الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الانسحاب الامريكي والمتغير الاستراتيجي التاريخي
عبدالامير الركابي
2018 / 12 / 30مواضيع وابحاث سياسية
حدث ماكان متوقعا خارج الافتراضات والفبركات السياسوية، فاضطرت الولايات المتحدة الامريكية لاعلان انسحابها من سوريا، نحن هنا امام لحظة من لحظات الانكفاء الامريكي ضمن سياقات غروب الامبراطورية المفقسة خارج رحم التاريخ، الامر الذي اقرة الاستراتيجيون والامريكيون منهم وتوقعوه منذ عقدين واكثر، وبمقدمهم بريجنسكي، ويتجاهله معلقوا الصحف، والكتاب المعنيين بصناعه اراء متصلة بشبكة التضليل والايهام، تطابق اغراض الممنارسة السياسية الضيقة. ترامب الاضحوكة "زار العراق زيارة سرية برفقة زوجته" ذهب الى الرمادي، اقرب نقطة استطاع ان يطاهأ بطائرته، لابحذائه، من حدود ايران، وغادر هاربا كما وصل، فوصوله بالاصل كان مخزيا، مشحونا بدلالات الجبن والصفاقة.
هو فعل ذلك من باب العبقرية الاستراتيجية، ليقول بان انسحابه من سوريا، لايعني انه خائف من ايران وحليفتها الروسية، او انه ينوي مهادنتها من هنا فصاعدا كما قد يقع في روع حلفائة في المنطقة، فهاهو يصل الى غرب العراق متخفيا، وخائفا يرتجف، وفي موكب مطفا الانوار، مع اسطول من طائراته الحربية الاكثر حداثة، وتعتيم مطلق، مؤكدا مرة اخرى وتباعا، بان العالم صار محكوما لقانون المهزلة الكبرى، مع استشراء التعفن المطرد، بينما روائح جثة الغرب وزمنه تعم الكرة الارضية، ابتداء من اصل نهضة الغرب، اوربا.
الاسرائيليون اطلقوا بعض التصريحات بخبث يليق بهم، وبمدرستهم الدالة على خبرة الالتياع الكاره للوجود السوي سط التاريخ، وجهوا من خلالها تحذيرات الى ايران تقول صراحة مااراد ترامب قوله بالفعل، بان على دولة الملالي ان لاتفرح بما حدث، وانها يجب ان تكون حذرة جدا من هنا فصاعدا، الاتراك الاكثر تضررا وبالذات اردوغان الذي انكشف ظهره، والمنبوذ في اوربا والشرق الاوسط، مازال يتحدث، او يتحدث قادته من العسكريين عن عمليات عسكرية غرب الفرات، المؤكد انها لو حدثت ستكون بمنتهى الخراقة، وان المنطق سوف يدفع بتركيا بحكم الاضطرار، الى التفاهم الجدي من هنا فصاعدا مع الطرف المنتصر: روسيا، فايران فعليا ليست هي التي سيحسب الانسحاب الامريكي في خانتها، المباشرة، بل التحالف الروسي الصيني الذي سيزداد موقعه العالمي ثباتا، من هنا فصاعدا، الامر ذاته يشمل السعودية ودول الخليج، واولها الامارات العربية التي بادرت لفتح سفارتها في دمشق، في حين يتوقع حصول متغيرات على الجبهة اليمنية، بالاخص في سياق تداعيات قضية خاشقجي والانسحاب الامريكي، ومع الحدثين، سوف تهبط المملكة العربية السعودية في سلم الاهمية الاقليمية، درجات غير مسبوقة، علينا ان لانحسبها آنيا من دون استحضار تداعيات ومسارات العالم منذ العقد الاخير من القرن العشرين.
اسرائل قد تروج اليوم لفكرة، او احتمال اقدامها على خوض حرب، الهدف منها خلط الاوراق، وقد يصدق البعض مثل هذه النوايا الفارغة، او يريد تصديقها والترويج لها،مع انها دالة على مازق يقارب مايعرف بالتاريخي، قد يكون للمرة الاولى في تاريخ الكيان الصهيوني، فالحرب اليوم اخطر على اسرائل من التزام الانكفاء والترقب، ومحاولة استيعاب المتغيرات الحاصلة، فلاشي ابدا، وفي ظل تراجع لاتغفله اسرائل في موقع الغرب وامريكيا، يمكن ان يضمن نتائج ايجابية لصالح الكيان، تتوخى من حرب تشنها في المنطقة، لاتكون بعكس المرجو منها، قد تكون بالاحرى محطة نهاية، وتداع متوافق مع دلالة وايقاع الانسحاب الامريكي الحالي.
المنطقة سائرة الى التغير، وربما الانقلاب، هي بالذات وتحديدا، من بين مختلف مناطق العالم التي ستصيبها المتغيرات الحالية باشكال متباينه، بينما يكون قد ان الاوان لرفع شعاراو علامة فارقة تكون ملخص وصف لاحوال العالم من هنا فصاعدا، تقول: "عصر افول الامبراطورية الامريكية والغرب"، وهو اعلان عن انقلاب ربما مايزال العالم، وعالمنا العربي غير مؤهل للتعامل معه بما يجب، وبما قد يكرس فترة من الفوضى في التقدير، وفي التعيينات المتصلة بشتى القضايا الكبرى والصغرى، على مثال مااعلنه الحزب الشيوعي اللبناني على سبيل المثال، بالاشتراك مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين واعلنه الامين العام للحزب اللبناني عن النمط الجديد من " المقاومة" وضرورة بعث موضوعات " حركة التحرر العربي" المقبورة من عقود، الامر الذي يضع الحزب المذكر وامينه العام في نفس خانه الخبل والهلوسة الترامبية باعتباره من صنفه، وصادرة عن نفس نوازعه ومحركاته المقابلة على الضفة الاخرى.
لماذا قرر ترامب هزم نفسه استراتيجيا، بعد كل تخبطاته واستعراضاته، واصراره على الانتقال بالسياسة على مستوى الكوكب، من خانتها المعتادة الى خانه الماخورية، وماهي الدوافع التي حدت به لارتكاب هذه الخطيئة الكبرى بحق امريكا ودورها في العالم؟ ذلك امر سوف يكون مدار اهتمام المختصين من الامريكيين بالذات وغيرهم، ومع ان ترامب كان صرح من قبل بما يوحي برغبته بالانسحاب من سوريا، الا ان تنفيذ عزمه بهذا الخصوص، قد يكون عائدا الى الصراعات الداخلية الامريكية، واحتدامها، بما في ذلك المناورات المتعلقة بتدداعيات قضية خاشقجي، ومحمد بن سلمان ( غورباتشوف المملكة العربية السعودية / هل ترامب هو الاخر غورباتشوف الولايات المتحدة الامريكية ؟) ومفهوم ترامب نفسه للسياسة والقيادة الكونية، كدالة مرض ملازم لانهيار تاريخي.
مالذي يمكن استخلاصه من الحدث، او المتغير الحالي ومترتباته، وماهي على وجه الخصوص اشكال التعامل، او المقاربات الواجب اعتمادها في التعامطي معها، خارج محاولات بعث الافكار منتهية الصلاحية، او تلك التي ظلت تلاك باسم التحرر وايديلوجيات التشبه المستحيل بالغرب، وهل يمكن او يجوز ان لاتتفجر بالمناسبة واليوم، وبالاخص بعد التجارب الكارثية التي انتهت لها "الحداثة" وتجربة "النهضة العربية الكاذبة"، سواء من قبل ذلك، او منذ 2011 كمحطة تعبير مغلق، ينتظر انقلابا فكريا كونيا، يخرج العقل الشرق اوسطي الابراهيمي من نطاق التكرار الببغاوي العارض، في منطقة حية على المستوى الكوكبي، الى اعادة تاصيل، للدورات الحضارية، السابقة، وبناء على جوهر الياياتها وايقاع حضورها الكوني.
لامستقبل ولادروس تستخلص، ناهيك عن التهيؤ للقادم، فضلا عن وضع الاقدام على عتبته، من دون ثورة فكرية تاصيلية في منطقة شرق المتوسط ، توصل الحاضر، ب"ما بعد غرب" وبما يكمل الدورات الاولى الحضارية التاسيسية الاولى، والثانية الامبراطورية الازدواجية الكونية التي اعقبت نهضة الجزيرة العربية في القرن السابع حتى 1258 مع دخول هولاكو الى بغداد التي لم يدخلها ترامب اليوم واختار الرمادي وصحرائها بدلها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 2024 النشرة المغاربية الخميس 28 مارس • فرانس 24 / FRANCE 24
.. المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية تؤكد ضرورة بدء تجنيد
.. لليوم الـ11.. استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع
.. محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بضمان إيصال المساعدات إلى غ
.. غزة.. ماذا بعد؟| نحو 20? من الأمريكيين يغيرون موقفهم من حرب