الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


10 دقائق مع قاسم حول

علي الكرملي

2019 / 1 / 22
الادب والفن


عند الـ (7:19) دقيقة من صباح الأحد الفائت اتصل بي عميد كلية إعلام بغداد، الدكتور هاشم حسن يخبرني بضرورة الحضور لمكتبه في أقصى وقت ممكن دون إن يعلمني بالسبب. وفي الوقت الذي جلست قبالته وبعد تداوُلنا الأوضاع السياسية والتطورات (وليدة اللحظة) مؤخرا.. أخبرني العميد بشأن اتصاله فيّ، حيث ابلغني بحضور الكاتب والممثل السينمائي المقتدر "قاسم حول" الى الكلية بطلب خاص منه وذلك لأجل الحديث عن تجربته السينمائية التي تجاوزت النصف قرن بعقد وعامين، والتي توزعت بين (الكتابة، الإخراج والتمثيل) وكذا استعراضه لتاريخ الصورة المرئية وبدايات الإنتاج السينمائي في العالم عامة والعراق خاصة.. طالبا مني وجوب إبلاغ الطلبة وحضورهم لمسرح الكلية وقت بدء الندوة/ المحاضرة.

لم يدري أو لم ينتبه سيادة العميد إلى مدى فرحتي وأنا أُسَرُّ بهذا النبأ.. (ها أنَذا أقابل وأرى ذلك "الرسام" الذي رسم "أم عبد" في فيلم "االحارس" إنتاج 1967 ومن كتابته هو ذاته).. ذاك الفيلم المترسخ في ذاكرتي كل مشهد ولقطة منه (والذي لا أمل مشاهدته كلما عُرض عبر التلفاز) وهو الذي حصد جائزة مهرجان قرطاج السينمائي وقتئذ. ألتقيه بعد 52 عاما من صدور الفيلم.. ألتقيه وهو في عمر الـ 79 بعدما كان في عمر الـ 27 عاما.. في ذروة شبابه حينئذ.. ألتقيه غير مصدقا ذلك (بخاصة أنه قد أخبر إقبال القزويني في حوار أجرته معه قبل 15 عاماً (2004) في برلين لصالح جريدة "الشرق الأوسط" بعدم نيته الرجعة إلى العراق ثانية).

حضرت الندوة/ المحاضرة عند العاشرة والربع صباحا (بعد أدائي امتحان الكورس الأول مباشرة) وجمع غفير من اساتذة الكلية وطلبتها وموظفيها، وأُدهشت كثيرا بالحلقات المتتابعة التي أورد فيها التسلسل الزمني لتطور الصورة المرئية مذ فكرتها وحتى وصولها الى النحو الذي هي عليه اليوم، معرجا وبطلب من الحضور الحديث عن تجربته السينمائية في العراق والمنفى، بعد الخلاصة التي قدّمها جاءت اللحظة الأكثر تأثيرا.. إذ ما أَن وضع العميد علم العراق على عنقه وأكتافه حتى إنخرط "حول" في "البكاء".. لم يتمالك نفسه ولم يستطع، وحين سُئِل: لماذا بكيت؟ ردَّ: "ولماذا لا أبكي! لماذا لا أبكي وأنا اعود الى العراق وأشاهد نبض الحياة اليومية تسير فيه دون توقف وغير ما نراه ونشاهده عبر شاشات التلفزة! لماذا لا أبكي وأنا أشاهد أمامي جيلاً مستنيراً يبحث عن العلم لأجل بناء مستقبل الوطن! كل هذا وتسألني لماذا لا أبكي!".

بعيد تلك اللحظات فُتح باب النقاش معه وكذا الأسئلة.. كنت قد رفعت يدي اليمنى غير ما مرّة لكن سُدَّ باب النقاش؛ ليتم عرض فيلم وثائقي من كتابته وإعداده عن أهوار العراق تحت مسمى "الأهوار" إنتاج 1975، ولكني لم أستسلم للأمر الواقع.. إنتظرت الى حيث انتهاء عرض الفيلم وحتى إلى ما بعد إنتهاء محطات التلفزة من إجراء اللقاءات معه، فحظيت بـ عشر (10) دقائق وإياه.. سألته الكثير من الأسئلة التي تجول بخاطري، سألته عمّا يحمله عن "فنانة الشعب.. زينب أو ماما زينب" من ذكريات نحوها (وزينب هي ذاتها التي مثّلت دور "أم عبد" وهي أول وابرز الفنانات العراقيات الرئدات في السيننا العراقية.. توفيت ودفنت في السويد عام 1998 بعيدا عن ارض الوطن نتيجة القمع الذي مارسه النظام السابق بحقها وزملائها من الفنانين بضمنهم قاسم حول نفسه الى جانب مكي البدري و حسن العاني وغيرهم كثر) فأجاب إجابة ممزوجة بالشجن أنه الى الآن لم ينساها (والآخرين ممن سلكوا معه درب المنفى) وأنه قد زار قبرها هناك في السويد قبيل أقل العام، وقد صوّر المقبرة التي تحتضنها والفنانين الآخرين لتذكرهم إن صعُب الذهاب في ما بقي من عمره لزيارتهم.

