الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما نوع تشاؤم شوبنهاور؟

داود السلمان

2018 / 12 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كتب أحد الكتاب مقالا عن شوبنهاور قال في نهايته:" وقد حصل على ما لم يستطع أن يحصل عليه في حياته وهو الشهرة، فقد ذاع صيته وانتشرت كتبه وبالأخص كتاب «فن أن تكون دائمًا على صواب» – أنصحك بقراءته – وأصبح شوبنهاور من أكبر وأشهر الفلاسفة، ويُحسب له أنه لم يتحدث في السياسة – ذلك العلم البغيض – نهائيًا، وما زلت حتى الآن أرفض أن أسميه «فيلسوف التشاؤم».
نعم، لقد أنطلق شوبنهاور بوصف الحياة التي نعيشها كما هي، ولم يضف عليها طلاوة أو زخرف، وسمى الامور التي تجري على اعنتها بما هي، فقال انها شرور ومعاناة وآلام مستديمة، وهو وصف طبيعي للحياة، ولو أن الحياة خالية من كل هذه المسميات فلا خير فيها. بمعنى لو كانت الحياة تجري بوتيرة واحدة وبرتابة فما كان لنا أن نشعر بحلاوتها، فلو لم تكن هناك معاناة لم تكن سعادة، ولو لم يكن حزن لم يكن فرح، ولو لم يكن مرض لم تكن بهجة الشفاء من المرض. فلكل شيء نقيضه، فنحن لا نشعر بالجمال الا بوجد القبيح، ولم نكن نشعر بلذة الشبع لو لم تكن هناك آلام الجوع التي تضرب بسياطها على ظهر شعورنا ذاك، والتي تسكن وتتلاشى بعد الشبع، بغض النظر عن نوع المأكل الذي نتناوله. وقد سئلت زوجة احد الفلاسفة زوجها قائلة: انك لم تعيب قط على أي طعام اقدمه لك مهما كان نوعه؟. فقال لها: لأنني لا اطلب الطعام الا وانا جائع وبأمس الحال الى تناول الطعام، والجائع عادة لا يعترض على أي نوع من الطعام وهو بهذه الحالة، لأنه ليس بطور تحديد جودة او رداءة نوع الطعام، بقدر ما كان يريد سد رمقه وذهاب آلام جوعه.
وشوبنهاور ليس بعيدا عن التفاؤل، لكنه يصف التفاؤل لا كما وصفه بعضهم، اذ أن له وجهة نظر مختلفة، وفلسفة خاصة، فهو يكتب واقع، فما هو ذنبه اذا فهم الناس أن ما يكتبه بأنه تشاؤم. بل أن التشاؤم أن تصف حالة بما ليس في واقعها.
شوبنهاور، بهذا الصدد، يذب اللوم عن فهم الناس للدين، ويتهم العهد القديم والعهد الجديد بأنهما دعيا الناس الى القداسة للخلاص من البؤس الذي يصيب العالم. ومعظم ذلك يعود للإرادة " فالزهاد والشهداء والقديسون... قد خاضوا كل عذاب بمحض ارادتهم وبسعادة، لأن ارادة الحياة في انفسهم قد اخمدت ذاتها... فإنني لا يمكن أن اكف عن القول بأن التفاؤل – حينما لا ننظر اليه على انه مجرد الكلام الذي لا معنى له مما يصدر عن اولئك الذين لا يلجئون سوى الى الكلمات التي تجول بالعقول الضحلة- هذا التفاؤل لا يبدو بالنسبة الينا على أنه مجرد عبث، بل أنه يبدو لنا ايضا على أنه اسلوب مؤذٍ من الفكر، على أنه سخرية مريرة من معاناة البشرية التي تند عن الوصف. ولا يظنن أحدا أن المسيحية تحابي النزعة التفاؤلية؛ ففي الاناجيل نجد- على العكس من ذلك- أن العالم والشر يُستخدمان باعتبارهما مترادفين تقريبا في المعنى". (المصدر السابق ص 226).
وللمقال بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة