الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توضيح -تشاؤم شوبنهاور-

داود السلمان

2018 / 12 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ويمكن أن نوضح هنا الاقوال التي تعتقد جازمة بأن شوبنهاور متشائما، بل قالت أنه من كبار ائمة التشاؤم، ونحن نحاول جادين رفع هذه الشبهات، جهد الامكان، مستعينين بنصوص من فلسفته، محاولين قراءتها قراءة ثانية.
من المعروف عن شوبنهاور أنه كان ثريًا للحد الذي جعله يستمتع بالسفر بشكل دائم، ويتناول الطعام والشراب الجيد، والقراءة على نطاق واسع. كما كان بإمكانه مشاركة الحديث المسلي مع القليل من الأصدقاء على الرغم من تهكمه وسخريته. وعندما أصبح معروفًا ومشهورًا في السنوات التي سبقت وفاته، زاره الكثير من الناس من الخارج والذين تفاجأوا بلطافته أكثر بعدما كانوا يهابونه.
يقول الاستاذ ابراهيم العريس: "وآرثر شوبنهاور، يمكن النظر إليه انطلاقاً من هذا كله باعتباره واحداً من الفلاسفة الذين تبدت لديهم الفلسفة شديدة الارتباط بحياتهم الخاصة، إذ إن كتاباته الفلسفية كلها تبدو وكأنها فصول في سيرته الذاتية معبرة عن حياته الخاصة وعن ردود فعله تجاه مجريات هذه الحياة"(1).
ويقول الكاتب عبد الله المطيري: "كثيرا ما يعرف شوبنهاور بفيلسوف التشاؤم ولكن هذه العبارى تحتاج إلى مسائلة ونقاش فما هو التشاؤم الذي يطرحه شوبنهاور؟ هل هو التشاؤم المتداول كثيرا بمعنى أن يتوقع الإنسان التوقعات السيئة دائما ويفقد الإحساس بالجميل في الحياة والمبهج، الشعور الذي يجعل من الحياة مؤلمة وسوداوية أي أنه تشاؤم سيكولوجي أم أن تشاؤم شوبنهاور له معنى آخر. أقنعني كثيرا طرح الأستاذ سعيد توفيق في مقدمة الكتاب حين وصف تشاؤم شوبنهاور بالتشاؤم الميتافيزيقي. فليس لهذا التشاؤم علاقة ضرورية بالمزاج الخاص بل هو موقف معرفي من العالم. هو معرفة مؤداها أن هذا العالم، عالم لا يحتوي معنى يستحق العيش وأن الإرادة التي توجه الإنسان وتحركه هي إرادة عمياء بلا منطق، عالم مليء بالشرور والآلام. داخل هذه المعرفة يمكن أن يفهم الإنسان الأحداث، بل حياته بأكملها وبالتالي فإن هذه المعرفة تعين الإنسان على الحياة وتحميه من الصدمات وخيبات الأمل التي قد يقع فيها ومن هنا يمكن أن نرى التفاؤل داخل هذا التشاؤم، بمعنى الوعي بطبيعة هذا العالم وبالتالي السكون والهدوء تجاهه والتخلص من الفزع والصدمات ومن هنا نفهم علاقة شوبنهاور بالفلسفة الهندية التي تقدس الزهد عد التشبث بالحياة لن هذا التشبث بالذات هو سر كل آلام الإنسان"(2).
ونستخلص من هذا التحليل ما يلي:
1- "ان تشاؤم شوبنهاور تشاؤم ميتافيزيقي. "فليس لهذا التشاؤم علاقة ضرورية بالمزاج الخاص بل هو موقف معرفي من العالم".
2- "المعرفة تعين الإنسان على الحياة وتحميه من الصدمات وخيبات الأمل" ما تدفع بالإنسان الى "التفاؤل داخل هذا التشاؤم".
3- اذن هو تشاؤم ميتافيزيقي يسعى وراء المعرفة التي توصل الانسان الى معرفة كنه وحقيقة الحياة التي يعيشها- سلبا كانت أم ايجاباً- وهي فلسفة تصف الحياة بما هي حياة، كواقع مفروض عليه.
بمعنى "أن الحياة ليست هانئة دوما، فمهما ابتسمت لنا فيجب أن نكون على استعداد لقبول الشقاء الذي تحضره لنا". وهذا امر واقعي.

هامش:
(1) - صحيفة الحياة اللندنية العدد الصادر في نوفمبر 2013
(2)- صحيفة الرياض العدد الصادر يوم الخميس 27 شعبان 1429هـ - 28 اغسطس 2008م - العدد 14675








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي