الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش العربي السوري جاهز لبسط سيطرته على الشمال السوري بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية

عليان عليان

2018 / 12 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


الجيش العربي السوري جاهز لبسط سيطرته على الشمال السوري بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية
بقلم : عليان عليان
لقد تناوب المحللون في تفسير قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثامن عشر من شهر كانون أول الجاري ، بسحب القوات الأمريكية من سورية البالغ عددها حوالي 2500 جندي وضابط أمريكي في فترة تتراوح بين 60-90 يوماً، فمنهم من ربط الانسحاب بالتفرغ لمواجهة إيران عسكرياً ، ومنهم من ربط الانسحاب للتفرغ لمواجهة الخصم اللدود له في شرق آسيا ممثلاً بالحلف الصيني الروسي ، ومنهم من فسر الانسحاب في إطار صفقة محتملة بين ترامب وأردوغان تتمثل( أولاً) في ابتعاد أردوغان عن علاقته شبه التحالفية مع روسيا ومن ثم مغادرة معادلة " أستانة - سوتشي" وما تعنيه هذه المغادرة ،من تغيير في أوراق اللعبة وقواعد الاشتباك في الشمال الشرقي والشمال الغربي لسورية ( وثانياً) العودة بقوة للعلاقة التحالفية مع واشنطن ولحظيرة حلف "النيتو" ، مقابل أن تتخلى الإدارة الأمريكية عن الورقة الكردية، وترك الأكراد في الشمال السوري ،يواجهون مصيرهم البائس في مواجهة أكثر من طرف.
وفي التقدير الموضوعي ، أن موضوع الصفقة بين ترامب وأردوغان هو الأقرب للواقع مضافاً إليه المبرر الذي طرحه ترامب لسحب قواته، ألا وهو توفير المليارات من الدولارات ولإنقاذ حياة جنوده هناك، وأنه ليس مستعداً لمحاربة "داعش " بدلاً من روسيا وإيران دون مقابل يذكر ، وذلك في ضوء العديد من العوامل أبرزها :
1-أن الإدارة الأمريكية انحازت لعلاقاتها الاستراتيجية مع تركيا على حساب علاقتها التكتيكية مع الأكراد ، ولا يمكن لها أن تضحي بالاستراتيجي لصالح التكتيكي ، رغم خسارتها لورقة الأكراد التي راهنت عليهم ،ليكونوا المدخل لتقسيم سورية من بوابة " الفيدرالية " أو " الحكم الذاتي الكردي".
2- أن الإدارة الأمريكية، وهي تراقب تطور العلاقات السياسية والاقتصادية مع روسيا بما في ذلك خط الغاز الاستراتيجي ، وهي تراقب استدارة أنقرة نحو موسكو للتزود بصواريخ "أس أس 400" وهي تراقب أيضاً استفادة مثلث "سورية –روسيا – إيران" من اتفاقات خفض التصعيد بغطاء تركي في أستانة وسوتشي ، وصلت إلى استنتاج محدد ،بأن ترك الحبل على الغارب، سيقود في النهاية إلى نقل أردوغان تحالفه من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ، وما يترتب على ذلك من خسارة استراتيجية هائلة لأمريكا ، نظراً لما تحظى به تركيا من موقع جيوسياسي هام ، ومن حضور إقليمي كبير ، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن تركيا تملك أكبر جيش من حيث العدد في إطار حلف " النيتو".
ومن ثم فإن الإدارة الأمريكية لم تعد تتشبث بشرطها لتزويد تركيا بصواريخ باتريوت وبطائرات " أف 35" ، ممثلاً بوقف شرائها لمنظومة " أس أس 400 " الصاروخية الروسية.
3- أن ترامب بالإضافة لموضوع الصفقة مع أردوغان ، كان معنياً بسحب قواته من سورية بالضد من توجهات وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين ، لإدراكه بأن الوضع في شمال سوريا في طريقه للحسم النهائي لصالح الجيش العربي السوري وحلفائه ، وكان قد أعلن عن هذا الموقف في نيسان- أبريل الماضي ، وأرجأه بناء على توسلات من البنتاغون، وكرره مجددا بشأن الحفاظ على حياة الجنود الأمريكيين .
وفي هذا السياق لا يمكن إغفال حقيقة، أن ترامب بات يتوقع هجمات على قواته في شمال سورية ، سواء من قبل الجيش العربي السوري ، أو من حلفائه من فصائل المقاومة ، ما يمكن أن يوقع أعداداً كبيرة من القتلى في صفوف القوات الأمريكية، يبدأ نقلهم بالتوابيت على مثن طائرات النقل الأمريكية ، كما حصل في العراق ، وكما حصل في بيروت عام 1982 ، وفي الذاكرة القريبة تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم ، التي قال فيها بأن الجيش العربي السوري وحلفائه سيتولون طرد الوجود الغربي غير الشرعي من شمال شرق سورية ، بعد الانتهاء من معركة إدلب .
من سيملأ فراغ الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سورية؟؟
ولا داعي هنا لتكرار لحقيقة أن الكيان الصهيوني، ووحدات حماية الشعب الكردية ،إضافة للمجموعات القبلية الإرهابية الموجودة في مخيم الركبان وقرب قاعدة التنف ، هي الأطراف الرئيسية الخاسرة من قرار الإدارة الأمريكية ، بسحب قواتها من الشمال السوري ، لكن يبقى السؤال هنا : من سيملأ الفراغ الناتج عن سحب هذه القوات ؟؟
بعض المراقبين يرون أن مجموعات عسكرية من دول النفط " السعودية والإمارات " إلى جانب قوات فرنسية وبريطانية هي من سيملأ الفراغ ، والبعض الآخر يرى أن القوات التركية هي من ستملأ الفراغ فورا ، والبعض يرى أن الجيش العربي السوري والحلفاء في محور المقاومة سيتولون السيطرة على الشمال السوري وتحريره ، ولن يسمحوا لأي طرف آخر بملء الفراغ.
لنناقش هذه الاحتمالات كلاً على حدة :
أولاً : احتمال أن تملأ قوات خليجية مدعومة من فرنسا وبريطانيا الفراغ .
فيما يتعلق بالبعثة العسكرية الخليجية الموجودة في الشمال السوري ، والتي تعمل على توثيق علاقاتها مع قبيلة "شمر " لإقامة "إمارة عرب شمر" إلى جانب " الحكم الذاتي الكردي" في سياق مؤامرة تقسيم سورية " ، نشير إلى أن الدولتين الخليجيتين اللتان أرسلتا بعثة عسكرية لشمال شرق سورية ، تدركان جيداً ، أن ليس بوسع قواتهما البقاء لحظة بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري ، بحكم عدم قدرتها على خوض أي نزال مع محور المقاومة ، وأن مواجهتها لهذا المحور غير ممكنة ابتداءً ، فإذا كانت قوات التحالف السعودي فشلت في مواجهة حفاة اليمن ، فكيف لها أن تواجه الجيش العربي السوري وحلفائه ، الذي أفشل مؤامرة صهيو أميركية رجعية كونية في حرب مستمرة منذ عام 2011 .
ومن جانب آخر فإن السعودية والإمارات ، تدركان جيداُ أن القوات الفرنسية والبريطانية لن تبقى في الشمال السوري بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية ، بحكم تبعيتهما للتحالف الذي تقوده أمريكا.
ومن جانب ثالث ،فإن دول الخليج ، باتت ترسل رسائل بالواسطة لدمشق، بغية إعادة فتح سفاراتها في سورية ، بعد أن سلمت بهزيمتها النكراء ، وبالتالي من ينشد عودة العلاقات الطبيعية مع سورية ، لا يمكنه أن يفكر بمواجهة جيشها في الشمال .
ثانياً : احتمال أن تملأ القوات التركية الفراغ
وأعتقد هنا أن الأتراك مترددون في الدخول لمناطق شرق الفرات، بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية في غضون ثلاثة أشهر ، ولا يغير من واقع هذا التردد المكالمة الهاتفية الأخيرة بين ترامب وأردوغان التي ختمها بالقول " إن سورية لك "، فترامب رغم عنجهيته العثمانية برغماتي جداً ، فهو في هذه المرحلة لا يمكنه إدارة ظهره للرئيس فلاديمير بوتين في ضوء المزايا الاقتصادية الهائلة التي حصل عليها من موسكو ، ولا يمكن إدارة ظهره لعلاقاته مع إيران ،في ضوء علاقاته الاقتصادية المتطورة معها " حجم التبادل التجاري 30 مليار دولار سنوياً " ،ناهيك أنه يحصل على النفط منها بسعر أقل من نصف السعر العالمي .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، إذا غضينا النظر عن الجانب البرجماتي في سياسة ترامب ، فإن الأخير ليس بوسعه الدخول في معركة مع عموم محور المقاومة وبدعم روسي منقطع النظير ،في الوقت الذي لا يزال فيه ملتزماُ باتفاقات " أستانة وسوتشي" ، ومستفيداً من مغريات العلاقة مع موسكو وطهران ، ناهيك أنه حقق جزءاً من مطالبه باعتماد (6) من جماعة الإخوان المسلمين في لجنة الدستور التي جرى التوافق عليها بشكل أولي في جنيف مع كل من روسيا وإيران .
ثالثا : احتمال أن يتقدم الجيش العربي السوري لتحرير الشمال السوري وعدم السماح لأي طرف بملء الفراغ
وهو الاحتمال الأقوى في ضوء العديد من العوامل :
1-أنه تمكن بدعم روسي من تحرير 75 في المائة من مساحة سورية ، وأن ميزان القوى على الأرض يمكنه من تحرير ما تبقى من الأرض السورية.
2- لأن الحكومة التركية تدرك جيداً، أن الجيش العربي السوري وحلفائه قادر على حسم معركة إدلب بزمن قياسي ، وأن ألاعيب أردوغان في عدم تنفيذ ما هو مطلوب منه في إدلب عبر علاقته الضمنية مع جبهة النصرة، لا يمكن أن يصبر عليها الروس طويلا .
3- ثم أن ما يطرحه النظام السوري ،بدعم من أطراف محور المقاومة وروسيا ، ينزع من أردوغان كل مبررات الدخول إلى شرق الفرات، بذريعة حماية الأمن القومي التركي، فدمشق تعلن مراراً وتكراراً أن الجيش العربي السوري، الذي سيرابط على الحدود مع تركيا في الشمال هو من يحافظ على سلامة الحدود، وعلاقات الجوار بين البلدين وفقاً للمواثيق والاتفاقات الدولية ، كما كان الوضع سابقاً.
بقي أن نشير إلى أن رهان "قسد" على دور فرنسي وغيره ، ومطالبتها بإقامة منطقة حظر جوي فرنسي في شمال شرق سورية ، هو رهان على سراب ، وما على قيادات " قسد- وحدات حماية الشعب الكردي" ، إلا أن تنهي عمالتها للأجنبي، وأن أن تسلم بالأمر الواقع ، بأن يعود الشمال السوري بأكمله إلى حضن الدولة السورية ، وعلى قاعدة تسليم سلاحها للجيش العربي السوري.
لقد اتخذت القيادات الكردية الخطوة الأولى بعد قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من الشمال السوري ، بإعلانها " أن ما تنشده هو " اللامركزية الإدارية" وذلك في تخل واضح عن مشروع " الإدارة الذاتية – الفدرلة ألخ " وعليها أن تستمر في التراجع وفقاً لمقتضيات الدولة السورية ودستورها الذي ستجري صياغته على قاعدة الدستور السابق.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست