الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطرى حول الاسلام وغيره 4

زاهر زمان

2019 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تأكيد :
[ لا توجد أية دلائل يقينية على أن هناك دعم أو تأييد غيبى ، من خارج كوكب الأرض ، لما أنجزه محمد ، كما يزعم من يروجون للأيديولوجية المحمدية وغيرها من الأيديولوجيات الدينية الأخرى . كل مافى الأمر أن الدائرة الضيقة من الأتباع المستفيدين من الانجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، للشخصيات القيادية التاريخية من أمثال ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، يلجأون الى اختلاق روايات لأحداث خارقة للعادة ، ينسبونها لأمثال تلك الشخصيات العبقرية التأثير فى البشر وفى البيئة من حولهم ، أو يروجون رويات لأحداث خارقة للعادة ، يقوم باختلاقها مؤسسى الأيديولوجيات والمشاريع السياسية المفصلية فى حياة القبائل والشعوب ، لتمرير رؤاهم وأطروحاتهم بين أقوامهم ، كزعم مؤسسى مايسمى بالديانات السماوية ، أنهم تلقوا تعاليمهم وأحكامهم من كائن غيبى ، يقطن هناك فى السماء السابعة ؛ أطلقوا عليه مسميات مختلفة ، منها : يهواه ، يسوع أو الله ، وغيرها من مئات الأسماء ، التى تتعدد بتعدد الشعوب والأزمان والثقافات واللغات ؛ المهم أنها جميعاً كانت أسماء لكائن أو كائنات غير مرئية تتحكم فى كل مايتصل بالبشر والنبات والأكوان وماهو مرئى ومحسوس وماهو غيب غير مرئى ولا محسوس ! ]
دعونا نواصل الآن استعراض السمات الذاتية للشخصية المحمدية . تكلمنا فى المقال السابق عن اليُتم والروحانية وجموح الخيال ، ونواصل ذكر مانستطيع من السمات الذاتية التى لعبت دورها فى وضع اللبنات الأساسية للأيديولوجية المحمدية ( الاسلام ) :
• قوة العزيمة وقوة الاصرار على بلوغ الهدف :
ليس أدل على قوة العزيمة والاصرار على بلوغ من مكوث الرجل لمدة ثلاثة عشر عاماً فى مكة ، وهو يحاول نشر دعوته بين أبناء قبيلته ، ولم يستجب لزعمه أنه نبى يتلقى وحياً من السماء ، سوى بضعة نفر منهم صديقه المقرب ووالد أحب زوجاته اليه ، عثمان بن أبى قحافة الشهير بأبى بكر الصديق ، وابن عمه على بن أبى طالب وزوجته خديجة بن خويلد وآخرون لا يكاد عددهم يتجاوز عدد أصابع اليدين .
• الفصاحة :
يقول العقاد فى كتابه « عبقرية محمد » : ( الفصاحة صفة تجتمع للكلام ، ولهيئة النطق بالكلام ، ولموضوع الكلام . . فيكون الكلام فصيحاً وهيئة النطق به غير فصيحة ، أو يكون الكلام والنطق به فصيحين ، ثم لا تجتمع لموضوعه صفة الفصاحة السارية فى الأسماع والقلوب . أما فصاحة محمد . . فقد تكاملت له فى كلامه ، وفى هيئة نطقه به ، وفى موضوع كلامه ) . بالطبع لن نجد تأكيداً أصدق لحكم العقاد لمحمد بالفصاحة من مئات العبارات التى صاغ بها محمد آيات قرءآنه ، التى لا تزال تؤثر على طبلة أذن كل من يسمعها ، لو تم ترتيلها أو تجويدها بصوتٍ يتمتع بالشجن والإطراب كصوت أحمد مشاهير القراء مثل عبدالباسط عبدالصمد أو الطبلاوى أو السديس وغيرهم . المؤسف أن الغالبية الساحقة من بسطاء وعوام المسلمين ، لا يرجعون ذلك التأثير الى الصفات الغنائية البالغة الاطراب لأصوات أمثال هؤلاء القراء ، بشكل موضوعى ، فأنا شخصياً لا أرى فرقاً بين مايبعثه عبدالباسط عبدالصمد أو الشيخ محمد رفعت ، من طرب ٍ يستميل عاطفتى للاستزادة من جمال وحلاوة تلك الأصوات وهى تجود قرءآن محمد ، وبين مايبعثه فى نفسى صوت أم كلثوم أو عبدالحليم أو فريد الأطرش من ارتياح تطرب له نفسى ، عند سماعى لأحدهم وهو يتغنى بإحدى أغنياته العاطفية الرائعة كالأطلال لأم كلثوم أو قارئة فنجان عبدالحليم حافظ أو أول همسة لفريد الأطرش ! انهم وبكل بساطة يرجعون التأثير الوجدانى الذى يحدثه فى نفوسهم صوت القراء الى قناعاتهم التى رسخها فى وجدانهم الدعاة والوعاظ والشيوخ بأن ذلك القرءآن ماهو الا كلام الإله الذى نزل على محمد .
• اهتمامه الشديد بالجوانب السياسية محلياً واقليمياً :
ليس أدل على اهتمامه السياسى بأحوال قبيلته والقبائل الأخرى ، من حضوره حدث اقامة « حلف الفضول » ؛ ذلك الحلف الذى اجتمعت عليه بنو هاشم وزهرة وتيم ، يتعاهدون بإسم الله المنتقم ، ليكونن مع المظلوم حتى يُؤَدَّى اليه حقه . وقد قال محمد فى ذلك الحلف الذى شهده فى شبابه : ( ما أُحب أن يكون لى ، بحلف حضرته فى دار ابن جدعان ، حُمُر النعم ) . أى أن حضوره وشهادته اقامة ذلك الحلف ، كان أحب اليه من حُمُر النعم ! ذلك كان على المستوى المحلى الذى كان يضم قبيلته والقبائل الأخرى . أما عن اهتماماته السياسية على مستوى الاقليم فى زمانه ، فلا أدل على ذلك ، من حديثه الذى أوردته كتب السيرة عن طموحاته الاقليمية ، فى اقامة مُلك لقومه من قريش ، تدين لهم به العرب ، وتدفع لهم به الجزية العجم .
[حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى قَالَ عَبْدٌ هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَتْهُ قُرَيْشٌ وَجَاءَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ كَيْ يَمْنَعَهُ وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ قَالَ كَلِمَةً وَاحِدَةً قَالَ كَلِمَةً وَاحِدَةً قَالَ يَا عَمِّ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالُوا إِلَهًا وَاحِدًا مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ قَالَ فَنَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآنُ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ إِلَى قَوْلِهِ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عِمَارَةَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ نَحْوَهُ عَنْ الْأَعْمَشِ ]
واضح من سياق الحديث آنف الذكر أن محمداً كان ملماً بالأحوال السياسية للأمم المعاصرة خارج جزيرة العرب ، فهاهو يطلب من قومه من قريش أن يتوحدوا تحت راية واحدة هى ( لا اله الا الله ) ، ويعدهم بأن تلك الوحدة تحت هذه الراية ، ستجعل منهم قوة قادرة على اقامة مُلك تدين له العرب وتدفع له العجم ( الفرس والروم وغيرهم ممن ليسوا عرباً ) ؛ تدفع له العجم الجزية . وماكان محمد يعد قومه بمثل ذلك الوعد الذى هو أشبه بالحلم تحقيقه ، الا لو كان سياسىٌ بارع ألم بأوضاع القوى المعاصرة له ، وأدرك بحسه السياسى أن تلك القوى ( العجم ) خارج جزيرة العرب ، باتت منهارة ومُلكها آيل للسقوط ، وأن قريشاً لو انقادت له - لمحمد - تحت راية ( لا اله الا الله ) ، فسوف تستطيع السيطرة على باقى القبائل العربية ، ومن ثم تقودهم لغزو العجم خارج الجزيرة العربية ، وتجبرهم على دفع الجزية .
وللكلام بقية
رابط الحديث
https://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=3&cad=rja&uact=8&ved=2ahUKEwjj4Oyj9-_fAhWMblAKHQ4aDYMQFjACegQIBxAB&url=http%3A%2F%2Flibrary.islamweb.net%2Fnewlibrary%2Fdisplay_book.php%3Fflag%3D1%26bk_no%3D56%26ID%3D6237&usg=AOvVaw3OnFmFztBZgD7SMwc7BAyM








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هناك جدلية بين تديين السياسة وتسييس الدين
سامى لبيب ( 2019 / 1 / 18 - 16:36 )
رائع كعادتك صديقى زاهر وجميل أيضا إنطلاقك فى الكتابة لأتصور أننا أمام سلسلة ممتدة من(خواطرى حول الاسلام وغيره).
أنت تقدم درسا للدينيين فى النقد الدينى المحترم المتحرر من العصبية والعدائية التى تعتريهم عندما ينتقدون أديان بعضهم البعض ,فحضرتك لا تعتنى بتحقير الإسلام مثلا بل تتناول الظروف الموضوعية والإجتماعية التى أنتجت الإسلام.
أعلم أن علاقة السياسة والدين تستهويك وهذا كان أول معرفتنا ببعض ,وأتصور أنك قدير فى هذا الفكر لذا أنتظر منك المزيد عن التشكيل الطبقى والإجتماعى والسلطوى الذى أنتج الأديان .
أريد إضافة أشياء ليست بعيدة عن ذهنك فعند دراسة التوراة مثلا نجد أن محورها وحجر الزاوية فيها هو المشروع العنصرى الإستيطانى متمثلا فى شعب الله المختار.
وعندما نتناول الإسلام فهو يعتنى بقصة التوحيد ليس كأهمية عقائدية بل كمشروع توحيدى للقبائل العربية السياسى ليكون التوحيد هو وحدة المجتمع تحت راية الإله الإسلامى.
أضيف أن حتى الأمور العقائدية لم تتحرر من السياسة فمعالجة التناقضات القرآنية بأسباب التنزيل والناسخ والمنسوخ هو تعبير عن التعاطى مع الظروف السياسية.
ننتظر منك المزيد فى هذه السلسلة الرائعة.


2 - أثر الإسلام واضح
عبدون البراق ( 2019 / 1 / 18 - 19:16 )
كل أمر في البداية يكون أنصاره قلة ثم يتكاثرون حتى يصبحوا أغلبية
والآن أتباع الدينات السماوية بالملايير
لايقتصر أمر الدين على المعجزات بل على فلسفة الدين وتلبيته لأسئلة وحاجات المجتمع
فالمعجزات مرتبطة بزمنها وهناك معجزات تتجاوز الزمن
أثر الإسلام واضح لدى كثير من الشعوب من العرب وغيرهم
القرآن فعلا له فرادة في البلاغة وفي التشريع


3 - الصديق والفيلسوف الرائع / سامى لبيب
زاهر زمان ( 2019 / 1 / 20 - 12:06 )
بالفعل أنا بصدد مشروع مكتمل حول الظروف الموضوعية التى صاحبت ظهور الأيديولوحية المحمدية العربية ، وكيفية فرضها على قبائل الجزيرة العربية ، ثم الانطلاق بها الى خراج جزيرة العرب ، وفرضها على الشعوب شالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً خارج جزيرة العرب . الأديان كلها - كما تقول أنت فى العديد من مقالاتك - هى من صنع الانسان ؛ فلا شىء ينزل من السماء - كما يقول - سامى الذيب - سوى براز الطيور . كما أن الأديان ، ومنها الاسلام ، ليست سوى حجر الزاوية لمشاريع سياسية وأنظمة حكم ، استغلت المقدس فى العقل الجمعى للبشر فى أزمان تأسيسها ، من أجل توحيد القوم تحت راية الإله الخاص بأولئك أو هؤلاء ، من أجل توحيد القوم الذين يعبدون هذا الإله أو ذاك ، فى مواجهة القوم الآخرين الذين يعبدون آلهة أخرى . وذلك واضح فى الصراع الذى دار بين أتباع الأديان المختلفة ، على مدار التاريخ البشرى كله ، منذ فجر بزوغ وهم الإله أو الآلهة وحتى يومنا هذا ، ولكن اقتصر ذلك الصراع فى زمننا هذا على منطقة الشرق الأوسط ، التى تحاول أنظمة البترودولار فيها اعادة احياء مايسمى الخلافة الاسلامية .
تحياتى واحتراماتى


4 - السيد / عبدون البراق
زاهر زمان ( 2019 / 1 / 20 - 12:26 )
بالفعل كما تفضلت حضرتك ، لايقتصر أمر الدين على المعجزات بل على فلسفة الدين وتلبيته لأسئلة وحاجات المجتمع . اننا فقط نحاول أن نرد كيفية ظهور الأديان وانتشارها ، ومنها الاسلام ، الى الظروف الموضوعية ، التى صاحبت تأسيس تلك الأديان ، وكذلك الحتميات التاريخية والظروف المحلية والاقليمية ، التى ساعدت على تطور تلك الأديان وانتشارها ، مع تجريد تلك الأيديولوجيات الدينية من الخزعبلات والخرافات التى التى أسبغها أتباع كل دين على مؤسس هذا الدين أو ذاك ، وعلى رموز وخلفاء هذا المؤسس أو ذاك ممن ينسب لهم التابعين قيامهم بمعجزات أو كرامات خارقة لقوانين الطبيعة . نريد فقط تأطير التعامل والمقاربة لتلك الأيديولوجيات من منظور موضوعى وتاريخى أكاديمى بحت .
تقبل تحياتى واحتراماتى

اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و