الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقييم أولي لتحرك الأحد الماضي

فؤاد سلامة

2018 / 12 / 25
المجتمع المدني


بمعظم المقاييس الموضوعية، يمكن القول بأن تحرك الأحد ٢٣ كانون أول في عدة مناطق لبنانية، كان ناجحاً في تحقيق هدفه الأساسي، وهو تظهير حجم وعمق واتساع الاعتراض الشعبي على أداء الطبقة السياسية، من خارج الاصطفافات الطائفية والحزبية والمناطقية. لم يكن التحرك الواسع استعراضاً يسارياً تقليدياً، ولا استعراضاً نخبوياً للمجتمع المدني الذي يحاول البعض تحويله لنوع من ماركة مسجلة.

هذا لم يمنع أصحاب النظارات السوداء والحمراء والزرقاء من الاستهزاء بجمهور التحرك ومنظميه، بعدما صدمهم عدد المشاركين في هذا التحرك وتنوعهم الطائفي والمناطقي، وهم الذين لم يوفروا جهداً للدعوة لمقاطعته بحجج شتى، والسعي لإفشاله بخطاب غلب عليه الفكر التشكيكي المؤامراتي..

إزاء معارضين "نخبويين" يتعاملون مع "العامة" والشبيبة، وكأنهم أفراد من كوكب آخر، لا يمكن إلا أن نتساءل عن أسباب تلك السلوكيات الفوقية تجاه مواطنين ممزقين عاطفيا بين زعيمهم ووضعهم المعيشي التعيس؟ أليس هؤلاء المواطنون الذين رأيناهم على الشاشات نماذج لفقراء الطوائف من الشيعة والسنة والدروز والمسيحيين الممزقين بمجملهم بين ولاءاتهم الطائفية ومشاعرهم "الطبقية"؟

ماذا فعلت النخب المعارضة السياسية والمدنية لتستقطب هؤلاء الموجوعين المحبطين ولتعيد لهم القليل من الأمل؟ هل يكفي رفع الشعارات والأعلام الحمراء، والكلام المفصّل عن الصراع الطبقي، كما يفعل اليساريون؟ أم يكفي طرح المطالب البيئية والكلام المكرر عن الفساد والسيادة المنتهكة كما يفعل آخرون، كلٌ حسب أولوياته الشعاراتية؟

من الطبيعي أن يحاول متملقوا الإعلام الطائفي والباحثون عن الشهرة والنجومية من كل حدب وصوب، أن يحاولوا ركب موجات الاحتجاج ليتقيأوا تصريحاتهم الطنّانة وتحليلاتهم الشعبوية على شاشات التلفزة، ولكننا نسأل عن دور المعارضين المخلصين لأفكارهم وشعاراتهم، الطامحين لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، أليس دورهم وموقعهم وسط الناس الذين ينزلون إلى الشارع ليعبروا عن نقمتهم على المنظومة السلطوية التحاصصية التي تعدهم ولا تفي بوعودها؟

ألا يجدر بنا التمعن بكلام إحدى السيدات (إ. غنّام) عن تجربتها في مظاهرة الأحد:
"لما صرنا بقلب الحدث حسيت بوجع كبير نتيجة حذري من الآخر وأكيد هالإحساس اللي موجود عندهن تجاهنا بنفس الحجم أو أكبر. سألت حالي إذا شي صحي أنو حس بالقلق وقلة الأمان من وجود إنسان لبناني جنبي بس لأنو ينتمي لطايفة تانية، او لأن وراه زعيم أنا برفضو من دون سؤال شو خلفية الشخص الإنسانية وشو عندو قيم وأفكار؟ بلحظة ألغيتو كشخص له هوية إنسانية مستقلة ولَبّستو صفات زعيمو اللي عندي فكرة سيئة عنهُ. وأكيد هالشخص عم ينظر لنا بخوف متل ما صورلو إيانا زعيمو. للأسف بسبب هالشي صار ممكن أي سوء فهم يخلينا نوقف قبال بعض كألد اعداء".

الدرس الذي يجدر بنا تعلمه من تحرك الأحد الاحتجاجي الأول من نوعه، هو المزيد من الانخراط للنخب المعارضة المدنية والحزبية والمستقلة في قلب التحركات الاحتجاجية المطلبية، من دون السعي لقيادة هذه التحركات وإلباسها لبوساً حزبياً أو سياسياً من لون معين.
من الطبيعي أن يسعى المعارضون لتسييس هذه التحركات عبر إعطائها بعداً تغييرياً حقيقياً، ولذلك من الضروري أن يصار لحدٍ أدنى من التنسيق بين الداعين والمشاركين من المجموعات والأحزاب والمستقلين، تنسيق يشمل الإتفاق بشكل خاص على سلة المطالب والشعارات والمداخلات، ويشمل التركيز على منع المنظومة السلطوية من حرف هذه التحركات من خلال أفراد مرتهنين لهذه المنظومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا


.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد




.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في