الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الحركة الوطنية من خلال -وثيقة المطالبة بالاستقلال- في المغرب الأقصى

ابراهيم أحنصال

2019 / 1 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


"وثيقة المطالبة بالاستقلال" في 11 يناير 1944، هي في حد ذاتها تعكس نمط ومستوى الوعي السياسي للحركة الوطنية في فهمها وتعاطيها مع الحركة الاستعمارية، وبالتالي الأوهام التي ركبتها باعتمادها أسلوب الاستجداء لبلوغ الاستقلال، بمعزل عن محتوى هذا الاستقلال ومضمونه. وإذا كانت "الوثيقة" قد حققت بها الحركة الوطنية جانبا تعبويا وخلقت بها نقاشا أسهم في تمددها واستقطاباتها، فإن محاكمتها بنتائجها ومعايير النقد اليوم، لن تفضي إلا إلى اعتبارها تعبيرا عن وعي ساذج وزائف تخطته حركة التاريخ، بل وترقى إلى مستوى الرضوخ للاستعمار والاكتفاء بلعن نتائجه، بربطها مصير شعب ووطن بشخص الملك الذي أوكلت إليه أن: "يطالب باستقلال المغرب"، وأن يبرم "اتفاقيات تحدد ضمن السيادة ما للأجانب من مصالح مشروعة"!

هذه الأوهام: (استجداء الاحتلال ومناشدته بالعرائض والمنشورات وقراءة اللطيف في المساجد...)، ستتبدد وتتعرض للنسف مع إقدام فلاح فقير اشتغل مياوما وراعيا وخماسا هو: احماد أحنصال، على امتشاق بندقيته وتنفيذ عمليات فدائية، أودت بحياة العديد من عساكر ومسؤولي سلطات الاحتلال الفرنسي وعناصره بالأطلس المتوسط لبني ملال وأزيلال ابتداء من يوم 13 ماي 1951. وقد هرعت السلطات الاستعمارية يومها إلى الزج بحوالي 10.000 من جنودها ناهيك عن العملاء والخونة المحليين والحياحة من أجل إلقاء القبض عليه، كما خصت مكافأة مالية قدرها مليون فرنك لمن يسلمه. وقد رافق كل ذلك دعاية هائلة للاعلام "المغربي" ناهيك عن الفرنسي تصفه "بقَتَّال تادلة، وقاطع الطريق الوحش" وما إلى ذلك من نعوت الاستفضاع والاستبشاع.

ولعل إحدى ميزات هذا الفلاح الشهيد، أنه لم يُصَب بلوثة "المثقفين الكبار" و"السياسيين المحنكين" وهم نتوء في مجتمعنا، وإلا لوجد كشأنهم في الحاضر ألف مخرج للانكفاء والانزواء من قبيل: "موازين القوى المختلة، الواقعية السياسية، الشروط والظروف التي لم تنضج بعد..." وهلم مقدمات لتسويغ الهزيمة وتبرير الاستسلام. بل كان يقوم باستطلاع ميدان العمليات بنفسه مستفيدا من معرفته بجغرافية وأجواء تلك المناطق على شساعتها، ويضع خطة الهجوم والانسحاب وتاكتيكات التمويه، ثم يباشر بنفسه عملية التنفيذ؛ دون إكراهات التمويل الذي هو في غنا عنه، ولا حسابات التموين ولا اعتبارات الدعاية... فهذا لا ينهض به إلا عمل جماعي.

لقد رسم الشهيد احماد أحنصال بدمه وروحه الطاهرة قواعد اشتباك ضد الاحتلال، بعد سنوات فرض فيها الأخير "التهدئة" منذ بسط سيطرته على آخر معاقل الكفاح المسلح أواخر 1933 وبداية 1934. فكان ذلك مفصليا وإيذانا ببدء مرحلة جديدة كانت لها إنجازات عظيمة قبل أن تكتمل وتتكاثف عناصر المؤامرة: الاستعمار والاستعمار الجديد لوأدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا