الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب اولا

منير الضاوي

2018 / 12 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الشعب اولا
1) مقدمة موجزة
انتفضت الجماهير في 17 ديسمبر 2010 ورفعت العديد من المطالب الحارقة وكان شعارها المركزي "الشعب يريد اسقاط النظام" وكان هذا الشعار صعب المنال آنذاك نظرا لواقع القوى الثورية من جهة ومحدودية التجربة الجماهيرية من جهة ثانية فاستغلت الرجعية هذا الوضع وتمكنت من اطفاء لهيب الانتفاضة من خلال طرح "المجلس التاسيسي" فانخرطت المعارضة الاصلاحية والانتهازية في هذا التمشي وطبلت للديمقراطية وحرية الانتخاب الخ لكن كان من المتوقع ان تستفيد النهضة من هذا الفراغ السياسي خاصة بعد حل التجمع وبفعل تقدمها كضحية النظام السابق ونظرا لحسن التنظيم
وحصولها على اموال طائلة من الداخل والخارج وتزكيتها من قبل العديد من عناصر التجمع المنحل نجحت في الانتخابات وانتصبت حكومة الترويكا لمدة 3 سنوات عوض سنة واحدة المنصوص عليها قانونيا فعينت كل الموالين في مواقع النفوذ وفي وزارت السيادة وفتحت الباب واسعا امام الارهاب ودعاة التكفير وكل التنظيمات الاخوانية على غرار "انصار الشريعة" والجمعيات الاسلامية بمختلف اشكالها.ثم اعلنت عن الخلافة السادسة عن طريق وزيرها الجبالي فكشرت عن انيابها وافتضحت طبيعتها المعادية للحرية والديمقراطية فهاجمت كل المعارضين بما في ذلك الفنانين (قصر العبدلية)والنقابيين (بطحاء محمد علي الحامي)والنساء الديمقراطيات واستعملت الرش لتفريق المحتجين في سليانة...
ثم حلت انتخابات 2014 واقتسمت الرجعية الحكم بين نداء تونس(السبسي)والنهضة (الغنوشي) واتفقا وفق اجتماع باريس على ادارة السلطة سوية ورغم ادعاءات السبسي خلال حملته الانتخابية بعدم التحالف مع النهضة لكن توصيات الدوائر الامبريالية هي التي تحدد موقف عملائها وتقرر السياسات الواجب اتباعها.ورغم التوافق الظاهري وتعاقب 8حكومات تفاقمت الصراعات الرجعية على السلطة استعدادا لانتخابات 2019 واصبحت هذه الحكومات تحت رحمة اللوبيات والمافيا ,فانتشر الفساد وتحولت "الحرب على الفساد" الى حرب ضد القدرة الشرائية للشعب بل ان من يبلغ على الفساد يقع طرده من العمل (اكثر من الف موظف تم ايقافهم عن العمل بتهمة التبليغ عن ملفات فساد) فتمعش الحكام من المال العام على حساب قوت الشعب واصبح الثراء الفاحش لجماعة الاخوان والنداء ظاهر للعيان (مقاولات وعقارات واراضي فلاحية ومساحات كبرى ونزل ومصحات وسيارات فخمة الخ )ولم يلمس الشعب أي تحسن في حياته اليومية بحيث ظلت اوضاعه في تدهور مستمر: الحليب مفقود والسميد مفقود والدواء مفقود وغلاء الاسعار لايطاق هذا فضلا عن الاداء المجحف المسلط على الاجراء مقابل التهرب الجبائي للسماسرة.
ان الشعب يعاني من سياسات الحكومات المتعاقبة المتسببة في تفليس الدولة وبيع المؤسسات وتشجيع السوق الموازية والتهريب وارتفاع التضخم الذي بلغ ما يقارب 8 بالمائة كما يتذمر الشباب من البطالة التي تناهز 15 بالمائة وتصل الى 25 بالمائة في الجهات المهمشة كما انه يتحمل عبئ المديونية وانزلاق الدينار وانحدار مخزون العملة الصعبة الى 76 يوم توريد وارتفاع المديونية الى 76.100 مليار ...
تعترف الحكومة والمعارضة الانتهازية بكارثية الوضع على جميع المستويات لكن الحكومة الاخوانية ماضية في تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي وإن تطلب ذلك قمع كل من يحتج وقتل الابرياء المطالبين بحقوق مشروعة.
2) واشتعلت شرارة الانتفاضة من جديد
8 سنوات من المعاناة,8سنوات من ترقب الانجازات والوعود الزائفة,8 سنوات من سياسات النهب والتجويع تخللتها العديد من النضالات لكن حبل الكذب قصير فانتفضت الجماهير اثر اقدام عبد الرزاق الرزقي على حرق نفسه في ساحة الشهداء بالقصرين-وهو في العقد الثالث من العمر ووالد طفلين- او قد اضرم شخص آخر النار في جسده حسب بعض الروايات التي وجب التثبت منها فان الفقيد ترك وصية دعا فيها "البطالين للتظاهر والاحتجاج" حسب ما ورد في المواقع الاجتماعية كما قال "ان الارهاب في القصرين من صنع النظام".وتواصلت الاحتجاجات في حي الزهور والنور بالقصرين فوقع اسقاط كاميرا المراقبة المركزة بمفترق حي الزهور والتي يعتمدها الوالي النهضاوي مستعينا بعصابات النهضة من الوشاة للتعرف على المحتجين وايقافهم بالسجون
واتسعت رقعة الاحتجاجات الى المعتمديات:فوسانة والسبيبة وتالة وفريانة وسبيطلة وخرجت مسيرات في تونس العاصمة للمساندة كما انتفض شباب طبربة وجبنيانة اثر وفاة شاب كما تحرك الشباب في القيروان واغلقوا الطريق مطالبين بالتشغيل وتم اغلاق الطريق الوطنية رقم5 بمدخل مدينة الكاف كما تم حرق مقر "مشروع تونس"حليف النهضة بجمال وحرق مقر النهضة بالسواسي ومقر النداء بالرقاب حسب مواقع التواصل الاجتماعي وردد المتظاهرون العديد من الشعارات نذكر البعض منها: "الشعب يريد اسقاط النظام,ولد العامل والفلاح اقوى منك يا سفاح,وين فلوسك يا خدام عند النهضة والازلام, وين فلوسك يا زوالي عند النداء والنهضاوي, السيادة استحقاق يا عصابة السراق, والتشغيل استحقاق يا عصابة السراق, حكومة فيتي فيفتي واحد يسرق وواحد يفتي, يا نظام يا سمسار بعت تونس بالدولار الخ
يتضح ان الشعارات العفوية تترجم الوعي الحسي للجماهير المنتفضة والتي ملت من السياسات اللاوطنية المتبعة وقد استغل البعض هذه العفوية للركوب على التحركات الشعبية مثل "السترات الحمراء" المدعومة من قبل القصر محليا ومن دوائر خارجية-الامرات حسب البعض-كما انطلقت حملة "باسطا" في محاولة لاحتواء الاحتجاجات وهي تسمية سبق للاستعلامات ان اقترحتها على بعض الشباب زمن الانتفاضة ويسندها الان طرف معارض انتهازي بهدف تزيين وجهه لعله يكسب بعض الاصوات في الانتخابات القادمة.
وامام توسع رقعة الاحتجاجات اصدرت وزارة الداخلية بيانا تدعو فيه الى عدم" الانسياق وراء الاخبار المزيفة التي تروج في مواقع التواصل الاجتماعي" كما دعا رئيس مجلس الشورى الاخواني-الهاروني- الى "التصدي بكل عنف للمجرمين المحتجين" وهو ما يكشف حقيقة الائتلاف الحاكم : النهضة ,مشروع تونس-محسن مرزوق المرتزق- والائتلاف –اضافة الى كل الاحزاب في البرلمان المصادقة على قوانين النهب وبيع البلاد او المعارضة
المتشدقة بالشعارات الشعبوية والتي اصطفت في كل المناسبات الى جانب السلطة باسم احترام القانون الرجعي.
3) تجربة الجماهير
انه من الضروري التعلم من الجماهير وفهم مطالبها واحترام مستوى وعيها وخاصة التواجد الى جانبها ومعاضدتها في تحركاتها لان الجماهير لاتطوّر اساليب نضالها الا بالتجربة المباشرة في مواجهة العملاء لذلك على القوى الثورية ان تلتحم بالمحتجين وتصبح جزءا منهم وتساعدهم على بلورة المطالب الانية العاجلة والتي تتطلب المثابرة والاصرار على مواصلة النضال وكذلك المطالب بعيدة المدى والتي تفترض رسم استراتيجية واضحة وكيفية بلوغها.
على القوى الثورية ان تلعب دورا محددا في جر الجماهير الى طريق الثورة ولا الى طريق ترميم النظام العميل والتعامل معه وتبييض وجهه من خلال المشاركة في انتخابات يتحكم فيها ويحدد نتائجها.
ان من حق الشعب ان ينتفض وان يثور ومن واجب القوى الثورية ان تدعم هذا الاحتجاج وان تعمل على ان يتواصل ويستمر وفق برنامج التحرر الوطني والتخلص من الرجعية الحاكمة باعتماد خطط تتماشى وتجربة الجماهير ووعيها من اجل دفعها الى تطوير اساليب المواجهة مع الرجعية الحاكمة والاهتداء الى اساليب النضال الاكثر نجاعة في مواجهة العملاء مثل تعطيل عجلة الانتاج من خلال انخراط الطبقة العاملة في النضال او منع التزويد في اهم المفترقات كما يفعل السترات الصفراء في فرنسا, ولاحاجة الى تعداد اساليب النضال للضغط على السماسرة لان الجماهير المنتفضة تعرف مليا نقاط ضعف العدو واين يجب محاصرته واضعافه ثم عزله وفضح عمالته ومعاداته لابسط المطالب الشعبية.
منير الضاوي
25 ديسمبر 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024