الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الأستاذ حسن م. يوسف: طوبى للمأزومين

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2019 / 1 / 7
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


بداية، أوجه تحية المحبة والاحترام للأستاذ حسن م. يوسف ولا أضع نفسي بموضع الخلاف أو الند المواجه له قدر ما هو محاولة لتحريك المستنقع الآسن في حياتنا العامة والثقافية والفكرية منها على وجه التحديد، ومن هنا أنا مدين له بشكر خاص لنقل الحوار إلى مستوى أعلى، أكثر رسمية من مواقع التواصل الاجتماعية، أي من مستوى شعبوي إلى آخر نخبوي رسمي، (جريدة الوطن السورية الخاصة) وهذا بحد ذاته إنجاز، يحتسب ويصب في ميزان حسنات الأستاذ يوسف الثقافية الجليلة والكبيرة والتي لا ننكرها عليه أبداً.

وأنا هنا لا أرد ولا "أتصدى" لأحد، وليست "شغلتي" التصدي لأحد، لكن ثمة ملاحظات عامة على المقال "التصدي" كما وصفه ولـ"الاستفزازات الفجة" مثل ما كتب عن الاستفتاء الذي جاء في مقدمة "التصدي": "بكل صراحة، هل تعتقد أن غزو واحتلال العرب والمسلمين الطويل لسورية لمدة 1400 سنة كان إيجابياً ومفيداً وبناءً أم كان سلبياً وضاراً ومدمراً؟" ، ومن أهم هذه الملاحظات:

-أشار لي الأستاذ المحترم حسن م. يوسف مرتين بمقاله، دون ذكر الاسم صراحة، الأولى باسم "أحد المثقفين" والثانية باسم "الرجل"، وطبعا هذا ما لم يفعله حين غازل صلاح الدين وعباس النوري حين قدّم له كل فروض التبجيل اللازمة، وهذه محاولة للتقليل من قدر هذه "المثقف" ولكنه بنفس الوقت كان يقلّل من قيمة المقال أكاديمياً وبحثياً بحيث يجب تقديم كل تفصيل للمتلقي ومنع حجب أي معلومة عنه لأي "سبب" مريب أو غيره، وطبعاً أتفهم، وتتفهمون، مثل هذه السياسات والضوابط الإعلامية التي ما تزال ترخي بثقلها وتضغط بقوة على كوابح الإعلام الخشبي الذي تجاوزه الزمن بقرون ضوئية.

-الاستفتاء، حقيقة، لا يبحث، ولا يقترب من أزمة الهوية، وغير معني، أو مهتم بها، ها هنا، ولذا لن أتطرق لموضوع الهوية أبداً لأنه بحث طويل وشائك ومعقد لاسيما في شقه السوري، والأهم أنها ليست أبداً موضوع الاستفتاء الذي كان يستمزج ويستقرئ آراء الشارع حول مسار وحدث تاريخي بارز هو غزو واحتلال الدواعش اليثاربة لحضارات الجوار وتدميرها عن بكرة أبيها وطمسها وإزالتها من الوجود، كلياً، لاسيما ونحن في خضم مخاض وطني وتجاذب مرير ما زلنا نعيش تداعياته لليوم بفعل ذاك العدوان العسكري والثقافي المزمن والمؤبد على الشعب السوري وبفعل مفاهيم خاطئة ومشوهة وطوباوية غوغائية تضليلية متداولة عن حراك وتحول تاريخي.

-يصف الأستاذ يوسف هذه الرؤية المادية للتاريخ، بالواقع المأزوم والنكتة المضحكة، وهي-أي الرؤية- حق شخصي مقدس لي في أن أقرأ التاريخ، كما أشاء، قراءة مادية فردية، لا قراءة روحية غيبية جمعية وجماعية، كما يقرؤون، كما لي الحق المطلق أن أفارق الجماعة، حتى لو كان مصيري الموت ميتة جاهلية كابدتها على عدة مستويات.

-يستطرد الأستاذ يوسف بالقول: "ومن النكات المضحكة لواقعنا المأزوم أن يتساءل عربي باللغة العربية عما إذا كان أجداده غزاة لوطنه!"

وهنا لب وجوهر الموضوع، و"هون حطنا الجمـّال كما يقولون"، وهنا أتوجه بالسؤال التالي للأستاذ حسن وهو:

حسب الرواية المتداولة، وبغض النظر عن أي بعد غيبي أو روحي وقدسي للموضوع، مادياً احتل "الصهاينة" ما تسمى فلسطين في العام 1948، كما احتل العرب المسلمون سوريا في العام 635م، ولنفترض أنه بعد 200 أو 500 أو حتى عشر سنوات من هذا الاحتلال جاء "رجل" أو "أحد المثقفين" أو المتفذلكين من ابن أحد أحفاد المحتلين أو حتى المؤسسين الصهياينة هرتزل أو جابوتسنكي أو بن غوريون ودايان ومائير (غولدا)، وشيمون بيريز بطل سلسلة مجازر عناقيد الغضب و"غزوات" أمطار الصيف وسواها من المجازر المهولة، وقام هذا "الرجل" بوصف أجداده هؤلاء وهو يكتب بلغتهم العبرية بأنهم "الغزاة المحتلين"، حسب الروايات الرسمية المتداولة عن الصهاينة، وطلب تصحيح رؤية لمفهوم ومسار تاريخي، فهل سيكون عندها يروي نكتة مضحكة، أو يصنف نفسه كنكتة مضحكة من أحد كبار المثقفين في ذلك الزمن المستقبلي، وسيكون، عندها" من المأزومين؟
إذن، طوبى للمأزومين.

-أكرر كل التحية والمحبة والاحترام للأستاذ الكبير حسن م. يوسف

*طبعاً لا يتسنى لنا، ولا يتاح النشر على صفحات جريدة الوطن، فكان "التصدي" ها هنا بالفضاء الافتراضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة