الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبودية باقية !

أمجد المصرى

2019 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العبودية قديمة قدم الإنسان على الأرض، لحاجة البعض لتأمين قوته الذى عجز عن توفيره، أو لحاجته للحماية باللجوء إلى سيد قوى مُهاب فائق القدرات. و العبودية أقرتها عصور غابرة لأسباب اقتصادية لتوفير العمالة زهيدة الأجر للرعي و الزرع و التجارة ، ثم صارت نظاما إجتماعيا مرت عليه الأديان الإبراهيمية مر الكرام ، فلم تر ثمة ضرورة لإلغائه أو تحريمه رغم معاناة العبيد و الإماء من عسف السادة و الحكّام الذين إكتظت قصورهم بالنساء و الغلمان لأغراض شتى

عندما ترتهن معظم شؤون امرئ بإرادة آخر فتلك هى العبودية ، يصبح الأول عبدا و الآخر سيدا أو قل ربا أو إلها حتى ولو أنكر كلاهما ذلك الواقع الذى قد تشكل من طبيعة العلاقة بينهما ، قد تكذب الكلمات ولكن الأفعال دائماً صادقة
{ وقد تَنْطِقُ الأشياءُ وهْيَ صَوَامِتٌ .. وما كُلّ نُطْقِ المُخْبِرينَ كلامُ } ربما قالها أبو العلاء المعري فى أمر كالذى نستعرضه اليوم
يعتمد العبد على ربه فى الرزق و الستر و العافية و أكثر من ذلك ، و الرزاق بطبيعة الحال يملك إرادة المنح أو المنع ، الإغداق أو التقتير ، الإسراع بالنجدة أو التأنى ، و فى جميع ما سبق تكون مشيئة الرب ذات غرض أو حكمة قد يتوقعها أو يخمن بها العبد لكنها معلومة يقينا لدى ذلك الرب المعطى الوهّاب

و مؤخرا، و بعد بزوغ نجم ( العولمة ) و العالم أحادى القطب فيما أعقب انتهاء الحرب الباردة ، ظهرت عبودية جديدة ، ظهرت ( الأمـة الرب ) و الأمم العبيد التى اعتنقت الدين الجديد
و من أسف ، و من عجب أيضا أن الذين هرولوا ودخلوا فى الدين الجديد أفواجا كانوا هم العرب المسلمون بكل أقطارهم و حكامهم و أشياخهم و كل نخبهم و عوامهم أيضا ،مع إستثناءات لا تفى القاعدة،بل تؤكدها. صار السيد / الرب الأمريكى يأمر فيطاع بغير تردد و لا تقصير و لا تفكير
صاروا يدينون بالعولمة دينا و عقيدة ، و بالبيت الأبيض إلها و على سنة كل رئيس أمريكى صاروا يتعبدون ، فغدت الآية الجديدة تقول { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا البيت الأبيض و أطيعوا الرئيس و أولى الأمر منكم لعلكم تفلحون }
أحجم العبيد فى صحاريهم عن التضرع لربهم القديم بصلاة الاستسقاء بركعاتها و أورادها بعد أن أنعم عليهم السيد / الرب الجديد بماكينات تحلية مياه البحر ليشربوا و يزرعوا و يتحمموا أيضا
كفوا أيضا عن مناداة ربهم القديم ( يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف ) إذ وهبهم الرب الجديد الأسلحة و الذخائر التى باتوا يخيفون بها من جاء لإخافتهم ، و دون استعانة بخفى الألطاف القديم
هجروا من كان دون غيره يعلم ما فى الأرحام بعد أن أصبحوا جميعا يعلمون ما فى الأرحام - بواسطة جهاز السونار الذى أنزله لهم الرب الجديد من لدنه رحمة للعالمين
و كان حريا بالرب الجديد أن يظهر ربوبيته لعباده و بأنه ( الحافظ للمتقين ) فأرسل ملائكته فى الماضى القريب يحاربون دفاعا عن الكويت و أوقع العذاب الأليم بالعبد المارق العاصى الزنيم (صدّام) حتى شنقه فجر العيد ليشف صدور قوم خاضعين
و من عبقرية الرب الجديد أنه لا يجد مشكلة فى الشرك به و انخراط عباده فى التعبد لآلهة أخرى ، و يسمح - من فرط رحمته و حكمته - لأولئك العباد بأن يوجهوا السباب فى العلانية أحيانا و يتظاهرون بالكفر به ، وذلك بشرط ألا يقصروا فى الفروض الواجبة تجاهه .. فطفق كل راع فى ربوع المؤمنين يقسو بالتقتير على رعيته ليؤمن الأخماس التى يوردها للسيد الرب بعد الطواف حول البيت ( الأبيض ) و السجود بقدس أقداسه بحسب الشريعة السمحاء الجديدة ، و يخوض الحروب برعيته يقتل ويدمر و يروع أعداءه الذين رماهم بالكفر أو الفسق أو الفجور و ادعى أنهم أعداء الإله الجديد ، و ملائكة الرب المخابراتية تراقب الأداء و تحسب الحسنات و السيئات و من ثم يكون الثواب أو العقاب .

------- وفى مقال قادم يأتى الحديث عن الشيطان --------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مختصر مفيد
طالب ( 2019 / 2 / 16 - 08:10 )
يقول المثل بتاعي !! لاتستطيع ان تركب احد الا بعد ان تجعله حمارا !! والدين والجهل والتخلف والفقر افضل وسيلة لتحويل البشر الى حمير وتسوقهم بعدها كيفما تريد ! مختصر مفيد ! و العاقل يفهم !


2 - صدقت يا صديقى
أمجد المصرى ( 2019 / 4 / 16 - 21:01 )
صدقت يا صديقى

اخر الافلام

.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك




.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر