الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[32. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 17
الادب والفن


32. أصدرت عام 2006 مجموعة قصصيّة بعنوان: "خرج ولم يعد"، تحدّثي عن هذا الإصدار القصصي؟

د. أسماء غريب

نعم، مازلتُ أذكر جيّداً هذه المجموعة القصصيّة، وقد كانت أوّل ما صدر لي في المغرب. وهي عبارة عن قصص كتبتُها في سنوات مبكرة من حياتي الجامعيّة الأولى، أيْ حينما كنت طالبة بجامعة القاضي عياض بمراكش. حاولت أن أرصد فيها بعضاً من الأحداث الّتي كنت أراها متفشّية في الواقع الشّبابي وكنت أجد صعوبة في استيعابها، أو إيجاد مبرّر منطقيّ لها، مثلاً ظاهرة هجرة الشَّباب إلى أوروبا على الرّغم من أنّهم ليسوا بحاجة لذلك تماماً، وكذا ظاهرة انتشار التّعاطي للمخدرات بين صفوفهم. كما لم أغفل الحديث عن بعض مآسي المجتمع النّاتجة عن تفشِّي العديد من الأمراض النّفسيّة والعقليّة بين النّاس، وعدم السَّعي إلى الخروج من قوقعة التَّخلف العلميّ والحضاريّ، والاكتفاء بالاعتقاد أنّ التَّقدّم يكمن في كل ما هو "حداثيّ" مستورد من عوالم الغرب بما في ذلك المنظومات الثّقافيّة والقانونيّة والاجتماعيّة الّتي فشلت فشلاً ذريعاً هناك، وكأنّها معاطف تُفَصَّلُ وتُخَاطُ في المختبرات الأجنبيّة، ثمّ تُلَبَّسُ لمجتمعات لا تمتُّ لها بأيّة بصلة.

لم يفتني أيضاً تقصّي بعض الحالات الجنائيّة الّتي هزّت المجتمع الإيطالي، وأعني بها قصّة جينفر دزاكّوني، الشّابّة الحبلى الّتي دفنها عشيقها حيّة تحت التّراب، فقط لأنّها أرادت منه أن يعترف بأبوّته للجنين الّذي كان يعيش وينمو في أحشائها. وأعتقد أنّني في هذه المجموعة كنتُ متأثرة بطبيعة عمل والدي رحمه الله، وبالقضايا الجنائيّة والجنحيّة وكذا بعض قضايا الأحوال الشَّخصيّة الّتي كانت تناقَش في بيتنا منذ طفولتي، وبقيت عالقة في ذهني إلى أن أصبحت بشكل أو بآخر نصوصاً تناقش القضايا الاجتماعية المسكوت عنها في العديد من المجتمعات. إضافة إلى نصّ آخر أذكر أنّه نبع من سؤال لاهوتيّ محض طرحتُه صغيرة على والدي، وأفقدَه النَّومَ ليلةَ ما طلبتُ منه الإجابة عنه. ولقد كان السؤال يتعلّق بظاهرة "إبليس": فإذا كان هو من يُوَسْوِسُ للإنسان بفعل الشَّرّ، وتخريب كلّ ماهو جميل في الحياة، فمن يُوَسْوِسُ للشيطان بفعل كلّ هذه الأشياء؟ لا بدّ أن يكون وراءَه أحد ما؟ من ذا الذي يُسلّطُهُ على الإنسان؟ ومن يدري لربّما يكون اللهُ هو الشّيطان أيضاً، فيكونا بالتّالي معاً وجهان لشيء واحد؟ وإلّا فإنّ إبليس قد يكون شيئاً آخر غير ذاك الَّذي صوّرتْهُ النّصوص الدِّينيّة، كأن يكون مثلاً مجرّد غريزة متجذّرة في السّلوك البشري، مثلها مثل غريزة الأكل أو الجنس، أو نوعاً من المشاعر الّتي عادة ما تنتابُ الإنسانَ، واتفق الجميع على تسميتها بـ (الشَّيطان).

أذكر أنّني حينما قلتُ ذلك لوالدي، كنتُ لم أتجاوز بعد سبع سنوات، وأذكر أيضاً أنّه امتقع لون وجهه، وبقي صامتاً لوقتٍ طويل، وقبل أن يخرج من حالته تلك، صدمتُه بسؤال آخر قائلة: هل الله ذكر أم أنثى، أم هما معاً؟ وأذكر أنّه قال لي: إنّه لا يمكن إلحاق الصِّفات البشريّة بالله. إنّه ليس كمثله شيء وكفى. فأجبتُ: لم تقنعني يا والدي، هذا ليس بردّ شافٍ. أنتَ مثلاً بالنّسبة لي أبي وكذلك أمّي، إنّي أرى فيك كلا الصِّفتين، وكذلك الله، لأنّهُ رحمن رحيم، والرحمة صفة تنبع عن من يجتمع فيه عنصر الذّكورة والأنوثة أيضاً. بهتَ والدي، ثمّ قال: ليلطف بكِ الرّحمن يا ابنتي، وحاولي ألّا تسألي الأغراب مثل هذه الأسئلة.

بعد ذلك وجدتُ نفسي أكتبُ قصّة (حبيبة البحر المالح)، وكنتُ قد بلغتُ من العمر عشرين سنة. ثمّ خبأتها كما العادة في خزانة ملابسي، إلى أن قرّرتُ فيما بعد نشرها هي وبقيّة القصص الأخرى في كُتيّب صغير صدر بطبعتين: الأولى في المغرب، والثّانية في العراق عن دار الفرات للثقافة والإعلام، بعد أن أعدتُ تنقيحها وترتيبها بشكل جيّد. تلك كانت تجربة، حاولتُ أن أطوّرها وأزيدها نضجاً وعمقاً في تجارب سرديّة وشعريّة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا


.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية




.. -صباح العربية- يلتقي نجوم الفيلم السعودي -شباب البومب- في عر


.. فنان يرسم صورة مذيعة -صباح العربية- بالفراولة




.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان