الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإختناق

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2019 / 1 / 15
الادب والفن


القلق الأزرق ينمو كورم، هذا القلق اللعين مغلفا بطبقة من الضجر والخوف والحنين. يختنق وحيدا في غرفته الضيقة، يضايقه تنفس الجدران، تزاحمه وتشاركه الأوكسجين، هذه الجدران السميكة تتحرك نحوه ببطء قاتل، تذهب وتجيء كالأمواج، تقترب من بعضها البعض لتحاصره في هذا الكمين. وتأوهات النافذة المغلقة يزداد قوة مع الريح تعوي من بين الشقوق، المرآة المرتجفة تلهث رعبا. يتأمل السقف، عله ينشق هذا السقف وتترائى له السماء، بحرا، غابة أو مغارة أو شلال ماء، جبل تغطيه الثلوج، لينطلق في الفجر يقطف الزهور والندى، يطارد الغزلان والطيور والوحوش البرية عبر السهول والحقول، عله يرى وجوها تبتسم وعيونا تعكس الحب والأمل، وأجسادا ترقص على ضوء القمر، أصواتا تغني ألق الضياء والحنين للبشر. وينخفض السقف، ينخفض وينخفض وتتلاقى الجدران، تعصره كليمونه، تطحنه، تسحقه كنملة
ويعم الصمت بعد الإنفجار. الماء يغلي، يغلي الماء ويغني، يختلط بصوت الأطفال في الشارع وبصوت الطائرة والقذيفة. 
وسؤال يأتيه ملحا ممزوجا برائحة القهوة، من صورة ملقاة على الحصيرة بجانب السرير: هل نحن أحياء ؟ تسأله العيون المفتوحة، ويتردد، يحاول أن يضحك، أن يقول شيئا. ينهض ويقفل النافذة، يشعل سيجارة ويلتقط الصورة المتسائلة، ماذا يجري في ذهنك ؟ تقول له الصورة الممزقة، في ماذا تفكر وهل تفكر؟ ينظر لوجهه في المرآة ويحس بأمعائه ترتفع وتنخفض. ربما هو الغثيان وربما مجرد آثار الموت بالمجان وربما القهوة أو الدخان. يلبس معطفه ويربط حذائه ويأخذ حقيبته القديمة ويفتح الباب ويقفزإلى الشارع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا