الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[4]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 13
الادب والفن


رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

4. ماذا ترك لكِ الأبُ، الجدّ من أثر في جموحِ مخيالك الإبداعي؟

د. أسماء غريب

والدي روايةٌ من مئات المُجلّدات، مهما كتبتُ أو تحدّثتُ عنهُ فلن يكفيَني حبرُ العالم بأسره، ولا أوراق الدّفاتر والمذكّرات مهما كثُرَتْ أو طالتْ. هُوَ كأمّي، مدرستي الأولى، وجامعتي ومحرابي، إلّا أنّ أبجديتهُ تختلفُ عن أبجديتِهَا كثيراً؛ فهي الغارُ، والهدوءُ والسّكينة والرّحِمُ، وهُو البحرُ العميق، الجامعُ بين الشّيء وضدِّهِ. وهو قبل كلّ هذا وذاكَ "ابني الأصغر".

نعم، لقد كان يقول لي كلّما حاصرتُهُ بمناقشاتي وتحليلاتي الفلسفيّة أو اللّاهوتيّة: ((إنّني في كثير من الأحيان يا ابنتي أشعرُ أنّك مُعلّمتي وأستاذتي. أنتِ يا ابنتي أمُّ أبيكِ)) ومن هنا جاءت العديدُ من قصائدي الّتي أتحدّثُ فيها عن علاقتي بوالدي، كعلاقة سالكٍ ومريد متبادلة القُطْبيْنِ والدّوريْن (يرجى في هذا الإطار الاطّلاع على إصداريَّ الحديثيْن (أنا رع)، وكذلك (99 قصيدة عنكَ)).

كان والدي حكّاءً بالفطرة، وكان كثيراً ما يجمعُنا حول مائدته ليروي لنا حكايات طفولته، وشبابه ومغامراته. وكنتُ كثيراً ما أحَلِّقُ في فضاءات سردهِ عن مكان ولادته وتاريخ أجدادي، وحديثِه عن نسبِنا الشَّريف، وعن قصّة حبّهِ لوالدتي، وعن عمله وتغيّرات الزّمن والنّاس والأهل والأحبّة معه وأشياء كثيرة أخرى. لقد كان بطلنا جميعاً بشكلٍ فيه الشّيء الكثير من أبطال الحكايات الشّعبيّة الأسطوريّة. وكنتُ أستمتعُ للغاية بطريقتهِ في الحكْيِ وشدّ الانتباه والأنفاس: لقد كانت شخصيّتهُ تُجَسّدُ لي ما في وطني المغرب الحبيب من أسرار وسحر وكنوز. لذا فلا عجبَ أنْ يكونَ عالمُ والدي، بالنّسبة لي عالماً غريباً وعجيباً، ضارباً في أعماق التّاريخ، ومُرْتكِزاً في الوقت ذاته على الواقع والحاضر. إنّه حقّاً بحْرٌ وصحراء؛ بحرٌ إذا ما شربتَ منهُ عطشْتَ، وصحراءٌ إذا ما توغّلتَ في فيافيها لم تنلْ منها سوى السّراب وحفنةٍ من الأحلام. كلّ هذا، كان يجعلُ منهُ بالنّسبة لي سرّاً عظيماً ساهم كثيراً في تكوين شخصيّتي، وبالتّالي في طريقة الكتابة والإبداع لديّ لاحقاً.

أمّا عملُه فقد أثّرَ عليّ بشكل خاصّ ومباشر: كانَ مُحَقِّقاً في سلكِ النّيابة العامّة بمحاكم الاستئناف، ثمّ محرّراً قضائيَّاً ممتازاً، وإنِّي لأعتقدُ أنّ هذا الجانبَ من شخصيّتِه ظَهَرَ لاحقاً وبشكل واضحٍ في طريقة عملي على النّصوص الّتي أتناولُها بالدّراسة والنّقد، وحتّى وإن تعلّقَ الأمرُ بنصوص أدبيّة شعريّة أو تشكيليّة أو سرديّة، إلّا أنّني أتعاملُ معها في كثير من الأحيان بعين وعقليّة المُحقِّقِ الّذي يغوصُ في ماورائيّات الحرف والكلمة، محاولاً الإلمام بكلّ الخيوط الّتي ساهمت بشكلٍ أو بآخر في ولادة نصّ إبداعيّ ما.

وماذا أقولُ عن جدّي لأمّي؟ إنّهُ الأنفة والعزّة والكبرياء، والحكمةُ والصّمت الشّديد قبل كلّ شيءٍ: لا يحبُّ كثرةَ الكلام، كثير العبادة والخلوة. مُعلّمي الأكبر الّذي سقاني كأسَ السّرّ، وأدخلني إلى حانة العرفاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة