الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:111393 صفات المبدع الوطني ،الإنساني، الواقعي، والعالمي.

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2019 / 1 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


جميعنا مبدعون،حتى الأنثى التي تُنجب أطفالاً ليتابعوا الطريق الإنساني مبدعة، والفلاح مبدعٌ، والعامل والصانع الماهرُ، وكل من يتعامل باللون ،والكلمة ،واللحن، والتصميم، والطب والقابلة ،والكيمياء، والهندسة، والسائق وحتى جدي ججي قومي ملكو كتنه الداراوي كان مُبدعاً حين تعلم صناعة نسج الثياب والبسط من خواله بيت الماري، وكان الصانع الوحيد قبل المذبحة في قريتنا القصور وتُسمى الكولية،وما بعد المذبحة ، وكان أول من ربّى النحل في القرية فكان عسل بيت ججي أو منحلته لا يمكن إلا وأن يأكل منها الصغير والكبير في القرية التي كانت 500 خانة أو بيت، قبل المذبحة ، وأصبحت بعدها مع كلّ أسف 60 بيتا أو أسرة، نترك جدي وكان من الضروري أن نأتي عليه لأسباب وجدانية، فقد ظلمته الأيام الفائت المنسية ،وتطاول على جهده أصحاب العكل الذين عاش أغلبهم على عملية الدين ، بالفائدة .وكم أكلوا أتعاب غيرهم دون أن يتحرك لهم أي طرف من ضمائرهم بل غالبا ما اعتبرها بعضهم فهلوية وشطارة .
أما صفات المبدع الوطني والإنساني والعالمي فلا بد أن نمهد للصفات علها تنقذنا من الماورائيات ونحن نُحب أن نبقى في واقع حقيقي لا افتراضي .ولهذا نعتقد بأنه ليس كل من كتبَ فهو بكاتب، وليس كل من رسم فهو بفنان تشكيلي أو لوني ،مالم يُجدد في ذاته ويطور نفسه وأدواته ويتعب ويمحي، ويبري ، ويمزق ويكتب ،والموهبة أساس الإبداع ،تلك التي تأتي مع المبدع منذ تكوينه الأول وتتفتح من خلال بيئة أسرية واجتماعية ومادية وسياسية تلك العوامل التي تقوم على تطويرها وتعتمد على الشخصية الموهوبة حين تسهر الليالي،ولا تمل في الدراسة والاستنتاج والاستقراء من كل ما تمر عليه، ويمر بها، فكل حواس المبدع تعمل في تناسق عجيب. العين والأذن والحواس والإدراك والشعور واللاشعور ،الجملة العصبية وسيالاتها المتدفعة، الأنا الأعلى والفكر والدماغ ،كل هذه الأعضاء ووظائفها تعمل في مجرى واحد وتتوالد في رحم الذات المبدعة آلاف الصور والأخيلة والأفكار وحين تحين ولادتها تراها تولد دون مقدمات ولايمكن أن يكتب المبدع أو يرسم مالم يكن قد مر بمدارس ومناهج عدة وعندها هو لايختار عناوين مولوداته ، بل بعدما تكتمل عملية الخلق والولادة ، ويرى تلك المولودات فيسميها ويرتب بعضها وقد يسهر على بعضها لأشهر حتى تكتمل أجسامها كالرواية والقصة والبحث بأنواعه.
لكن المبدع الناجح هو من أخذ بأمرين أثنين الأول:
1= معالجة الواقع ومشاكله وتقديم الحلول لذاك المجتمع الذي يعيش به .وعملية تركيبية وتحليلية أولاً.
2= أن يكون عمله المبدع بعد أن يكون قد تمكن حقيقة من مرحلة التقليد ،أن يكون ويكوّن إضافات إلى الصنعة الإبداعية ،وتطوير آليتها لتتناسب مع تطور الحياة بعد أن يكون قد مرّ بحالة التمثل، والتمثيل ،والتقليد.وأن يقرأ دوما مولوداته قراءة الناقد لا قراءة الأب والأم تجاه مواليدهم ،فإن لم يتحول بعد الولادة الإبداعية إلى ناقد فهو لايُريد أن يطور أعماله الإبداعية .
إن المبدع الحقيقي نتاج موهبة أصيلة ومتابعة جادة وعشق لتلك الحالة ، فإذا لم يكن عاشقاً لموهبته وإبداعه فهو ليس سوى طفرة وتنتهي.
والمبدع الذي ينغلق على نفسه ،وينحصر نشاطه الإبداعي على مجتمعه، وأهله ودينه ،ووطنه ما هو إلا أحد أتباع الصنمية.والطوطمية .ولايستحق بالمعطيات الإنسانية أن نُسميه عالمياً مهما كانت أعماله يكتنفها الإبداع والصنعة والموهبة والأصالة.
وعلى المبدع الحقيقي، أن يقرأ للعالم أناشيده،ومن أجلهم يعمل ،ويُشاركهم تاريخهم المأساوي وانتصاراتهم وأفراحهم وأعمال العظماء منهم .وأن يعمل على نقل رسالة مجتمعه إليهم بكلّ أمانة دون أن يُزيف واقع أهله ، بعد أن يكون قد قرأ تلك المزامير التي كتبها على أبناء مجتمعه ووطنه.ولهذا فعلى المبدع العالمي تقع مسؤولية وطنية وإنسانية في أن يحمل إلى العالم أحزان أمته، وشعبه ووطنه.إنها مسؤولية عظيمة مفادها أن يكون هدف إبداعه إنساني أولاً. وأن يحمل كلّ الصفات الإنسانية وما تتوق إليه في خطابها العام ثانياً.
وإذا تحقق له ذلك وبكل شفافية دون أن تخضع أعماله للابتزاز السياسي والوطني ومن قبل تجارها الذين أثبت التاريخ السياسي على مدى الحياة البشرية، بأن هناك من المبدعين وهم كُثر قد ظُلموا عبر التاريخ ولكن لايمكن إلا وأن يأتي عليهم بعض العظماء وينتشلونهم من أعماق البئر الذي رموهم فيه أخوتهم كما يوسف الصديق (يوسف الحسن).وعندها كم من مبدع؟!! قاومه السخفاء والأجلاف والشوفينيين من محيطه، ولكنه حين قيض الله له أن يتعملق في العالم وغدت أعماله لا تُقاوم أكبر دور العرض والمسارح ، أن تعرضها أو تقرأ له...راح أولئك الأقزام يتمسحون بثياب الظل ولكن العالم يعرف كم كانوا وسيبقون صغاراً لايكبرون رغم الزمن الذي مر عليهم.
المبدع يسير بخطى وئيدة وواثقة، بكل اعتزاز مها كَثُرا من حوله الضجيج والعواء.
والمبدع الذي لا يُحطم الأصنام المعهودة فهو عبارة عن مقلد في إحدى عربات الغجر حين يعرضون السيرك الذي طالما دخلته لأتعلم من المبدعين داخل السير وأنا ابن الخمسين عاما .
المبدع الحقيقي أكبر من وطن ومن أيّ سلطان أو رئيس ِ أوأمير كان.ولكن عليه أن يُكمل رسالته العالمية دون أن يُقيده دينه أو وطنه وسياساته وعليه ألا يبقى في المكان رغم عشقه له وإخلاصه للأرض التي ولد وعاش عليها.والمبدع الحقيقي والإنساني ليس ذاك الذي يرمي (في البئر الذي شرب منه) بل عليه تقع مسؤولية تنظيف ذاك البئر كلما احتاج إلى من ينظفه.
المبدع العالمي لايعني أن يضرب عرض الحائط بأمن بلاده وإن أمكنه ساعدها على تجاوز مفاهيم عتيقة، بالية، غير مجدية.وأن ينصح الحاكم والعباد لأنه يحترمهم ويحبهم وهو لهم مهما كبر به الزمن فإلى ذاك الوطن ينتمي.
المبدع هو الإنسان الذي تكتمل عنده معاني الإبداع بكل تجلياته ، وصفاته ومقوماته ونتائجه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا