الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفع صورة صدام هدية من السماء للطائفيين في السلطة وخارجها

علاء اللامي

2018 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تركتُ الزوبعة الإعلامية والتواصلية التي أثارها رفع صورة الطاغية صدام حسين تمر، وتهدأ الضجة قليلا ليكون سماع الصوت أكثر وضوحاً، ولأسجل الملاحظات السريعة التالية على سبيل التذكير ومحاولة وضع الحادثة في سياقها الحقيقي والتأشير على الطرف المسؤول الفعلي عن هذه الحادثة التافهة في حجمها ومضمونها والخطيرة في ردود الأفعال المسمومة والمشبوهة التي أثارتها!
1-لم يرفع أحد صورة لصدام وما رفع هو تخطيط سيء أو استنساخ لصورة تخطيط سيء له من قبل مجموعة صغيرة من الطلاب الجامعيين وعلى سبيل تسجيل الحضور والنكاية الحزبية والطائفية على الأرجح.
2-هذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها صور لصدام حسين فقد رفعت وألصقت صوره وملصقات ودمى صغيرة على السيارات وغيرها للدكتاتور ليس في الأنبار أو صلاح الدين بل في محافظات الجنوب والفرات الأوسط وتم التعتيم على تلك الحوادث أو نسيانها وهذا قد يعني أن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها بأن الناس تحاول استفزاز السلطة واحزابها الطائفية الفاسدة والنكاية بها حتى لو كان رافع صورة صدام من أشد مبغضيه وكارهيه.
3-جاءت هذه الحادثة بعد أيام - ربما بعد يوم أو يومين- من انتشار فيديو يحتوي على تسجيل صوتي فقط لكلمة وجهتها رغد ابنة الدكتاتور الى العراقيين وتطرقت فيه الى ما سمته (مظاهر محبة الناس لقائدهم التي تنقلها وسائل الإعلام). ولكن هل يمكن الجزم بنسبة التسجيل الى رغد صدام لمن لم يسمع صوتها من قبل ومن دون اعتماد التحليل الفونولوجي "الموجي والطبقي" لصوتها الفعلي ومقارنته بالصوت المسجل؟ وهذا الشك بالصوت يضعف جدا حين نعلم أن السيدة المذكورة لم تصدر بينا تنفي فيه نسبة هذا التسجيل لها حتى الآن.
4- الذين سارعوا لتعميم اتهاماتهم الطائفية الغبية والتي بلغت درجة مستنقعية فعلا من الانحطاط واللغة الفاحشة ضد ملايين العراقيين من العرب السنة، هم أنفسهم الذين لم يعلقوا على رد فعل جامعة الأنبار السريع والقوي والذي يمكن اعتباره قمعيا ضد الطلبة الذين ارتكبوا تلك الحماقة ومن الطبيعي أن يكون وراء هؤلاء قوى "عراقية" أخرى لا تريد أن يحدث أي تلاقي بين عرب العراق بل أن يستمر الاستقطاب الطائفي بينهم حتى الاقتتال المباشر.
5- بجمع النقاط الأربع السابقة في سياقها الواحد يكون من الواضح جدا أن هذه الحادثة مفتعلة ومخطط لها مسبقا من قبل قيادات حزب البعث بشقيه في الخارج. وقد استغلها الإعلام الهدام المروج للاستقطاب الطائفي المحلي والخارجي استغلالا ماهرا وجيدا وهي ستكون مفيدة حتى للطرف التكفيري الداعشي لأنها توفر له المزيد من الثغرات لاختراق الوضع العراقي برمته.
6-الخطيئة الأصلية تكمن في طريقة تعامل نظام المحاصصة التابع للاحتلال منذ سنة قيامه في 2005 وحتى الآن مع النظام السابق وزعيمه ومتعلقاته الأخرى تلك الطريقة القائمة على "عقلية الاجتثاث" المادي. فلا الدكتاتور حوكم محاكمة جيدة وحقيقية تجتث ركنا من أركانه أمام العراقيين، بل تم وبغباء مفرط تحويله ومجموعة أزلامه الى أبطال وشهداء، وظهر خصمهم هو الضعيف المرتبك والهش والمستند الى المحتل الأجنبي. وعوضا عن محاكمة شفافة ومتوازنة ومتخصصة تدين وتكشف ملفات أربعة عقود من جرائم النظام الهائلة شاهدنا محاكمة مضحة وبائسة يقودها أشخاص مذعورون يتلقون الأوامر من أناس لا علاقة لهم بالقضاء ويختارون قضية ثانوية ليحاكموا عليها المتهمين وهي ما سميت بمجزرة الدجيل تاركين عشرات الجرائم الأخرى والتي ربما كانت تدين البعض من رجال النظام الجديد.
7-إن نفاق نظام المحاصصة لا حدود له فهو يتصالح، بل وتتحالف قيادات أركانه - كتحالف البناء مثلا - مع أعتى القادة الطائفيين التكفيريين كالخنجر وغيره، حتى أوصلت بعضهم الى مقاعد البرلمان ووزارات حكومة عبد المهدي ولكنها تصاب بالهوس المرضي لمجرد رفع صوة تخطيط غير واضح للدكتاتور صدام في جامعة عراقية. وهذا النفاق سيستمر طالما استمر هذا النظام قائما، ولا يوجد طرف يستفيد استفادة كبرى من خروقات بعثية كهذه أكثر من النظام نفسه الذي دأب على رفع البعبع البعثي في كل مناسبة تتحرك فيه جماهير العراقيين ضد فساده وجرائمه لتحشيد قواه والتشنيع على المنتفضين ضده.
8-سيبقى هذا النوع من الممارسات البعثية مدانا لأنه يستفز ملايين العراقيين وخصوصا من ذوي الشهداء الذين اغتالتهم آلة القمع والموت والتهجير الصدامية ولا يمكن الخلاص من شبح صدام وجرائمه إلا بكشف جميع سجلات تلك المرحلة التاريخية التي عاشها العراق أمام الباحثين والعلماء والمؤرخين وليس بالتستر وكتم الأصوات والاجتثاث القمعي للأفكار ومصادر رزق مئات الآلاف من الأسر العراقية ومصادرة أملاكها وحتى مساكنها، بالتواصل مع كشف ملفات حكم المحاصصة اللصوصي طوال الخمسة عشر عاما الماضية.
9- إن رفع صورة صدام من قبل شباب مضلَّلين ومندفعين لا يقل بؤسا وسلبية من تقريب الطائفيين والتكفيريين من نمط الخنجر - الذي لم يترك مناسبة سياسية تمر دون أن يمجد صدام وينشر صوره مع تغريداته الخاصة - من قبل الساسة الانتهازيين الشيعة والحل ليس بالاجتثاث الوظيفي والحزبي والفكري بل بفتح ملفات المرحلة الصدامية فتحا شجاعا لشمس النقد والدراسة العلمية ومحاسبة المسؤولين الفعليين فقط ممن سفكوا دماء العراقيين خلال تلك الفترة وهذا ما لن يجرؤ نظام حكم المحاصصة الطائفية على مجرد التفكير به حاليا.
*كاتب عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة