الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انتصر الأسد وهزمت العرب

احمد بري. ناشط سياسي

2019 / 1 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إنتصر "الأسد" الغرب وايران.....هُزمت العرب

ها هي الحرب في سوريا بدأت تحطُ رحاها بعد سنين قاسية ودموية خلّفت في البلاد دماراً واسعاً وقتلاً وتشريداً طال الملايين من سكان هذا القطر العربي الحيوي المهم في السياسة والإقتصاد والتاريخ وعلى صعدٍ شتًى

الحرب التي لم تقتصر على ثوار محليين ونظام يدافع عن بقائه كما ظهر في بداية الأمر وكأنه جزء من "الربيع العربي" الذي بدأ في تونس مصر وليبيا وأطاح برؤوساء عمرهم من عمر النظام السوري وما يزيد لكن المشهد في سوريا سرعان ما أخذ شكل الحرب العالمية الصغرى على أراضي الشام حرب بين محورين عربي تركي غربي دخل الحرب بهدف القضاء على نظام البعث وإقصاء رمزه الأسد وآخر روسي اَيراني اعتبر مسألة الأسد وبقاء نظامه هي معركته التي سيقاتل لأجلها حتى النهاية طبعاً لا نريد ان نتوسع اكثر ونتحدث عن الطريقة التي خيضت بها الحرب عبر جماعات مسلحة مدعومة من دول المحورين دون تماس مباشر فيما بينها

بمعنى اوضح ان هذه الدول المحورية الكبرى في المنطقة والعالم تقاتلت على الأرض السورية ولكن بغير جنودها ولم تتكبد خسائر فادحة في عتادها وعديدها وأكثر مشاركتها كانت جوية عبر غارات نفذتها على أهداف "عدوة" ...

الحرب شارفت على نهاياتها وكان لإعلان الرئيس الأميركي ترامب المفاجئ عن سحب قواته من سوريا وقع الصدمة على حلفائه العرب واسرائيل الذين اعتبروه بمثابة اعتراف بإنتصار الأسد وكشف لظهر من تبقى من معارضين وبالأخص من قبل الفصائل الكردية التي رأت في الأمر خيانة فهي كانت تعتبر وجود الأميريكي ضامن لسلامتها على وقع تهديدات اردوغان الدائمة بالدخول الى سوريا واجتثاث الجماعات الكردية التي تنفّذ أعمالاً إرهابية على الأراضي التركية بحسب زعمه

قرار ترامب أتى وكأنه صافرة اعلان للعرب بالعودة الى دمشق من بوابة افتتاح السفارات فبعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لسوريا ولقائه الأسد ذاته الذي تمنى يوماً ان يراه قتيلاً شاهدنا عودة القائم بالأعمال الإماراتي الذي كانت بلاده من عداد الدول التي شاركت في الغارات على قوات النظام إبان الحرب وكذا البحرين كانت السباقة بإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع النظام "الدكتاتوري" وحبل عودة دول خليجية وعربية اخرى على الجرار كما يقال وهناك استعدادات تتبلور لإستقبال سوريا مجدداً في حضن الجامعة العربية بعدما طردوها اخوتها وعلّقوا عضويتها ...
بعد كل هذا المشهد الذي اصبح اكثر وضوحاً السؤال الذي يطرح ذاته بذاته من الذي انتصر في سوريا من كلا المحورين اذاًً

عندما ننظر الى قصر الشعب في دمشق ونجد انّ القابع الصامد فيه هو بشار الأسد والذي اجتمع اكثرية العرب والغرب على إقصائه فهذا بحد ذاته انتصار له ولمن وقف خلفه وأمامه غير قابل للنقاش

عندما ننظر الى الخريطة السورية ونستطلع اغلب المناطق التي استعادها النظام وثبت سيطرته عليها بالتعاون مع حلفائه من روس وإيرانيين وجماعات مسلحة نرى بأم العين بوادر النصر الذي تحقق

عندما نبحث عن معارضي الأسد الذي ملؤوا العواصم في سنوات الحرب التي خلت ولا نجد أحداً منهم ولا نسمع صوتاً لمتحدث بإسمهم

عندما يغور الإعلام وفضائياته التي هولت وصورت للسوريين والعرب بأنّ سقوط الأسد ونظامه صار قاب قوسين او ادنى عندما نرى كل ذلك نعي مدى النصر الإستراتيجي الذي حققه الأسد ونظامه وايران التي وجدت في الحرب السورية فرصة لتوسيع نفوذها وللحفاظ على خط "المقاومة" مفتوحاً من ايران، العراق، سوريا فلبنان وكذا بعض من حرسها اصبح على مقربةٍ من الجولان وحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة الأمر الذي اقلق وأزعج اسرائيل وهي تعمل بكامل قواها واتصالاتها الدولية مع مراكز القرار بأن اَي تسوية سياسية قادمة يجب ان تكون مسألة ابعاد ايران عن حدود كيانها في أولى بنودها.

أما روسيا العائد الأكبر الى المنطقة بعد انهيار الإتحاد السوفيتي استطاع رئيسها القوي بوتين ان يثبت لنفسه مكانة على خارطة المنطقة السياسية وان يصبح جزء من قرارها لا يمكن لأي دولة تجاوزه مهما علا شأنها وكذا استطاع الحفاظ على اخر قواعده المطلة على المياه الدافئة .
الغرب استطاع ان يمرر مسرحية طوال السنوات صدّقه العرب فيها ودفعوا مليارات الدولارات من خزائن انظمتهم وخاصة الخليجية لإكمال فصولها ومشاهدها ولكنه من الغباء ان يظن احداً ان الغرب اراد إسقاط الأسد وفشل اعتقد جازماً ومنذ البداية انه لو ارادت الدول الغربية ذلك لفعلت تماماً كما حصل مع القذافي ودون ان تتكلف عناء الهبوط على أراضي سوريا ولكنه اَي الغرب ومنذ ما بعد حرب العراق وبالأخص اميركا اصبحت تعتمد استراتيجية جديدة في الحروب الا وهي المحاربة بالغير من اجل تنفيذ أجنداتها وكذلك عدم السماح بحروب كبيرة كالعالميّتين إنما بحروب صغيرة لا وجود فيها لمنتصر ومهزوم اقله بالنسبة لها

ما حققه الغرب طبعاً أرباح بالمليارات من خلال بيع الأسلحة والصفقات التي عقدت خلال سنوات الحرب مع دول خافت على جبهاتها الداخلية فعمدت الى المزيد من التسلح وصرف ميزانيات طائلة لهذا الغرض كذلك تفتيت دولة عربية كبرى واضعاف جيشها واستيلائها على سلاحها الكيميائي وبالأخص انها دولة لا تجمعها بإسرائيل اتفاقية سلام وتعتبر خط امداد حركات المقاومة في لبنان وفلسطين بالأسلحة الوافدة من اَيران ..

لا اريد ان أتوسع اكثر فتعداد مكاسب الغربيين يطول أما العرب وكالعادة خسر رهانهم على الغرب الذين شاركوه جريمة تدمير دولة شقيقة وتهجير شعبها وتشتيته في كل ارجاء المعمورة وصرفهم المليارات على أهداف لم تتحقق جلها ذكرناها في تعداد انتصارات الأسد ولكن بالمجمل هي نكبة للعرب تتبع النكبات المتتالية والتي يديرها الغرب من اجل استمرار أضعاف الأمة العربية والإسلامية بشكل عام والوقوف سداً منيعاً امام ايّ حلم بالوحدة بين مكوناتها وكل ذلك يصب في خدمة الكيان الصهيوني على حساب قضية العرب الأولى "قضية فلسطين"

هو درس جديد في تاريخ الأمة علّها تستفيد رغم حجم الخسائر الجسام وعلّا العودة الى دمشق وعودة دمشق الى حضن اخوتها تكون خطوة في طريق الف ميل الوحدة ولِما لا ؟!

وإذا لا فلننتظر الغرب الى ايٍّ من حروبه سيقتاد جثثنا في المرّةِ المقبلة .
الكاتب أحمد بري
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024