الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ايام الثورة: ايام تقدم العالم. من 1917 الى 2011 وما قبلهما وما بعدهما!
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
(Saeid Allam)
2019 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية
ايام الثورة: ايام تقدم العالم.
من 1917 الى 2011 وما قبلهما وما بعدهما!
".. وقد قال لى سكرتير حزبى فى بتروغراد ان الخراب الاقتصادى هو جزء من حملة جارية من اجل النيل من سمعة الثورة. واكد لى بناء على معلومات خاصة، دبلوماسى من الحلفاء، وعدته بعدم ذكر اسمه، اكد انه يعرف ان بضعة مناجم للفحم قد احرقها اصحابها او اغرقوها بالماء، وان المهندسين فى مصانع النسيج بموسكو قد عمدوا الى تعطيل الالات قبل ان يتركوا العمل، وان موظفى السكك الحديدية قد فاجأهم العمال فى حالة الجرم المشهود، وهم يعطلون القاطرات ..". ج. ريد، 1919.
سعيد علام
القاهرة، الثلاثاء 1/1/2019م
ايام الثورة اياً كانت، ايام روسية ام عربية، اوربية، افريقية، اسيوية، ام حتى ايام امريكية، فى الثورات كما فى الثورات المضادة، كلها ايام واحدة. ايام الثورة، اياً كان الزمان او المكان، ايام مخاض امة بكاملها فى حالة من اختمار الجديد وتفسخ القديم، ايام ترتسم فيها ملامح المستقبل، ايام تهز العالم الجاسم لتفسح المجال لعالم قادم، ايام الثورة، ايام تقدم العالم.
بعد مرور حوالى مائة عام على "عشرة ايام هزت العالم" جون ريد نيويورك (يناير 1919)، من الصعب ان تفرق، ماذا كان الذى كتب هذا الكلام عن الثورة الروسية 1917، هو الكاتب الامريكى ج. يد الذى توفى شاباً بمرض التيفود فى روسيا السوفيتيه، ام انه مجرد تشابه اسماء لكاتب آخر له اسم مشابه له، يكتب عن ثورات الربيع العربى بعد حوالى قرن (يناير 2011)، وفى مكان اخر من العالم!. نفس الطرق لاعاقة التغيير، نفس ملامح واساليب "الثورة المضادة" منذ اكثر من مائة عام وما قبلها، والى ايام الربيع العربى وما بعده.
ايام الثورة فى روسيا السوفيتية 1917 "كان الثوار يستولون على الادارات المحلية الواحد تلو الآخر، وفروع الاتحادات النقابية ويعززون نفوذهم فى صفوف الجنود والبحارة، وكانت لجان الفلاحين ما تزال محافظة وذلك لان الوعى السياسى فى الريف الجاهل كان يتطور ببطئ، بينما ظل الثوار يقومون بالتحريض بين الفلاحين لجيل كامل .. ولكن حتى فى الوسط الفلاحى كانت قد بدأت تتكون نواة ثورية.".
"وفى الوقت نفسه اخذت تظهر فى كل مكان اشارات تؤكد انتعاش القوى الرجعية، ففى المسرح مثلاً، يتم وقف العروض وتهديد الممثلين بالحبس لاهانة رموز السلطة، واخذت جرائد النظام تتلهف على "نابليون روسى"، واصبح مألوفاً فى وسط مثقفى السلطة تسمية لجان العمال بـ"لجان نواب الكلاب".
"وفى حديث اجريته (الكاتب) مع الرأسمالى الروسى الكبير ليانزوف، "روكلفر الروسى"، قال لى: "الثورة مرض، وان عاجلاً او آجلاً سيكون على الدول الاجنبية ان تتدخل فى شؤوننا، وذلك بالضبط مثلما يتدخل الاطباء لمعالجة طفل مريض وجعله يقوم على قدميه. على الامم كافة ان تعى خطر الثوار على بلدانهم، المتمثل بأفكار ثورية متطرفة .. على ان مثل هذا التدخل ربما لن يكون ضرورياً، فوسائل النقل قد شلت، والمصانع اغلقت، والالمان يهاجمون، ولعل المجاعة والهزيمة ستوقظان الشعب الروسى للتفكير السليم. وباصرار كان يؤكد السيد ليانوزوف ان التجار والصناعيين لا يمكن باية حال ان يسمحوا بوجود لجان المصانع او يوافقوا على مساهمة العمال فى ادارة الانتاج".
"ويستطرد السيد ليانوزوف "اما الثوار فلابد من القضاء عليهم باحدى طريقتين، اما فى وسع الحكومة ان تعلن حالة الطوارئ، فيقضى قائد الدائرة العسكرية عليهم بعيداً عن شكليات القانون، واما، ان تبدى الجمعية التأسيسية ميول متطرفة، فيكون بالوسع تفريقا بقوة السلاح ..".
"وقد حل شتاء روسيا الرهيب وكنت اسمع فى الاوساط التجارية والصناعية احاديث من قبيل: "لقد كان الشتاء دائماً خير صديق لروسيا، ولعله هو الذى سيخلصنا من الثورة". واما عن جبهة القتال فقد اعلن الجنرال كورنيلوف جهاراً: "اليس اجدر بنا ان نهزم فى معركة عسكرياً، من اجل اعادة البلاد الى الشعور بواجبها!". قد لا يصدق الناس ان يصل الصراع الطبقى الى هذا الحد. ولكنى التقيت شخصياً (الكاتب) بضباط على الجبهة الشمالية كانوا بصراحة يفضلون الهزيمة العسكرية على التعاون مع اللجان التى شكلها الجنود. وقد قال لى سكرتير حزبى فى بتروغراد ان الخراب الاقتصادى هو جزء من حملة جارية من اجل النيل من سمعة الثورة. واكد لى بناء على معلومات خاصة، دبلوماسى من الحلفاء، وعدته بعدم ذكر اسمه، اكد انه يعرف ان بضعة مناجم للفحم قد احرقها اصحابها او اغرقوها بالماء، وان المهندسين فى مصانع النسيج بموسكو قد عمدوا الى تعطيل الالات قبل ان يتركوا العمل، وان موظفى السكك الحديدية قد فاجأهم العمال فى حالة الجرم المشهود، وهم يعطلون القاطرات ..".
"وكان قسم كبير من الطبقات المالكة يفضل الالمان، "الاعداء"، على الثورة، ولم يكن يحدموا عن قول ذلك. وفى الاسرة الروسية التى كنت اسكن لديها، كان الحديث على المائدة يدور بأستمرار تقريباً حول وشك قدوم الالمان حاملين معهم "حكم القانون والنظام ..". وذات مره قضيت امسية فى بيت تاجر موسكوفى، واثناء شرب الشاى سألنا احدى عشر شخصاً كانوا جالسين حول المائدة، من يفضلون، الثوار ام الالمان، فكان ان ابدى عشرة مقابل واحد تحبيذهم للالمان.".
فى نفس الوقت "كان المضاربون يستغلون الفوضى العامة، فيكدسون ثروات طائلة .. وكانوا يخفون المواد الغذائية والوقود او يصدروها سراً الى السويد. ففة الاشهر الاربع الاولى من الثورة، مثلاً، نهبت على المكشوف، تقريباً، احتياطيات المواد الغذائية من المستودعات البلدية، بحيث هبط احتياطى عامين من القمح الى درجة بدا معها غير كاف لتغذية شهر واحد .. وكانت تتكدس فى المخازن اطنان من المواد الغذائية والالبسة، ولكن الحصول عليه لم يكن يستطيعه غير الاغنياء."
"كنت اعرف عائلة من التجار المضاربين، وكان الاولاد الثلاثة قد تخلصوا من الخدمة العسكرية بالرشوة، وكان احدهم يضارب بالمواد الغذائية، والاخر كان يبيع خلسة الهب المسروق لمشتريين فنلنديين مجهولين، اما الثالث فقد اشترى قسماً كبيراً من مصنع شوكلاته، وكان يبيع الشوكلاته للتعاونيات المحلية مقابل مواد غذائية، وهكذا فى الوقت الذى كانت فيه جماهير الشعب تتناول ربع رغيف من الخبز الاسود فى اليوم بموجب بطاقة الخبز، كان هو لديه فيض من الخبز الابيض والسكر والشاى والحلويات والبسكويت والزبدة .. ومع ذلك، فى حين لم يعد فى وسع الجنود على الجبهة ان يحاربوا من جراء البرد والجوع وانهاك قواهم، كان اعضاء هذه الاسرة يصيحون باستنكار: "جبناء"!، وكانوا يستحون من كونهم روساً!، اما الثوار الذين وجدوا وصادروا المؤن الضخمة من المواد الغذائية المخفية لديهم، فكانوا بالنسبة لهم "نهابين" حقيقيين!.".
"وتحت هذا التفسخ الخارجى كانت تتحرك سراً وبكثير من النشاط قوى النظام القديم السوداء، التى لم تتغير منذ سقوط النظام السابق. وكان عملاء الامن ما يزالون يعملون مع النظام القديم وضده، ومع كل من يدفع .. وفى الظلام كانت تعمل شتى انواع المنظمات السرية، ساعية لاعادة النظام القديم بكل الطرق.".
وفى ظل هذا الجو من الفساد الشامل وانصاف الحقائق الفظيع، تسمع كل يوم نغمة واحدة من شعوب العالم، وطليعتها من الثوار، الثورة مستمرة، عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية، بسترات صفراء او بدون.
سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة