الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية الشيعية العراقية ودولة الكيان الموازي (1)

جعفر المظفر

2019 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


المرجعية الشيعية العراقية ودولة الكيان الموازي (1)
جعفر المظفر
إذا كنا معنيين في هذه المقالة بالحديث تحديدا عن علاقة الشيعة العراقيين مع الدولة الوطنية وصولا إلى فهم أفضل وأدق لمفهوم (الدولة الموازية) فإن علينا بدايةً الوقوف أمام المشهد التاريخي التالي الذي قد يشكل إحدى البوابات الرئيسة لفهم هذه الإشكالية. وهي إشكالية لا يمكن فهمها بشكل منصف ما لم يتم تفكيكها رجوعا إلى مشهدها التاريخي الأهم وهو هنا تأسيس العراق (الوطني) في أعقاب إنهيار الدولة العثمانية.
قبل ذلك التأريخ لم تكن هناك مشكلة مذهبية لدى سنة العراق العثماني, والسبب ان هؤلاء كانوا مذهبيا من أتباع الفقه الحنفي الذي تتبعه الدولة العثمانية نفسها. الواقع أن سنة العراق كانت لديهم مشكلة (قومية) مع الدولة العثمانية, لذلك رأيناهم مهيئين للإنحياز إلى ثورة الشريف حسين في الحجاز والإنضمام إلى صفوفه أملا في تشكيل الدولة القومية العربية الواحدة المستقلة التي وعد الأنكليز بتأسيسها إذا ما إنحاز العرب لصالح الحلفاء ضد الدولة العثمانية.
في المفهوم السياسي كان ولاء سنة العراق العثماني قد إنتقل من حالة الولاء للدولة العثمانية إلى حالة الضد منها, ولهذا السبب كما أعتقد فإن الأتراك ظلوا يسمون العرب : عربجة, ربما لإعتقادهم بان العرب المسلمين وقفوا مع (الكفار) المسيحيين ضد دولة الخلافة, وموقف الإستهانة والتجريح العرقي تجده أيضا لدى الفرس الذين ما زال بعضهم يشيع أن العرب ( بدو الصحراء) هم الذين أسقطوا أمة الفرس العريقة.
وبفعل الإصطفاف الجديد الذي رتبته ظروف الحرب العالمية الأولى, فقد خرج سنة العراق من دولة الدين والمذهب إلى الدولة الوطنية القومية, أي الدولة العربية الموعودة بقيادة الشريف حسين.
على الطرف الثاني كان شيعة العراق العثمانيون قد عايشوا حينها إشكالية التناقض المذهبي مع دولتهم العثمانية التي لم يكن السنة قد عايشوها, فالدولة العثمانية هي أيضا كانت بحاجة إلى إرساء وتعميق شكل هذا الولاء التقليدي في ساحة جعلها وجودها بين الرحى العثمانية والصفوية قابلة لأن تتوزع الولائين. وعلى ضوء نوعية تلك الإشكالية فقد نمت وترعرعت نوعية المرجعيات.
السنة العراقيون لم تكن لهم إشكالية مذهبية مع الدولة العثمانية لذلك لم يكونوا بحاجة إلى قيام مرجعية سنية خاصة بهم من خارج مرجعية الدولة العثمانية (الخليفة) التي تتبع ذات المذهب.
على خلافهم ظلت المرجعية الفقهية الدينية المذهبية لشيعة الدولة العثمانية العراقيين تنمو وتترعرع من خارج الولاء لفقه الدولة العثمانية الديني المذهبي.
تاريخيا كان الصراع بين الشيعة والسنة السياسي الموروث قد منح المرجعية الدينية المذهبية الشيعية فرصة أن تنمو وتتشكل وتتسع على إمتداد قرون, وكانت هذه الحال قد رافقت بمستويات وأشكال متعددة إمبراطوريات سنية ثلاث هي الأموية فالعباسية والعثمانية.
والآن لنقف أمام المفترق التاريخي الأهم في عصرنا الحالي وهو خروج العراق من عالم الدولة الإسلامية إلى عالم الدولة الوطنية يوم تأسس العراق الجديد بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى التي إنتهت بإنتصار الحلفاء الغربيين على دولة الخلافة العثمانية الإسلامية.
العراق الجديد كان (علمانيا سياسيا) على مستوى نظامه الجديد حين المقارنة مع الدولة العثمانية الإسلامية التي كان تابعا لها, أما مؤسسوه الحقيقيون من العرب المتعاونين مع جيش الحلفاء فقد كانوا في غالبيتهم العظمى من السنة.
لنقرأ الوضع السابق والآتي من خلال المفردات الحالية: بعض من سياسي (السنة) الذين ترعرعوا في أحضان الدولة العثمانية يثورون على الدولة العثمانية (السنية) متعاونين مع الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى ثم يلتحقون مع الأمير فيصل إبن الشريف حسين الذي أختير ملكا على العراق.
في المقابل يكون هناك موقف مغاير من بعض العلماء الشيعة من النجف أو غيرها الذين يقررون ضرورة الوقوف إلى جانب الحاكم العثماني المسلم ضد الحلفاء (الكفار).
المرجعية الشيعية ظلت تعيش من جانبها في عصر الدولة الإسلامية وآخرها الدولة الإسلامية العثمانية في حين أن الدولة العراقية (الوطنية) كانت تأسست في أعقاب الحرب العالمية الأولى على يد رجال من السنة الذين جاءوا برفقة الملك فيصل الأول والذين قرروا الخروج من عصر الدولة الدينية إلى عصر الدولة المدنية.
هذا المفترق التاريخي أنتج المشهد التالي : السنة قرروا الخروج من عصر الدولة الإسلامية (العثمانية) ودخلوا عصر الدولة المدنية في حين أن الشيعة (المرجعية) قررت عدم الخروج (المدني أو الوطني) وفضلت البقاء في عصر اللادولة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الامر غير ذلك
متابع ( 2019 / 1 / 22 - 07:19 )
لم يات موقف الشيعة من شيعة العراق وانما كان انعكاسا لموقف ايران التي لم تكن تريد استقلال العراق كدولة فبقى الموقف السلبي للشيعة من الدولة العراقية
شكرا


2 - السيد متابع
جعفر المظفر ( 2019 / 1 / 22 - 15:10 )
أطن سيدي المتابع أن النص التالي والذي ورد في المقالة يتحدث عن وجود إنحيازات لا يمكن أن تخفى على الكاتب ولذلك فإن الشيعة كانوا ميالين أيضا إلى الدولة الصفوية التي كانت تنافس العثمانيين وخاصة على منطقة نفوذهم التاريخية وهو العراق
هذا الميل السياسي لم يكن بعيدا عن الإصطفافات على أساس الهوية المذهبية, لكن هناك عامل مهم سوف يؤثر بشكل كبير على هوية الإصطفافات ففي الحرب العالمية الأولى لم يكن هناك ما يحول دون بروز التناقض الديني الإسلامي المسيحي الذي جعل شيعة العراق (رجال الدين) يتهيبون من مسألة الإصطفاف مع المسيحي ضد المسلم
:النص هو
على الطرف الثاني كان شيعة العراق العثمانيون قد عايشوا حينها إشكالية التناقض المذهبي مع دولتهم العثمانية التي لم يكن السنة قد عايشوها, فالدولة العثمانية هي أيضا كانت بحاجة إلى إرساء وتعميق شكل هذا الولاء التقليدي في ساحة جعلها وجودها بين الرحى العثمانية والصفوية قابلة لأن تتوزع الولائين. وعلى ضوء نوعية تلك الإشكالية فقد نمت وترعرعت نوعية المرجعيات.


3 - السيد جعفر المظفر تحية
جاسم محمد كاظم ( 2019 / 1 / 22 - 17:59 )
طالب شيعة العراق بعد ذلك بالرجوع الى ظل الدولة التركية والخروج من قيضة بريطانيا الكافرة لكن المخابرات البريطانية استطاعت بعد ذلك من زرع بعض الففقهاء الموالين لها من الشيرازيين في قلب هذة الخوزة من اجل كسب التاييد البريطاني

اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا