الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليليان؛ امرأة من نينوى تتحدث عن يسوع المتواضع.

عساسي عبدالحميد

2018 / 12 / 27
الادب والفن


كنت في ميعة الصبا عندما رافقت جدتي لزيارة الهيكل في عيد الفصح ؛ سرنا في قافلة الميديين نحو مصر عبر أورشليم ؛ وكان كل الشعب في نينوى يتحدث عن نبي قام في اليهودية اسمه يسوع الناصري ...
.
لقد شاهدت يسوع الناصري مع الجموع وهو يدخل مع تلامذته أورشليم ؛ وكانت الجموع تهتف باسمه في مشهد عظيم؛ فالشعب قد سئم من جور الرومان ومن رياء كهنة السنهدريم .
.
كان وجه يسوع مشرقا كنور الفجر الذي يضع قبلة دافئة على تلة منسية؛ وكانت عيناه ضاحكتين كقمر بهي في ليل ساكن؛ أما ابتسامته فقد كانت شافية كالبلسم على جريح متعب .
.
يقول أعدائه أنه كان متعجرفا يزدري الشريعة و يتمنى خراب الهيكل ؛ لكنه في الحقيقة كان وديعا ومتواضع القلب ينحني ليحمل نير المتعبين والثقيلي الأحمال .
.
والحق الحق أقول؛ أن يسوع الناصري ولد متواضعا ؛ فقد كان مهده مذودا في حظيرة البقر في بيت لحم ولحافه تبنا و قشا يابسا ؛ و رغم هذا جاءه زوار من الشرق ليسجدوا له و يطرحوا امامه ذهبا ومرا ولبانا ...
.
يسوع تواضع امام يوحنا المعمدان ليغطس في نهر الأردن كباقي الشعب ؛ قبل ان يقدمه المعمدان كحمل الله الوديع .
يسوع هذا الاتي من ناصرة الجليل دخل اورشليم متواضعا راكبا على جحش ؛ فهتف له الشعب الهوشعهنا وفرش له الثوب و سعف النخل كملك ظافر والحق انه كان أكثر من ملك.
.
يسوع مات متواضعا على خشبة الصليب بين لصين وكان يغفر للمسيئين اليه ؛ لكنه بالموت غلب الموت و اعطى اتباعه قيامة جديدة ليكونوا كاملين مثلما هو ابونا السماوي كامل ..
.
يقول أعدائه انه كان آفاقا يطرق أبواب الولائم؛ وأنه كان يزدري العمل و يحرض الناس على ترك أشغالهم واتباعه ؛ فقد ترك النجارة ورمى بالمنشار و الازميل و حرض صيادي الجليل على ترك قواربهم و شباكهم و اتباعه؛ و سحر متى العشار بكلمة واحدة: اتبعني " ....
.
والحق الحق اقول ان يسوع كان محبا للعمل ؛ لكنه كان عليه هو بالذات ان يترك حرفة النجارة ليتفرغ لبناء المملكة العظمى؛ وكان حريا بمن يريدون ان يكونوا بجنبه أن يتركوا شباك الصيد وقواربهم على شاطئ طبرية وسجلات التعشير والمحاريث ليكونوا سواري و اساسات بنيان المملكة العظمى ..
.
ألم تكن امثلة يسوع تتحدث عن الزارع المجد الذي يودع بذوره قلب الأرض لينتظر سنابل الصيف الممتلئة؟ ؛ و عن الكرام المعتني بدواليه ليجني الغلال ؟؟؛ الم يثني يسوع على الراعي الحريص على حملانه في المرعى و الحظيرة؛ والبناءون الذين يضعون اساس البيت على صخر قوي ثابت ؛...لقد مجد يسوع كل هؤلاء و باركهم باسم الآب.
.
كان يسوع عاشقا لسنابل الحقل المتمايلة على عزف الريح ؛ و عناقيد العنب المتدلية في الكرم كثريات القصور ؛ و عاشقا للمعصرة واغاني الكرامين؛ وللحملان الوديعة على جنبات المروج قرب الجداول المترنمة.
.
ان ذكرى يسوع المتواضع ما زالت تملئ قلبي بعبقها الغير المنسي ؛ فما زال الى اليوم يحمل طستا ومنشفة ليغسل ارجلنا جميعا برفق متناه من غبار الطريق القديم كما تغسل الأم الرءوم أرجل صغارها على العائدين مع الغروب من الحقول .
.
وحتى الساعة ما زال الناصري العجيب يلمس بيديه الحانيتين أعيننا لنرى الحياة بنور الرب؛ و يحيينا نحن الأموات لنكون معه في ملخوت الشماييم ؛ ويبرئنا نحن المفلوجون لنحمل فراشنا و نمشي معهه بثبات على طريق الحق والحياة ؛ وما زال يملئ خوابينا بخمرة قانا المعتقة المنعشة لكي نفرح ونرتل تنريمته العذبة الرقيقة..
.
انه يسوع المتواضع الذي رسم على شفاهنا انشودة الحياة الخالدة؛ لنرددها على ايقاعاته الرفيعة مع جداول الربيع المترنمة وصيفنا المغدق؛ و خريفنا المتأمل و شتائنا الحالم ..يسوع الذي بكى بحرقة على ابواب أورشليم متمنيا لو يضم جميع الناس كما تضم الدجاجة صيصانها ...
انه يسوع الآتي من ناصرة الجليل الذي فجر لنا ينبوع الحياة ومنحنا خبز السماء حتى لا نعطش او نجوع؛ و قد صنع كل هذا بتواضع يفوق حد الوصف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-