الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن التعيس ...

مروان صباح

2018 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


...

/ ضمن أعتبارات أخرى يمضي العربي من أجل وفق زحف المشروع الإيراني في محيط عربي سني مثقل بالرموز العربية والإسلامية ، هناك اعتقاد بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أحدثت نقلة جوهرية عندما أسست نظام شورى قد مارس في الظاهر الإنتخاب من رأس هرمه آلى قواعده الشعبية بمتختلف دوائره بالطبع بقرب من محيط لا يعرف سوى التعين أو الوصول إلى سدة الحكم على ظهر دبابة أو التزوير وبالتالي يتناقض هذا الإعتقاد مع أصول وتركيبية المذهب الجعفري الاثني عشري المنقسم بين فريقين الأصوليين والاخباريين ، أصحاب السعة والآخرين أصحاب التضيق ، لكن مع مرور الوقت لا يمكن إخفاء حقيقة دامغة بأن جميع من جاؤوا إلى سدة حكم الرئاسة الإيرانية منذ ابو الحسن بني صدر الذي أدرك مبكراً بنوايا المشروع التوسعي وبالتالي تناقض مع مشروعه البنائي الداخلي ، لم يتجاوزا سوى أنهم موظفون كبار لدى المرشد الأعلى وجنود في صفوف الحرس الثوري فهناك منهم من يمارس الهتاف وآخر التسحيج الذي يصل إلى تعظيم مقام المرشد الأعلى تماماً كما فعلوا بعض من غلوا بحب الإمام على بن ابي طالب كرم الله وجه ، فعندما ألقى الإمام بعضهم بالنار اظهروا على الفور غلوا في التسحيج اعتقاداً بأن فعله ليس سوى دلالة كبرى بتجسيد الإله فيه .

راوح النظام الإرشادي في إيران في مكان تارةً وتارة أخرى تقدم خطوة إلى الامام كالعراق وتراجع خطوتين في أماكن أخرى ، لكن تبقى المسألة الإيرانية اشكالية كبرى التى تستدعي في كل مرة تفكيكها بشكل أعمق من المرة السابقة والآن ايضاً ما يعقد المسألة أكثر هي العلاقة الملتبسة مع القوى الكبرى ، فهي علاقة غير واضحة لكنها ممتدة وعميقة بل تصل إلى حد الشراكة في كثير من القضايا والصفقات المتعددة ، وهنا يأكد التاريخ في تبادلاته القومية والمذهبية بأن إيران لم تكن يوماً ما دولة دينية بقدر أنها كانت دولة قومية قد كرست في وقت سابق جل قدراتها لكي تكون شرطي للولايات المحتدة الأمريكية في المنطقة العربية وبالفعل بعد سلسلة إخفاقات داخلية وخارجية ارتأت واشنطن من خلال جهازها الاستخباراتي رفع يدها عن حاكم طهران آنذاك الذي مهد إلى تأسيس نظام تركيبته عُقدية وليست عقائدية ، قائم على عُقد تاريخية تفوق السرد المسرود مع الوقت على أسس المذهب الذي عطل الدولة تاريخياً بأن تكون في مصاف الدول الحديثة ، بالطبع كان مجلس الأمن القومي الامريكي قد وازن إيران سياسياً بميزان عقدها الذي سهل مهمتها بالتحرك على الدوام نحو الجغرافيا العربية السنية تحت شعار كان الخميني قد أعلن عنه كشرط شارط لتحرير القدس ، ( الطريق إلى القدس يمر بكربلاء ) وبالتالي سخرت آلتها العسكرية والدعوية والإعلامية بإتجاه العرب وليس إسرائيل بل تبادلت مع الأخيرة حروب سُميت لاحقاً بتأمين الحدود كلبنان وسوريا، لهذا فإن من السذاجة المؤذية أو حتى القاتلة أن يستسلم المرء لمقولة الخميني فكان الأولى للخميني تسميت دمشق في شعاره بدل من العراق كونها أقرب إليّ الحدود وباعتبار نظامها خليف ، وهنا يتكشف بشكل جلي كيف تعيد اليوم إيران فعل ما فعلته الدولة الفاطمية ، عندما رفعت في حركة تأسيسها اولاً ، المظلومية بين الشعب العربي المضطهد معاشياً وايضاً سياسياً ووجوب ثانياً القتال بإسم المهدي وهذا يتطلب قبل كل شيء الإستيلاء على كامل الأراضي العربية من أجل أن يتحق الأمرين .

يهدف المشروع الإيراني إلى إعادة بناء الفكر الشعبي للعرب وهذا يتلاقى في جوهره مع المشروع الإستعماري الصهيوني ومن جانب أخر ، تتطابق أفعال الجهتين التوسعية بقدر الممكن والمتاح ، وبالفعل انقسمت المنطقة بين فكرين الأول تماهى مع العولمة والثاني تأثر بشكل كَبِير بالسرديات الشيعية طالما امتزج السرد مع شعارات المقاومة والصمود ، واللافت في المقابل اجتهدت واشنطن عبر دورها الأساسي في تفكيك المنظومة العربية التى كانت حرب الخليج الاولى قد بنت أساس الثقة والتعاون العربي المشترك ، بالفعل بذرة بذور الاشتباك وبالتالي أدى إلى خسارة البوابة الشرقية للأمة العربية وبها ومنها فُتح باب التغير، واليوم يعيد العرب ذات الأخطاء عندما يتوجهون بفتح معارك وخلافات متعددة الجهات دون أن يرتقي العقل السياسي إلى تعلم مهارة المهادنة واعتماد منطق التفكيك لكل مسألة دون التورّط بأخرى ، فاليوم على سبيل المثال ، تنخرط السعودية والإمارات في مسألة اليمن خوفاً من خسارة بوابة أخرى تعد من أهم ابواب الخليج العربي لكنهما يُستدرجنا إلى مواقع أخرى ستكون أكثر استنزافاً وكارثياً وستخلق إرباكاً .

لَيْسَت العودة لمدينة الحديدة ومينائها بهذه الفورة الفرحة كما يظن أو يعتقد البعض بالرغم من أهميتها ، فإذا صنف المراقب كل ما جرى في اليمن في باب هستيريا السرد الشيعي فإن إهمال اليمن تاريخياً كان السبب الجوهري في جعله لقمة سهلة بأيدي الإيرانيين ، رغم امتلاكه خط ساحلي يمتد الي 2000 كليو متر ممتلىء بالثروة السمكية لكن فقرائه يبحثون عن لقمة الخبز في الطرقات بالإضافة للمواقع الآثارية التى كان من المفترض للسياحة أن تشهد أعمال نشطة فليمن يجمع داخله تاريخ سبأ وعاد وثمود وقوم تبع ، ويعتبر اليمن ثاني أكبر دولة في المنطقة تصدر الغاز بعد قطر وال16 في العالم ومازال يعاني اليمنيين في الشتاء بنقص حاد بتوفير انابيب الغاز أو انقراضها أثناء شهر رمضان وبعيد عن كل ذاك وتلك يمتلك اليمن 182 جزيرة أهمها سقطرى التى صنفت كأحد مواقع التراث العالمي وصنفتها النيويورك تايمز بأجمل جزيرة على الكرة الارضيّة ، فبعد كل هذا ، هل يصح لليمن بأن يتصرف أهله كرؤساء عصابات يحكمون بعصبة عائلات المافيوية والأتباع المطيعين وهل من الصحيح للخليج العربي أن يتركه في المستقبل إلى مسارات لا يحمد عقباها كما فعلوا سابقاً . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر