الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصول فهم القرآن-3-وجه إعجاز القرآن-ج-

صلاح الحريري
(Salah Alhariri)

2018 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تكلمنا في المقال السابق –أصول فهم القرآن-2– عن أن زاعمي فهم القرآن على صنفين ..القادحين و المادحين..أو الفاهمين سلبياً و الفاهمين إيجابياً ...وقلنا بأن كلا الصنفين واهم و إن كان أشدهم وهماً هم فئة المادحين...الذين يؤمنون بأن القرآن كتاب معجز و بأنهم شاهدوا هذا الإعجاز..وقلنا لماذا هم أشد الفئتين ضلالاً..لأنهم عطلوا آلة الفهم الحقيقي بإطار من اللاوعي..

أقول هل هناك من أحد فهم ولو حتى جزئياً القرآن ؟ ..أقول نعم وإن كان هذا الفهم قاصر و هو هو قد يضله في مواضع أخرى ..فما فهمه في موضع قد يكون هو هو سبب ضلاله في موضع آخر ...لماذا؟..لأنه حصر نفسه بإطار من المقدمات بعضها صحيح و البعض الآخر غير صحيح ..فغير الصحيح يتلف و يُعْقِم الصحيح..وعلى هذا فالفاهم جزئيا القرآن قد يفهم المراد على حقيقته و على ما هو عليه على قدر ما لديه من مقدمات صحيحة..لكن الخطورة كما قلنا أن المقدمات الفاسدة قد تعطب كل البضاعة..وعلى هذا فالفاهم جزئياً هو على حد سواء مع (غير الفاهم الذي توهم أنه فهم سواء سلبياً أو إيجابياً).

فبعض المقدمات الفاسدة التي تؤدي إلى نتائج فاسدة هي الناسخ و المنسوخ ..القائل بهذه المقدمة هو في الواقع مخبول..لماذا ؟ لأن معنى ذلك هو بكل بساطة أن الله يضع في كتابه ما ليس له معنى..فمعنى أن آية نُسِخت حكماً و بقيت لفظاً أي أنها بكل بساطة ليس لها معنى..فكيف يزعم الموهوم أنه فهم نصّاً (غير منسوخ)هذا النص غير المنسوخ له علاقة بنص آخر (منسوخ) ؟..أو كيف يكون هناك علاقة بين نصين أحدهما غير منسوخ و الآخر منسوخ؟!!

قلنا بأن وجه إعجاز القرآن هو تأملي فلسفي منطقي. يعنى ماذا؟ يعني بمنتهى البساطة القرآن لم يأت لنا بكافة الحقائق الوجودية الكونية اللاهوتية الأخلاقية بأسلوب واضح صريح، بل أخفاها بطريقة تحتاج منا إلى الإجتهاد في فهم النص، وعدم التسرع والعجلة. فهو يريدنا أن نمارس الجدل، وأن نستخدم المنطق للوصول للمعاني الكامنة خلف النص، الذي يبدو أنه واضح لغير المتمرس على الجدل والمنطق الغر الساذج.
وبالتالي، لفهم القرآن كله فإن ذلك قد يستغرق أكثر من جيل، لسبر أغواره، ربما ثلاثة أجيال، أي 100 سنة.
إذاً القرآن معجزة منطقية جدلية فلسفية.

والقرآن كله ظني الدلالة في مبدئه، يقيني الدلالة في منتهاه.

من أمثلة التمرن على الجدل والمنطق في القرآن، مثلاً، قول الحق (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً) الإسراء...(.....أعمى........أعمى...)، لفظة أعمى وردت مرتين في الآية، أعمى الأولى صفة، أما أعمى الثانية فهي أفعل التفضيل، أي (أشد عمىً)، يدل على ذلك قوله تعالى(و أضل سبيلاً).
مثال آخر، قوله تعالى (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون)الأعراف، قائلون هنا من القيلولة وليست من القول بقرينة قوله (بياتاً).
وهكذا ننتقل من معنى قريب إلى معنى آخر بعيد بقرينة.
مثال آخر، قوله تعالى (لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد)الكافرون....(.....عابدون.......عابدون.....)، عابدون الأولى تفيد الزمن المضارع، بدليل قوله (لا أعبد ما تعبون)فَ عابدون تساوي تعبدون. عابدون الثانية تفيد زمن المستقبل بدليل قوله (ولا أنا عابد[في المستقبل] ما عبدتم)، فَ عابدون الثانية تساوي [سوف تعبدون].
مثال آخر: [الذين آمنوا] لا تساوي [ المؤمنون]، بل بينهما عموم وخصوص، ويمكن الوصول إلى هذا العموم والخصوص بالتأمل المنطقي، فكل [ الذين آمنوا] [مؤمنون]، لكن ليس كل [المؤمنون] هم [الذين آمنوا].
هذه أمثلة بسيطة ذكرناها كمثال على التأمل المنطقي الجدلي، والإنتقال من معنى قريب لمعنى آخر بعيد بقرينة. وسوف نوضح كل ذلك بتفصيل أكثر فيما بعد.

لفهم مراد الله تعالى على ما هو عليه، ينبغي التأمل في الواقع بجدل، والتأمل في القرآن بجدل، ثم الربط بين التأملين[في الواقع وفي القرآن] بجدل.

80% من الحقائق الوجودية الكونية اللاهوتية الأخلاقية موجودة في العهد الجديد من الكتاب المقدس، بمنتهى الوضوح.

من المقدمات الفاسدة هي قول الموهوم ..هذه الآية قطعية الثبوت ظنية الدلالة..و هذه الآية قطعية الثبوت قطعية الدلالة..أقول ..القرآن كله قطعي الثبوت ..فيكون على ذلك جملة هذه الآية قطعية الثبوت تعني أن هناك آيات أخرى غير قطعية الثبوت ..فهذه الجملة في حد ذاتها غير ذات معنى..أي أن قائلها أحمق..سيقول قائل ..لكني لم أقصد أن هناك آيات غير قطعية الثبوت؟..أقول له هذا يعني أنك تردد كلاماً لا تفهم معناه ..يعني أنت ببساطة أحمق ..يعني إيه ؟ يعني عندك خلل منطقي ..أي تنطق بألفاظ لا تفهم مدلولاتها..فما دمنا قد تعارفنا على أن القرآن كله قطعي الثبوت.إذًا ترديد جملة (هذه) الآية قطعية الثبوت..تعني أن قائلها عنده نقص في معدل الذكاء..أي عنده خلل في البوابات المنطقية ..تماماً كما في الكمبيوتر..كمبيوتر مهنِّج..كذلك عندما تقول في تقسيمك القرآن ينقسم إلى قسمين:الأول..قطعي الثبوت قطعي الدلالة......الثاني.. قطعي الثبوت ظني الدلالة ......هذا يعني أنك عندك خلل منطقي ..يعني (ما بتعرفش تتكلم) لا تعرف كيفية التعبير.......الصواب أن تقول ..القرآن كله قطعي الثبوت لكنه ينقسم إلى قسمين الأول: يقيني الدلالة..الثاني :ظني الدلالة...........طبعاً أنا لا أقول بهذا الكلام و لا أؤيد هذه التقسيمة ولكني أبين لك كيف تتكلم .......يعني حضرتك ما بتعرفش تتكلم.....إذا كنت لا تعرف كيف تتكلم..فكيف ستفهم مراد الله.. إذا كنت لا تعرف كيف تتكلم فكيف ستكلم الله في القرآن!!! أقول...أما بالنسبة لجزئية ظني الدلالة :

إذا كنت تقصد بأن بعض آيات القرآن يقيني الدلالة بمعنى أنه واضح الدلالة أي أن مراد الله من هذه الآيات قد فهمته يقيناً و البعض الآخر من الآيات ظني الدلالة بمعنى أنه غير واضح الدلالة أي أن مراد الله من هذه الآيات إما غير مفهوم أو أنه مفهوم على سبيل الترجيح و الظن ....أقول هذه مقدمة فاسدة و بالتالي تؤدي ألى نتائج فاسدة...لأن القرآن ببساطة كله ..أقول كله..ظني الدلالة في مبدئه يقيني الدلالة واضح الدلالة في منتهاه..يعني إيه ؟ يعني يحتاج إلى تأمل ونظر هادئ متأني..فلربما ما ظننته أنت واضح الدلالة في بعض آيات القرآن يتبين أن مراد الله منه ليس كما ظننته أنت...فإذا تعجلت ضللت و أضللت.وقد تكلمت أنا عن جزئية يقيني الدلالة و ظني الدلالة أو ما تعارف عليه المفسرون باسم المحكم و المتشابه بشئ من التفصيل على موقع عرب تايمز في مقالة شيقة حررت في 2010 في مقال بعنوان (الظلم النفسي في القرآن-ج6 ) بإمكان القارئ الكريم الرجوع إليها على موقع عرب تايمز.كل ما عليك هو أن تكتب على جوجل:صلاح الحريري عرب تايمز.ثم تدخل على المقالات و تقرأ. وسنتناولها هنا أيضا بالتفصيل.

من المقدمات الفاسدة ..التي بالتالي تؤدي إلى نتائج فاسدة قولهم.. السنة مفسرة للقرآن.

من المقدمات الفاسدة ..قولهم السنة مكملة للقرآن .

من المقدمات الفاسدة.. قولهم السنة قاضية على القرآن .

من المقدمات الفاسدة..قولهم من تمنطق فقد تزندق .

من المقدمات الفاسدة..قولهم القرآن نص تاريخي.

من المقدمات الفاسدة.. قولهم لا اجتهاد مع النص .

من المقدمات الفاسدة..تفسير المكي بالمكي و تفسير المدني بالمدني .

من المقدمات الفاسدة ..قولهم النبي كان أميّاً بمعنى لا يعرف القراءة و الكتابة .

وغير ذلك الكثير و الكثير من المقدمات الفاسدة التي أدخلت الموهومين في متاهة..هي متاهة الجهل..وسوف نتعرض لكل ذلك بالتفصيل.في المقالات التالية.أرجو ألا أكون قد أطلت ..و شكراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أين تصنف نفسك بينهما؟
حميد فكري ( 2018 / 12 / 27 - 18:04 )
للأسف سيدي ،لقد عدت الى موقع عرب تايمز ،لأقرأمقالاتك هناك ،غير أنني وجدته مغلق ،أو هو غير موجود،أو شي من هذا القبيل .فما السبب في ذلك؟
لكن لدي سؤال بسيط .إذا كان فاهمي القران لا يخرجان عن أحد الصنفين المذكورين ،حسب تصنيفك لهما ،فأين تضع نفسك منهما ؟


2 - أنا متأمل في القرآن
صلاح الحريري ( 2018 / 12 / 28 - 13:25 )
الأخ حميد، لا أزعم أني فهمت 5% من القرآن، لكني أزعم أني معي أداة فهم القرآن، معي طريقة فهم القرآن، معي كيفية فهم القرآن. كما أني من خلال التأمل في الواقع وفي الكتاب المقدس وفي الأديان والفلسفات فإني أحيط علماً بالمقاصد العامة للقرآن.
إني أدع القرآن أن يتكلم ثم أتحاور معه في صمت.
ممن فهم القرآن جزئياً المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي، والمفكر الإسلامي عبد الجبار الرفاعي. لكن للأسف لديهم بعض المقدمات الفاسدة التي تؤدي إلى نتائج فاسدة. فمثلاً المهندس عدنان الرفاعي يقول بمعجزة الرقم 19، وهي مقدمة فاسدة. كذلك يقول بأنه لا ترادف في القرآن، وهي مقدمة فاسدة نسبياً، بمعنى أنه يوجد ترادف ولا يوجد ترادف أيضاً، وسوف أوضح ذلك في مقالات تالية. كذلك فإنه ينطلق في فهمه للقرآن من حيز القيم والأخلاق الإسلامية، أي أنه لم يتأمل في الواقع جيداً.

فأنا لست بفاهم القرآن لكني فاهم كيفية فهم القرآن، ولكي أفهم القرآن كله فإني أحتاج إلى 80 سنة أخرى إضافة لعمري الحالي 39 سنة.

أرجو أن أكون أوضحت بعض الشئ.

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س