الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الصهيونية ايديولوجية عنصرية شوفينية ولّدتها الامبريالية العالمية – (1)

خليل اندراوس

2018 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



مضادة للثورة
ان ايديولوجيي الصهيونية وزعماءها قد اكدوا بمثابرة واصرار على جوهرها المضاد للثورة فقد جاء في وثيقة صهيونية من القرن التاسع عشر قولها: "الاشتراكية... تعترض طريق الصهيونية.. الصهيونية والاشتراكية ليستا قطبين متنابذين وحسب بل ايضا عنصرين ينفي احدهما الآخر نفيا تاما، الصهيونية ضرورية حيث يوجد يهود ولا غنى عنها حيث بالاضافة يجري غليان في رؤوس اليهود"(ارشيف ثورة اكتوبر المركزي التابع للدولة عام 1898 الملف 11 الجزء 20. ص 70)،


القضية الفلسطينية صراع تاريخي سياسي وطني قومي انساني ضد الايديولوجية الصهيونية العالمية بدءا من عام 1897 واستمر بعد قيام دولة اسرائيل وبعد احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقيامها بسياسات النهب البربري والاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية واستمرار حكومات اسرائيل المتتالية بممارسة سياسات التمييز العنصري الشوفيني ضد الاقلية الفلسطينية داخل اسرائيل وكذلك استمرار الحكومات المتتالة لاسرائيل منذ قيامها عام 1948 بالتنكر للحقوق العادلة للاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة الى ارض الوطن فلسطين، وهذا الصراع يعد جزءا جوهريا من الصراع العربي الاسرائيلي ونتج عنه عدة حروب عدوانية قامت بها اسرائيل ضد الدول العربية المجاورة. فلكي نصل الى اعماق واستمرارية هذا الصراع التاريخي ضد الايديولوجية الصهيونية وممثلها على ارض الواقع – اسرائيل – لا بد وان نعود الى تاريخ هذه الحركة.
كتعريف الصهيونية – ايديولوجية البرجوازية اليهودية وممارستها السياسية – ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر، ففي سنة 1897 انشئ في مؤتمر الصهاينة الاول في بازل – سويسرا ما يسمى بالمنظمة الصهيونية العالمية (م ص ع) وهذه المنظمة وايديولوجيتها اليمينية العنصرية الشوفينية الكولونيالية الاستعمارية لا تزال مذ ذاك التاريخ وحتى الآن ذاك المركز القيادي للصهيونية العالمية، الحركة الصهيونية هي ايديولوجية التعصب القومي البرجوازي اليهودي والشوفينية العرقية التي ترتكز على الموضوع اللاعلمية القائلة بوجود "شعب (أمة)" يهودي عالمي خاص مختار من قبل الله – شعب الله المختار – مركزه ارض اسرائيل – فلسطين، وهذه الحركة هي من تقيحات وافرازات الامبريالية العالمية وممارساتها وسياساتها، تعرب وتخدم مصالح الاوساط البرجوازية طبقة رأس المال الاسرائيلية والبرجوازية الكبيرة اليهودية في جميع انحاء العالم الامبريالي وتخدم الامبريالية العالمية وفي المقام الآن تخدم مصالح طبقة رأس المال الامريكي. ظهور الصهيونية على المسرح التاريخي يتطابق من حيث الزمن مع تحول رأسمالية المزاحمة الحرة الى امبريالية، وكذلك حين اخذت البروليتاريا وجماهير الكادحين الواسعة تنخرط بنشاط في النضال ضد كلية سلطان طبقة الرأسمال، من اجل تحررها الاجتماعي والوطني والطبقي وحين كانت تعمل في عدد من البلدان احزاب ماركسية ثورية مكافحة ونادت من اجل بناء مجتمع المستقبل، مملكة الحرية على الارض – المجتمع الشيوعي.
وفي ذلك الوقت طرأت تغيرات مهمة في السياسة الدولية، فان كبريات الدول الرأسمالية كانت تخوض نضالا ضاريا من اجل مناطق النفوذ ومصادر الخامات واسواق التصريف ونضجت اعادة تقاسم العالم الذي كان مقسما. وكانت طبقة رأس المال السائدة والمسيطرة تبذل جهودا طائلة لاقامة ما يسمى "السلام الطبقي"، وإثارة الانشقاق في صفوف الطبقة العاملة وصرف الشغيلة عن النضال الطبقي، والامم والشعوب المظلومة عن النضال في سبيل حقوقها الوطنية والقومية وفي سبيل حقها في تقرير مصيرها، وكان تأجيج الامم السائدة لنيران ومفاهيم وايديولوجيات التعصب القومي والاوهام السلفية الدينية من كل شاكلة وطراز وسيلة من اهم الوسائل في ترسانة طبقة رأس المال الحاكمة والمسيطرة الرجعية، وقد عوّل الرأسماليون اليهود على الصهيونية سعيا منهم الى الاحتفاظ بنفوذهم في اوساط الطبقة العاملة اليهودية وغير اليهودية، وعملوا على كبح انخراط الاقلية اليهودية في هذه الدولة او تلك في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية للشعوب التي كانوا يعيشون في بيئتها وعلى ارضها، وهنا لا بد ان نشير الى ان اغلبية كبار المصرفيين والرأسماليين اليهود من امثال روتشيلد وموسى مونتفيوري وغيرهم (هؤلاء كانوا يهدفون الى انشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة لامتلاك الارض ثم اقامة دولة اليهود) لم تتجه الى الصهيونية وحسب بل كانوا ايضا على الدوام من انصار التحالف الوثيق جدا مع طبقة رأس المال العالمي، ولذلك نشأت الصهيونية وتطورت وتنامت بحماية وتشجيع الحكومات في الدول الامبريالية التي كانت تتنافس فيما بينها في السعي الى وضع هذا التيار القومي الشوفيني العنصري أي الصهيونية في خدمتها، يرى البعض ان اطماع اليهود الغربيين في العصر الحديث في الاراضي الفلسطينية بدأت منذ عام 1530 م عندما حاول اليهودي الايطالي يوسيف ناسي الذي كان يعد اغنى رجل في العالم حينها بناء مستعمرة لليهود الغربيين يفرون اليها من الاضطهاد الذي يتعرضون له في الغرب. وقبل ظهور المنظمة الصهيونية العالمية بزمن طويل، حاكت الاوساط الحاكمة في الامبراطوريات الاستعمارية خطط بناء كيان دولة لليهود في فلسطين يكون قاعدة ارتكاز للتوسع الاستعماري للغرب الرأسمالي في الشرقين الادنى والاوسط، ومن هؤلاء كان نابليون بونابرت.
بدأ اليهود الغربيون في ثمانينيات القرن التاسع عشر بتبني نظريات جديدة في استعمار فلسطين تقوم على فكرة استبدال محاولات السيطرة المدنية او السلمية بالسيطرة المسلحة، وقد كان من اكبر المتبنين لهذه النظرية الحركة الصهيونية العالمية التي قالت: "ان اليوم الذي نبني فيه كتيبة يهودية واحدة هو اليوم الذي ستقوم فيه دولتنا"، هذه هي الصهيونية العنيفة التي قامت عام 1882 (والتي تمارسها حكومات اسرائيل الوم بممارسات الارهاب الرسمي من استيطان وحصار وممارسة الحروب العدوانية والاستباقية ضد الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني، وحصار غزة ورفض الحل العادل للقضية الفلسطينية وممارسة سياسات غطرسة القوة) والتي قامت اثر مذابح اليهود في روسيا في ذلك الوقت. في اواسط عام 1880 قامت الصهيونية في اوروبا بتكوين مجموعة "عشاق صهيون" (المؤتمر الصهيوني الاول كان في بازل عام 1897)، طالبت هذه الحركة بإقامة دولة خاصة باليهود ورأى العديد من الصهاينة ان موقع هذه الدولة يجب ان يكون في فلسطين ومن الجدير بالذكر بان فلسطين كانت منطقة وولاية عثمانية حتى عام 1917 مأهولة بالفلسطينيين العرب وظل اليهود يشكلون نسبة اقل من 8% من السكان حتى عام 1920. لقد تبنت انجلترا والساسة الامبرياليون في الغرب بطيبة خاطر الشعار الصهيوني القائل بانشاء "وطن قومي يهودي" في فلسطين لأنهم ادركوا ان هذا يساعد في تحقيق خططهم واهدافهم الرجعية البعيدة المدى سواء في الشرق الادنى ام في البلدان التي تعيش فيها طوائف يهودية، ومع مرور الزمن اصبحت اسرائيل القاعدة الامامية للامبريالية العالمية. في عام 1918 جاء في مذكرة الاركان العامة البريطانية بتاريخ 9 كانون الاول ما يلي "ان انشاء دولة يهودية حاجزة في فلسطين امر مرغوب فيه بالنسبة لبريطانيا العظمى من وجهة النظر الاستراتيجية..." وفي الولايات المتحدة الامريكية وضعت في سنة 1919 خطط ترمي الى تحويل "فلسطين اليهودية" الى حصن امريكي في الشرق الادنى.
ان الصهيونية – هذه الظاهرة التي ولدتها الامبريالية وهي ايديولوجية الاكثر رجعية والاكثر اغراقا بين انواع التعصب القومي البرجوازي اليهودي لا بل العالمي ومنذ بدء نشوئها كانت عدوا من ألد اعداء الايديولوجية والفكر الماركسي، ولذلك نرى ونستون تشرشل يكتب في سنة 1920، معربا عن رأي الاوساط الحاكمة الانجليزية انه يعتبر الصهيونية "ردا على الشيوعية العالمية" في المسألة اليهودية وانه "ينبغي" لهذا السبب "ان تظفر" الصهيونية "بروح الشعب اليهودي"، (نقلا عن Prittie T. Eshkol)، ان ايديولوجيي الصهيونية وزعماءها قد اكدوا بمثابرة واصرار على جوهرها المضاد للثورة فقد جاء في وثيقة صهيونية من القرن التاسع عشر قولها: "الاشتراكية... تعترض طريق الصهيونية.. الصهيونية والاشتراكية ليستا قطبين متنابذين وحسب بل ايضا عنصرين ينفي احدهما الآخر نفيا تاما، الصهيونية ضرورية حيث يوجد يهود ولا غنى عنها حيث بالاضافة يجري غليان في رؤوس اليهود"(ارشيف ثورة اكتوبر المركزي التابع للدولة عام 1898 الملف 11 الجزء 20. ص 70)، ان الصهيونية التي نادت بنفسها على نحو ديماغوغي "حركة التحرر القومي للشعب اليهودي"، و"ثورة يهودية" وما الى ذلك قد كشفت منذ اولى خطواتها لا جوهرها البرجوازي وحسب بل ايضا جوهرها الاستعماري الموالي للامبريالية، فقد كتب هرتسل مثلا يقول: "برنامجي (أي البرنامج الصهيوني) برنامج استعماري، وهذا البرنامج نفذته بانسجام وتتابع هيئات ومنظمات متنوعة عملت باشراف المنظمة الصهيونية العالمية – منها التروست الاستعماري اليهودي المعروف كذلك باسم المصرف الاستعماري اليهودي (تأسس في عامي 1898 و 1899) ولجنة الاستعمار (سنة 1898) والهيئة اليهودية القومية – كيرن كاييمت (سنة 1901) والمكتب الفلسطيني (سنة 1908) وشركة تنمية الاراضي الفلسطينية (سنة 1908)، وفي سنة 1920 انشأت دائرة خاصة للاستعمار اسمها كيرن هييسود، وفي سنة 1921 انشئت الوكالة اليهودي لأجل فلسطين التي حصرت في يديها قيادة الاستعمار الصهيوني "لأرض التوراة". وبمثابرة واصرار روج ايديولوجيو الصهيونية وزعماؤها الصيغ الصهيونية للنظريات العرقية بصدد "رسالة" الغرب "التمدينية" واعباء "الانسان الابيض" في الشرق، فقد كتب هرتسل مثلا انه ينبغي على الصهاينة ان يبنوا في فلسطين "مخفرا اماميا للحضارة مقابلا للبربرية" "قسما من سور قلعة اوروبا ضد آسيا" و"مخفرا للثقافة الغربية" "في اقصر طريق الى آسيا"، ثم ان اقرب اصدقاء هرتسل، نورداو قال صراحة في المؤتمر الصهيوني السابع سنة 1905 "ان بوسع الصهاينة ان يأخذوا على عاتقهم مهمة النضال ضد حركة العرب التحررية الوطنية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي