الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى متى ستموت الأوطان فينا ؟؟؟

عمر بن أعمارة

2019 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



1
ما أتعسنا، ما أتعسنا حين لا نسمّي الأشياء بأسمائها، ما أبشعنا حين نهجر إنسانيتنا، ما أكثر غموضنا حين نسكن في ظلنا، ما أتفهنا حين نضع أقنعة على وجوهنا، ما أشقانا حين نغادر ذواتنا، ما أكسلنا حين لا نجد من المرايا إلا مرايا الآخرين، ما أغبانا حين لا ننظر إلى أعماق أنفسنا، ما أحقرنا حين نكابر مع جهلنا، ما أبخسنا حين نزايد على تخلفنا، ما أقسانا حينما لا نمتلك إلا الحنين إلى أطلال لم تعد قائمة، أو التحصن تحت نصوص لم تعد تحدثنا.
لماذا استوطنا كل هذه الهشاشة ؟ لماذا نجاور كل هذا الضباب في كل أعمالنا ؟ كل المغامرات خضناها إلا مغامرة العقل، لماذا نحمل نظارات الآخرين حين نريد أن ننظر إلى أنفسنا العميقة ؟ كل المرايا نظرنا فيها إلا مرايانا نحن، كم من الطلاء يكفينا للستر على قبحنا ؟ أي القارات تتسع لأخطائنا وهفواتنا ؟ لماذا ظللنا أقزام التاريخ ؟ لماذا لم نعد نكبر وظللنا دائما قاصرين في زمننا وعصرنا ؟ لماذا في كل مرة نعلن النهايات ؟ لماذا لا نعرف الطريق إلى المستحيل ؟ أي المذكرات تصلح لنا لتسجيل انكساراتنا ؟ كم من السجلات تكفينا لتدوين هزائمنا ؟ نجوم في السماء ونحن ثقوب سوداء في الأرض، أي الصحاري تتسع لجفائنا ؟ كم من أسئلة تأخرنا على طرحها وكم من إجابات وضعناها في غير محلها ؟ أي المعاجم مناسبة لنا كي نستقي منها مفاهيم تصلح لتشخيص أمراضنا ؟ لماذا نستعير كل مصطلحاتنا من معاجم الانكسارات والهزائم ؟ لماذا لا تزهر أشجارنا وفصولنا السنوية كلها خريف ؟ لماذا دائما نخال السراب ماء صالحا للاستجمام ؟ أي أخلاق سنلبس بعد اليوم كي نستحي ونخجل من وضعنا ؟ أي الأرقام تليق بمكانتنا ورتبنا ؟ أي المحيطات تكفينا لتطهير ذواتنا ؟ الفساد استشرى فينا حتى استحيى هو بدلا منا نحن. نحن أصحاب رد الفعل بدلا من الفعل، هل نملك تصورا ما لأنفسنا وعنها ؟ هل لنا من رؤية لحاضرنا ولمستقبلنا ؟ هل من قدر لنا غير قدر تخلفنا وتمزقنا وبؤسنا اللامتناهي؟ هل من انتماء لنا غير انتمائنا إلى هوامش وحواشي العصر ؟ هل من ضمير لنا حتى نستفزه ونوقظه من سباته العميق ونكشف عليه حتى يصبح ضميرا غير مستترا ؟ أي الجسور تليق لعبورنا ؟.
كل الصلاحيات المتاحة لنا انتهت بما في ذلك صلاحية نومنا وموتنا. نحن امبراطورية البؤس واليأس، هل هذا قدرنا ومكتوب علينا أن نكون محطات لكل الانكسارات ومطارات لكل الانهيارات وموانئ لكل الفواجع ؟ أي انشطار وأي تشظي نحن مقبلين عليه بعد كل هذه التمزقات ؟.
يا موسوعة غينيس الأبدية، سجلي على صفحاتك : "كل الأرقام القياسية التي تؤدي إلى محطات الفشل والسقوط نحن من صنعنا إياها وهي من إنجازاتنا الفذة."
نحن الوحيدين الذين انتصرنا في تمزقنا وانهزمنا في وحدتنا، فأي نوع من الكائنات التي لا تقبل إلا بالتجزؤ كحل، نحن ؟ نحن التعدد والتنوع الوحيد والمنفرد الذي لا يقبل بالوحدة، نحن المجموعة الاستثنائية التي لا تقبل بالجمع كحل، فإلى متى سينام الإنسان فينا ؟ إلى متى ستموت الأوطان فينا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53