الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل سيكوبولتك لأغرب ظاهرة سياسية في تاريخ العراق

قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)

2019 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تحليل سيكوبولتك
لأغرب ظاهرة سياسية في تاريخ العراق
أ.د.قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية
أمين عام تجمع عقول

من عام( 2003 لغاية 2019 ) يعيش العراق اغرب ظاهرة سياسية ما حدثت في تاريخه باختلاف أنظمة حكمه.
ولأن من عادتي ان استطلع الرأي في مثل هذه القضايا،فأنني توجهت بهذا التساؤل عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
( من 15 سنة والسياسيون يتقاضون رواتب وامتيازات ما حصلت بتاريخ العراق والعالم. الفاسدون منهم تحولوا من فقراء الى اصحاب مليارات..هم يزدادون ثراءا والشعب يزداد فقرا،ومع ذلك هم باقون فيما التاريخ يكتب عن العراقيين بأنهم ما انبطحوا لظالم ولا استسلموا لسلطة. افيدونا بتفسير علمي يرحمكم الله).
ساهم في الاجابة على الاستطلاع (357) بينهم أكاديميون ومثقفون واعلاميون..لحضراتكم ما شخصوه من اسباب مصنفة ومرتبة بحسب اهميتها عندهم.
1.الشعب العراقي
غالبية الاجابات عزت السبب الرئيس الى الشعب العراقي ووصفته بأنه:
- شعب مهيض الجناح سحقته العهود البائدة فالتهمه هؤلاء لقمة سائغة
- شعب نايم خدران بالطائفية والخوف من الاخر
- لا يوجد تفسير سوى ان هذا الشعب في غيبوبة عميقة
- الطبقة السياسية ما هي الا عينة من الشعب ولذلك ترى الشعب ينتخبهم
- وجود قاعدة شعبية عريضة من الطفيليات المنتفعة
- الشعب تم تجهيله لعقود طويلة.هنا في امريكا مثلا الطفل يتم تشجيعه على الادلاء برأيه وقول الحقيقة مهما كانت.عدم السكوت على الظلم حتى لو كان من الاهل والمعلم..ويتعلم ان سلطة القانون هي الاعلى.
- التفسير المنطقي الوحيد هو اننا شعب يصنع الطغاة ويسكت على الظلم بتبرير (شعليه)،فعبدنا المسخ صدام بأهزوجة (بالروح بالدم )وجئنا بهؤلاء بأهزوجة (علي وياك علي ).
- هؤلاء مرآة مجتمع اغلبه فاسد
- العراقيون تاريخهم كله استسلام للسلطة وانبطاح للظالم..همج رعاع،ينعقون مع كل ناعق.
- العربي..جينيا يحترم ويخاف اثنين: القوي والثري.
- تحت الاسوار ولدنا وبين الاسوار نموت، لا نعرف في بابل غير القتل لأجل القوت.
وهنالك من رأى،وهم قلّة:
- الشعب العراقي نفسه طويل وعنده امل بالاصلاح يقول بلكي هالمرة يتحقق الامل،ولكنهم حين يفقدون الامل ويظلمون فان اقل شي يسويه هو السحل.
- ستاتي ساعتهم وسترى اي فيض يخرج من قلوب العراقيين،انها لحظة ترقب لن تدوم طويلا.
ثانيا:الدين والمذهب:
- نجح الفاسدون في الدخول الى عقول المعدمين عن طريق الدين والمذهب فاستحوذوا على سكوتهم.
- نجحوا بان جعلوا عقيدة الناس مبنية على القبول والطاعة العمياء.
- الاحزاب الطائفية احزاب شمولية بكل المقاييس والاعتبارات.
- كل ما حصل ويحصل ناجم عن تغييب الوعي المجتمعي للاستحواذ على السلطة من قبل الفاسدين.
- استاذي العزيز طالما اكو لطم بالديرة يبقى الحال كما هو عليه.
- تم ذلك بجعل الطبقات الاكثر جهلا تنتمي لميليشيات تابعة لأحزاب السلطة ،وبمباركة الجهات الدينية سرّا وعلنا.
- من وجهة نظري العلمية،مادام في السلطة رهبان يعطون للسلطان شرعيته فإن العراقيين يقدسون مايقوله الرهبان.
- الاحزاب عملت على عسكرة المجتمع كما كان سابقاً ولكن بأديولوجية جديدة (عقدة عقائدية) بخلاف الاديولوجية (القومية )،استهدفت جيلا كاملا وستمتد لاجيال اذا لم تعالج بإفكار وطنية عصرية.
- بسبب سيطرة الثقافة المذهبية.يقول احدهم ما دام الاذان يصدح بكلمة علي ولي الله في التفلزيون فاي شيء لا يهم.
طبيعة السلطة و أنظمة الحكم

- النظام المؤسساتي كله مختل في العراق ودول الشرق العربية،ساعات العمل قليلة وفيها كثير من التسيب،رواتب مرتفعة،الرشا والواسطة منتشرة في مختلف المستويات الوظيفية..لذلك هي مقبولة في العقل الباطن عند الموظفين الكبار والمسؤولين.
- إن إدارة الصراع بين السلطة والشعب مختلة،فالسلطة تملك النفوذ والمال والاجهزة الأمنية والميلشيا والدعم الخارجي،فيما الشعب لا يملك أي قيادة يلتف حولها في مسيرة النضال،وحين ظهور بعض القيادات يتم أما تصفيتها أو شراؤها أو تحييدها.
- المشكلة في المثقفين الذين يمتلكون الوعي واهمهم الاعلامين والمحامين وأساتذة الجامعات،لا يقومون بواجبهم النضالي والاجتماعي وعزلوا أنفسهم في خانات ضيقة.
- بعد سقوط النظام حدث امران:محاربة المثقفين والطبقة العلمية وابعادهم عن دورهم الفعلي،وهجرة الكفاءات خارج البلاد.
تخطيط خارجي
- العمل ممنهج من البداية،ضرب وقتل الكفاءات وتهجيرهم والذي لم يهاجر انكفأ في بيته،ومن ثم تسليم الامور بيد الجهلة والمارقين الذين اصبحوا يمتلكون المال والسلطة وجماعات مسلحة.
- هذا ما تريده اميركا لتحقيق مصالحها الاقتصادية والأستراتيجية،وما تريده ايران ان تكون السلطة بيد شيعة موالين لها.
- الامر اكبر مني ومنك، الامر بيد الماسونية
استنتاج
توحي الأجابات بأن اسباب اغرب ظاهرة سياسية يشهدها العراق في تاريخه..متعددة،مركبة ،معقدة،شمولية،وفيها مفارقات تخالف المنطق وغير معقولة.وما يعنينا هنا هو التحليل السيكولوجي..نلخصه بأربع قضايا،
الأولى:تثبت الأحداث أن تاريخ السلطة في العراق هو تاريخ العنف والدم وقطع رؤوس الخصوم منذ أن تحولت الى وراثية عام 61 هجرية،وأنها اعتمدت السيف لحلّ النزاعات واجبار من يخالفها على الطاعة والخضوع،وانها كانت على مدى أكثر من ألف وثلاثمائة سنة لا تلجا الى التفاوض والحوار إلا بعد أن تقطف السيوف رؤوس افضل من في القوم.
وحديثا تعمق الشعور بأن السلطة في العراق تكون للأقوى بدءا من انقلاب بكر صدقي عام ( 1936) الذي يعدّ اول من فتح الطريق نحو انقلابات عسكرية امتلك قادتها شعورا وطنيا، مصحوبا بفقر في نضجهم السياسي ودوغماتية لا تطيق الرأي الآخر. ولم تفهم ان السياسة تعني فن ادارة شؤون الناس بل انها غنيمة وعلى الحاكم أن يعتمد شعار (الأقربون أولى..) وان كانوا لا يفهمون..ما يعني أن العراقيين معبئون سيكولوجيا في لاشعورهم الجمعي بان السلطة تكون للأقوى وان يعظ عليها بأسنانه ويقطف رأس من ينافسه عليها وان كان على حق.
الثانية: يختلف المجتمع العراقي عن المجتمعات الأخرى بأنه شعب منتج لأصناف متضادة من البشر بمواصفات عالية الجودة.فنحن منتجون لمبدعين ومفكرين وشعراء ورجال دين وشيوخ عشائر من طراز رفيع..وبالمقابل نحن منتجون لطغاة وقتلة ورعاع وغوغاء بمواصفات " عالية الجودة".ونحن منتجون لمن يفلقون رؤوسهم بالحراب فداء لمن ماتوا قبل ألف سنة،ومنتجون لمعتقدين عن يقين بأن تاريخهم مزوّر وأسود ومعرقل للتقدم يجب غلق غلافه الأخير.ونحن منتجون لمن يعرفون بالغيرة العراقية والأنفة،ومنتجون أيضا لناهبين من طراز رذيل ، ولا أرذل من سلوك ينهب الناس فيه وطنهم.والمحصلة السيكولوجية لها هو ضعف او انعدام الشعور بالأنتماء للوطن،والتعلّق بالانتماء الذي يؤمن للفرد بقاءه الوجودي ومصلحته الشخصية.
الثالثة:يغيض جيران العراق أن يروه مستقرا سياسيا وأمنيا وفيه نظام ديمقراطي يعتمد مبدأ العدالة في توزيع الثروة واستشمارها، ويعز على أغلبهم أن يروا العراقي المميز بالذكاء والشخصية مرفها ماديا،وادراكهم أن العراقيين اذا توحدوا فانهم سيجعلون من العراق وطنا مزدهرا بعمارات ومطارات وجامعات ومصانع..بين جبال وأهوار وأنهار ونخيل وأرض خضراء كأنها الجنة،ويجعلون من بغداد مركزا للثقافة والإبداع وقبلة أنظار العالم.
الرابعة:قيام تشكيلة مجلس الحكم على ثنائيتين سيكولوجيتين:المظلومون مقابل الظالمين،عراقيو الخارج مقابل عراقيّ الداخل.. نجم عن الأولى ( ثقافة المظلومية ) شاعت بين الشيعة والكورد مقابل( ثقافة الاجتثاث ) استهدفت من كان محسوبا" على النظام السابق وغالبيتهم من السّنة، بمعادل نفسي يقوم على سيكولوجية " الضحية " و " الجلاّد " تجسّدت بانتقام الضحية بـ" اجثتات " أقرب الى الثأر الجاهلي دفع بـها " الضحية " الى التعبير بانفعالية في تضخيم ما أصابها من ظلم، وشرعنة الاقتصاص حتى ممن كان محسوبا" بصفة أو عنوان على الجلاّد.
ان تفاعل هذه المتغيرات هي التي اوصلت العراقيين الى ان يعيشوا اغرب ظاهرة سياسية في تاريخهم،بمفارقات انهم ينتخبون فاسدين وفاشلين سياسيا،اشاعوا الفساد بطريقة هرأت الضمير الوطني والاخلاقي عند من صار ولاؤه لحزب او طائفة او قومية،نجم عنها سيكولجيا الأسقاط بتحويل سبب ما يحصل الى (ان العراقيين ما تصيرلهم جاره،السلطة تمتلك القوة والمال،مليشيات،تدخل خارجي..) لتوصل الكثير من الوطنيين والمثقفين والمنتمين صدقا للعراق الى التيئيس من اصلاح الحال،الذي كان يحصل بانقلاب عسكري او بثورة شعبية تم تعطيلهما لأن النظام ديمقراطي.
ان علم النفس والاجتماع السياسي يفيدنا بحقيقة(ان المراحل التاريخية لا يمكن حرقها)..وان ما يمر به العراق الجديد من عام (2002) تحتاج مرحلة التغيير فيه الى جيل..وكنّا توقعنا في مقالة موثقة نشرت عام 2014 بأن التغيير سيبدأ في 2022،وسيحصل بالتاكيد..(اذا ما صار شي!).
16 -1 -2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف