الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل توجد عائلة بدون مشكلة

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2019 / 1 / 16
حقوق الانسان


لم تعد الحياة بتلك البساطة التي يمكن تصورها ، ان تدرس وتجتهد ثم تبحث عن وظيفة وتتزوج مكونا اسرة ،فدون ذلك امور جسام ،وان الحديث ذو شجون . وكل عائلة مشكلتها لون ، التفت يمينا ويسارا لمن اعرفهم لأجد ان كل منهم في بيته مشكلة، فهذا لديه مريض بمرض ليس له علاج ، وذاك طلق زوجته ، والاخر لديه فصل عشائري والاخر يشكو من ارتفاع السكر والضغط، واخر هاجر مع زوجته الى بلاد الغرب بحثا عن الامان فطلقته في بلد المهجر وعاد يجر اذيال الخيبة ....الخ من امراض وسلوكيات ناتجة عن ضغط الحياة وتدخل التكنلوجيا الحديثة وصراع الحضارات .ومن خلال تجربتي في الحياة ، وجدت ان الرجل حتى بعدما يتزوج ويكون عائلة ، وبعدما يسهر الليالي الطوال، ويضحى بالنفيس والغال ، فلابد ان يزوج الاولاد ، ويبحث عن نساء بنات اصول !! لا بناءه ، ويبحث عن ازواج ابناء اصول لبناته، لكن كثرة المال الحرام والفساد ما ترك للخير فسحة، فأن تجد زوجا صالحا او أمراءه صالحة اصبح ضربا من الخيال ،فهذه المشاكل لا تنتهي، ومرة كان لي صديق مدير ناحية ، قال لي يااخي ان الناس ليسوا مثل "الخيار"(نوع من الخضراوات ) لكي تتذوقه وتعرفه هل هو حلو او مر المذاق وحسنا قال الشاعر :
أحب بنيتي وودت أنـــــي*** دفنت بنيتي في قاع لحد
وما بي أن تهون علي لكن*** مخافة أن تذوق الذل بعدي
فإن زوجتها رجلا فقيرا *** أراها عنده و الهم عندي
وإن زوجتها رجلا غنيا *** سيلطم خدها و يسب جدي
سألت الله يأخذها قريبا *** وإن كانت أحب الناس عندي

وهكذا تجدون كل يوم عشرات النساء والرجال في ابواب المحاكم الشرعية ، بحثا عن الخلاص ، من عدم الانسجام والتوافق وفي ذلك مشكلة للاب والام والزوجة والابناء فتارة الذنب في الزوجة وتارة اخرى الذنب في الزوج .وهذه مشكلة .
وهذه العائلة ابناؤها لا يحترمون الاب والام ، ويسهرون حتى الصباح في خارج الدار ، وفي ذلك مشكلة .
وتلك العائلة يسير ابناؤها مع شباب طائش فيفسدون ويحملّون ذويهم مغبات سلوكيات خاطئة تدفع الاسرة ثمنها وكما يقول الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل وإياك واياه
فكم من جاهل أردى حليماً حين آخاه
...........وتلك مشكلة .
وكم من عائلة فيها مريض ، لا تقدر ان توفر له قيمة الدواء...........وتلك مشكلة.
ان تصاب بمرض السرطان لا سامح الله ...فتذهب بحثا عن دواء لتفاجأ بانه لا يوجد ولكنه متوفر في السوق السوداء يباع الشريط منه بآلاف الدولارات وانت لا تملك الاف الدنانير فتسلم نفسك للموت رغم انفك .......وتلك مشكلة .
وكم من عائلة عليها ديون لآخرين لا تستطيع الايفاء بها ... وتلك مشكلة .
وكم عائلة فقدت معيلها في الحروب وباتت تعتاش على الصدقات الشحيحة ...وتلك مشكلة.
اذا لم تتوقف اللقمة في فمك ، وانت تعلم ان هنالك اناس يأكلون من اماكن رمي القمامة ...فتلك مشكلة.
ان تصبّح عائلتك بمصاريف يومية ،وتضع اطفالك في مدارس خاصة بملايين الدنانير، وتشاهد اطفالا في الشوارع، يستكدون المارة، وقد تركوا الدراسة، ولا يهتز لديك الضمير وتقول (هذه مشكلتهم )......فتلك مشكلة.
وان كنت مسؤولا في موقع حكومي عن معالجة حالة انحراف الاحداث او رعايتهم ولم تحرك ساكنا لما ترى .......فتلك مشكلة .
ان يولد الانسان او يجد الطفل نفسه فجأة بلا معيل ولا مجتمع يهتم بعيشه وتربيته فيخوض كل تجارب الحياة القاسية ليتعرض للتحرش والاغتصاب حتى يكبر ... ونريد منه ان يكون عضوا صالحا في المجتمع ..... فتلك مشكلة
ان ينتشر المتسولون في الشوارع بما فيهم نساء تحتضن اطفالا رضّع على ارصفة الشوارع دون ان تعرف من المحتاج الحقيقي ومن المتسول المنظم ....فتلك مشكلة
وكم من عائلة لا يوجد انسجام بين الزوج وزوجته وكل يوم هما في نزاع وصراع ...وتلك مشكلة .
وكم من عائلة فيها رب العائلة يتناول الخمر ويقلب عالي البيت سافله كل ليله .....وتلك مشكلة.
لقد اصبح الطفل الصغير ابن السنتين ، يلعب بالموبايل ، ولا يسكت من الصراخ ان اخذه منه احدا ، حتى مرض بعض الاطفال جراء ذلك ......وتلك مشكلة.
اليافعين والفتيان والشباب وحتى الرجال ، انتظموا في لعبة البوبجي ، والالعاب الالكترونية الاخرى وتراهم ذكورا واناثا ، وهم في ساحة معركة ليل نهار ، فنسوا حق الوالدين ونسى الوالدين حق الاطفال وتفرقت بهم السبل ،فكثرت حالات الطلاق لعوائل كانت متماسكة ، وكثرت حالات الرسوب لطلاب اذكياء ، واي بيت يخلو من موبايل ......وتلك مشكلة.
يقولون انها المودة ، وعندما نعلم ابناؤنا قصة الشعر بما يرضي الله والذوق والناس، يقولون انكم متخلفون فزمانكم غير زماننا وهكذا راحو يقصون شعرهم بموديلات غريبة ليقلدوا ما يشاهدوه في الانترنيت ....وتلك مشكلة.
دخلت على صاحب محل وشاهدت سروال الكاو بوي الذي يرتديه ، وفيه شق كبير عند وسط فخذه ، يبدو من تحته فخذه ، فلم استطع السكوت فكلمته قائلا: هذا المحل الذي تجلس فيه يعود لك ؟ قال نعم؟. قلت يا ابني ليش سروالك امزق ولحمك طالع والدنيا شتا وباردة ،البسلك واحد من هاي السراويل المعروضة ؟ ضحك وقال لي عمو هذا مودة ......وتلك مشكلة.
في ايام شبابنا كنا لا نعرف كيف نتزوج ، وكان العريس يعلمه اصدقاءه المتزوجون كيف يأتي امراته ليلة الزفاف! وكان في البيت هاتف ابو القرص، بحيث لا يستطيع احد ان يزعج بالهاتف احدى بنات العائلة، فالأب هو من يرد على الهاتف.
الان لدى كل فتاة وفتى اكثر من هاتف يدخل فيه باب الجنس من اي باب يريد ، فحتى الطفل يتفرج على افلام السكس والعياذ بالله ........وتلك مشكلة.
ان لم يهتز ضمير انسان لخطأ يشاهده ، او منكر يراه ،فتلك مشكلة .
ان يبتزك الطبيب ، والصيدلي ،والمدير ، والشرطي، والقاضي ، والمجرم، و.....كل بطريقته فتلك مشكلة .
وهذا الاستاذ الجامعي الذي يلاحق طالبة في كليته طالبا علاقات جنسية ..او يرسبها في مادته .....فتلك مشكلة.
وهذا الطالب الذي يبتكر احدث وسائل التكنلوجيا للغش في الامتحان ...تلك مشكلة .
ومئات الطلاب الذين يتخرجوا بمعدلات 100% في السادس الاعدادي في وقت نسمع فيه عن سرقة الاسئلة وتطوير اساليب الغش .....فتلك مشكلة .
ان تريد تسديد قسط كلية اهلية بمليوني دينار او اربعة ملايين لاحد ابنائك ..ولا يتوفر لديك المبلغ ...وتطرق معارفك للاستدانة فيعتذروا ...واذا لم تسدد المبلغ يحرم ابنك من الامتحان ....فتلك مشكلة.
ان تحصل على شهادة الهندسة لتكون مهندسا او اية شهادة اخرى ، وانت في الدرجة الوظيفية الرابعة.. وبعد جهدك وتعبك ومصروفاتك ...ترجعك الدائرة عدة درجات وظيفية الى الخلف وتنقص من راتبك ...في اعادة احتساب الشهادة ...فهذه مشكلة.
وان منح هوية الانتماء لنقابة المحامية لخريجي كلية القانون مع امتحان الكفاءة الالكتروني ..تم تحديد العمر للقبول بين (22-30) سنة فقط ...وتلك مشكلة .
ان تمنع من ممارسة بعض المهن الحرة بسبب العمر حتى وان كنت متقاعدا، ما لم تحدد ذلك الكفاءة الصحية ، ففيه دعوة لتقبل الموت.. وتلك مشكلة.
ان تذهب الى دور النشر لطبع كتابا يعرضوا عليك بان يطبعوا كتابك مقابل (50) نسخة لك ويسلبوا منك حق الطابعة ويعملوا على طباعته وتصديره لحسابهم الخاص او يواجهوك بمبالغ تعجز عن دفعها......وتلك مشكلة .
ان تعرف ان بالبحوث ترتقي الامم وان جامعة بغداد لا زالت تحدد (25000) دينار مكافأة براءة الاختراع ، وان هذا المبلغ لا يكفي لصنع طائرة ورقية، وان العالم بلغ كوكب المريخ ....فتلك مشكلة .
ان تعلم ان وثيقة لتصنيف جودة التعليم العالمي لسنة 2018 اظهرت ان العراق خارج التصنيف وتضمن التصنيف 137 دولة بينها دول عربية كمصر وقطر. وتلك مشكلة .
ان تكون اجور المحاضرة لحامل الدكتوراه ل 45 دقيقة (5 الاف دينار)...واجور الكشف على المريض(5) دقائق بين (25-60 ) الف دينار .......تلك مشكلة .
ان تسوق سيارتك بالحدود المقررة للسرعة ، فيتبعك سائقون يضيئوا مصابيح سياراتهم ويلتصقوا بسيارتك كي يزيحوك عن الطريق ....ويسمعوك كلمات نابية ...فتلك مشكلة .
ان تسير في شارع مبلط وتجد نفسك فجأة تصطدم بحفرة وسط الشارع ، تضعضع سيارتك وربما تقودك الى محلات تصليح السيارات .....فتلك مشكلة.
ان تعرف ان عدم تشغيل نظام الاشارات المرورية بسبب عدم انتظام الكهرباء ،وان الكهرباء مشكلة ازلية تدخل في كل تفاصيل حياتك ومنذ (16)عام لم تستطع وزارة الكهرباء من توفير الكهرباء الكافية لتشغيل تلك الاشارات ...فتلك مشكلة .
ان يتجاوز اصحاب الدور السكنية والباعة على ارصفة الشوارع ويتركوك تسير وسط الشارع المخصص لسير المركبات معرضا نفسك للدهس ...فتلك مشكلة.
ان تسكن في دار للإيجار وترى اناس تعدهم مثلك ، يتغيروا في يوم وليلة الى امتلاك القصور واحدث السيارات الفارهة ،ودون ان تحسدهم تفكر من اين لهم هذا ....وتلك مشكلة.
ان يدهس احد افراد عائلتك خطأ شخصا ما ، او لربما القى ذلك الشخص نفسه امام السيارة بقصد الابتزاز او لأي عمل اخر مشابه ، حيث لا يقبل بإجراءات الشرطة ، فتفاجأ بوابل من الرصاص على بيتك (الدكة العشائرية ) ....فتلك مشكلة .
ان تؤخر معاملتك في دائرة ما طلبا للرشوة ......فتلك مشكلة...
في احدى المحاضرات سالت مجموعة من الطلاب وكانوا موظفين في الدولة ، من منكم دفع رشى مقابل انجاز معاملة له ... رفع الجميع ايديهم ...وتلك مشكلة.
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي : الرجال أربعة، رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه، ورجل لا يدري ويدري انه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه، ورجل لا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه، وعندما يكثر الرجال من فئة لا يدري انه لا يدري وتلزم طاعته ...فتلك مشكلة .
يقولون ان من يضع يده في الجمر ليس كم يده في الماء البارد . ولكل فرد في هذا المجتمع همومه ، ولكل بيت مشاكله، حتى حكوماتنا لها مشاكلها الخاصة .وكيف يستطيع فرد ان ينتج وهو محمل بترسبات جزء او كل من هذه المشاكل .وما ذكرته غيض من فيض ، وما خفي كان اعظم .
ان كل هذه المشاكل تبحث عن حلول جادة ، وان استمرارها يقود الى مستقبل مجهول للفرد والمجتمع ، وذلك يتطلب تكاتف الجهود الحكومية والشعبية لدراسة كل هذه المواضيع ووضع الحلول الناجعة لها بحثا عن حياة مطمئنة رغيدة هانئة سعيدة وافراد مجتمع قادرون على العطاء وسط شعور بالأمان وراحة البال وضمان المستقبل ورضوان الله ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