سألته وبشيئ من الفضول عن اللوحة (الرسمة) التي حملت صورة "زينب" ما مصيرها وما حل بها وهل هي موجودة حتى الآن أم قد إندثرت كما الكثير من الأشياء الاي اندثرت وولّت من هذا البلد دون رجعة، فأجاب مع ضحكة ساخرة.. لقد اندثرت ولا أعرف مصيرها، ذلك أنني كنت دائم الملاحقة والمطاردة من قبل النطام السابق فكنت في كل مرة يطاردوني أفقد أشياء وأشياء من مقتنياتي.. وهو يجيب عن اللوحة حكى قصة فيلم الحارس وكيف كتبها، إذ بين انها واقعية وليست محض خيال، بل عليشها وقت مراهقته أبان الدراسة عندما كان طالبا.. كان ثمة حارس يحب فتاة ويظن أن "حول" يحبها أيضا فحوّلها الى فيلم. وسألته عن السبب الذي جعل عدم قيام الجهات العراقية الى شراء أو عرض الأعمال التي أنتجها هو وزملاءَه في المنفى بعد الخروج القسري من البلاد.. أعمال قدموها وأنتجوها في اليمن، سوريا، ليبيا والسويد.. فأجاب لأنهم أرادوا تحطيم وإخفاء كل الثقافة والفن الأصيل.. لا تهمهم الثقافة ولا الفن ولا الأدب.. هم يبحثون عن الخلود (الذي لم ينله أحد) في السلطة لا يبحثون عن غيره.. لينتهي اللقاء معه بصورة تذكارية التقطتها عن طريق "السمارت فون".


ولمن لا يعرف/ لا تعرف من هو "قاسم حول".. فهذه سيرته في سطور..

هو مخرج سينمائي وكاتب عراقي، مواليد عام 1940 في ناحية المدينة بمحافظة البصرة في العراق. بدأ نشاطاته المسرحية في سن مبكرة من حياته.. عام 1957 أسس أول فرقة مسرحية في مدينة البصرة وقدم العديد من المسرحيات تأليفا وتمثيلا وإخراجا. عام 1959 التحق في معهد الفنون الجميلة ودرس الإخراج والتمثيل لمدة خمس سنوات.

خلال فترة دراسته في معهد الفنون قدم من التلفزيون العراقي أعمالا درامية تأليفا وتمثيلا. وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة عام 1964 أسس شركة أفلام اليوم التي أنتجت فيلم (الحارس) كتب قاسم حول قصة الفيلم ومثل أحد أدواره الرئيسية وأخرج الفيلم خليل شوقي.. حاز الفيلم على التانيت الفضي في أيام قرطاج السينمائية بتونس (في تلك السنة حجب التانيت الذهبي).

أصدرت شركة أفلام اليوم مجلة سينمائية تحمل عنوان (السينما اليوم) تسلم قاسم حول رئاسة تحريرها.. عام 1967 أسس وعدد من أصدقائه الفنانين فرقة مسرحية هي (فرقة مسرح اليوم).. السلطة الدكتاتورية ألغت امتياز مجلة السينما اليوم وشركة أفلام اليوم فأسس قاسم حول شركة (سنونو فيلم) لكنها لم تمارس نشاطها حيث غادر قاسم حول بلاده إلى لبنان.

عام 1975 عاد إلى العراق وأخرج فيلما وثائقيا طويلا هو فيلم (الأهوار) وفيلما روائيا طويلا هو فيلم (بيوت في ذلك الزقاق) وعاد إلى لبنان وأنتخب رئيسا لرابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين، وأصبح عضوا في السكرتارية العامة للرابطة في العالم.

أحد مؤسسي تيار السينما العربية البديلة الذي تأسس في دمشق عام 1970 وأحد مؤسسي اتحاد السينمائيين التسجيليين العرب وعضوالأمانة العامة واللجنة التنفيذية للإتحاد.. أختير عضوا في لجنة التحكيم لمهرجان موسكو عام 1983 وعضوا في لجنة تحكيم مهرجان الفيلم العربي في روتردام في هولندا عام 2002 ورئيسا للجنة التحكيم في مهرجان أتيودا في كراكوف في بولونيا عام 2003 وعضوا في لجنة التحكيم في مهرجان السينما العربية في باريس بفرنسا الذي يقيمه المركز الثقافي العربي.

أخرج للسينما أكثر من عشرين فيلما وثائقيا وروائيا، ونالت أفلامه العديد من الجوائز بينها جائزة ذهبية وجائزتين فضيتين. اخرج فلم "بغداد خارج بغداد" صدرت له كتب عن السينما ومجموعات قصصية ومسرحيات وقصص سينمائية، وكتبت عنه الكثير من الدراسات في كتب عراقية وعربية وألمانية، وقدمت عن أعماله المسرحية والسينمائية العديد من الأطروحات في معاهد السينما والجامعات. حازت افلامه على جوائز عالمية. تم تكريمه في مهرجانات السينما.. بمؤلفاته حصل الكثير من الأكاديميين على شهادات التخرج في الماجستتير والدكتوراه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع