الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة بالتقسيط غير المريح!

مرتضى عبد الحميد

2018 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


(كل ثلاثاء)
حكومة بالتقسيط غير المريح!

خلال مسيرته الطويلة، أنتج العقل الاقتصادي الرأسمالي، من بين أمور كثيرة، صيغة البيع بالتقسيط، لتصريف منتجاته الوفيرة، والسعي لإفراغ جيوب المشترين من آخر فلس فيها، طمعاً في زيادة الأرباح وتراكم رأس المال. ومع ذلك إستفاد الناس في كل أصقاع الدنيا من هذا الاكتشاف الملهم، خاصة إذا كان التقسيط مريحاً، ويراعي مستوى دخول الشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة.
في بلادنا الموبؤة بالمحاصصة والفساد الذي لا شبيه له، لم يكتف السياسيون المتنفذون، بما لديهم من مصطلحات ومفاهيم سياسية، قادت العراق في المحصلة النهائية، إلى الخراب والدمار الشاملين، وأوصلته مع سبق الإصرار والترصد إلى الطابق الأسفل من الهاوية، وإنما يسعون أيضاً إلى توسيع دائرتها، وشمولها العملية السياسية برمتها، لاعتقادهم بأنها لم تعد تواكب طموحاتهم، وأهدافهم، في التشبث بكرسي السلطة، وما يتبعه من فرهود ونهب منظم، وجاه يفتقر إليه الكثيرون.
وقد وقع أختيارهم هذه المرة على تقسيط الحكومة الجديدة، رغم انه مصطلح إقتصادي في الأساس، ودون أن يعيروا أهتماماً، ولو بحدوده الدنيا، لمشاعر الشعب العراقي، الذي ينتظر متسلحاً بصبر أيوب لحظة إستكمالها، لعلها تخفف شيئاً من اَلامة، وتعالج بعضاً من أسباب محنته التي أطال أمدها.
كان الأمل أن يجري التصويت على الوزراء الثمانية في جلسة مجلس النواب، الثلاثاء الماضي، بعد أن مضى سبعة أشهر على الانتخابات البرلمانية، وأكثر من شهرين على تكليف السيد "عادل عبد المهدي" بتشكيل الوزارة العتيدة.
لكن الخلافات العميقة، والصراعات العبثية، حالت دون ذلك، رغم أن "معضلة" وزارة الداخلية، قد تحلحلت جزئياً، وإستبشر العراقيون بقرب تجاوزها، والانتقال إلى مرحلة إستكمال الوزارة، وتطبيق برنامجها الحكومي.
وبدلاً من تحقيق هذا الامل المتواضع، إعتمدت صيغة التقسيط، وتمت الموافقة على ثلاثة وزراء، فيما بقي الخمسة الآخرون، أسرى إنتظار الفرج، وخوض جولة أو جولات جديدة من الصراع الذي تحركه رغبات البعض في بقاء الأمور على حالها من السوء والتخلف والشذوذ.
لا ندري لما يصر العديد من المسؤولين، على أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة دون غيرهم، وهم المكلفون بممارسة الحكم "الرشيد" شريطة غياب النقد أو التصويب، وإذا أضطروا لقبولهما، صمّوا آذانهم، وأغلقوا عقولهم، برتاج الغرور والتزمت، لكل لا يسمعوا سوى صدى أصواتهم، والتفكير في كيفية الاستحواذ على الجمل بما حمل.
ومن البديهي أن يجر هذا الفكر المنغلق كلياً، إلى تهميش وإقصاء الآخرين والتفريط بالكفاءات والطاقات الهائلة التي يحتضنها العراق، وتتسم بالوطنية ونكران الذات، والنزاهة، والقدرة على انتشاله من بؤسه وضعفه الأزليين.
كان الأولى بالقوى النظيفة، والصادقة في دفاعها عن مصالح الشعب والوطن، أن تضاعف جهودها، وتوحد قواها، وتزيد من ضغوطها السياسية والجماهيرية، على الجهات التي يروق لها على ما يبدو، وبقاء العراق في أسفل قائمة الدول الفاسدة والفاشلة، كما تقع على عاتق السيد رئيس الوزراء مسؤولية مضاعفة في إنهاء عملية التقسيط هذه، والإسراع في إستكمال حكومته، للانتقال إلى العمل الجدي، وتنفيذ ما وعد به العراقيين ساعة تكليفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س