بأنه في التحليل النهائي، لم يكن هذا قاصراً على الولايات المتحدة. فالإمبراطورية الكونية رسمت ملامحها، وعبرت كل الحدود، وما كنا ندعوه شركات أمريكية صار اليوم شركات عالمية، حتى من الوجهة القانونية. ودُمج كثير من هذه الشركات في مؤسسات أكبر حجماً متعددة الجنسيات. ويضيف توضيحاً أكبر على حقيقة هذه الشركات بقوله: "صار بمقدور هذه الشركات المفاضلة بين عدد من القوانين والتنظيمات والاتفاقات التجارية الدولية بما يجعل أنشطتها أكثر يسراً وسهولة". ويؤكد " بركنز " على أن هذه التحولات أفضت إلى غياب المفردات التي اعتدنا على سماعها مثل الديمقراطية، والاشتراكية، والرأسمالية، وأن الكوربوقراطية صارت حقيقة واقعة فرضت نفسها محركاً وحيداً ورئيسياً للاقتصاديات والسياسات العالمية.

11 سبتمبر وتأثيره على بركنز
يسرد هنا " جون بركنز " حجم المفاجئة والصدمة التي تعرض لها عند سماعة خبر الهجوم على الولايات المتحدة وتدمير برجي التجارة على يد ابن لادن وجماعته من الإرهابيين، ويستعيد ذكرياته مع برجي التجارة والأماكن المجاورة له خصوصاً بنك تشيسي Chase الذي اسسه ديفيد روكفلر، الذي قام على أموال البترول. يقول " بركنز " عن البنك: بأنه قدم خدماته لقراصنة الاقتصاد ومهندسي الإمبراطورية الكونية، واعتبر من أوجه عدة الرمز البليغ المعبر عن الكوربو قراطية. ويضيف بأن مركز التجارة العالمي كان مشروعاً قد بدأه ديفيد روكفلر في العام 1960م، وكان البرجان يمثلان طائر البتروس Albatross، وحمل البرجان اسماً تدليلاً هو ديقيد ونيلسون، لكن الشكوى كانت من المركز التجاري الدولي القديم بأنه غير مجهز لوسائل الاتصالات الحديثة القائمة على الالياف البصرية، وتقنيات الانترنت، ونظام مصاعدة بعدم الفاعلية.
واستعرض في هذا السياق ما تراكم في ذاكرته من مظاهر القهر والقتل والابادة الجماعية التي مارستها بلاده بحق العديد من الشعوب المغلوب على أمرها، وفي موت 24 ألف إنسان في العالم جوعاً يومياً، وعما ارتكب من جرائم في بنما أو الاكوادور أو إندونيسيا ، أو إيران، وجواتيمالا، والعديد من دول افريقيا. وتسائل إن كان السائرين في شارع برجي التجارة إن كانوا يفكرون بما فعلته بلدهم بحق كل هذه الشعوب أم فقط جريمة تدمير البرجين. إضافة لذلك يقول: لقد تخيلت أسامة بن لادن يتلقى أموالاً وأسلحة بملايين الدولارات يتسلمها من رجل يعمل في شركة استشارية بعقد مع حكومة الولايات المتحدة
يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف