الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طروحات الصراعات غير المتماثلة ومستقبل العقائد العسكرية

محمد ارمين كربيت

2018 / 12 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


الصراعات الهجينة 0000 التعريف بالحروب الهجينة:
الحرب الهجينة مصطلح جديد في عالم الحروب الحديثة، وهي وفق بعض المراجع الأجنبية، «استراتيجيا عسكرية تمزج ما بين: مفاهيم الحرب التقليدية، مفاهيم الحرب غير النظامية، والحرب الإلكترونية».
والحرب الهجينة يمكن أن تتضمن الهجوم بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والإشعاعية ووسائط المتفجرات المرتجلة والمحضّرة محليًا، بالإضافة إلى حرب المعلومات.
كان ﺍﻟﻤﻘدﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺑﻴﻞ ﻧﻴﻤيث، أول من ﻭﺻف هذه الحرب بأنها «نموذج ﻋﺼﺮﻱ ﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺤدﻳﺜﺔ ووسائل متطورة ﻟﺤﺸﺪ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨوﻱ ﻭﺍﻟﺸﻌﺒﻲ».
أما الباﺣﺚ الأﻣﻴﺮﻛﻲ ﻧﺎﻳﺜﺎﻥ ﻓﺮﺍﻳﺮ من «مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية» فقد ﻭﺿﻊ ﺗﻌﺮﻳﻔًﺎ ﺁﺧﺮ اعتبر فيه أننا نكون أمام ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻬﺠﻴﻨﺔ «ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺴﻠّﺤﺔ اﺛﻨﻴﻦ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻬﺠﻮﻣﻴﺔ ﺍﻷﺭﺑﻊ الآتي ذكرها: ﺣﺮﺏ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، ﺣﺮﺏ ﻏﻴﺮ ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ، إﺭﻫﺎﺏ كوارثي، وﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، وذلك لمواجهة التفوق العسكري المعادي».
بدوره، وصف ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺟﺎﻙ ﻣﺎﻛيووﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻬﺠﻴﻨﺔ ﺑأنها «تلك ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻦّ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ ﺟﺒﻬﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﺤﺎﻭﺭ: ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍلإﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ».
ويقول دافيد كلكيولن صاحب كتاب «حرب العصابات العرضية» (The Accidental Guerilla) الصادر في العام 2009: «إن الحرب الهجينة هي أفضل تعبير وتفسير للنزاعات الحديثة والمعاصرة»، ولكنه يشدد على أنها «تتضمن مزيجًا من الحرب غير النظامية والحرب الأهلية وأعمال التمرّد والإرهاب».
في كتاب «فرانك هوفمان» الصادر في العام 2005 بعنوان، «النزاعات في القرن الواحد والعشرين: صعود الحروب الهجينة»، يرد تعريف الحرب الهجينة على أنها «المزج ما بين تكتيك حرب العصابات والجماعات الإرهابية وامتلاك قدرات تقليدية وأسلحة تشبه تلك التي كانت حصرًا للجيوش النظامية». وفي هذا السياق يتمّ «استخدام الأنماط المختلفة من الحرب، بما في ذلك القدرات التقليدية، والتكتيكات غير التقليدية، والأفعال الإرهابية، بالإضافة إلى نشر الفوضى التي تساعد على تفشي الجريمة». ووفق رأيه فإن الدول والجماعات من غير الدول، تسعى لتطوير قدرات جديدة (تكنولوجية وتكتيكات غير متوقّعة) من أجل تحقيق ميزة استراتيجية وتجنّب المواجهة المباشرة مع الخصم المتفوّق عسكريًا.
ويرى البروفيسور داميان فان بويفيلد مدير معهد الدراسات الأمنية الوطنية في جامعة الباسو- تكساس في الولايات المتحدة (في دراسة منشورة في مجلة الناتو - 2015): «إنّ كل تهديد يمكن أن يكون هجينًا طالما أنه غير محدود بشكل واحد، أو ببعدٍ واحدٍ من أنواع الحرب وأبعادها».
على الرغم من أن الحروب الهجينة مفهوم أكاديمي جديد نظرياً، فإن التطبيقات العملية للمفهوم موجودة في العديد من الصراعات عبر التاريخ، فقد استخدم البريطانيون القوات النظامية ضد نابليون، في الوقت نفسه الذي استخدم الإسبان حرب العصابات ضده، أثناء حرب الاستقلال الإسبانية.(1)
وهناك تعريفات أخرى؛ مثل الصراعات التي تنفذها الدول أو الجماعات من غير الدول، التي توظف عدة أنماط من الحرب، التي تضم القدرات التقليدية والتكتيكات غير التقليدية، وإثارة الفوضى والاضطرابات التي تساعد على انتشار الأعمال الإجرامية. (2)
وتأخذ هذه النوعية من الحروب الأنماط التالية: (3)
قيام قوات غير نظامية بتعظيم قدراتها من خلال استخدام أسلحة تقليدية، ولعل المثال البارز على ذلك الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في عام 2006، حيث قام الحزب باستخدام تكتيكات الحرب النظامية وغير النظامية ضد القوات الإسرائيلية.
- وتتمثل السمات الأساسية للحروب الهجينة في التالي:
-1 استخدام الفواعل المسلحة من غير الدول القدرات التقليدية للجيوش النظامية: كأنظمة الاتصال المشفرة، والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة كتفاً، بالإضافة لاستخدام تكتيكات حروب العصابات أو حركات التمرد، التي تستخدم أسلوب الكمائن والعبوات الناسفة والاغتيالات.
-2 قيام الدول باستخدام أدوات غير تقليدية: كالإرهاب أو توظيف تشكيلات غير نظامية كالميليشيات المسلحة.
-3 غياب القواعد الواضحة: في هذا النمط من الحروب، الهدف الأساسي هو تجنب التنبؤ بأفعال الطرف الذي يقوم بشن هذا النمط من الحروب، بالإضافة لارتفاع قدرتهم على التعلم من أخطائهم.
-4 تحقيق الصدمة والرعب: وذلك من خلال اعتماد الأساليب البربرية والهمجية في القتل، والاعتماد على الفيديو والصور لنقلها، وذلك بدلاً من الاعتماد على الأسلحة دقيقة التوجيه.
-5 وجود ساحة المعركة في بيئات معقدة في مدن كبيرة تتمتع بكثافة سكانية عالية، نظراً لأنها تعد بمنزلة ملاذ آمن لمقاتلي حرب العصابات والإرهابيين، حيث توفر الكثافة السكانية العالية وشبكات المواصلات والبنية التحتية طرقاً عديدة للهرب، كما أنها تعطيهم القدرة على التخفي عند التخطيط والتدريب، فكثافة المناطق الحضرية تعطي الغطاء الكافي والضوضاء اللازمة للتغطية على استعداد المهاجم ومواقع الهجوم المستهدفة.
يمكن النظر إلى الحرب بوصفها مفهوماً استاتيكياً ثابتاً مستقراً، وإنما هي حالة متغيرة بتغير الأزمنة والأدوات والتحديات التي تفرضها أوضاع التنافس والنزال.
لذلك، يمكن قبول التصنيفات التي أقرها علماء وباحثون مرموقون في شأن أجيال الحرب المختلفة، التي سبق أن وصفها فيلسوف الحرب الأشهر كلاوزفيتز بأنها تتلون كالحرباء
- بين الحروب الهجينة والحروب المركّبة
إﻥ ﻣﺰﺝ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﺣﺮﺏ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﺣﺮﺏ ﻏﻴﺮ ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻟﻴﺲ جديدًا، فقد ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ عدة دول ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ، في ما عرف بـ«الحرب المركّبة» وهذه التسمية اعتمدها ﺍﻟﻜﺘّﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻮﻥ (ﻭﺧﺻوصًا ﻓﻲ ﺃﻣﻴﺮﻛﺎ)، تلافيًا لمقارنة الدول التي خاضت هذه الحروب بحركات تحرر خاضت حروبًا هجينة. ومن الأمثلة على هذه الحروب، حرب ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍلأﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺿﺪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ عندما تمّ تشيكل فرق ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﺃﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻟﻤﻬﺎﺟﻤﺔ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﻁﺮﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ التي ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ. فقد ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍلأﻣﻴﺮﻛﻴﺔ في ذلك الوقت ﺗﻜﺘﻴﻜﺎﺕ تشبه إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴد تكتيكات ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﻭﺗﺤﺮﺭﻳﺔ أﺧﺮﻯ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ إﺭﻫﺎﺑﻴﺔ. ويرى بعض ﺍلباحثين الغربيين أﻥّ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻤﺮﻛّﺒﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪها الدول، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻬﺠﻴﻨﺔ يستخدمها لاعبون غير ﺍﻟﺪﻭﻝ، ﺃﻱ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ومفهومها ﺣﺴﺐ تعريف القانون الدولي. (4)
- حروب العقدين الأخيرين
مما لا شك فيه أنّ الحروب التي اندلعت خلال العقدين الأخيرين فوق مسارح متعددة، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا، تدلّ على أن الفاعلين من الدول أو من غير الدول، إنما يخوضونها بمفهوم وأساليب «الحرب الهجينة» التي تتداخل فيها وتتمازج أصناف وطرق وأنماط متعددة من الحروب. فمن وسائل الحرب التقليدية المعروفة (دبابات وصواريخ ومدافع وطائرات) إلى وسائل وطرق حروب الغِرِّيَّة (guerillas) وقتال العصابات وأعمال حرب الإرهاب ونشر الرعب بأبشع صوره. كما تستخدم الأطراف المتحاربة بمعظمها، عناصر الحرب الحديثة، كالاستغلال الممنهج لوسائل الإعلام والحرب النفسية والحرب الإلكترونية والسيبيرية، حتى أننا نكاد نرى توازنًا عسكريًا ما بين المتحاربين من الدول وغير الدول، ما يطيل أمد الحرب ويرفع أكلافها المادية والبشرية، ويحول دون حسمها لمصلحة أي طرف بشكل سريع وناجز. وهذا يقودنا إلى استنتاج مفاده أن بعض هذه الحروب «الهجينة» إنما هي «حروب بديلة» و«مركّبَة»، تخوضها قوى كبرى بواسطة لاعبين أصغر، بعد استغلال التناقضات وتأجيجها وتخصيب الاختلافات الفكرية والدينية والمذهبية والإتنية داخل المكونات المتعددة في مجتمع ما أو دولة ما، للوصول إلى أهداف استراتيجية وتحقيق مصالح وغايات الدول الكبرى وتجار الحروب. وقد تطول هذه الحروب وتستمر حتى تدمير جيوش بعض الدول وتقسيم مجتمعاتها وتغيير أنظمتها السياسية أو خرائطها الجغرافية أو حتى التوصل إلى تسويات واتفاقات جيوستراتيجية على مستوى الإقليم والعالم. لذلك، يمكن القول أنّ الحرب الهجينة هي، بالنسبة الى بعض الدول الكبرى، بديل عن الحروب التقليدية التي تُخاض بالوسائل العسكرية الذاتية، لأنّ أكلافها ونتائجها ستكون كارثية عليها وعلى مصالحها في حال خاضتها بصورة علنية ومباشرة. إنها باختصار «استثمار استراتيجي بالحرب والأمن بكلفة أقل»، وذلك من خلال القتال بأرواح الآخرين وأموالهم، سواء كانوا من أبناء البلد أو من المرتزقة أو من متعاقدي الشركات الأمنية الخاصة العابرة للحدود، أو حتى من بعض المنظّمات المصنّفة عالميًا على أنها إرهابية. (5)
أن الحرب الهجينة تعد شكلاً من أشكال الحروب التي تعتمد على تحقيق أهداف استراتيجية دون اللجوء إلى صراع مادي، لا سيما في المراحل الأولى من الصراع عبر توظيف عدد من الأدوات غير العسكرية. وعاد البروفيسور غريغول لتأكيد عدم وضوح الحدود الفاصلة بين أنماط الحرب المختلفة، واستخدام الوسائل غير العسكرية كأسلحة لتقويض أسس الدولة، وهو ما يعد أبرز تحديات الأمن القومي الرئيسة التي نواجهها اليوم.
وأكد أنه على الرغم من أن طبيعة الحروب لم تتغير، إذ لا يزال البشر اليوم يحاربون للأسباب الأساسية ذاتها التي ذكرها المؤرخ اليوناني «ثوسيديديس» منذ 2500 عام تقريباً، كالخوف والشرف والمصالح، إلا أنه شدد على تشكل سمات وخصائص جديدة في طبيعة وآليات الحروب، كاستخدام وسائل هجينة لتخريب الدول وتدميرها دون تدخل عسكري مباشر أو علني، وبين أنه في الحرب الحديثة تكتسب الوسائل غير العسكرية لإخضاع الخصم أهمية تضاهي الوسائل العسكرية، بل وتفوقها في بعض الحالات، لافتاً إلى أنه من السمات التي تتسم بالقدر نفسه من الأهمية في الحرب المعاصرة استخدام الوسائل العسكرية ذات الطبيعة الخفية.
وأشار مغالوبليشفيلي إلى أن الاعتماد المتزايد على الوسائل غير الاعتيادية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية بات يغيّر النمط المعتاد للحرب غير النظامية، فعلى مر التاريخ كان الطرف الأضعف في الصراع يعتمد أساليب غير تقليدية لتعويض التفوق الساحق للخصم من خلال جرّه إلى نزاع طويل الأمد، موضحاً أنه في صراعات اليوم نجد العديد من الأمثلة التي يقوم فيها الطرف الأقوى وليس الأضعف باستخدام أساليب غير تقليدية بنجاح.
وأضاف أن هناك منطقة رمادية توظَّف فيها التكنولوجيا الحديثة، وتعتمد نظاماً قائماً لتحقيق أنشطتها، وتتسم أعمالها بالتدرج واستخدام الخداع والتضليل، مشيراً إلى أن الحروب الهجينة تتضمن سلسلة من الطرق المختلفة للحرب، بما في ذلك القدرات التقليدية والتكتيكات والمعلومات غير النظامية والأعمال الإرهابية، بما فيها العنف والإكراه العشوائي والفوضى الإجرامية. (6)
ويمكن أن يتم شن الحروب المختلطة من قبل الدول، أو من قبل الفواعل من دون الدول، وسواء كان ذلك بدعم من دولة أخرى، أو من دون هذا الدعم، وهذا النوع من الحروب يمكن أن يشن من قبل وحدات منفصلة، ولكن يتم توجيهها والتنسيق فيما بينها، وذلك لتعظيم التأثير في الأبعاد المادية والنفسية للصراع.
- نماذج التهديدات الهجينة في إقليم الشرق الأوسط (7)
تشهد منطقة الشرق الأوسط العديد من التطورات التي جعلتها في حالة من السيولة الأمنية، شهدت على أثرها تطور أنماط الصراعات، خاصة فيما يتعلق بالفاعلين فيه والأدوات والآليات التي يوظفونها في الصراع، فقد سيطرت على المنطقة الصراعات التي أطرافها فاعلون من غير الدول، وهي تلك التنظيمات التي نشأت ذات طبيعة أيديولوجية وطائفية ودينية، إلا أنها استطاعت أن توظف كل ما يتاح لها من قدرات تقليدية وتكنولوجية، حتى أنها تفوقت على الجيوش النظامية في عدد من المواجهات المسلحة، لذا فقد أصبح تنظيم داعش في سوريا والعراق وجماعة بوكو حرام في نيجيريا وتنظيم القاعدة في الخليج أهم النماذج في المنطقة التي تتجسد فيها سمات الحروب الهجينة.
-1 تنظيم داعش: يمكن القول إن تنظيم داعش يعد أحد أهم التنظيمات الإرهابية الذي اعتمد بصورة أساسية على الدمج بين القدرات التقليدية للجيوش النظامية، وتلك التي تستخدم حروب العصابات، وهو ما يتضح فيما يلي:
- القوة العسكرية التقليدية: والتي تمثلت في نجاح التنظيم في الاستيلاء على معدات وأسلحة الجيش العراقي، خاصة بعد انهياره في محافظة الموصل، بالإضافة لاستيلائه على أسلحة كانت موجهة لمجموعات سورية تصفها حكومات غربية بالمعتدلة، وقدرته على استخدام هذه الأسلحة، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى أن جانباً من كوادر التنظيم، بل وحتى بعض قياداته العليا كانت قد خدمت في الجيش العراقي، وهو ما أعطاها قدرة على استخدام هذه الأسلحة، بالإضافة إلى قدرة التنظيم على التخطيط لحملات عسكرية وتنفيذها، إذ يتمتع التنظيم بالقدرة على تحديد القوة البشرية والمادية الواجب نشرها على الجبهات المختلفة، بما يعنيه ذلك من امتلاكه القدرة على القيادة والسيطرة، وهو الأمر الذي مكنّه من شن عدة عمليات هجومية على أكثر من جبهة.
- تكتيكات حرب العصابات: كاستخدام السيارات المفخخة، والهجمات الانتحارية، وأسلوب التصفية الجسدية، والاغتيالات.
- الحرب المعلوماتية: فقد نجح التنظيم في استخدام الثورة التكنولوجية والمعلوماتية في دعم الترويج لأفكاره من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لجذب المجندين واستعراض القوة من خلال ما نفذه من عمليات إرهابية، فالفيديوهات التي نشرها داعش ويوثق فيها لعمليات ذبح إنما تشير إلى امتلاك التنظيم خبرات في مجال التكنولوجيا والإعلام واعتماد سلاح الإعلام كأحد وسائل التنظيم إما لجذب متطوعين أو بث الخوف في نفوس المناهضين للتنظيم. فقد أصدر التنظيم مجلة دابق وهي أول مجلة للخلافة الإسلامية، والتي تسعى من خلالها للترويج لما قامت به من أعمال إرهابية وخططها المستقبلية والتعريف بشرع الله وفقاً لأفكارهم. وكل هذا يعد عوامل مهمة تعمق مشاعر الحنين للخلافة الإسلامية، والتي تسيطر على أنصار التيارات الإسلامية ويقدم داعش لهم النموذج التطبيقي لإقامة الخلافة.
تتنامى الحروب وتتطور عبر التاريخ في فنونها وأدواتها وطرق إدارتها من جيل إلى جيل شأنها شأن أي تطور طبيعي يطرأ على مناحي الحياة المختلفة فهي قدر محتوم على البشرية منذ قديم الأزل تكون حيناً واقعاً مفروضاً للدفاع عن الأرض والعرض أو لتحقيق مطلب وحق أستعصي نيله بالطرق السلمية (8)
وتكون في حين آخر صراع بين طائفتين أو فئتين أو دولتين لتحقيق مكاسب معينة سواءاً إقتصادية أو سياسية أو آيدلوجية أو لتحقيق أغراضٍ توسعية يراها كل طرف بمثابة الحاجة الملحة لتأكيد وضع معين، لكنها تبقى في النهاية تصرف غير عقلاني لا ينجو أحد من عواقبه لقسوتها وفظاظتها، تصنف بأنها آخر وسيلة من وسائل فض المنازعات وقرارها عادة بيد القادة السياسيين الذين لايقدرون أبداً خطورتها ونتائجها وقلما يذكر التاريخ دورهم في أحداثها وتتضمن أعمالها صراعاً مريراً يشمل إستخداماً مكثفاً لكافة مقومات الدولة والقوات المسلحة بما يحقق الهدف الذي قامت من أجله.
على الرغم مما قدمه الفكر الانساني من أفكار متقدمة لاقامة أنظمة غايتها سعادة الإنسان والمحافظة على كرامته ووطنه ونبذ الحروب وما قد يؤدي إليها من سلوك سياسي ومشاحنات ومنازعات لتحقيق أكبر مستوى من الأمن والآمان تحت قيم ومعايير اخلاقية تضمن للإنسان حقوقه إلا أن القصور البشري في فهم تلك المعايير هو ما يدفع بالحلول العنيفة لتصبح بذلك دول العالم ميادين للقتال والحروب ولعلنا نعيش أحداث حروب مؤلمة في عموم العالم فما أن تنطفىء نار حرب حتى تشتعل أخرى تدمر البشر والحجر فهي تفرض نفسها كواقع إجتماعي يستمد طبائعه من أخلاق الشعوب ذاتها وتؤثر على بنية وسلوك أفراده المجتمع فما تتركه من حقد وخوف يجعلها تستمر في الخفاء حيناً من الزمن يترصد فيه كل طرف بآخر حتى تحين له الفرصة وهكذا تتوالى الحروب حتى أن التاريخ يذكر حروباً قامت وأستمرت ردحاً من الزمان في صراع محتدم ولم تنتهي رسمياً إلا بإعتذار الدول لبعضها وهناك أخرى لاتزال جدوتها مشتعلة، هذه الإستمرارية في الحروب جعلت الخبراء العسكريون يعملون على تطوير آلياتها حتى تتوافق مع الزمان والمكان والتطور التقني والفني الذي بات يفرض نفسه على نوعية الحروب وبالتالي قسمت الحروب ومعداتها إلى أجيال متعاقبة يتوقف فهمها على طبيعة العمليات العسكرية التي تجرى فيها وطبيعة الأرض وأيضاً طبيعة الخصم.
خلال المراحل التاريخية التي مرت بها الشعوب في صراعاتها تطورت أجيال الحروب المتعاقبة لتلبي الإحتياجات المتزايدة لإدارة تلك الصراعات في شتى أنحاء العالم وبذلك إنتقلت أجيال الحروب عبر السنين من مرحلة إلى أخرى في تطور طبيعي حمل أفكاراً ورؤى أدت إلى تحديث كل منظومة الحرب من تدريب الأفراد إلى نوعية السلاح المستخدم إلى النظريات والخطط العسكرية المتبعة فيها ومن هذا المنطلق صنف خبراء الفكر العسكري الحروب تصنيفاً دقيقاً حسب الفترات التي دارت فيها وكذلك بحسب المعدات التي إستخدمت فيها وأطلق على ذلك تسمية أجيال الحروب فكانت حروب الجيل الأول وهكذا حتى الجيل الرابع وأختص كل جيل من الحروب بنوع معين من التكتيكات والعمليات ونوعية الأسلحة والمعدات المستخدمة فيها .
وهنا يجدر القول بأن أجيال الحروب غير محددة بزمن وعدد سنين بل هي رهن لطبيعة الحرب ذاتها وتطورها الذي عادة ما يصاحب التطور الفكري والتقني للأمم والشعوب وبذلك قسمت الحروب إلى أجيال محددة كان آخرها الجيل الرابع والذي ذاع صيته مؤخراً .
سنتناول بالوصف سمات كل جيل من الحروب حسب تسلسلها بما يعطي للقاريء نبذة عن مراحل تطور الحروب عبر اجيالها المتعاقبة من الحروب القديمة وحتى حروب الجيل الخامس التي تدور رحاها في العديد من بلاد العالم حالياً :
1.حروب الجيل الأول :
أطلقت تسمية الجيل الأول من الحروب على الحروب التقليدية التي تدور رحاها بين جيشين نظاميين على أرض واحدة وفي ميدان محدد تكون فيها المواجهات المباشرة بين الخصمين في جبهة واحدة بشكل تصادمي وهذا الجيل من الحروب سمته الرئيسية بروز مقومات الفروسية والشجاعة والإقدام على مستوى القادة والأفراد والقادة وتسمى أيضاً بالقتال الخطي والمواجهات المباشرة وهي صراع بين خصمين أو أكثر لهما نفس المستوى الحضاري أو باختلاف بسيط وتشترك فيه جميع أنواع الأسلحة والذخائر التقليدية .
2.حروب الجيل الثاني :
تطورت الحروب بعد ذلك لتأخذ أشكالاً جديدة وتدخل عملياً لمرحلة الجيل الثاني وهي ما يعرف بحرب العصابات أو الحرب الثورية والتي تكون عادة بين جيش نظامي تقليدي وبين مجموعات مقاتلة ذات هدف واحد صغيرة العدد نسبياً مقارنة بجيش متكامل وهي شبيهة إلى حد ما بحروب الجيل الأول ولكن التطور الذي حصل في تقنيات إستخدام النيران ووسائل قذفها وإدارتها من دبابات وطيران بين الأطراف المتنازعة جعل لها خصوصية أكثر دقة من ناحية القدرة على إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في طرفي النزاع وهي حرب لها إسترالتيجيتها وفكرها الخاص فهي تنشأ من الصراع المستمر والطويل مما يحتم عليها إتخاذ تدابير معينة ومحددة تتبع فيه أسلوب المفاجأة والمباغتة في القتال ضد التنظيمات العسكرية التقليدية مدعمة بتسليح أقل عدداً ونوعاً من تسليح الجيوش بحيث تقاتل في ظروف غير ملائمة للجيش النظامي بما يحقق ضربات موجعة للعدو في معارك ومواجهات صغيرة ومتعددة تحقق لهم الهدف الأساسي وهو إضعاف قدرة الخصم وجعله يتراجع عن أهدافه تحت وطء الضربات المتلاحقة من خصم يظهر ويختفي ويقاتل وفق إستراتيجية يفرض فيها نفسه وشروطه يحدد فيها مكانها وزمانها بما يضمن له النجاح فيها ، تتميز قيادة حرب العصابات بأحادية القيادة حيث يجمع قياديوها عادةً، بين القيادة العسكرية والسياسة وتعتمد حرب العصابات على مساندة الإعلام بشكل رئيسي وذلك في تصوير ونشر العمليات العسكرية قبل وأثناء وبعد أي عملية عسكرية أو كما يتطلب الموقف كما أن التركيز في استخدام الدعاية والحرب النفسية مهم بالنسبة لعناصر حرب العصابات وذلك لكسب المزيد من الأنصار والتبرعات بالأموال.
3. حروب الجيل الثالث :
ظهرت حروب الجيل الثالث من وحي نظرية الردع بالشك وهي نظرية سياسية عسكرية ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية عقب انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وهي تعني عملياً الضربة الاستباقية وشن الحرب ضد ما من شأنه أن يهدد الأمن القومي الأمريكي أو السلم العالمي على حد تعبير الإدارة الأمريكية.
ويطلق عليها كذلك حرب المناورات وهي إستراتيجية طورت سابقاً من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية وأستخدمت ضد بريطانيا بقصفها المتواصل بالطائرات وصواريخ 2V وتميزت العمليات الخاصة بحروب الجيل الثالث بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة وأيضاً الضرب بشدة وراء خطوط العدو ويستخدم فيها عادة سلاح الطيران والقاذفات الإستراتيجية البعيدة المدى والصواريخ الموجهة على وجه الخصوص ولعل ما شاهده وسمع العالم عنه في حرب العراق الثانية يلقي كثيراً من الضوء على نوعية هذه الحروب وتصاحبها في العادة حملات إعلامية مركزة .
4.حروب الجيل الرابع :
أطلقت تسمية الجيل الرابع على الحرب على المنظمات الإرهابية حسب المفهوم الأمريكي والتي يكون طرفي الحرب فيها جيش نظامي لدولة ما مقابل لا دولة أو خصم على صورة خلايا خفية منتشرة في أنحاء العالم وقد اتفق الخبراء العسكريين على أن حرب الجيل الرابع هي حرب امريكية النشأة والصناعة طورت من قبل قيادة الجيش الأمريكي وأسموها بالحرب اللا متماثلة.
هذه النوعية من الحروب نشأت عندما وجد الأمريكان أنفسهم يحاربون كياناً لا يعتمد وطناً له ولا دولة ولا جيش نظامي بل تنظيم يحمل طابع ديني أو سياسي بأيدلوجية محددة تنتشر حول العالم ويمتلك إمكانيات جيدة لضرب مصالح حيوية لدول أخرى لإضعافها أمام الرأي العام العالمي ، ومثال على هذه التنظيمات : تنظيم القاعدة بمختلف فروعه ، حزب الله ، أنصار الشريعة ، جماعة الأخوان المسلمين والتي صنفت مؤخراً في مصر على أساس أنها تنظيم إرهابي وفي هذا الجيل من الحروب تستغل وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية إلى جانب العمليات الإستخبارية للقيام بدور كبير لإضعاف الخصم والتأثير عليه ومثالها الحرب على الإرهاب التي قادتها في السودان وفي اليمن وفي أفغانستان وفي باكستان بضربات ماحقة وستقودها أينما إستشعرت الخطر على أمنها ومصالحها .
5.حروب الجيل الخامس :
يطلق عليها الحرب الهجينة وهي نوع متميز من القتال يعجز فيه الجيش النظامي على الإطاحة بالخصم الذي يعتقد بأنه غير محترف وهو عادة ما يكون كذلك لكنه يخوض حرباً غير نظامية بأفكار مبتكرة تعد خليطاً من مفهوم الحرب الشعبية والحرب الثورية وأسلوب حرب العصابات ووسائل الحرب الحديثة التي تتمتع بتكنولوجيا فائقة لا تخضع لشكل معين وقواعد ثابتة بدءاً من القيادة وإنتهاءاً بالعمليات الجارية خلالها.إن مفهوم الجيل الخامس للحروب يترجم حقيقة معنى قوة الضعيف تلك القوة التي تتجسد وتتضاعف فعاليتها بغايات ووسائل وأساليب أثبت الواقع نجاحها وفعاليتها في مواجهة قوى نظامية قوية وغير متماثلة ولكن عمليات الجيل الخامس للحروب قد تصبح مجالاً مفتوحاً لصراع ينشأ بين الحكومات والجيوش تنفذ عملياتها دون قيود أخلاقية وتستخدام فيه كافة وسائل القوة المتوفرة المسلحة وغير المسلحة لإجبار الخصوم للخضوع لإرادة من يشن الحرب حتى وإن تضمن ذلك سقوط الضحايا دون وجه حق مع ما يصاحب عمليات الحروب من تعدي وظلم وطغيان حيث لا سبيل لتحقيق الغايات إلا بالدمار والقتل.
ومن مظاهر الجيل الخامس للحروب سعي الأفراد والمجموعات غير الحكومية للوصول إلى المعرفة المتطورة والتكنولوجيا الحديثة واستخدامها كوسائل هجومية في معارك غير متماثلة لتحقيق المصالح الفردية والجماعية وذلك من خلال القدرة على تنفيذ الأعمال التخريبية من خلال الإنترنت والوسائط الإلكترونية المختلفة فيما بات يعرف بالحرب الرقمية وعلى ذلك فإن زمنا قادماً ينبيء بظهور أجيال جديدة للحروب مختلفة كلياً عن كل تلك الحروب المدمرة التي عانى منها العالم وسوف تكون التغيرات السياسية والاجتماعية وتكنولوجيا الصناعة عاملاً مهماً في تحديد الخصوم وطريقة الرد وخوض غمار الحرب وستساهم كل تلك التغييرات في رسم حروب المستقبل وستكون عاملاً مهماً في سباق إدارة الأزمات وفن الحرب واستخدام تكتيكات جديدة في العمليات العسكرية والأمنية.
- محور الحرب اللامتماثلة (9)
نشأ مصطلح الحرب اللامتماثلة لمقابلة حالة الحرب التي ينخرط فيها جيش نظامي في مواجهة عصابة أو جماعة مسلحة غير نظامية، وهو أمر تكرر كثيراً مع بروز التهديد الإرهابي في مناطق مختلفة من العالم.
لكن مصطلح الحرب اللامتماثلة لم يعد قادراً على تفسير وشرح حروب جديدة إندلعت في أكثر من بقعة، وهي حروب شهدت إنخراط قوات نظامية ولا نظامية، وتوظيف أدوات جديدة، لم يكن بالوسع توظيفها في الحروب السابقة، والأهم من ذلك أن جبهة تلك الحروب إتسعت لتشمل الفضاء الإلكتروني إلى جانب الفضاء الكوني.
ومع بروز مصطلح الحرب الهجينة ومعاينة أثره في واقع الحروب، لم يعد مفهوم الحرب مقتصراً على العمليات الحربية في جبهات القتال، إذ إختفت الحدود الفاصلة بين حالة الحرب واللاحرب، وبين المقاتل والمدني، وبين الأدوات والوسائل الإجتماعية وآليات القتال
ولقد تغيرت طبيعة التسليح بموازاة ترسخ حالة الحرب الهجينة ، وبينما تظل البندقية والطائرة والصاروخ والعبوة الناسفة أدوات مهمة في تلك الحرب، فإن أدوات جديدة تنضم إلى قوائم التسلح، وبينها أجهزة كمبيوتر، وأمصال، و بوستات على وسائط التواصل الإجتماعي، ولجان لصنع الشائعات وترويجها.
وبموازاة ذلك تغيرت طبيعة المحارب الفرد والقوة المحاربة، فلم يعد المقاتل ذلك الجندي النظامي، أو رجل الميليشيا المدرب على أعمال القتال البدنية والذهنية فقط، ولكنه بات أيضاً طبيباً، أو مهندس تقنية معلومات، أو عالماً في مختبر، أو مدون على الإنترنت .
وفي غضون ذلك، فإن جبهة القتال إتسعت، بحيث يمكن تعريف حدودها بآلا حدود لها، كما تغيرت طبيعة الفئات المستهدفة بالقتال، لتشمل الأسر في البيوت، وطلاب المدارس، وجمهور الفرق الرياضية، والعقل الجمعي للأمة المستهدفة، والذاكرة الوطنية، والحالة المعنوية، وماء الشرب، والأوكسجين في الهواء، والمعاملات المصرفية، والعملة المستخدمة، ومخزون الحنطة، والوقود، وغيره من السلع الحيوية.
- محور الحرب بالوكالة (10)
يشير مفهوم الحرب بالوكالة إلى الفترات التي توجد فيها قوى كبرى (إقليمية أو دولية) تتنافس على النفوذ في منطقة ما أو في العالم وتحاول هذه القوى أن تتجنب حروبًا مباشرة بينها، فتبدأ في زيادة نفوذها من خلال التدخل في بعض الدول الأصغر والتي تمثل قيمة استراتيجية أو جغرافية أو اقتصادية، أو تقوم بدعم بعض الجماعات أو الأحزاب السياسية لإسقاط أنظمة معادية لها، أو مواليه لأعدائها.
تتطور هذه الحالة لدعم بعض القوى العسكرية داخل هذه الدول الأصغر، من طرف الدول الكبرى. وقد شهد العالم القديم العديد من هذه الحروب بالوكالة، بينما انتشرت هذه الحروب أكثر في العالم الحديث خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية أثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والغرب والاتحاد السوفييتي.الكثير من الحروب التي خاضتها دول صغيرة ولا زالت تخوضها كانت حروبًا بالوكالة عن الأطراف الكبرى، منذ الحرب الكورية/الكورية ثم حرب فيتنام والحرب في أفغانستان والعديد من صراعات أفريقيا وأمريكا اللاتينية كانت حروبًا بالوكالة، نذكر هنا بعض هذه الحروب.
وهي حرب تنشأ عندما تستخدم القوى المتحاربة أطرافا أخرى للقتال بدلا عنها بشكل مباشر. رغم أن القوى استخدمت حكومات أخرى كوكلاء للحرب، إلا أن المرتزقة والأطراف العنيفة غير القانونية وأطراف أخرى يتم استخدامها بشكل أكثر، حيث تأمل القوى أن تتمكن هذه الأطراف من ضرب أطراف أخرى دون الانجرار إلى حرب شاملة.
حدثت بعض الحروب بالوكالة في نفس الوقت الذي حدثت فيه حروب شاملة. من شبه المستحيل أن تحدث حروب خالصة بالوكالة، حيث أن الأطراف الوكيلة قد يكون لها أهدافها الخاصة التي قد تنحرف عن مصالح الأطراف التي وظفتها.
عادة ما يكون استخدام حروب الوكالة أفضل استخدام خلال الحروب الباردة، حين تصبح ضرورة لإجراء نزاع عسكري مسلح بين طرفين متحاربين بينما تستمر الحرب الباردة.
عادة ما تملك الجهات الفاعلة الخارجية سلسلة من المصالح- الاقتصادية، والطاقية، الجيوستراتيجية- داخل أراضي الصراع (11)
في الواقع، تعد الحروب بالوكالة نوعا من النزاعات التي تتسم بوجود صراع داخلي في صلبها، في حين تتداخل في خضمها العديد من المعسكرات أو الجهات الفاعلة، التي تعتبر جزءا من تنافس آخر بين قوى أو جهات خارجية. وعلى الرغم من تعاقب الحروب بالوكالة على مر التاريخ، إلا أن التعرف عليها يعد من الحقائق التي تفضح طبيعة العالم الذي نعيش فيه وواقع الوضع الجيوسياسي للمنطقة التي تشهد حربا بالوكالة.
من جهة أخرى، نجد في غالبية كتب التاريخ العالمي فصلا مخصصا للحديث عن صراع مسلح معين، الذي يتضمن بدوره قسما يعنى بتحليل البعد الدولي للصراع . وفي هذا الجزء، يتم وصف مصالح القوى العالمية الرئيسية المشاركة في الصراع، والتحالفات المختلفة التي تتشكل بينها وبين الجهات المحلية. وفي الكثير من الحالات، يتم إدانة أحد العوامل التي تجعل من السلام، في خضم هذه الحرب، أمرا مستحيلا. ويتمثل هذا العامل، تحديدا، في غياب اتفاق حول حل وحيد لهذه الأزمة بين البلدان المشاركة في الحرب؛ كما هو الحال بالنسبة للمعضلة السورية. (12)
تبدو الإستراتيجيات العسكرية القائمة على المشاركة في الحروب بالوكالة، جذابة نوعا ما بالنسبة للدول التي تحاول تجنب التكاليف العالية من الناحية البشرية والاقتصادية التي تترتب عن المشاركة المباشرة في النزاعات المسلحة
في حقيقة الأمر، تشارك في معظم الصراعات المسلحة، سواء في الماضي أو الحاضر، جهات فاعلة داخلية وأخرى خارجية. وعادة ما تملك الجهات الفاعلة الخارجية سلسلة من المصالح- الاقتصادية، والطاقية، والجيوستراتيجية- داخل أراضي الصراع. وفي مرحلة موالية، تختار الجهات الفاعلة الخارجية التحالف مع جهة فاعلة داخلية التي تكون، بطريقة أو بأخرى، ملائمة وتخدم المصالح التي حددتها على أرض الصراع.
في المقابل، هناك موجة من الصراعات التي تتجاوز وتتعدى ضمنها النشاطات والديناميكية الخارجية الصراع في حد ذاته. وتبعا لذلك، تصبح الجهات الخارجية في موقع متفوق، لا يكتسي فيه الصراع الداخلي أهمية فائقة. في المقابل، تحتكر التأثيرات الإقليمية والعالمية للمواجهة بين الجهات الفاعلة الخارجية، الثقل والأهمية الكبرى، أكثر من أي جانب آخر. وعموما، تعد هذه الجوانب من طبيعة الحروب بالوكالة التي تعد بمثابة صراعات، تعتبر في حد ذاتها جزءا من ديناميكية التنافس والمواجهة بين اثنين، على الأقل، من الجهات الفاعلة المحلية أو العالمية. (13)
في الوقت الحالي، تتنازع ثلاث قوى عالمية على ثلاث مناطق نفوذ مختلفة في الشرق الأوسط. وفي خضم هذا الصراع، نجد المملكة العربية السعودية وإيران، اللتين يحركهما النزاع الإقليمي من أجل الهيمنة. كما نجد تركيا التي تحركها الإيديولوجية العثمانية الجديدة(14)
من جانب آخر، تبدو الإستراتيجيات العسكرية القائمة على المشاركة في الحروب بالوكالة، جذابة نوعا ما بالنسبة للدول التي تحاول تجنب التكاليف العالية من الناحية البشرية والاقتصادية التي تترتب عن المشاركة المباشرة في النزاعات المسلحة . وفي وقتنا الحالي، من الصعب تصور قيام صراع على نطاق واسع بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا أو بين المملكة العربية السعودية وإيران، علما وأنه لا يمكن لأحد إنكار نزعة التنافس بين هذه الخصوم التاريخية.
فضلا عن ذلك، تعتبر كل من هذه الدول أن خوض هذا التنافس بعيدا عن حدودها أمر مريح وعملي أكثر، حيث ستتمكن من الحد من التدخل العسكري المباشر من خلال دعم إحدى الجهات الفاعلة المحلية والتحالف معها. باختصار، يقع تحويل النزاع إلى ميدان مختلف عن الرقعة الجغرافية الرئيسية.
- محور الارهاب بلا قيادة (15)
تشير الدراسة إلى أن الصورة الجديدة للممارسات الإرهابية تعبر عن نوع جديد من الإرهاب يعرف باسم الإرهاب بلا قيادة leaderless terrorism، وأصبح هذا هو النمط الأكثر انتشارا إلى جنب النمط التقليدي الذي يعبر عنه تنظيمي القاعدة وداعش. وتعرف الدراسة الإرهاب بلا قيادة بأنه ممارسة الفرد أو مجموعة من الأفراد للفعل الإرهابي دون أن يكون هناك قيادة تنظيمية، أو قيادة ميدانية تخطط لتنفيذ العمليات الإرهابية على الأرض، أو مخيمات لتدريب العناصر الإرهابية، أو إنتماء العناصر الإرهابية لتنظيم معين أو تبنيهم لعقيدة/أيديولوجية معينة. ويأخذ هذا النوع من الإرهاب أحد ثلاثة أشكال، الأول هو الخلايا الصغيرة، والشكل الثاني هو الإرهابي الملهم أو الذئب المنفرد، والشكل الثالث هو الأرملة السوداء black widow.
وحول انتشار هذا النوع من الإرهاب في العالم، تشير الدراسة استنادا لقاعدة بيانات الإرهاب العالمية من حيث الأطراف المنفذة للعمليات الإرهابية بأن إجمالي ما تنفذه التنظيمات التقليدية من عمليات محدود مقارنة بما ينفذه الإرهابيون الجدد وفقا لبيانات عام 2016 إلى أن إجمالي ما نفذته داعش في العراق وسوريا وبوكو حرام والقاعدة وطالبان من عمليات خلال هذا العام بلغ 2906 عملية، في حين أن باقي العمليات نفذتها تنظيمات أخرى وخلايا صغيرة وذئاب منفردة وصل عددها إلى 10554 عملية.
كما تفيد الدراسة بأن خطر الإرهاب بلا قيادة الذي تواجهه العديد من دول العالم اليوم، قد يكون من الصعب تحقيق الانتصار الكامل عليه في هذه الدول أو الإعلان عن أن دولة ما أصبحت خالية من خطر الإرهاب بنسبة 100%. وذلك لعدة أسباب.
1. أن هذا النمط من الإرهاب من الصعب التنبؤ به، أو التنبؤ بالهجوم التالي، ولا تتكشف أبعاده إلا بوقوع الفعل الإرهابي.
2. إن تجنيد الأفراد الذين يقررون ممارسة هذا النمط من الإرهاب، لا تتم بشكل منتظم سواء بصورة فردية أو من خلال مجموعات صغيرة العدد، هم مجندون بصورة تلقائية، لأسباب فكرية أو أيديولوجية، وهو ما يمثل محفزtrigger لممارستهم الفعل الإرهابي هو تعرضهم بصورة مستمرة لمواد تسهل عليهم التخطيط للعمل الإرهابي، وعادة ما يحدث ذلك من خلال مواقع مختلفة على شبكة الأنترنت
يمتاز هذا النوع من الإرهاب، بخصائص تختلف عن خصائص الإرهاب الذى كان يمارسه تنظيم القاعدة الأم، أو تمارسه تنظيمات القاعدة المحلية، مثل القاعدة فى المغرب الإسلامي، والقاعدة فى بلاد الرافدين والقاعدة فى الجزيرة العربية؛ وتتمثل هذه الخصائص بالاتي : (16)
تتمثل الخاصية الأولي، فى أن من ينفذ هذا النوع من الإرهاب، أفراد أو جماعات صغيرة فى العدد، لا ترتبط تنظيميًا أو فكريًا بتنظيم القاعدة، أى أنها«غير قاعدية»، وتتبنى استراتيجيات إرهابية لأسباب مختلفة سواء كانت سياسية أو دينية أو إثنية.
وتنصرف الخاصية الثانية، إلى أنه لا توجد قيادة للجماعات أو الأفراد الذين يمارسون هذا النوع من الإرهاب، حيث لا يوجد قيادة فكرية أو عملياتية يمكن تتبعها أو ترقبها، حيث لا يوجد تنظيم عنقودي، أو قيادة واحدة تصدر الأوامر، أو مجلس شوري، أو لجان متعددة، أو مجموعة من القيادات العملياتية المسئولة عن المناطق والخلايا. حيث إن مركز الثقل الحقيقى لهذا النوع من الإرهاب، هو الأيديولوجية التى يعتنقها كل من يمارسه، سواء كان فردا، أو خلية محدودة العدد، والتى تجمع بين اعتقاد ديني، ومشاعر عدم الرضا لأسباب إثنية أو طائفية.
وتتعلق الخاصية الثالثة، بأنه عادة ما يكون عدد الضحايا البشرية من هذا النوع من الإرهاب محدودا مقارنة بالموجات السابقة من الإرهاب، وهذا ما تكشف عنه العمليات التى شهدتها الدول العربية فى الفترة السابقة، حيث تنحصر كما هو الحال فى مصر والبحرين، فى استهداف مقار المؤسسات الأمنية، أو استهداف عناصر الشرطة فى الكمائن ونقاط التفتيش. ولكن، بصفة عامة، لا يوجد حد أقصى لمستوى العنف الذى يمكن أن يعتمده عناصره، خاصة وأنهم لا يهتمون بتكوين أتباع أو متعاطفين معهم.
وتتمثل الخاصية الرابعة، فى أن الأفراد المنخرطين فى هذا النمط من الإرهاب ليسوا أجانب أو مهاجرين، وإنما مواطنون طبيعيون نشأوا فى الدولة، ولسبب ما قرروا أن يصبحوا أكثر راديكالية تجاه دولتهم إلى جانب ذلك، فهم غير منعزلين عن مجتمعاتهم، فعلى خلاف الطبيعة الانعزالية التى ميزت جماعات الإرهاب التقليدية، خاصة إرهابيى القاعدة، وكونهم منعزلين فى مكان ما جغرافيًا عن الإعلام وعن المراكز الحضرية فى الدولة، وعن أسرهم وعائلاتهم، فإن العناصر المعبرة عن هذا النوع الجديد من الإرهاب، تتفاعل بصورة مستمرة مع المجتمع المحيط بها، وهذا التفاعل هو الذى يزيدها راديكالية، ويخلق نوعًا من العزلة النفسية بينها وبين المجتمع ويجعلها أكثر عداء له.
وتنصرف الخاصية الخامسة، إلى أنه لم يعد انتشار هذا النوع مرتبطا بدول تعانى من مشاكل اقتصادية، حيث أن ازدهار هذا النوع من الإرهاب، أصبح ممكنا أيضا فى دول ترتفع فيها معدلات التنمية، وفيها استخدام مكثف للإنترنت والهواتف الذكية، لا سيما فى دول الخليج التى تعد من أكثر الدول تقدمًا فى هذا المجال، فضلا عن احتفاظها بمعدلات تنمية مرتفعة، فمن يمارسون هذا النوع من الإرهاب، من خلفية اجتماعية جيدة.
وتتعلق الخاصية السادسة، بأنه لم تتم عملية تجنيدهم بصورة منظمة، فهم لم يتخرجوا من المدارس الدينية، أومخيمات التدريب، كما كان الحال مع مجاهدى القاعدة، حيث حدث تحول فى فكر هذه العناصر من خلال المدونات الجهادية، والمواقع الإرهابية، وعبر الدورات التدريبية المتاحة على الإنترنت حول كيفية تنفيذ العمليات الإرهابية محدودة النطاق، أى أنهم اعتمدوا على التعلم الذاتي، ولذا، لا تتمتع هذه العناصر فى بعض الأحيان بمهارة كافية لتنظيم أو تخطيط أى تفجيرات أوعمليات.
- مفهوم الإرهاب الفردي (17)
لا يوجد اتفاق بين الباحثين على تعريف الظاهرة، بل وعلى تسميتها، فهناك مسميات متعددة، منها إرهاب الذئب المنفرد (Lone Wolf Terrorism)، وإرهاب الفرد الواحد (Solo Terrorism)، وإرهاب الفاعل الوحيد (Single-actor Terrorism)، والإرهاب بلا قيادة (Leaderless Terrorism).
ومع ذلك، ثمة اتفاق على أن ظاهرة الإرهاب الفردي ليست بالجديدة، وإنما تعود في صورتها الحديثة إلى القرن التاسع عشر على الأقل، حينما طوّر الفوضويون نظرية المقاومة بلا قيادة (Leaderless Resistance)، وقد ازدهرت النظرية مع حركات اليمين المتطرف (وكذلك نشطاء مناهضة الإجهاض) في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، ثم التقطها أحد منظري التطرف وعلى رأسهم أبومصعب السوري في أواخر التسعينيات، ثم تبنتها القاعدة ونشرتها من خلال أحد قادتها في شبه الجزيرة العربية ؛ وهو أنور العولقي، ومجلتها الإلكترونية المعروفة باسم الإلهام Inspire، وأخيراً، أعاد تنظيم داعش استخدامها مرة أخرى، من خلال نداء إلكتروني في 21 سبتمبر 2014 إلى المسلمين والمتعاطفين معه في الدول الغربية، حثهم فيه على الهجوم بكل الوسائل على أهدافٍ عسكرية ومدنية في هذه الدول.
وقد عرّف هيويت ، ظاهرة الإرهاب الفردي بأنها الأعمال الإرهابية التي يتم تنفيذها بواسطة أفراد غير منتمين إلى مجموعاتٍ منظمة ، مشيراً إلى أن المجموعة الإرهابية تتكون من أربعة أشخاص على الأقل. وتكمن مشكلة هذا التعريف في أنّه في حالة ارتكاب العمل الإرهابي بواسطة اثنين أو ثلاثة، يصبح من الصعب اعتباره عملاً فردياً لأشخاص غير منتمين لتنظيم أكبر؛ لأنّ مرتكبيه فاعلون متعددون مرتبطون ببعضهم البعض على الأقل.
ويقترح بانتوكسي مفهوماً أوسع للإرهاب الفردي، فلم يميز بين المرتبط بتنظيم منه وغير المرتبط، فوفقاً له، يُنفذ الإرهاب الفردي بواسطة أفراد، أو خلايا صغيرة مكونة من شخصين أو أكثر، يتصرفون بمفردهم، ومن دون تشجيع مادي خارجي، لكنهم في الواقع يُظهرون مستوى معيناً من الاتصال مع متطرفين منظمين عاملين، خاصة من خلال الإنترنت. لكن مشكلة هذا التعريف تتمثل في توسيع المفهوم، ليشمل الحوادث المرتكبة بواسطة أشخاص غير منتمين أو ربما منتمين بدرجة أو بأخرى لتنظيمٍ متطرف.
ولذلك، قدّم سبايج، من خلال عدة دراسات إمبيريقية تعريفاً آخر يعد من أفضل التعريفات التي نُشرت عن الإرهاب الفردي، إذ يتكون الإرهاب الفردي من أربعة عناصر تعريفية رئيسية، فهو عنف سياسي يرتكبه شخص يتصرف بمفرده، لا ينتمي إلى أية مجموعة أو شبكة إرهابية منظمة، ويعمل من دون نفوذ مباشر لقائد أو هيراركية تنظيمية، ويطوّر بنفسه تكتيكاته وطرائقه في تنفيذ العمل من دون أي قيادة أو توجيه مباشر، وعليه، فإن الهجمات التي ينفذها شخصان أو ثلاثة لا تُعد إرهاباً فردياً، كما أن هذا التعريف يستبعد بعض الهجمات التي غالباً ما تُوصف بأنها إرهاب فردي، مثل تفجير مدينة أوكلاهوما الأمريكية عام 1995، فعلى الرغم من أنّ العملية نفذها تيموثي ماكفي بمفرده، فإن زميله تيري نيكولاس لعب دوراً في بناء القنبلة التي راح ضحيتها أكثر من 668 شخصاً بين قتلى وجرحى. وينطبق الأمر نفسه على هجوم بوسطن أبريل 2013، الذي ارتكبه شقيقان من القوقاز
وفضلاً عن ما سبق، فإنه يستبعد أيضاً من التعريف السابق، أي عمل إرهابي فردي يغيب عنه وجود دافع سياسي واضح، مثل أعمال العنف التي تُنفذ بسبب مظالم شخصية، أو بدافع الحصول على منفعة مادية، أو بغرض الانتقام الشخصي أو تحقيق الشهرة، مثل حوادث إطلاق النار في المدارس
وعلى العكس، فإن من السمات العامة للإرهاب المنفرد، وتميزه عن الأنماط الأخرى من الإرهاب، خاصةً إرهاب التنظيمات، هو افتقاده للعناصر الثلاثة الأولى المذكورة آنفاً. أما العنصر الرابع، فقد يترك الذئب المنفرد بياناً يكشف عن دوافعه للقيام بالعملية، وقد لا يفعل. وفيما يتعلق بمدى خطورة العملية، فثمة اتفاق بين الدارسين على أنّ الذئاب المنفردة ــ كونهم غير محترفين ــ أقل خطورة ودموية بصفةٍ عامة من سائر الإرهابيين المنظمين.
- الإرهاب الفردي والخلايا المستقلة (18)
ترتبط بظاهرة الإرهاب الفردي ظاهرة أخرى، تتداخل معها ويصعب التمييز بينهما في حالاتٍ عديدة، وهي الخلايا المستقلة. ويتضح هذا التداخل في تعريف بانتوكسي للإرهاب الفردي، الذي تمت الإشارة إليه سابقاً، إذ يتبنى الكتاب الذي حررّه جيفري كابلان وآخرون الاتجاه نفسه في توسيع مفهوم إرهاب الذئب المنفرد ليشمل الخلايا المستقلة ، حيث لا يفرق بين الإرهاب الفردي والخلايا المستقلة باستثناء عنصر العدد فقط؛ فالخلية تتضمن أكثر من شخص، وهذا هو الحد الأدنى. ومثال ذلك، حادثة لندن في مايو 2013، حينما قام شخصان بالهجوم بالسكاكين على جندي بريطاني فأردوه قتيلاً بالقرب من ثكنته العسكرية. أما الحد الأقصى، يختلف بشأنه الدارسون، وإن كان العدد 15 يمثل قاسماً مشتركاً بين عددٍ كبيرٍ منهم. وتخطط الخلايا المستقلة وتنفذ عملياتها الإرهابية بطريقة مستقلة عن بعضها البعض، وعن أية سلطة لقيادة مركزية. ولكن من خلال هذه العمليات، يمكن تحقيق الأهداف الأوسع لمنظمة إرهابية أكبر.
وقد وضح التداخل بين المفهومين في هجوم أوكلاهوما سابق الذكر؛ فالهجوم ليس إرهاباً فردياً، وإنما قامت به خلية مستقلة من شخصين، ومصدر التداخل هو أنّ المفهومين ينبعان من مصدر فكري واحد، هو استراتيجية المقاومة بلا قيادة ؛ وهي استراتيجية عسكرية تُطبقها الجماعات الإرهابية تحت الضغط، وتتسم بشن حربٍ غير مثماثلة، وهجمات إرهابية بواسطة شبكات رأسية من الخلايا المستقلة أو الأفراد، الذين يقللون إلى الحد الأدنى من تفاعلهم مع الكيانات التنظيمية والقيادة المركزية.
يضاف لذلك أن هناك مصدراً عملياتياً للتداخل بين المفهومين، يتصل بأنّ دعوات المجموعات الراديكالية تحت الضغط - من اليمين المتطرف، وحركات مناهضة الإجهاض، والانفصاليين، والمدافعين عن البيئة، وأصحاب الراديكالية الإسلامية والمتعاطفين معها- إلى تنفيذ عمليات إرهابية ضد الخصوم، تتضمن حث الذئاب المنفردة أو الجيوش المكونة من شخص واحد، أو تشجيع تشكيل خلايا مستقلة للقيام بذلك.
وقد اتضح ذلك بصفةٍ خاصة منذ العام 2010 على صفحات مجلة الإلهام (Inspire) القاعدية، وفي النداءات والبيانات الصادرة عن كبار القيادات الإرهابية في المنطقة، من أبي مصعب السوري (الهلال الخصيب) وأنور العولقي (اليمن) إلى أبي بكر محمد في مصر وأبي محمد العدناني الناطق الرسمي باسم تنظيم داعش .
- سمات هجمات الذئاب المنفردة (19)
شهد العام الحالي عدة عمليات إرهابية تُنسب إلى ذئاب منفردة، أو خلايا صغيرة مشتتة، في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا والشرق الأوسط، وإن كان أغلب هذه العمليات قد وقع في العالم الغربي، وهذا يؤكد ما توصلت إليه الدراسات السابقة من أنّ هذا النمط من الإرهاب أكثر شيوعاً ونمواً في الغرب مقارنةً بسائر أقاليم العالم
كما أنّ تزايد هذه العمليات منذ منتصف العقد الماضي يشير إلى فعالية إجراءات مكافحة الإرهاب في منع تنفيذ عمليات إرهابية كبيرة الحجم، مثل هجمات نيويورك وواشنطن (2001) وبالي (2002) ومدريد (2004) ولندن (2005)، من ناحية، ونجاح دعاية واستراتيجية تنظيم القاعدة التي تقوم على دعوة المتعاطفين معها، أفراداً وجماعات صغيرة العدد، إلى تجنب تنفيذ هجمات كبيرة الحجم، والتركيز على هجمات صغيرة الحجم ضد أهدافٍ مدنية وعسكرية (بشرية ومؤسساتية) في الدول الغربية، من ناحيةٍ أخرى.
وعلى الرغم من أن الوقت لايزال مبكراً لتقديم استنتاجات في هذا الشأن، فيبدو أن دعاية داعش تصيب نجاحاً أكثر مما حققته القاعدة؛ فمنذ دعوة داعش في هذا الخصوص، في 21 سبتمبر 2014، حصلت أكثر من خمسة عمليات إرهابية، اثنتين في كندا، وواحدة في كلٍ من نيويورك وبريطانيا واستراليا وأخرى في مصر والسعودية. وكان من الواضح أن معظم هذه العمليات تمت في الدول المشاركة في الائتلاف الدولي ضد الدولة الإسلامية .
ومن خلال فحص تلك الحالات ، ومراجعتها ، يمكن بلورة سمات عامة للإرهاب الفردي، والخلايا الإرهابية المستقلة. أولى هذه السمات تتمثل في وجود مزيجٍ من الدوافع السياسية والشخصية وراء حوادث الإرهاب الفردي. بعبارة أخرى، يميل الإرهابيون الأفراد إلى إيجاد أيديولوجياتهم الخاصة، التي تتضمن مزج الإحباطات الشخصية بالمظالم أو الشكاوى السياسية والدينية.
ويتسق هذا مع نتائج الدراسات السابقة التي تؤكد الدور الكبير للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في عملية التحوّل إلى الراديكالية، ومساعدة الذئاب المنفردة، وأعضاء الخلايا المستقلة، في تشكيل أيديولوجياتهم، بل وفي رسم تكتيكاتهم وطرائقهم في تنفيذ عملياتهم الإرهابية، ويرتبط بذلك أن الذئاب المنفردة، وأعضاء الخلايا المستقلة، قد يكونون متعاطفين مع مجموعات إرهابية، بل وربما يكونون أعضاء سابقين في هذه المجموعات، على الرغم من أنه من خلال التعريف لا ينتمي هؤلاء إلى منظمة إرهابية محددة.
أما السمة الثالثة، فترتبط بأنّ الإرهابيين الأفراد يعانون من بعض الاضطرابات النفسية، كما توضح معظم الحالات الفائتة بقدر ما توفر من معلومات على قلتها، وبصفة خاصة حالة زيهاف بيبو وزيل تومسون، ويتصل بذلك أنّ الذئاب المنفردة تميل إلى المعاناة من عدم القدرة على التكيف الاجتماعي، فبدرجاتٍ متفاوتة، تجدهم منعزلين، ولهم أصدقاء قليلون، ويفضلون العمل بمفردهم
ويُلاحظ أنّ الإرهاب الفردي لا يحدث في فراغ اجتماعي، بل على العكس، تظهر الراديكالية نفسها في موقفٍ يتسم بالاستقطاب، ويتضمن التعبير عن الآراء السياسية للفرد والدخول في مواجهة لفظية ومادية مع الخصوم. مغزى ذلك، أن الإرهابيين المنفردين لا ينعزلون عن المجتمع، فهم يتواصلون مع الآخرين، ويميلون إلى إعلان نيتهم في ارتكاب العنف. وتُقدم هذه السمة خيطاً مهماً لرجال الأمن والتحقيقات للكشف عن الذئاب المنفردة المحتملين، من خلال التواصل مع المجتمعات المحلية.
وقد أبانت العمليات الإرهابية السابقة أنّ كل منفذيها من الرجال. وهذا يتسق مع ما توصلت إليه الدراسات السابقة من أنّ معظم الذئاب المنفردة كانوا رجالاً، من دون أن يمنع ظهور قليل من النساء في صورة ذئاب منفردة، كانت أشهرهن روشونارا شودري التي طعنت نائباً بريطانياً في مايو 2010 بسبب موقفه من الحرب على العراق. وأخيراً، تتضح هيمنة الدوافع الأيديولوجية المرتبطة بالراديكالية الإسلامية على الموجة الأخيرة من الإرهاب الفردي.
- تداعيات انتشار ظاهرة الذئاب المنفردة (20)
ثمة اتفاق بين الباحثين والممارسين على أنّ الموجة الجديدة من الإرهاب الفردي، وما يرتبط بها من الخلايا المستقلة سوف تتزايد، وبصفة خاصة في العالم الغربي، وأنه ربما تصل إلى ذروتها في النصف الثاني من العقد الحالي، بصرف النظر عن أية نتيجة محتملة للحرب على داعش ، وربما يزيد من تصاعد هذه الموجة أن تؤدي العمليات الإرهابية ذات الدوافع الراديكالية الإسلامية إلى عمليات مضادة من قبل المناهضين والمعادين للمسلمين في الدول الغربية، على نمط الهجوم الذي نفذه النرويجي أندريه ريفيك عام 2011، وراح ضحيته المئات. وربما تؤدي أيضاً، مع بروز أبعاد طائفية في العمليات الإرهابية، فضلاً عن تفشي الطائفية السياسية في عددٍ من دول الشرق الأوسط، إلى عملياتٍ طائفية مضادة.
ومع تزايد الموجة الإرهابية التي تقودها ذئاب منفردة أو خلايا صغيرة، سوف تتزايد معها المبالغات الإعلامية والسياسية عن خطورة هذه الظاهرة على الأمن القومي للدول، ويتم إغفال الخطر الأكبر، وهو الإرهاب المنظم، ومن جهة ثانية، سوف يعزز هذا اتجاه تشديد الإجراءات السياسية والأمنية والتشريعية لمكافحة الإرهاب، وهي شديدة أصلاً منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما يتطلبه ذلك من استمرار الرقابة على الإنترنت والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماع، وما يستتبعه ذلك من تداعيات سلبية على الحقوق والحريات الشخصية والمدنية في دول العالم كافة.
كما أنه من جهة أخرى، هناك خشية أن تولد الإجراءات المشددة لمكافحة الإرهاب، في سياق دول الشرق الأوسط، ذئاباً منفردة أو خلايا مستقلة جديدة تهدف إلى الانتقام من القوات الحكومية، أو على الأقل إنهاكها.
ختاماً، يمكن القول إن أنجع وسيلة لمواجهة الإرهاب الفردي هي تدعيم علاقات أجهزة الأمن بالمجتمعات المحلية، خاصة المجتمعات المسلمة في الغرب، حتى يوفروا معلومات عمن تظهر عليه علامات الراديكالية والتطرف، فالراديكالية لا تتم في فراغ اجتماعي من ناحية، والمجتمعات هي التي تهزم الإرهاب من ناحية أخرى
- وسائل التواصل والاتصال الحديث (21)
الإنترنت هي إحدى أهم التقنيات الحديثة، وهي وسيلة التواصل والاتصال بين الأفراد والمجتمعات، وهي كذلك وسيلة نشر الثقافة وذلك لسهولة عرضها واتساع انتشارها وقوة طرحها ويسر استخدامها. والإنترنت دخلت علينا جميعاً بصورة سريعة ولم تُستوعب حقاً من قبل عدد كبير من الشباب, خاصة أن مجتمعنا محافظ جداً والقيود على الشباب كثيرة وكبيرة. ولقد أتت الإنترنت لتجعل نافذة كبيرة للشباب للتعبير بكل ما يخطر وما لا يخطر لهم على بال. وعندما دخلت الإنترنت للعالم العربي كانت ضعيفة وهزيلة. ولكن استخداماتها قفزت قفزات هائلة وسريعة ومذهلة. فلقد حقق مستخدمو الإنترنت في العالم العربي أكبر وتيرة نمو في العالم كله في الفترة بين 2000 - 2007م بلغت نسبتها 93.18% بعدد يتراوح بين 28-33 مليون إنسان من المجموع العالمي للمستخدمين والبالغ عددهم 1.319 بليون مستخدم بنهاية ديسمبر 2007م. وأصبح المتحدثون باللغة العربية يمثلون المرتبة العاشرة في العالم، وهذا الرقم مرشح للارتفاع وبسرعة هائلة، حيث ما زال يُعدُّ ضئيلاً إذا ما قورن بالدول الأخرى، إذ يشكل العرب المتعاملون مع الإنترنت 7.5% من عدد السكان، بينما في أوروبا فيبلغ 35.5% من العدد، و67.4% في أمريكا الشمالية، و17% من سكان الصين يتعامل معها. وتذكر إحدى الدراسات الحديثة أن هنالك 4.5 ملايين سعودي يتعاملون أو تعاملوا مع الإنترنت، أي 18% من سكان المملكة، الغالبية العظمى من هؤلاء هم من جيل الشباب. وذكرت الدراسة أن نسبة منهم دخلت مواقع منحرفة وفاسدة أخلاقياً أو فكرياً، وهذا بحد ذاته مشكلة. ويذكر كذلك أن السعودية جاءت في المركز الأول في الشرق الأوسط لانتشار واستخدام شبكات التواصل.
ويعتمد الارهاب الإلكتروني على استغلال الإمكانات العلمية والتقنية, واستخدام وسائل الاتصال والإنترنت, من أجل تخويف وترويع الآخرين, وإلحاق الضرر بهم, أو تهديدهم وتدمير مرتكزات التنمية في البلاد ونشر الفوضى والدمار والدماء لأهداف فاسدة ومنحرفة ونشر الإشاعات الكاذبة بين الناس مما يؤدي لنشر الخوف والهلع بين الجمهور، كما حصل في إحدى العواصم العربية عندما نشر بوسائل التواصل الاجتماعي عن وجود شاب سفاح يقتل النساء فأثار الرعب في تلك العاصمة ولمدة طويلة.
ويجتذب عالم الإنترنت المنظمات الارهابية لافتقاره لعناصر الرقابة، كما أنه بيئة مناسبة لممارساتهم الإرهابية ونشر الأفكار المتطرفة التي تسيطر على وجدان الأفراد لإفساد عقائدهم وإذكاء تمردهم واستغلال معاناتهم في تحقيق مآرب خاصة تتعارض ومصلحة المجتمع أو القيام بأعمال تخريبية بشكل يخفي هويتهم المباشرة وبشكل أبسط مما يقوم به الإرهابيون الفعليون. ففي حين يحتاج الإرهاب الفعلي إلى أسلحة ومدرعات وقنابل وتحركات سرية جداً قد تصيب أو تخفق ناهيك عن التكاليف المادية لإنجاح هذه العمليات، يحتاج الإرهاب الإلكتروني إلى بعض المعلومات ليستطيع اقتحام الحواجز الإلكترونية، كما أن تكاليف القيام بهذه الهجمات لا تتجاوز جهاز حاسوب والدخول إلى الشبكة العنكبوتية.
لقد ظهر التزاوج بين الإنترنت والإرهاب بشكل أكبر وضوحاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فلقد انتقلت المواجهة ضد الإرهاب من مواجهة مادية مباشرة واقعية انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، حيث أصبح الإنترنت من أشد وأكبر الأسلحة الفتاكة. ولقد استخدم أرباب الفكر الضال والإرهاب الإنترنت في معركتهم على عدة محاور أهمها: أن يصبح الإنترنت عاملاً مساعداً للعمل الإرهابي التقليدي المادي، وذلك بتوفير المعلومات المهمة والضرورية عن الأماكن الحساسة والمستهدفة أو كوسيط في عملية التنفيذ. وثانياً، هو تأثير الإنترنت العضوي والنفسي من خلال التحريض على بث الكراهية والحقد وحرب الأفكار. وثالثاً، انه يعطي صورة رقمية دقيقة من خلال استخدام آلياته الجديدة في معارك تدار رحاها في الفضاء الإلكتروني والتي لا يقتصر تأثيرها على بعدها الرقمي وتتعداه لإصابة أهداف أخرى.





المصــــــــــــــــــــــــــــــــــــادر:
1- د.احمد علو ( عميد متقاعد)، الحرب الهجينة قتال بأرواح الاخرين وأموالهم، مجلة الدفاع الوطني، العدد 365 تشرين الثاني 2015، لبنان، منشور على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ: 20/11/2018:
https:// http://www.lebarmy.gov.lb
2- اندرو رادن، الحرب الهجينة في منطقة البلطيق"التهديدات والاستجابات المحتملة"، تقرير لمصلحة القوى الجوية التابعة للولايات المتحدة الامريكية، مؤسسة RAND، سانتا مونيكا، فلوريدا، 2017، ص 5.
3- هدى رؤوف، تكتيكات القتال المتداخلة " التنظيمات المسلحة في المنطقة"، مقالة منشورة على موقع صحيفة الوطن في 28 نيسان 2016، وعلى شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.Alwatannewspaper.ar
4- د. احمد علو، مصدر سبق ذكره.
5- المصدر السابق
6- محاضرة بعنوان " تغير سمات الحرب" في 7 تموز 2018،عُقد في الامارات وعلى شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.alittihad.ae
7- هدى رؤوف، مصدر سبق ذكره.
8- اجيال الحروب، مقالة منشورة في 24 تشرين الثاني 2016، على شبكة الانترنت، استخدم في 20/11/2018:
defense-arab.com
9- الدعم السريع وسر نجاح الحرب الهجينة، مقالة منشورة على موقع النيلين في 30 تموز 2018، على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.alnilin.com
10- عبد الرحمن ناصر، ماهي الحرب بالوكالة،مقالة منشورة على موقع ساسة بوست، في 7 تموز 2014، على شبكة الانترنت، واستخدم في 20/11/2018:
https:// http://www.sasapost,com
11- الموسوعة الحرة( ويكيبيديا)، عى شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.ar.wikipedia.org
12- ترجان شيبلي، كيف يمكننا فهم استراتيجية الحرب بالوكالة، مقالة منشورة على موقع نون بوست في 42 تشرين الاول 2017، على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.noonpost.org
13- المصدر السابق
14- المصدر السابق
15- د. ايمان رجب، عرض : مصطفى كمال، الخبرات الدولية في مكافحة الارهاب، المركز العربي للبحوث والدراسات، على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/218:
https:// http://www.acrseg.org
16- ايمان رجب، التحول في ظاهرة الارهاب بالمنطقة العربية، مقالة منشورة على صحيفة الاهرام في 28 اذار 2014، على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.ahram.eg
17- ايمن ابراهيم الدسوقي، ملامح ظاهرة الارهاب على الساحة الدولية، مقالة منشورة على موقع صحيفة الوطن في 19 نيسان 2016، على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.alwatannewspaper,ae
18- المصدر السابق
19- المصدر السابق
20- المصدر السابق
21- د. يوسف بن احمد الرميح، الارهاب والاعلام الجديد" الارهاب الرقمي"، مقالة منشورة على موقع الجزيرة بتاريخ 7 اذار 2015، على شبكة الانترنت، استخدم بتاريخ 20/11/2018:
https:// http://www.al-jazirah,com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع