الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[23]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 15
الادب والفن


صبري يوسف

23. بعد أن تمكّنتِ من ناصية اللُّغة الإيطاليّة، أصدرتِ ديواناً شعريَّاً بعنوان: بدونكَ، باللُّغتين العربيّة والإيطاليّة 2009، ماذا أحببتِ أن تقولي عبر هذا الدِّيوان للقارئ العربي والإيطالي؟

د. أسماء غريب

أعتقدُ أنّ الكاتبَ الحقّ هو مَن لا يُفَكِّرُ في القارئ بتاتاً حينما يكون غارقاً في محيط الكتابة، تهدهده أمواج الحرفِ ذات اليمين وذات الشّمال. وذلكَ لأنَّ الإبداعَ لحظة حميميّة جدّاً، كما لحظات الوصال مع الحبيب، إذ يتمُّ فيها الولوج إلى أعماق الذّات للبحثِ عن تلك اللذّة التي صدرَ ويصدُرُ عنها كلّ شيء، والّتي لا تتحقّقُ إلّا عبر فعل الحبّ باعتبار أنَّ الكتابة نفسُها هي فيض روحيّ متدفّق من شلّال ماء الحياة والوجود، [وأستثني من هذا الأمر الكتابة المُمَنهجة، أو الموجَّهة إلى قارئ بعينه، أو الخاضعة إلى نوع خاصّ من التّقنين والتّحديد بهدف تحقيق مصالح خاصّة بمجتمع معيّن أو بثقافة وحضارة ما، مثلاً الكتابات البيداغوجية، أو التَّاريخيّة، أو الجغرافيّة والاقتصاديّة أو السِّياسيّة وما إليها. وهذا ليس مجال حديثنا، لأنّ الأمرَ فيهِ يخضَعُ لآليات من نوع خاصّ].

أمّا عن الكتابة العشقيّة الَّتي أشرتُ إليها قبلَ لحظاتٍ فتقتضِي العزلة التّامّة، حتَّى يتمَّ التَّواصلُ مع سرِّ الحرفِ، وسرّ الشّعر وسرّ الإبداع، وهي عزلة صوفيّة تكونُ ثمرتُها أنْ يُفْصِحَ الحرفُ عن نفسه بنفسهِ، ومتى ما وقعَ ذلكَ وجبَ الإصغاء إليهِ جيّداً وهُو يتحدّثُ، كما يجبُ النّظَرُ إلى عينيْهِ وهو يبكي، ويجبُ احتضانُه وكفكفةُ نزيفه بيدِ العشق، والمحبّة والسّلام، لأنّه في تلك اللَّحظاتِ يُصْبحُ مرادفاً لحرف الوحي، ومن هذا المنطلق جاء الدّيوانُ كشاهدٍ على تجربةٍ وجدانيّة عميقة أصبحتِ الكتابةُ فيها بدون الاسمِ الإلهيّ الجليل أمراً مستحيلاً، ومن هنا جاء العنوان (بدونكَ).

أمّا عن كوني ترجمتُه إلى اللّغة الإيطاليّة، فهذه قصّةٌ أخرى، مفادُها أنّ بعض قصائد الدِّيوان كتبتُها مباشرةً باللُّغة الإيطاليّة، وكانت بالنّسبة لي إيذاناً بحدوث التَّواصل الحقّ مع الأبجديّة الإيطاليّة، ليس لأنِّي كنتُ أفكّرُ في القارئ الإيطاليّ لحظة الكتابة، ولكن لأنِّي كنتُ أفكّرُ في وباللّغة الإيطاليّة نفسها، وفي هذا الحرفِ الّذي بات يُفْصِحُ عن نفسِه إيطاليّاً وأنا في المغرب أو الأردن أو إيطاليا. لقد كان الأمرُ ممتعاً للغاية، وهو ما جعلني أقرّرُ فيما بعد ترجمةَ النّصوص الأخرى الّتي نظمتُها منذ البداية باللُّغة العربيّة وضمّ الكلّ في هذا الدِّيوان.

وبعد هذه المرحلة قمتُ بنشر الدِّيوان على موقعِي الرّسميّ فحدثَ أنِ اطّلعتْ عليه وانبهرتْ بهِ قارئةٌ من بلد آخر تماماً: لقد كانت ناشرةً ألبانيّة الأصل. ولأنّها تجيدُ اللُّغةَ الإيطاليّة، كتبتْ لي وقالت إنّها أعجبتْ بالدّيوان وتودُّ أن تنشره لدى دارها!

وبالفعل بدأت رحلةُ الدِّيوان على يد هذه السَّيّدة الألبانيّة، ورأى النّورَ، ولم أعجبْ من الأمر بتاتاً، لأنّ الحرفَ لهُ أسفار لا يعلمها إلّا خالقه وصاحبه، ويكفيني أنَّ لقبَها مكتوباً بالأبجدية الألبانيّة (رَسولي) كان يحملُ في طيّاتهِ "الدّوْرَ" الّذي كان مُقدّراً لها أن تقوم بهِ تجاه هذا الدّيوان: لقد كانت هذه السّيّدة "رسولتي" إلى القارئ الإيطاليّ قبل العربيّ، وإلى القارئ الألبانيّ بدون أدنى شكٍّ في زمن يعلمه الحيّ القيّوم الَّذي لا تخفى عليه خافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة