الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[35]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 18
الادب والفن


صبري يوسف

35. كيف تشكَّل لديك هاجس وشغف التَّخصُّص في النّقد الأدبي؟

أسماء غريب

النّقد ضرورة حياتيّة لا بدّ منها، إنّهُ مراجعة للأمور، إعادة نظر فيها من أجل المضيّ قدماً بهامة مرفوعة: وأنا منذ صغري نشأتُ ناقدة: من الصّعب عليّ أن أتقبّل الأشياء كما هي دون أن أناقشها، دون أن أقلّبها ذات اليمين وذات الشِّمال. ولا يعنيني كثيراً أن أتحدّث للآخر عمّا لا يعجبني بصوت مسموع، أو عن نظرتي للأمور الَّتي قد تختلف عن نظرته أو فكرته لأثير انتباهه، لأنّني وبكلّ بساطة منشغلة بنقد نفسي باستمرار. ونقد النّفس يحتاج إلى العمل بصمت حتّى أستطيعَ أن أعيد النّظر فيّ وفيما يحيط حولي من مؤسّسات وعلاقات اجتماعيّة. وأظنّني بدأتُ بالمؤسَّستيْنِ؛ الأبوسيّة والأموسيّة، أو ما يسمّى بسلطة الأب والأمّ، ثمَّ بعد ذلك وجّهتُ بحثي إلى سلطة البنوّة نفسها، أيْ كيف على الإنسان أن يكون ابناً وسط نموذج عائليّ فُرضَ فرضاً على كل المجتمعات، الشَّرقيّ منها والغربيّ: لا فرق. ولقد اقتديتُ في هذا الأمر بسيرة إبراهيم الخليل وحكايته مع أهله، وكذا بقصّة النّبيّ محمّد وتاريخه مع أعمامه وزوجاته، ولم أنسَ أبداً سيرة المسيح وقصّة ولادته الّتي أقامت الدُّنيا ولم تقعدها، ومازالت محطّ جدال النَّاس لليوم. وكما يلاحظ القارئ، فإنّ كل هذه الأمثلة تروي حكايات قد خلخلت المنظومات الَّتي أكل عليها الدّهر وشرب. لذا فإنّ الإنسان في حاجة دائمة إلى نقد كلّ شيء، وبالذَّات ما يحجم الآخرون عن نقده. ليس بهدف النَّقد هكذا بدون سبب أو منطق معيّن، وإنَّما من أجل تحرير العقل عبر طرح الأسئلة ومحاولة السَّعي إلى حلّ معضلاتها وإشكاليّاتها الأزليّة. وخير النّقد ما يبدأ بنصوص اللَّاهوت والأديان المختلفة، لأنّ الدّاء كلّ الدّاء ينبع منها، لكن على النّاقد ألا ينسى أبداً أخلاقيَّات النَّقد الحقّ، كما عليه أن يتحلّى بدماثة الخلق، وحُسن المنطق، وسلامة النِّيّة، حتَّى لا تصبح كتاباته تجريحاً أو تصفية حسابات شخصيّة، أو تنفيساً عن مكبوتات لا يعلمها إلّا صاحب الغيب المطّلع على كلِّ صغيرة وكبيرة.

والنَّقد يتطلّب الخبرة بالعديد من العلوم، وإن كان النّاقد مختصّاً في المجال الأدبيّ فقط، فهو مُطالَب بأن تكون لديه الأدوات اللّازمة من أجل العمل الجيّد، كأن يكون ملمّاً بالتَّاريخ والجغرافيا، والسّياسة والاقتصاد، وعلم النّفس والطّبّ وما إلى ذلك. عليه أن يكون كثيف القراءة وغزير المعلومات، ولا ينفع أبداً أن يزجَّ أيٌّ كان بنفسه في هذا البحر المهول، كما لا ينفع في شيء أبداً أن يكون النَّاقد مصاباً بعقدة السبيسيزم العربيّ، وهي عقدة عنصريّة ساديّة ترافق الأديبَ العربيّ وتجعلُه يظنُّ نفسه أسمى من الكائنات الأخرى، وأن هناك تراتبيّة هرميّة بين الخلق تجعله يرى نفسه في قمّة الهرم، وبالتّالي فهو ليس في حاجة إلى النّظريّات الغربيّة، ولا إلى علوم الضّفة الأخرى، لأنّه يراها قاصرة عن الغوص في خصوصيّات النّص العربي بشتّى أجناسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في