الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة الشهيد في رواية الجرمق

مهند طلال الاخرس

2019 / 1 / 1
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صورة الشهيد في رواية الجرمق
للكاتب مهند الأخرس
بقلم سليم النجار
لقد كان البطل الرومانسي ؛ في رواية الأربعينات من القرن الماضي ؛ افضل حالاً من البطل المآزوم المهزوم في بعض الروايات العربية هذه الأيام ؛ " فالبطل الرومانسي" كما يقول بول فان تييغيم ؛ في كتابه " الرومانسية في الأدب الأوروبي" - ترجمة صياح الجهيم " قد يكون سيداً عظيماً ؛ لكنه في الأغلب من أصل وضيع مجهول ؛ وسواء كان ولداً لقيطاً ؛ او ابن زنى ؛ او شخصاً من العامة ؛ او خادماً او مهرجاً او قاطع طريق ؛ فأنه يحس احساساً مراً بالتضاد بين وضعه الاجتماعي وقيمته الخاصة . وهو مفعم كبرياء ومرارة وغضباً ؛ ويتحدى العادات والقوانين.

لكن البطل الرومانسي هذا ؛ متردد مثل هاملت امام الفعل ؛ يظل منفعلا اكثر منه فاعل ؛ يتبع اهواءه العمياء المحفوفة بالمكاره والمخاطر.

ان بطل بوشكين وليرمانتوف ؛ ارهاص بطل تشيخوف وغوركي ؛ وبطل عبد الحليم عبدالله ؛ ارهاص ببطل نجيب محفوظ ؛ وهذا مفهوم ؛ ومنطقي تاريخياً .

البطل في رواية الجرمق شهيد ؛ انه مقاتل ؛ هو ؛ علي ابو طوق؛ وهو بطل واقعي وسببا في صعود الرواية لمصاف الرواية المحرضة ضد الهزيمة . وضد ازمة البرجوازية العربية ؛ التي انسرحت على الرواية العربية الرومانتكية ؛ تم الواقعية ؛ وجاءت موجة الحداثة " التي تقوم على مبدا الفرد المقذوف الى وجود لا انساني ؛ لا يملك سواء ذله ؛ في مواجهة سيزيفية قدرية ؛ والمآل الشاك بكل القيم ؛ والسقوط في سديم اللامعنى العدمي" .

الشهيد في رواية الجرمق ؛ تم صياغته من الفضاء الأجتماعي الفلسطيني المقاوم ؛ الذي يرفض واقع الهزيمة؛ رفضاً كلياً.

وهذه خريطة الرواية ؛ ومنها يتأكد جو المقاومة الذي يحيق برواية الموجة الجديدة ؛ رواية الصعود ؛ لا التعميم.

ولن ازعم " الجرمق" تاتي من الشمس او من الغيب القدري ؛ بل جاءت من قيم تؤمن ان الثورة قدر الشعب الذي تعرض لهزيمة ؛ اذاً اصبحت رواية الجرمق عامل موضوعي في مواجهة الهزيمة.

ولقد هجست الرواية بالبطل الإيجابي " الشهيد" وبعلاقته بفكرة الماضي الثائر ؛ لا في الزمن وحده ؛ الذي يزاوج الخنوع مع الأعتياد ليكون الجنين هزيمة. البطل هنا ينقلب على هذا الجنين ؛ مؤكداً ان السيولة الزمنية ؛ هي سيولة الثورة.

ان الشهيد في رواية الجرمق ؛ يرفض الواقع التام ؛ الثابت ؛ الساكن ؛ غير موجود ابداً ؛ الواقع ناقص ابداً ومن يملأ هذا النقص فكر الشهيد ؛ الذي له حياته الداخلية وقانونه الداخلي ؛ ونموه حسب هذا القانون. والواقعية المبنية على واقع ثوري ؛ هي واقعية تجعل من الشهادة قانون للحياة.

ان الواقعية الثورية ؛ هي المؤهلة دائماً ؛ وهي مهاد البطولة الايجابية . هنا يترابط الزمن الفلسطيني ؛ وتتحرك حدوده بوعي ؛ ويصبح التفكير مستقبلياً ؛ ويجري التعبير عن حقيقة ان الفلسطيني في كل الظروف ؛ لديه ما يأمله ؛ وما يحلم به ؛ وما يناضل من اجله ؛ حتى قبل مرحلة وعيه بعملية هذا النضال وقانونية صراع المتناقضات الطبيعية الاجتماعية . وحتمية انبثاق الجديد وانتصاره على القديم .

ان البطل الشهيد هو بطل مرحلة التكون بالنسبة للرواية الفلسطينية التي لها المستقبل؛ لأنها تقوم ؛ وتعبر ؛ عن حركة اجتماعية هي بذاتها في طور التكون ؛ وهي القادرة على تحريك حدود الزمن ؛ والأنتقال من الماضوية المهزومة الى حاضر الثورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة