الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الهم المدني عراقيا

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2019 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



لا يخفى على أحد اليوم أن المجتمعات الحية التي تنوي بناء نفسها من جديد والنهوض بأعباء التطور والتجديد، لا يمكنها أن تقف في نقطة تاريخية محددة على أنها النموذج المثالي لفهم حركة الوجود ومنه الوجود الأجتماعب المحض، فلا بد لها أن تنحاز لقيم العصر ومعطيات التعامل معه وبه وهذا يحتم عليها البحث عن أكثر الفلسفات والأفكار قدرة على تجسيد ما تريد من أهداف وغايات تجعلها على الأقل في تماهي مع الواقع وإرهاصات التغيرات والتحولات الكونية، ولا شك أيضا أن مجتمع مثل المجتمع العراقي لا يخرج من قوة هذه المعادلة ولا يمكنه أن يكون شاذا عن قاعدة التوافق اللزومي مع حركة الزمن وإن فرضت عليه أيديلوجيات وخيارات محددة غالبيتها تاريخي أو قيمي له صلة بالتاريخ والتراث.
ومن مظاهر هذا الواقع هو حالة الأنحشار اللا منتج واللا قادر على تجاوز أزمة الخيارات المفروضة لعقمها عن إستيلاد الحل وعصيان المخارج المفترضة من أن تتجسد بكل ماضويتها لتخرجنا من دائرة التشتت والهذيان والتخلف، ليس لأن المجتمع لم يجد أساليب القدرة على أنتقاء الخيارات التاريخية فحسب بلحظتها ولكن لأن دعاة التجديد والتطور وأقصد بهم أصحاب الأتجاه المدني والمنادين بهم لم يمتلكوا مفاتيح الفخم ويغامروا من غير رؤية واضحة في تجسيد خياراتهم، مع الأسف أقول أن الغالبية من دعاة المدنية ما زالوا في طور المراهقة السياسية أو عجائز في عالم الأيديلوجية الجامدة بمقولاتها السلفية أو المعدلة جزئيا، وكلاهما لا يعرف أن المدنية نضج أجتماعي وتطور في الفكر والممارسة مع مراعاة فكرة التسارع الزمني في التبدل والتحول الأجتماعي، يقينا أن الكثير من العراقيين اليوم تائهين بين نظريات الأمس وحلم الخيال الجامح حين لا يرون من فعل المدنيين إلا الكلام المنمق والشعارات الخالية من قوة التجسيد في الواقع.
لا نظلم أحد مع خالص النوايا بنقد المسيرة المدنية في العراق لأجل تصويب المسارات وتحديد الوجه الأكثر قدرة على أستيعاب الحل وبسطه واقعا، إلا أننا نجد الكثير من قوة الأتجاه المدني عرضة للمتاجرة بها وبشعاراتها من أجل مصالح سياسية أو تغييب حقيقي للفهم المدني للتوجهات الحقيقية للشارع الجماهيري بدعوى برغماتية لا تخلو من شك أو شبهة في نهاياتها أو حتى في معطيات التحرك والتأثير، هذا لا يعني خلو المجتمع من نوايا حقيقية عند البعض ولكن المشكلة الأخرى في هذا البعض يفتقد أيضا إلى قوة المنافسة بسبب من تنظيمة المجتمع الطبقية وتحالف قوى وأجندات ورغبات فيما بينها حتى مع تناقضاتها في رسم الحل وتحديد إشكالياته الجذرية.
إن وعي القوى المدنية لحقيقة التفاعل مع معطيات العصر وقوانينة يرتكز على قبول هذه القوى بحقيقة الأنفتاح والتحرر من صيغ وأفكار جاهزة ومعلبة مسبقا مما يعني أن عليها أن تكون قائدة للتغيير بروح رياضية وليس بالخضوع لهواجس العمل السياسي المربك أصلا، وما دمنا لم نتحرر من قوة الأنا وتعبيراتها السلوكية لا يمكننا أن نعيد صياغة المشهد السياسي بجوهر الفكر المدني، بل سنظيف عبئا ثقيلا على الشارع وهو المحبط أصلا من تجاربه التاريخية السابقة، فالهم المدني أكبر من قدرة الجماهير أن تعيده واقعا بغياب رؤية واقعية ومجسدة في سلوكيات النخب ودورها الريادي، هنا لا يجوز لنا أتهام الجماهير بعدم الوعي وعدم التفاعل والأنحياز للمشروع المدني والقائمين عليه لم يظهروا القدرة على الأستيعاب والأخذ بزمام الأمر في اللحظة التي يمكن من خلالها أن نعط معنى وروح دافعة للمشروع وأهدافه وتجلياته واقعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار