الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزوح والفرار في القانون الدولي

خالد الخالدي

2018 / 12 / 31
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


شكلت موجة النزوح في جمهورية العراق في 10 حزيران من عام 2014 وما تلاها اثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابي المتطرف – داعش – على مدينة الموصل واحدة من أكبر موجات النزوح البشرية التي شهدها العالم منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية فالأرقام التي تحدث عنها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لمنظمة الأمم المتحدة او منظمة الهجرة الدولية عبر مصفوفات حركة النزوح وصلت الى ما يقارب ثلاثة ملايين ونصف المليون نازح. فيما شكلت موجة النزوح من سهل نينوى وقضاء سنجار أكبر موجة تم تسجيلها خلال الصراع حيث نزح 735,000 مواطن خلال اقل من 6 أيام بعد مهاجمة التنظيم الإرهابي لمناطق المسيحيين والايزيديين.
ان المعضلة الأساسية للنزوح ليست فقط عملية انتقال موجات سكانية كبيرة فالمخاطر أساسا تحدث قبل شروع المدنيين بعملية النزوح فمن المعلوم ان المدنيين عند اندلاع النزاعات المسلحة والحروب يصبحون تلقائيا أهدافا مباشرة للقوات المتحاربة وغالبا ما تشن ضدهم عمليات عسكرية "عدائية لا يجيزها القانون تحت أي ظرف".
تتنوع اشكال هذه الانتهاكات بين العنف الممارس ضدهم بشكل عام والقتل والتعذيب واحتجازهم كرهائن او استخدامهم كدروع بشرية في ظل أجواء من نهب وسلب الممتلكات والمقتنيات الشخصية والأموال وقد يتعمد القيام بممارسات تتصف بالتخويف والترهيب وبث الرعب بنفوسهم و الاسوء من ذلك هو الانتهاكات التي ترتبط بالعنف الجنسي ضد الفتيات والنساء كما حدث مع النساء الايزيديات في قضاء سنجار بعد مهاجمة القضاء في 3 أب 2014 حيث تم احتجاز النساء والفتيات ثم جرت مختلف وشتى صور الاتجار بالبشر ضدهن وانتهت الى تهريبهن ونقلهن قسرا الى سوريا لتعاد صفحة العبودية من جديد بعد ان اطمئن العالم انها قد ولت هذا الى جانب اخر لا يقل بشاعة وهو القيام بتجنيد الأطفال من قبل ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابي للقتال ضمن صفوفه وهذا تقريبا حدث في جميع المناطق التي سيطر عليها في جمهورية العراق قبل ان يتم تحريرها من قبل القوات التابعة للحكومة للعراقية والتحالف الدولي والمتحالفين معهم.
ان هذه الانتهاكات وغيرها من الاسباب تجعل من حركة النزوح عملية معقدة حتى قبل الشروع فيها ولكن تحت ظل ظروف عديدة واهمها ما اوجزنا طرف منه بشكل أساسي أعلاه يتخذ المدنيون قرارا بالانتقال الى مدينة أخرى.
اذا فأن النزوح هو الانتقال لأشخاص من منطقة الى أخرى داخل حدود بلدهم لسبب او لأخر وهذا بشكل عام و على هذا الأساس يعرف القانون الدولي طبقاً للمبادئ التوجيهية الصادرة عن الأمم المتحدة 1998 النازحين انهم "الأشخاص او جماعات الأشخاص الذين اكرهوا على الهرب او ترك منازلهم او أماكن اقامتهم المعتادة او اضطروا لذلك نتيجة او سعيا لتفادي اثار نزاع مسلح او حالات عنف عام الأثر او انتهاكات حقوق الانسان او كوارث طبيعية او كوارث من صنع البشر ولم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها للدولة" ومن سياق التعريف نستنتج ان هناك شرطين
الأول ان هناك حركة قسرية اجبارية اضطرارية لم يعد للأفراد المدنيين سواها للفرار او الرحيل من مكان سكناهم
الثاني ان تكون هذه الحركة التحرك الانتقال داخل حدود الدولة أي انه فر قام بالفرار هرب انتقل من مكان سكناه الى أماكن أخرى او مكان اخر داخل حدود البلد .
ومما سبق بالتعريف نجد انه ينطبق أيضا على الأجانب فيما إذا كانوا ضمن الذين انطبق عليهم الشرطين لان المشرع الدولي بالتعريف أعلاه لم ينهي التعريف ب (لدولهم) بل قال (للدولة) وهذا يضع تفسيرا مقبولا شكلا ان المراد بالدولة هي الدولة التي حدثت داخل حدودها حادثة او واقعة اضطرت افراد للنزوح قد لا يكون هؤلاء الافراد ضمن مواطنيها وعلى كل فأن هذا لا يخل بحقوقهم الواردة في القانون الوطني او الدولي كرعايا لدولة اجنبية، أيضا نلاحظ ان المشرع الدولي حين إقرار التعريف اقر هو الاخر ان هناك اسباباً مختلفة للنزوح وفي هذه الحالة سنجد ان هناك اختلافا كبيرا بين من فر بسبب الخوف من القتل او التعرض الى انتهاك جسيم اخر بفعل فاعل وبين من فر بسبب كارثة طبيعية او بسبب اندلاع نزاع مسلح بشكل عام ولعل خير مثال ينطبق على ذلك هو "الفرار الجماعي" للمواطنين العراقيين المسيحيين والايزيديين بسبب مطاردتهم من قبل عناصر تنظيم داعش الإرهابي فالفرار جاء نتيجة خوفهم "يقينا" من القتل او ارتكاب انتهاك جسيم بحقهم ( وهو ما حدث فعلاً اذ ارتقت الانتهاكات المرتكبة ضدهم الى جريمة إبادة جماعية كما اقرتها الأمم المتحدة بعدة إصدارات على سبيل الذكر لا الحصر تقرير "لقد جاءوا ليدمروا 2016 ) وبين عامة النازحين من مدينة الموصل والذين فر اغلبهم بسبب اندلاع القتال فقط او توجيه نداءات لهم من قبل قوات الجيش العراقي بتحذيرهم حول قيامه بشن عمليات عسكرية وهو انذار يراعي مبادئ القانون الدولي الإنساني حفاظا على سلامتهم ومن هنا نستنتج ان تحديد سبب النزوح والفرار يلعب دورا أساسيا لاحقا بتوصيف وتكييف الانتهاكات التي ارتكبت اثناء قيام المدنيين بحركة النزوح .
بعد شروع الافراد بالنزوح فان الخطوة التالية هي الوصول الى الأماكن التي سيتخذونها ملجأ لهم وملاذ وهذا يعني سكنهم ضمن بيئة قد تكون مجتمعاتها مختلفة او قد تكون ضمنها لكن معزولة داخل مخيمات معدة مسبقاً والامثلة على ذلك كثيرة جدا وبطبيعة الحال فأن مدة بقائهم في هذه البيئة رهن بمدى انتفاء الأسباب التي دفعتهم للنزوح الا انها غالبا ما تستمر لوقت ولمدد زمنية طويلة قد تتجاوز سنوات وهذا ما شاهدناه في حالة ملفي النازحين مواطني جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية داخل حدود بلدانهم.
ان حركة النزوح لا تتوقف عند هذا الحد حتى لو كان الفرد مستقرا نوعا ببيئة حضرية كمدينة مثلا بل ان حركة النزوح تنتهي بعودة النازح الى محل اقامته الأصلي الذي قدم منه ومارس حياته مرة أخرى بشكل طبيعي او انه أعاد التوطين في غير محل اقامته الذي قدم منه.
ولحماية النازح في هذه المراحل فقد اوجد المجتمع الدولي صكوكا عديدة توجد فيها فقرات لحمايته منها :-
 المبادئ التوجيهية بشأن التشرد الداخلي الأمم المتحدة 1998
 اتفاقية جنيف الرابعة 1949
 البروتوكولان الاضافيان لاتفاقيات جنيف 1977
 معاهدة روما 1998
 الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948
 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 ودخل حيز النفاذ 1976
 العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 ودخل حيز النفاذ 1976
 اتفاقية لاهاي لقوانين واعراف الحرب 1907
 تعليقات عامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1977
 قرارات متعددة ومختلفة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي تعد ذات صلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس وإيطاليا توقعان 3 اتفاقيات للدعم المالي والتعليم والبحث


.. #إندونيسيا تطلق أعلى مستوى من الإنذار بسبب ثوران بركان -روان




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار التي خلفها الاحتلال بعد انسحابه من


.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش صفقة التبادل والرد الإسرائيلي عل




.. شبكات تنشط في أوروبا كالأخطبوط تروّج للرواية الروسية