الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الكون متسع للخلق والإبداع

عبد الرحيم لعرب

2019 / 1 / 18
الادب والفن


أرجوحة الشعر المعلقة بين الضمائر اللغوية والضمائر الإنسانية.
من حق الشاعر - الشعراء قفزا على مبدأ الهوية- أن يستخدم جميع الضمائر الحية الموجودة في اللغة أو أن يبدعها إن لم تتسع له الضمائر المتداولة أو غدت ضمائر ميتة.
الشاعر غالبا ما يتحدث عن أناه- وعيا بأنوات لاوعيه- داخل هذا الوجود المتناقض حتى لا يحمل أحدا وزر بنات هواجسه، ولكن لابأس أن تتغلف أناه بالنحن أحيانا حين تعم الكوارث أو الأفراح. فغالبا ما يكون ترحه أو فرحه إحساسا بشريا عاما. وتكون النحن تلك أناه الفطرية.
والشعر حين يتسرب إلى المداد يقصد عبر أنابيبه أنوات أخرى. والأنا لن تسلم منهن أبدا ولو فارقت الحياة. لأنها توجد وتتأبد بهن. هنا تتحول ضمائر اللغة الميتة إلى ضمائر حية. لا علاقة لها بضمائر النحاة الجامدة.
العدد والنوع يتبرعمان، والبيان يتوالد خارج سلطة كهان اللغة، المثنى والجمع قد يقصد بهما المفرد، والمفرد قد يقصد به الجمع، والمذكر والمؤنث يتصارعان ويتصالحان في ذات واحدة. أو هما واحد كحال العديد من النباتات والكائنات.
قد لا يفصل بين الأنا والهو غير يقظة، فليس بينهما برزخ لا يبغيان، وإنما بينهما أشياء كثيرة مبتغاة ومشتهاة.
جنون العظمة يحول النحن إلى أنا، وحب الفداء يجعل من الأنا نحن، والشيزوفرينيا تجعل من الأنا أشخاصا غرباء أو أعداء.
وهناك خيط رفيع بين تضخم الأنا وتفردها. وبين وحدة تناقضها وتشظيها.
فإذا كان الاقتصاد يجعل من لغة ما حية وظيفيا وتداوليا، فإن ذلك لا يغدو أن يكون فقاعة عابرة، شبيهة بأغنية سريعة تحصد ملايين المشاهدين وسرعان ما تؤول للنسيان. فاللغة الحية تكون كذلك بإبداعها. والشعر يحيي الضمائر الإنسانية ويخلق إشارات لمصائر البشرية. وبذلك ينفخ في اللغة روحها، لتمد تركيبها الجديد بقدرة على التعبير أعمق وأدق وأشمل. إن لم أبالغ و أقول: إن الإبداع يخلق اللغة خلقا.
الشعر فرصة هائلة لتجاوز لغة متداولة عاجزة عن احتضان طاقة هائلة من الأفكار والرؤى، لغة فاترة وباردة في التعبير عن هواجس عميقة وشاسعة من المشاعر والعواطف الفياضة.
إن خصوبة المبنى ليس في شموليتها للمعنى، بل أساسا في قدرتها على خلق معان متعددة، لتكون اللغة حمالة أوجه بتعدد وجوه الحياة. خضراء مثلها تماما أو قاب قوسين أو أدنى أو أجمل قليلا.
الإبداع الخصب إرادته، المتسع أفقه هو ذاك الفاعل الذي ينقلنا من مملكة الضرورة الشعرية إلى جمهورية الحرية. لكن على متن أرجوحة موسيقية من صور وكلمات، تنثر في الكون بسخاء معناها وبيانها، بديعها وإبداعها.
ففي الكون متسع للخلق والإبداع.
.
من تأملات على هامش الشعر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا