الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[10]. هدهدات عشقيّة ، قصّة قصيرة ، 4 ... 4

صبري يوسف

2019 / 1 / 5
الادب والفن


10. هدهدات عشقيّة
4 ـ 4

عِدْتُ إلى رحابِ رحلتِها، بسمةٌ وارفة ارتسمَتْ فوقَ محيّاها، وصلتْ إلى عالمِها المكتنز بالأحلام، قلبُها يدقُّ فرحاً وتساؤلاً، أشعلتْ شموعها وبدأتْ تسمعُ إلى موسيقى هادئة، تراءَى أمامها اللِّقاءُ بكلِّ تفاصيله واسترسلَتْ في خيالِها وهي تستعيدُ اللّحظات الممتعة الهاربة من الزَّمن، همستْ تناجي نفسها، كم كانَ اللِّقاءُ بهيجاً ومفعماً بالحبِّ والحياة! انسابَتْ فوقَ خدَّيها دموعَ الحنين، تناولَتْ زجاجةَ النَّبيذِ، صبَّتْ بكلِّ حفاوةٍ كأساً على ضوءِ الشُّموعِ، شربَتْ نخبَ الفرحِ والحبِّ والحياةِ، وفيما كانَتْ في غمرةِ صمتِها وحنينِها، اتّصلَ بها كي يطمئنَّ عليها، منذُ لحظات رفعْتُ نخبَ الحبِّ والفرحِ وجمالَ الحياةِ، وأستذكرُ لقاءَنا الجميل. رائع شعورُكِ، وأنا كنتُ أفكّرُ بكِ أيضاً، تخاطرٌ شفيف، بعد فترة شدّهَا الحنين كما شدّهُ رغبة عميقة في عبورِ البحارِ، فاتّفقا على عبورِ أمواجِ البحارِ فوقَ سفينةِ الحنينِ ووشوشاتِ العشقِ، كي يعيشا على إيقاعِ الأمواجِ أبهى لحظاتِ الحياة. عبرا سفينةَ الفرحِ على هدهداتِ موجاتِ البحرِ، كم كانَ للعناقِ عذوبة بهيّة وهما ينظرا من نافذةِ القُمْرة الصّغيرة إلى البحرِ وتبتعدُ السَّفينةُ رويداً رويداً عن بهاءِ المدينةِ، همسَ لها وهو يُحْبِكُ أصابعَهُ في شعرِها ثمَّ ناغى خدَّيها بقبلاتٍ من عذوبةِ النّدى في رهافةِ الصَّباحِ، طارَتْ فرحاً فوقَ خفقةِ دقَّاتِ قلبِ البحرِ، شعرا معاً أنَّ للبحرِ قلبٌ كبيرٌ يدقُّ عبرَ تراقصاتِ الموجِ، فغابا في رقصةٍ متناغمة معَ إيقاعِ البحرِ، فرحٌ غامرٌ تهاطلَ فوقَ قُمْرةِ الدِّفءِ، حلَّقا في وقائعِ الأحلامِ، خرجا إلى عوالمِ الفرحِ، تساءلَ نفسَهُ مراراً كيفَ تطفو هذه السَّفينة المرصرصة بالأحمالِ والأثقالِ فوقَ وجهِ البحر، تسيرُ بكلِّ هدوءٍ، مسرحٌ جميل في الانتظارِ، عروضٌ بهيجة، ساحةُ الرّقصِ تنتظرُ حنينَ الرّاقصين والرّاقصاتِ إلى حبورِ الحبِّ على أنغامِ موسيقى من بهاءِ اللَّيلِ، شربا نخبَ الحبِّ والبحرِ، ثمَّ رقصا من أعماقِ ابتهاجِ القلب، كلُّ ثنائي رقصَ على إيقاعِ مرماه وليلاه، اِنسجامٌ بديع في الرّقصِ، لفّها من خاصرةِ الفرحِ، ثمَّ غاصا في عناقٍ عميقٍ! صفّقَ الجمهورُ للراقصينِ والموسيقيين. كم كانَ الجوُّ بهيَّاً وشهيَّاً على الفرحِ، جلسا في ركنٍ جميلٍ يسمعان إلى عرضٍ راقصٍ، موسيقى في غايةِ الرَّوعةِ ترافقُ رشاقةَ الرَّاقصين والرَّاقصات، حلمٌ بهيجٌ في الاِنتظارِ، عادا إلى أحضانِ الفرحِ، كانتْ رذاذاتٌ منعشة تنسابُ فوقهما، حلَّقا في رحابِ النّعيمِ، كم كانَ الاسترخاءُ فوقَ مروجِ العشقِ شهيَّاً، زرعَ نضارةَ خدَّيها وبريقَ عينيها قُبَلاً، غاصا في أعماقِ روعةِ العشقِ، وشعرَ في قرارةِ نفسِهِ كأنّهُ جزءٌ منبعثٌ من تلاطمِ أمواجِ البحرِ، عناقٌ أسطوري متناغمٌ معَ تلاطمِ الأمواجِ، تماهَتْ أمواجُ العشقِ مع أمواجِ البحرِ، فولدَ شموخٌ عشقيٌّ من مذاقِ حُلمِ الأحلامِ، غابا في بهجةِ البهجات، نقشَ فوقَ تلالِ الوردِ حروفَ القصيدة، زرعَ أشهى مذاقِ الشَّوقِ فوقَ شموخِ التِّلالِ. ثمّ غابا في بحبوحةِ حلمٍ مندَّى بنسيمِ البحرِ، وزخّاتِ المطرِ. حلّقا في مروجِ الأحلامِ، عطَّرَ اللَّيلُ روحَيهما بأهازيجِ الدِّفءِ، وبهدوءٍ حميمٍ استيقظا على انبعاثِ خيوطِ الشَّفقِ!

كمْ كانتْ رحلةُ البحرِ بهيجةً، يحنَّانِ إلى هكذا رحلاتٍ بحريّة تنعشُ صحارى القلبِ العطشى لهذا الانتعاشِ، عادا إلى صومعةِ الدِّفءِ، وفيما كانا يسترخيان فوقَ وسائدِ الحنينِ، تذكّرا رحلةَ العشقِ المتناغمة معَ موجاتِ البحرِ، همسَتْ له، ما أجملَ دنياكَ وما أجملَ الأيام واللّحظات الّتي قضيناها معاً كأنّنا كنّا في حُلمٍ من أشهى الأحلامِ! ودَّعتْهُ على أملِ اللّقاءِ، ثمَّ حلَّقتْ في عوالمِ هدهداتِ العشق.

همسَ مناجياً نفسَهُ، وحدَها الكتابة تستطيعُ أنْ تلملمَ أشهى هدهداتِ العمرِ، تترجمُ بهجةَ العناقِ، تصوِّرُ أريجَ الحنينِ، وحبيبةُ الرُّوحِ تنتظرُ عندَ خميلةِ الأشواقِ، وحدَها الكتابة تموسقُ أراجيحَ الحنينِ فوقَ بيادرِ القلبِ، تلملمُ ارتعاشَاتِ العشَّاقِ بكلِّ انتعاشٍ. تنثرُ الكتابةُ فوقَ مآقي العشّاقِ نضارةَ النّدى كباقةِ وردٍ، ثمَّ تفترشُ حنينَ الرّوحِ فوقَ تلالِ الابتهالِ المخضَّلة بالنّرجسِ البرّي، تتوِّجُ الكتابةُ حرفاً حرفاً كيفَ زرعَ العاشقُ قبلةً إثرَ قبلةٍ فوقَ ربوةِ عاشقة مقمّطة ببهاءِ الحنينِ، تتوفَّزُ الحروفُ ألقاً، ويخفقُ قلبُ الأميرةِ شوقاً، ويجرفُها الحنين وهو في أوجِ تجلِّياتِهِ، تناهى صوتُها النّديِّ إلى مرافئ قلبِهِ، تتساءلُ بكلِّ فرحٍ وابتهالٍ، كيفَ عبَرْتَ البحرَ والمسافات على إيقاعِ بهجاتِ الحنينِ، وهدْهدْتَ بكلِّ رهافةٍ تلالاً ووهاداً عشقيّة متماهية معَ حفاوةِ البحرِ، وأيقظْتَ في كياني أشهى تجلِّياتِ العشقِ، ونقشْنَا معاً على مساحاتِ المدى هلالات دفءِ العناقِ، وتجمَّدَ معنا الزَّمنُ عندَ تخومِ الانتشاءِ، ثمَّ طِرنا كفراشَتينِ على إيقاعِ عشقٍ مفتوحِ الجِّناحَينِ، كأنّنا عِشَنا دهوراً في فراديسِ النَّعيمِ؟!

ستوكهولم: حزيران (يونيو) 2016 مسودة أولى
أيلول (سيتمبر) 2018 صياغة نهائيّة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما