الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استوصوا ...

سمير زين العابدين
(Sameer Zain-elabideen)

2019 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن لغة القرآن والسنة هي العربية, وفي تقديري, أن إجادة اللغة والاستعانة بالقواميس لفهم المفردات الصعبة عند الحاجة, هي العامل الأهم لفهم النصوص, والتدبر فيما يحويان, فمن يستأثر لنفسه بهذا الحق دون سائر الناس, ليس بعربي أكثر منك أو أن له من مقومات اللغة ما لا يتيسر لباقي الناس.

والألفاظ تكشف دلالاتها من خلال أسباب النزول وظروفه الزمكانية, فيصبح الفهم أكثر سهولة, ويتيسر بناء علي ذلك اخضاعها للعقل والمنطق, خاصة فيما لم يشمله الرسول بتفسيره.

انتقل مباشرة الي حديث نبوي شهير متداول, ورد في خطبة الوداع
"واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً".

(العوان) هو الأسير أو شبه ذلك, وما يلفت الإنتباه هو الطبيعة التي فرضها الحديث علي شكل العلاقة بين الرجل وإمرأته, فهي علاقة آخذ ومأخوذ, مالك ومملوك, سيد وأسير.
كما أن لبّ العلاقة المستخرجة من الحديث هي إستحلال الفروج, وحيث أن الحديث موجه للرجال, فهو يحمل أحادية هذا الاستحلال, لتبقي المرأة مسلوبة الإرادة والرغبة لصالح الرجل, يجدها وقتما يريد وليس وقتما يريدان, كما أنه يختصر الزواج ويقصره علي هذه العلاقة.

ورغم أن الحديث يدعو للإستوصاء خيرا بالنساء الّا أنه - الي جانب غيره من الأحاديث - كان مبررا لحزمة الفتاوي المتطرفة الظالمة للمرأة, فأصبحت القوامة تعني الخضوع والتبعية وفرض الوصاية, وتستتبع العقاب عند الخطأ, بل وصل التطرف الي إنكار حقها في العلاج والكفن عند الوفاة, الي آخر هذه الأمور المقيتة, التي تخرج بالزواج عن إطار الإنسانية.

الانتقاء الفاسد لمن يفرضون أنفسهم علينا بالقوة كمفسرين, أخذهم لتجاهل نصوص أخري في القرآن والسنة مثل (ولهنّ مثل الذي عليهن بالمعروف), (ومن آياته أنْ خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة), (هنّ لباس لكم وأنتم لباسٌ لهنّ).

هذا التجاهل لبعض النصوص والأخذ بأخري, يؤكد أن كهنة الفقه والتفسير, تجار الدين, لم يكونوا أبدا خالصي النية, ساعين لخير الأمة كما يدّعون, بل كانوا ساعين لفرض ثقافات وعادات بدوية, وكسب رضاء فئات بعينها دون غيرها.

ألم يكن ممكنا مثلا أن تعطي المرأة حق تطليق نفسها بنص (ولهنّ مثل الذي عليهن بالمعروف), ألم يكن ممكنا أن يفرض العدل وتتساوي المرأة تماما مع الرجل بنص (هنّ لباس لكم وأنتم لباسٌ لهنّ), ألا تكفي نصوص السكينة والمودة والرحمة أسبابا لتجاهل ضرب المرأة وتأديبها, ويكون ذلك هو الانتقاء الأكثر إنسانية.

من الممكن أن يستغل التناقض بين النصوص وبعضها (وهو موجود) لإختيار الأكثر نفعا, وإعلاءا لقيمة الفرد والمجتمع, والأكثر توافقا مع القيم الإنسانية النبيلة, وهي قيم سبقت الأديان بأزمنة طويلة, بدلا من الاحتيال والخداع بناسخ ومنسوخ وخلافه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص